أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد الحكيم الكعبي - قراءة في كتاب: المتخيل المقدس: المفهوم والتمثيل و المؤسسة، دار رؤية للنشر والتوزيع (القاهرة 2023). تأليف: د. محمد كريم الكواز














المزيد.....

قراءة في كتاب: المتخيل المقدس: المفهوم والتمثيل و المؤسسة، دار رؤية للنشر والتوزيع (القاهرة 2023). تأليف: د. محمد كريم الكواز


عبد الحكيم الكعبي

الحوار المتمدن-العدد: 8045 - 2024 / 7 / 21 - 14:56
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


«هناك علاقة بين الغيبيات والإبداع الفردي في عقل الإنسان، فكلما اتسعت دائرة الغيبيات، واستحوذت على آليات التفكير، حضرت الأجوبة، وأضحت كل الأشياء، وتقلصت دائرة الإبداع، وذلك لأن الذي يستعين بالغيب لا يستطيع التعامل مع الواقع بعينه وعقله، بل بتصوراته الغيبية، وهذه تجره إلى التعامل معها بوصفها حقيقة مطلقة، أصدق من حقيقة واقعه الذي يراه ويمشي على أرضه..». بهذه الأسطر البليغة المركزة، يفتتح الدكتور محمد كريم الكواز مقدمة كتابه الموسوم «المتخيل المقدس: المفهوم والتمثيل والمؤسسة»، الذي يقع في 668 صفحة، من القطع المتوسط، ويتضمن مقدمة وأربعة فصول كبيرة، واحتوى كل فصل منها على ما يقرب من أربعين عنصراً فرعياً، ناقش الباحث فيها إشكاليات غاية في العمق والشمول والتنوع، تمحورت حول مفهوم الغيب، من خلال المتخيل (المتوهم)، وهو فعل إنساني، إذ الإنسان هو من يقوم بعملية التوهم، فالغيب ـ بالنتيجة ـ صنعه الإنسان، حين تواجهه مشكلات الواقع، فهو إذاً، عالم متخيل، ليس له وجود مادي، ولا يمكن التواصل معه بالحواس، وقد شكله الإنسان في عقله، وهو يتعامل مع ثقافة قارة في مجتمعه، حتى صار متخيل الغيب رصيداً من المعرفة، أنتجته أجيال عبر العصور، والغيب وفق هذه الدراسة الموسعة ـ عالم شاسع يحيط بالإنسان من كل جانب، فمن حيث الزمان، هناك غيب في الماضي البعيد، وهناك غيب الحاضر، وغيب ثالث في المستقبل، يتحدث عن فناء الأرض ومن عليها، ومن حيث المكان، هناك غيب في كيان الإنسان، وفي الكون كله من حوله، حتى كأنه يسبح في بحر من المجهول.
ـ الحوار النقدي:
تقوم منهجية الكتاب على مبدأ «الحوار النقدي بين العقل والغيب المتخيل المقدس»، وبعبارة أدق: حوار بين العقل والنصوص والروايات، التي حملت صور ذلك الغيب المتخيل في الفكر والثقافة، من مصادرها الأولية المختلفة، من خلال طرح إشكاليات متلاحقة، وأسئلة متناسلة، بمنهجية محكمة، فرضتها طبيعة الموضوع المتشعب، الشاسع، الدقيق، وتبعاته التربوية في النفس البشرية، وأبعاده التاريخية القديمة والراهنة والمستقبلية. وهي دراسة موسوعية، ومحاولة جادة في تفكيك الغيب في الثقافة، وذلك لبيان طبيعته، من خلال البحث عن إجابات علمية لتساؤلات منهجية ملحة: هل الغيب واقع موضوعي أو هو متخيل؟ وهل هو منتج فردي، ينشئه الإنسان بآلية فردية، أو هو منتج جماعي يتلقفه الفرد من جماعته؟ ولبيان وظيفته، باعتباره عنصراً مكيناً، فما هو الغيب في التاريخ والقصص وفي الفلسفة والتصوف؟ وما هي صورته في المخيال الشعبي العام، بعد أن خرقت علوم الإنسان اليوم حجب السماوات، فامتد الفضاء أمامها، رحباً، بلا نهايات، ولا طبقات؟

ـ منهجية التفكير
يؤكد الباحث ـ في سياقات هذا الكتاب ـ على حقيقة موضوعية مفادها أن لا علاقة للتقدم والتخلف بالتخيل، إنما لهما علاقة بكيفية التعامل معه، فالعقل القاصر يعيش فيه، ولا يخرج منه إلى حيث يعيش الآخرون، والعقل المدرك يستثمره من أجل سعادته، في بناء حياته على الأرض، والعيش بحياة تليق بالإنسان، أي أنها مسألة «عــقل»، ومنهجية تفكير لا غير، وأن ما ينقصنا هو الخروج عن ذلك الشعور السلبي بالقصور العقلي، أي عجز الإنسان عن تفعيل عقله وفهمه، دون وصاية من الآخرين أو أية سلطة أخرى، مؤكداً أن سبب هذا القصور لا يعود إلى خلل حيوي (بيولوجي) أو عيب في عملية الفهم، بل إلى العجز عن تجاوز المقولات التقليدية المتوارثة والقديمة جراء الكسل العقلي والخوف المتأصل منذ قرون، واستسهال الارتماء في ثنايا الخيال الجاهز، دون حوار أو مناقشة أو تفكير.

ـ حواضن المعرفة
ولما كانت الكتب، وهي حواضن تقليدية للأفكار والمعارف والعلوم المنقولة عبر العصور، تتباين أهميتها بحسب موضوعاتها، وحمولتها المعرفية، ومكانة مؤلفيها، فإن من يقرأ كتاب الدكتور الكواز هذا يجد فيه جملة سمات يندر توافرها في كتاب واحد، منها:

ـ يبدو أن السارد العربي القديم ـ مدفوعاً بحماسته وانحيازه لفكرة ما ـ قد أطلق العنان لخياله في تأليف ووضع روايات لأحداث «وهمية» لا يقبلها عقل، أو منطق، ولا تمت إلى الواقع بصلة، معتقداً أنه بمجرد نسبتها إلى شخصية ما، سوف تمرر على عامة الناس، وفي هذا الكتاب جمع المؤلف كماً هائلاً من تلك القصص المتخيلة، بغية مناقشة محتواها وظروف ظهورها ووضعها، سيجد فيها القارئ متعة فكرية، وطرافة معرفية، من النادر أن يجدها مجتمعة في كتاب واحد.

ـ المنهج النقدي المعتمد في التعامل مع تلك الروايات والقصص الخيالية الموضوعة، يعد إضافة نوعية ومعرفية مهمة، وضعها المؤلف ـ بأسلوب هادئ وسلس ـ بين يدي الباحث والقارئ غير المختص، أداة تحرره من سطوة الأكاذيب التي لحقت بأحداث الماضي، لتفتح أمامه أفقاً نقدياً للتعامل مع أية روايات أخرى، قديمة أو معاصرة لا تحمل صفة المعقولية (المطابقة مع الواقع)، وهو منهج حضاري وعلمي معاصر اعتمدته الشعوب، التي سلكت طريق النهوض والتحضر، ونفضت عن فكرها غبار التخلف والجمود والتبعية.
ـ بين ثنايا هذا الكتاب، يكتشف القارئ أن كثيراً من القناعات والممارسات المتوارثة لدى الأفراد، هي صناعة بشرية خالصة.
ـ تعد هذه الدراسة إضافة نوعية إلى ذلك الصنف من الدراسات التنويرية النادرة، التي ساهمت في كشف وتشخيص الكثير من الخرافات والأوهام، التي ألصقت بحياتنا، خلال حقب التخلف والتراجع الحضاري التي مرت بها مجتمعاتنا.



#عبد_الحكيم_الكعبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التــاريخ والإعــلام والهـــوية: تبادل في العلاقة وتكامل في ...
- الثقافةُ العربية: الواقع وآفــــاق التجديـــد
- مجتمع المعرفة العربي: تحديات الواقع وآفاق التوطين
- صفحات من تــأريخ التاريــخ : قراءة منهجية
- الفكر التاريخي العربي: بين عُقم الواقعِ وآفاق التجديد
- مقاربات في الوعي التاريخي: حُكمْ التاريخ !
- المنهج النقدي في قراءة التاريخ
- الإنسانية البازغة وسباق التحدي
- التباس المفاهيم* والمصطلحات** أزمة الخطاب الإسلامي
- # # الغراب لن يغرد أبداً !
- أنسنة الاختلاف الديني، ضرورة حضارية
- # مقاربات في جذور التخلف العربي الإسلامي المعاصر.(1)
- ## الوهم والحقيقة: في مشاعر الكراهية والعداء بين الأفراد وال ...
- عصر الكراهية والإكراهِ


المزيد.....




- أصابه بكسر في الكاحل.. فيديو يظهر سائقًا يدهس رجلًا -عمدًا- ...
- محمد بن زايد يدعو -كل من يعتبر الإمارات وطنًا- إلى الالتزام ...
- فيضانات الصين تودي بحياة 20 شخصًا وتخلف عشرات المفقودين
- وزير الدفاع الإسرائيلي يسمح باستخدام الطائرات الحربية في الض ...
- -اخترق موقع البنتاغون-.. محكمة -التمييز- تؤيد إسقاط الدعوى ...
- استطلاع للرأي يظهر ارتفاع نسبة تأييد ترامب إلى 40% بعد محاول ...
- سلطنة عمان تدين الاعتداء الإسرائيلي على ميناء الحديدة في الي ...
- زيلينسكي: يجب علينا البحث عن حل لمسألة الشرعية إذا استمرت ال ...
- نتنياهو يلتقي وفد التفاوض قبل التوجه لواشنطن
- اشتباكات مسلحة في طوباس وغالانت يصدر أوامر لضرب المقاومة بال ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد الحكيم الكعبي - قراءة في كتاب: المتخيل المقدس: المفهوم والتمثيل و المؤسسة، دار رؤية للنشر والتوزيع (القاهرة 2023). تأليف: د. محمد كريم الكواز