أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثامر عباس - حدود البنية (اللوجستية) في صيرورة الهوية الوطنية














المزيد.....


حدود البنية (اللوجستية) في صيرورة الهوية الوطنية


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8048 - 2024 / 7 / 24 - 10:17
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لقد اجتهد الكثير من علماء النفس والاجتماع والانثروبولوجيا بخصوص طبيعة المصادر المادية والمعنوية التي تسهم في صيرورة (الهوية الوطنية) من جهة ، والدفع باتجاه تطورها أو تدهورها من جهة أخرى ؛ فمنهم من رشح (الدين) كأساس ، ومنهم من آثر (اللغة) كمصدر ، ومنهم ارتأى (الثقافة) كمنطلق . هذا في حين وجد آخرين في عناصر الجغرافيا وعوامل التاريخ ضالتهم المنشودة في تكوين تلك الهوية ، معتبرين إنها تشكّل الأساسات المحورية التي يشاد فوقها ذلك الصرح الحضاري والمعمار الرمزي الذي لا مجال للزهد فيه أو الاستغناء عنه .
والحقيقة ان كل ما ذكر عن تلك المصادر والمراجع له دور – لا يمكن نكرانه - يلعبه في تلك الصيرورة وذلك التكوين ، إنما العبرة في تناسب أهميتها وتتعاظم شأنها وفقا"لطبيعة الظروف الاجتماعية السائدة ، الأوضاع الاقتصادية القائمة ، والسياقات التاريخية المهيمنة التي يجد المجتمع المعني نفسه منخرطا"في أتونها وملتحما"في علاقاتها . ولهذا كم تبدو محاولات البعض ساذجة وعقيمة حين يغمرون بالاستغناء عن كل تلك الشبكة المعقدة من التفاعلات والصراعات والانثيالات ما بين عناصر تلك المصادر والمراجع المشار إليها ، والاكتفاء بالتعويل على مصدر / مرجع واحد (أساسي) يقرر النتيجة النهائية لمئالات تلك الجدلية التفاعلية .
ولعل من الغريب حقا"ان مفكرا"ومؤرخا"اقتصاديا"رصينا"مثل (عصام الخفاجي) يتبنى وجهة نظر تقوم على أساس (( ان مستوى التطور التكنولوجي ، وبخاصة تكنولوجيا التواصل والنقل ، تعيّن حدود التفاعل الجغرافي وبالتالي فإنها تعيّن عدد الأفراد الذين بوسعهم الانخراط في كل من النشاطات المادية وفي المادية المعروفة والمطلوبة )) ، مسندا"الى هذه البنية اختصاصات وقدرات هي بالأصل ليست من ضمن مكوناتها ولا من طبيعة عناصرها ، ضاربا"عرض الحائط بكل تلك الشبكة المعقدة من الترابطات البنيوية والتفاعلات الوظيفية والانثيالات القيمية التي لا مفر من أخذها في الحسبان إذا ما أريد للتحليل السوسيولوجي أن يكون علميا"وموضوعيا".
وإذا ما حاججنا بعدم كفاية الاعتماد على البنية (اللوجستية) في تفسير السيرورات الاجتماعية ، فضلا"عن عدم تمكينها الباحث من تشخيص طبيعة الظواهر التي تنطوي عليها ، والتي يمكن أن تتبلور لاحقا"في سياق عمليات التراكم الاجتماعي والتقادم التاريخي والتخادم البنيوي . فذلك لا يعني التقليل من شأن تلك البنية أو تجاهل أهمية دورها في أنماط التكوين ومسارات التطور ، بقدر ما نتوخى إظهار ان جدليات الواقع الاجتماعي والتاريخي أغنى واعقد مما يمكن لعامل واحد أو اثنين من عوامل الصيرورات الحضارية ، تفسير ظاهرة اجتماعية تقاطعت عندها وتداخلت فيها مجموعة من البنى السوسيولوجية والانثروبولوجية والسيكولوجية والمخيالية ، وكذلك اللوجستية . مثلما هي صيرورة (الهوية الوطنية) خصوصا"في المجتمعات التي لا تزال تعاني تبعات التصدع والتصارع . لاسيما وان (( الايديولوجيا – كما يؤكد (الخفاجي) ذاته - (( وأنماط الوعي غير قابلين للاشتقاق آليا"من القوى المصلحية والتقنية ، ولا يمكن اختزالهما الى تلك القوى )) .
والحقيقة ان معطيات البنية (اللوجستية) المحددة بعوامل (التواصل) و(النقل) كما يراها المفكر والمؤرخ (الخفاجي) في كتابه القيم (ولادات متعسرة : العبور الى الحداثة في أوروبا والشرق) ، لم تكن دائما"صالحة أو نافعة في بلورة (الهويات الوطنية) للمجتمعات المفتتة اجتماعيا"والهشة حضاريا"حين تعرضت - مضطرة لا مختارة - لأواليات لتلك العوامل . بل عملت على العكس من ذلك تماما"، حيث أفضت الى إحياء الهويات (التحتية) و(الفرعية) للجماعات الأصولية التي طالما قاومت عوامل (الاندماج) ضمن المجتمعات الوطنية من جهة ، وساهمت - عبر كل السبل - في تفكيك ومسخ الشخصيات (الاجتماعية) و(المعيارية) ، واختراق وإضعاف الهويات (الوطنية) و(القومية) التي حققت تلك المجتمعات صيرورتها عبر عقود من الكفاح المضني - والدامي في بعض الأحيان - لأجل بلوغ تحررها ونيل استقلالها . والدليل على ذلك انه على الرغم من شيوع تبني ظاهرة (العولمة) لخطابات التواصل الحضاري ، والتفاعل الثقافي ، والتداخل الإنساني بين الشعوب والأمم المختلفة . إلاّ أن تبعاتها وتداعياتها على صعيد الاهتمام برمزية (الهويات) الوطنية والقومية واحترام (الثقافات) المحلية والشعبية ، كانت ولا تزال من الأشد وقعا"عليها والأمضى فتكا"بها ، لاسيما ما يتعلق بتفكيك بنيتها المتقادمة وتحطيم قيمها المتوارثة .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرض عضال الثقافة العراقية : ظاهرة التكاره بين المثقفين !
- المؤرخ وتبعات انبهاره بالتاريخ
- (المثقف) حين يمتهن التجارة !
- بمناسبة الذكرى (150) لميلاد الصحافة العراقية - نقابة الصحفيي ...
- العشائر والشعائر : الفزعة القبلية والنزعة الاستعلائية !
- الانثروبولوجيا الماركسية وتمرحل أنماط الانتاج
- دعائم الليبرالية وتمائم البطريركية (مقاربة للحالة العراقية)
- عوائق الليبرالية في المجتمعات البطريركية
- الذاكرة التاريخية .. مفهوم واحد ودلالات متعددة
- مفهوم الجدارة السياسية بين براغماتية الحاكم ودوغمائية المحكو ...
- الاستدعاء النقدي للتاريخ : قراءة في الأصول المنسية
- الاقطاع السياسي : نمط فوضوي لتفكيك الدولة واغتصاب سلطتها
- الطبقة الوسطى العراقية وأوهام وعيها الطبقي
- الثقافة في حضرة التاريخ : حفريات في ذاكرة الثقافة العراقية
- ثيمة الماضي في المتخيل الجمعي
- النظام التعليمي كبنية تحتية للوعي الاجتماعي
- أطروحات علي الوردي وطبيعة الشخصية العراقية : منظور مختلف
- متلازمة (الارادة والقوة) بين الغرب والعرب
- الشرعية الدولية : هل حقا هي شرعية ؟!
- من لا يقرأ بجد لا يحق له النقد !


المزيد.....




- ما ورد باتصال السيسي وبايدن حول وقف إطلاق النار في غزة.. إلي ...
- -أمر مأساوي- بجانب عامل رئيسي يسهم باتفاق وقف إطلاق النار ال ...
- تعرف على مواصفات القمر الاصطناعي -محمد بن زايد سات- الأكثر ت ...
- زلزال جديد بقوة 4.3 درجة يضرب إثيوبيا
- Itel تعلن عن أحدث هواتفها
- روسيا.. إنشاء خارطة تساعد في هبوط المركبات الفضائية على كوكب ...
- الصين تطور أسرع -كلب روبوتي-!
- Lava تدخل عالم الساعات الذكية
- لأول مرة.. العلماء الروس يكتشفون مؤشرات حيوية مرتبطة بتطور ا ...
- -كلاشينكوف- تطور نظام تصويب ذكيا


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثامر عباس - حدود البنية (اللوجستية) في صيرورة الهوية الوطنية