النظام الرأسمالي يترنّح: الأزمة والتداعيات

اليسار الثوري في سوريا

الحوار المتمدن-العدد: 8045 - 2024 / 7 / 21 - 09:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

إفتتاحية العدد 77 من جريدة الخط الأمامي تمّوز / يوليو 2024

أزمة النظام الرأسمالي مستمرة

يعيش العالم حقبة محتدمة من أزمة مركبة للنظام العالمي اقتصادية وجيو استراتيجية وبيئية.
أدت بترابطها وتأثيرها المتبادل إلى تدهور مستوى حياة غالبية سكان الكوكب. وحروب بين الامبرياليات بالوكالة كما يجري في أوكرانيا. وصعود مرعب للفاشية والعنصرية والشعبوية في البلدان الأكثر تصنيعاً؛ أوروبا والولايات المتحدة.

فالولايات المتحدة نفسها بوصفها أنها؛ أو كانت، الدولة المهيمنة اقتصادياً وعسكرياً على العالم، أصبحت تعاني، علاوة على تدهور قدراتها الاقتصادية وتراجع هيمنتها العسكرية، من تعفن لنظامها السياسي يتجسد مؤخراً بتنافس عجوز خرف مع ملياردير شعبوي رعديد على رئاستها.

النظام الرأسمالي المأزوم يدخل البشرية بوتيرة متسارعة في نفق مظلم ما لم تنهض قوى التحرر و الطبقات المستغَلة و المسحوقة للتحرك بالثورة الاجتماعية لمنع هذا القطار المجنون لرأسمالية محتضرة من إيصال البشرية إلى الفناء.

غزة تعبير وحشي لأزمة عميقة

هذا الجنون الوحشي للنظام الرأسمالي و الإمبريالي المأزوم يجد تعبيراً فظاً له في حرب الإبادة التي يشنها الكيان الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني ولا سيما في غزة، بدعم عسكري وسياسي ودبلوماسي مقرف من الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة، وصمت مريب بل غالباً بتعاون صريح من قبل الأنظمة العربية المذعورة من انتفاضات شعوبها.

في هذا المشهد الدموي من الهجمة الصهيونية والامبريالية على المقاومة الفلسطينية الباسلة لتحطيم ما تبقى من روح المقاومة الشعبية في منطقتنا بعد هزيمة ثورات ما عرف "بالربيع العربي". فإن الوقوف مع المقاومة في فلسطين والمنطقة ضد الصهيونية والامبريالية والأنظمة المستبدة يشكل حجر أساس ومحدد ملزم لأي حراك ديمقراطي اشتراكي جدّي.

سوريا ومسارات العبثية

على الصعيد السوري، أعادت الامبرياليات والدول الإقليمية المتدخلة في سوريا رسم سياساتها على ضوء تداعيات أزمة النظام الرأسمالي العالمي المركبة.

فالأنظمة القائمة والدول المذكورة صارت بحاجة إلى استعادة استقرار النظام الإقليمي أكثر من السابق، ما يلزم ذلك من حاجتها إلى الخلاص بشكل أو بآخر، من القوى السياسية والعسكرية التي كانت تدعمها أو تستخدمها سابقاً.

على هذه الأرضية ، إضافة إلى الهوس التركي المحموم لسحق طموح الشعب الكوردي بالتحرر، يسير التطبيع بين النظامين التركي والسوري بخطى ثابتة.

في هذا الإطار التطبيعي تقوم تركيا بترويض مرتزقتها من السوريين : عسكرياً بإعدادهم للالتحاق بنظام الطغمة؛ ولغير الراغبين بذلك عبر إرسالهم للقتال كمرتزقة في بلدان أخرى. وعلى الصعيد السياسي يُعدّ الائتلاف وهيئة التفاوض لمصير إلحاقهم في هذا المسار التطبيعي.

وفي النتيجة؛ فإن هذا المسار حال تتويجه يعني تطبيق للقرار 2254.

وهنا يقبع اضطراب التجمعات السياسية ولا سيما الليبرالية التي لم تجد، أو لم يعد لها، مكاناً في هيئة التفاوض والدستورية والائتلاف. فهي التي، وما تزال، تضج آذاننا بالقرار 2254, كمخرج وحيد للحل في سوريا، ستجد نفسها أنها تساهم بإعادة إنتاج النظام الذي تدعي مناهضته. وأنها، في كل الأحوال، ستكون خارج لعبة القرار 2254 كما يجري تطبيقه وهي التي طالما سعت للانخراط فيه. إنها معارضة تصلح، إلى حد كبير، كأنموذج للعبثية السياسية.

الحوار والحل : سوري - سوري

هذه التحولات تلقي على الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا تحديات كبيرة؛ منها ضرورة الاهتمام الأكبر بالسياسات الاقتصادية - الاجتماعية لصالح الطبقات الشعبية؛ وتوسيع دائرة المشاركة والتعبئة السياسية والشعبية، داخل مناطق الادارة الذاتية أولاً، وعلى الصعيد الوطني والإقليمي والعالمي.

في هذا الصدد يلزم بناء وتعزيز شبكات تضامن فاعلة مع حركات التحرر في كل مكان. فحماية والدفاع عن الإدارة الذاتية يعني في هذا الوقت الدفاع عن آخر ساحة ظفر فيها السوريون بحريتهم وعملوا فيها على بناء مشروع تحرري و ديمقراطي متميز رغم الدمار والحصار والحرب.


مهام ملحّة

والحال، فإننا نكرر هنا ما سبق أن أعلناه مِرار، بأن الوضع السوري الكارثي الراهن يطرح علينا العمل على المهام التالية:

حل القضايا الإنسانية : السلام ووقف الحرب وعودة اللاجئين والنازحين إلى ديارهم وإطلاق سراح المعتقلين والمخطوفين وإجلاء مصير المغيبين.

إعادة توحيد البلاد المقسمة، عبر مسار للتغيير الديمقراطي الجذري يهدف لقيام نظام ديمقراطي لا مركزي يشمل الإدارة الذاتية.

وبالطبع فإن هذا المسار لا يمكن أن يكون عبر سياسة التطبيع بين النظامين التركي والسوري، لأن هذا التطبيع إنما يشكل التطبيق العملي الراهن للقرار 2254. بل أن التغيير الديمقراطي المعني يقوم عبر تفاوض بين الأطراف السورية وفي مقدمتها الإدارة الذاتية يرافقه حراك شعبي داعم.

ولا بد للنظام الديمقراطي الجديد من تطبيق سياسات عدالة اجتماعية يستعيد فيها السوريون كرامتهم.

هذا يتطلب منا نشاطاً أكبر على مستوى الحزب وعلى مستوى بناء جبهات متحدة حول القضايا المذكورة. فالجماهير السورية بحاجة إلى استعادة تنظيم ذاتها ونشاطها لإخراج البلاد من هذا المستنقع المريع والاستعداد لمتابعة الكفاح في ثورات التغيير الاجتماعي الجذري المقبلة لا محالة.

تيار اليسار الثوري
تمّوز/يوليو 2024

#اليسار_الثوري_في_سوريا (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات