أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سحر النحاس - دور الأدب فى صياغة الموروث الشعبي (الشفهي) مابين الحقيقة والخيال دراسة بحثية















المزيد.....


دور الأدب فى صياغة الموروث الشعبي (الشفهي) مابين الحقيقة والخيال دراسة بحثية


سحر النحاس

الحوار المتمدن-العدد: 8045 - 2024 / 7 / 21 - 04:47
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


محاور الدراسة :-
¬¬ تعريف الموروث الشعبي الشفهى .
الأساطير والحكايات الخرافية ودورها فى تشكيل الوجدان الجمعى .
الحكايات الشعبية مابين الحقيقة والخيال .
دور الأدب فى صياغة التراث الشعبى هل الادب الشعبي يعد من الحقائق التاريخية التى يقال لها لامساس
أم انها قابلة للبحث والتحري
هل يحق للمبدع إعادة صياغته بشكل تخيبلي أو وفق أحداث مغايرة للمتعارف عليه نتيجة تقصى ميداني وروايات لمن عاصره.حيزية ورواية الغزالةالذبيحة للكاتب الجزائرى واسيني الأعرج أنموذجا
*******************

أولا : تعريف الموروث الشعبي
التراث الشعبي يعتبر نتاجاً للتراكم الثقافي والفكري المستمر، تعود جذوره إلى خبرات طويلة للشعوب منذ ما قبل التاريخ وحتى وقتنا الحاضر. جسّد فيه الإنسان معاناته وأحلامه وطموحاته المشروعة، وارتباطه الكبير بأرضه واستقراره ودفاعه المستميت عن حاضره ومستقبله...‏

تكوّن التراث الشعبي داخل المجتمعات الإنسانية القديمة منذ بداياتها الأولى، نتيجة التفاعل الحيوي بين الإنسان وبيئته الطبيعية والاجتماعية، والتأثر والتأثير المتبادل بين المجتمعات المختلفة، والثقافات المتجاورة والأفكار المتباينة، ليشكل في النهاية منظومة فكرية شعبية إنسانية عظيمة..‏

مثّلت هذه المنظومة مختلف الفنون والآداب الشعبية كالحكايات وأمثال، والحكم، وتقاليد الأفراح والأحزان، والأعياد، وأغاني وأهازيج وعدّويات، ودبكات، والزي الشعبي، والمسكن، وأشكال المعيشة والسير الشعبية والقيم والتقاليد والأعراف السائدة التي تعبّر عن أشكال ونواحي الحياة الاجتماعية ومضامينها الإنسانية المختلفة التي تشكل الشخصية القومية والهوية الوطنية للإنسان العربي في حقبة ما من تاريخ الأمة،
والموروثات الشعبية ذات أصول قديمة موغلة في التاريخ، تعرضت للتغيير والتبديل، والحذف والإضافات لتتناسب مع التطورات الاجتماعية، والثقافية، والبيئية، فحافظ الناس على ما يناسبهم وتركوا ما لا يلائمهم، وأضافوا من ثقافتهم المعاصرة ما يريدون.‏
في الوقت الحاضر نرى أن معظم الصور التراثية بدأت تتلاشى وتندثر مع تقدّم الزمن، فتوقف العمل بها منذ أكثر من ربع قرن بعد التطور الاجتماعي، والثقافي، والتقني الهائل، وظهور وسائل الإعلام الحديثة من تلفاز وإذاعة وصحف وكتب واتصالات، التي عملت بقوة على إزاحة الموروثات الشعبية التراثية عن مكانتها فأهملها الناس ولم يعودوا يشعرون بالحاجة لممارستها.

الأولاد لم يعودوا يلتفون حول الجدّة، لتروي لهم حكاياتها الجميلة الساحرة، بعد أن حلّت (الشاشة الصغيرة) محل الجدّة بالإضافة إلى كتب ومجلات الأطفال الأدبية، التي أصبحت أكثر ملائمة لعقلية الطفل وثقافته ونفسيته وطموحه.‏
كما أن عادات وتقاليد الأعراس والمناسبات، لم يعد بالإمكان ممارستها، والعمل بها بعد التطورات الاجتماعية والاقتصادية، من زحمة العمل وضيق الوقت، والمسكن والساحات، وانصراف اهتمام الناس إلى أشياء أخرى، كل هذا أدّى إلى إلغاء مظاهر الأعراس الشعبية، والاحتفالات العامة للناس، وأطفال "الحارة" فلم يعد بإمكانهم ممارسة ألعابهم الشعبية القديمة، التي تحتاج إلى ساحة واسعة وبيئة طبيعية مناسبة فحلّت محلّها الألعاب الرياضية والملاعب والأندية. لذلك نرى أن عصر التراث الشعبي قد احتضر وانتهى ولم يعد يهتم به أحد من الناس سوى الدارسين والباحثين الذين يعملون على جمعه من ذاكرة الجيل القديم أو ما بقي عالق منه في أذهانهم...‏

ومع توقف العمل بالموروثات التراثية، توقف أيضاً عصر ابتداع الفلكلور الشعبي لأنَّ الإبداع مرتبط بالخيال الشعبي، الذي يستمد مادته من الأساطير والأفكار والتصورات، والشخصيات الخرافية، ، فالخيال الشعبي كبّلته الإنجازات العلمية، والحقائق الكونية والاكتشافات الطبيعية والأدوات التقنية المتطورة. فلم يعد الإنسان الحالي بحاجة للتحليق والحلم ببساط الريح، والفانوس السحري، وطاقية الإخفاء وغيرها، أمام الطائرة والسيارة، والتلفزيون والمراكب الفضائية، والطب الحديث الذي كشف معظم الحقائق المستورة وحقّق إنجازات كبيرة وبين عجز القوى الخرافية أمام الأسلحة المتطورة والقنابل الذرية، وفضح كذبة حورية البحر وجمال ست الحسن، وشاعرية القمر، فسحب من تحت الخيال الشعبي، بساط التحليق والانفعالات والعواطف وسلاح الرومانسية، والإثارة والرغبة والحب.‏

ثانيا : الأساطير والحكايات الخرافية وأهمية الخيال في الحكاية الشعبية فى تشكيل الوجدان الجمعى
من تراث الأمة وموروثاتها، انعكست فيها أصداء واقع الشعب وحياته، ومعاناته وقيمه وطموحاته، بكل ما فيها من أساطير وخرافات وأوهام. تعبّر عن مدى اتساع مدارك الخيال الشعبي وإبداعاته ومخاوفه وأحلامه، فالإنسان منذ القدم عانى كثيراً من الشقاء والقهر، في سبيل الحصول على لقمة العيش والحياة الكريمة.‏
فالإنسان منذ بداية وجوده حاول أن يعطي تفسيرات لكل ما صادفه في حياته من ظواهر غريبة أو خارقة أو أحداث وكوارث وأخطار طبيعية. فصاغ لها في خياله الخصب المبررات والتفسيرات التي تتناسب مع عقائده ومعارفه المتوفرة، لعب فيها خياله دوراً أساسياً في تشكيلها بالأساطير والخرافات والأوهام، فالخيال البشري عمل على ملئ المساحات الفارغة من معارفه بالخيال وصنع الخرافات في التفسير والتبرير، نتيجة عدم توفر المعطيات والحقائق العلمية لديه، فلجأ إلى التعويض عن هذا النقص بالأساطير والخرافات، فأصبح الخيال البشري انعكاساً للواقع مع إضافات وتزويقات كثيرة، تعطي الأحداث مزيداً من الإثارة والتألّق والسحر والجمال، تصوّر صراعه مع قوى الطبيعة القاهرة (البرق ـ الرعد ـ العواصف ـ الرياح ـ الطوفان...) والحيوانات والوحوش المفترسة، ولم يكتف الإنسان من معاناته اليومية مع تلك القوى القاهرة الجبّارة، التي جعلت حياته قلقاً وخوفاً مستمراً، بل صاغ خياله أيضاً قوى شريرة أخرى أسطورية تساوي تماماً مخاوفه، وتطلعه إلى المستقبل المجهول فكانت (الغيلان ـ والعفاريت ـ والوحوش المختلفة).‏

فصاغ ذلك على شكل قالب قصصي جميل، أضفى عليها الخيال كثيراً من السحر والجاذبية والتشويق.

فكانت الحكاية الشعبية خلاصة الفكر الاجتماعي والنفسي والحضاري للأمة صبغتها بطابعها الخاص الذي ميَّزها عن غيرها من الأمم، رغم التشابه في كثير من المضامين والأشكال التراثية مع المجتمعات الإنسانية الأخرى...‏

فكثرت الحكايات وتناقل الأولاد والأحفاد القصص والأخبار جيلاً بعد جيل، حتَّى تحوّلت إلى حكايات تراثية مع الزمن، وأصبح يرويها الكبار للصغار بطريقة "كان يا ما كان في قديم الزمان" وبلغة عامية محليّة خاصّة...‏
مضامين السير والحكايات الشعبية:‏
جاءت مضامين الحكاية الشعبية متعدّدة الموضوعات والمعاني فكانت مرآة الحياة وصدى الآلام والمعاناة والأحلام وعبَّرت عن الحكمة والفضيلة وأفادت من العلوم الاجتماعية والفلسفية والفيزيائية والنسبية والأساطير...‏
لكنها لا تخرج من الإطار العام عن المضامين التالية:‏
1. مضامين اجتماعية وإنسانية:
عالجت فيها الحكايات والسير قضايا الفقر والجوع والظلم والقهر والعدل والمساواة...‏
كما نلاحظ في سيرة (عنترة ـ أبو زيد الهلالي ـ ذات الهمّة وابنها الأمير عبد الوهاب).‏
والصراع الاجتماعي (كالكرم الذي يحل فجأة على الغني أو السحر أو اكتشاف كنز بواسطة الجن) أي باختصار يعالج المشكلة بالأحلام وليس بالواقع.‏

ومع ذلك لا تخلو الحكايات من نماذج واقعية تصوّر أوضاع الصناع والعمال والرعاة والصيادين وغيرهم خلال مكافحتهم للجوع وتحصيل لقمة العيش.
في النهاية تحلّ الحكاية مشكلة الفقر بالكنز المكتشف بالمصادفة أو الخاتم السحري وخادمه العفريت. وكأن الخيال الشعبي يبدأ ثمَّ يدور في حلقة مفرغة تعبر عن طموحاته وأحلامه في الحياة.‏
ويطمح الخيال الشعبي إلى تحقيق العدالة والمساواة بشتى الأساليب ومنها النصب والاحتيال والشطارة كما في سيرة (علي الزئبق ودليلة...).‏

. العقيدية: تقوم عقائد العامة ، على الإيمان العفوي البسيط بالخالق رب السموات والأرض الذي بيده مقاليد كل شيء، والتسليم بالقضاء والقدر واعتماد الخوارق والكرامات كحلول للمشكلات الصعبة، وتؤمن بوجود قوى خفية يمكن أن تتدخل في الوقت المناسب لإنقاذ الموقف...‏

. سياسية: يجسّد فيها الخيال الشعبي مشاعر الانتماء القومي للأمة العربية وطموحاته المشروعة في تحقيق الدولة العربية الواحدة، التي تحتل مكانتها المرموقة بين الأمم. فينتقل الراوي بسهولة ويسر بين المدن والبلدان العربية ويتجاوز الحدود والحواجز ببساطة وكأنه يتنقل في دولة واحدة من المحيط إلى الخليج، رغم اختلاف الحكام والملوك من مدينة إلى أخرى...‏
5. عاطفية وأخلاقية: أحداث الحكاية تجري دائماً على صورة صراع بين القوى الخيّرة الصالحة والقوى الشريرة، بينما تأتي خاتمة القصة معبرة عن تطلعات الإنسان في انتصار الخير وتحقيق العدل، وامتلاك الثروة أو السلطان، أو الزواج من الحبيبة وتخليف الصبيان والبنات، فيتزوج الأمير من الفتاة الفقيرة والأميرة تتزوج الحطاب الفقير.‏
لابدّ للإنسان أن ينتصر أخيراً على كل القوى (الطبيعية والخرافية) بشتى الطرق والأساليب: (القوة الخارقة ـ السحر ـ الحيلة...الخ)، لتأتي الحكاية تعويضاً بسيطاً عن حالة العجز والفقر والظلم الذي يعيشه الإنسان.
فالحكاية تهدف إلى نشر الفضيلة والأخلاق الحميدة بين الناس والحض على التعاون وتقديم العون للمحتاجين والفقراء والتضحية والإيثار وإنقاذ الضعفاء من المصائب ومساعدة الذين يقعون في ضيق أو مأزق ما. وغالباً تغلب هذه المضامين الخير على الشر:‏
الحكايات الشعبية الشفهية مابين الحقيقة والخيال
أمّا الحكاية الشعبية الأصيلة فهي الأقدم مجهولة الهوية انتشرت بين عامة الناس ابتدعها الخيال الشعبي منذ القديم وروتها الجدّات شفاهياً وجاءت معبّرة عن واقع الإنسان القديم ومعاناته ومخاوفه وتطلعاته وقيمه الفكرية. رواها الراوي بلغةٍ عاميةٍ محلية خاصة لأنها الأقدر على التعبير بصدق ودقة عن حياتهم وبيئتهم وعواطفهم وتفكيرهم. يضاف إليها الكثير من الخيال المحلّق والصور الغريبة والأساطير التي تعبّر عن مقدار معاناة الإنسان القديم في نضاله الدائب من أجل الاستمرار في الحياة وتحصيل لقمة العيش وصراعه مع قوى الطبيعة القاهرة والحيوانات المفترسة والقوى الغامضة المجهولة التي تتربص له في جوف العتمة. فكانت أحداث الحكاية وشخصياتها معبرة تماماً عن مخاوفه وهواجسه وقلقه الدائم من المستقبل المجهول وأحلامه المشروعة في الراحة والسعادة والدفء والعدل. فكانت شخصيات البيئة العربية مثل: (علاء الدين والشاطر حسن وست الحسن والست بدور)
أما البعد القومي للحكاية فيتجلى في الثوب العربي الذي ترتديه الحكاية وروحها العربية الأصيلة في الأسماء والأحداث والبيئة والعقلية والأعراف.

فمكان الحكاية العواصم العربية (الشام- بغداد- الحجاز- مصر-ليبيا المغرب-تونس - الجزائر) أي ساحة الوطن العربي من المحيط إلى الخليج.
ولا تنفي تأثر الحكايات الشعبية بتراث الأمم الأخرى (البعد الأممي) باستخدام بعض الكلمات والأسماء الأجنبية أو انتقال القصة إلى ساحة تلك الشعوب (الفارسية- التركية- الهندية- الصينية- الأوربية) وهذا لا بد منه نتيجة العلاقة الخاصة مع تلك الشعوب من خلال السفر للتجارة او المستكشفين والرحالة
دور الآدب فى صياغة التراث الشعبي الشفهي مابين الحقيقة والخيال

هل الموروث الشعبي الشفهي يعد من الحقائق التاريخية التى يقال لها لامساس ،أم أنها قابلة للبحث والتحري وأدخال تعديلات أو طرحها كرواية مغايرة ومخالفة لما هي عليه وما ثبت فى الوجدان الجمعي للشعوب كتراث تتناقلته الاجيال ونظمت عليه ملاحم أو أشعار أو روايات محكية أو حتى تجسيدا على الشاشات فى أعمال درامية أو افلاما تاريخية سينمائية

ولاى مدى يمكن للمبدع أن يحلق بخيالة فى مخاضة الابداعي إشكالية قائمة مابين مؤيد ومعارض حيث يدفع كل فريق بحججه وبراهينه
وهنا لابد أن نفرق بين ماهو مؤرخ وموثق كتابة من جهات متخصصة وعلى اساس بحثى وعلمي ومابين ماهو شفهي يتناقله العامة عبر الاحاديث الشفهية لسانيا فى التجمعات والمجالس الترفيهية وليال السمرينشدها الرواة علي الربابة

لا يعد المؤلف أوالروائى مؤرخا تاريخيا وان كان يتأخدمن التاريخ والمروثات الشعبية التراثية مادة خصبة تحفز قريحته لمنتوجه الأدبى أو الفني أو الدرامي أو حتى السينمائى ،فالتاريخ لا يؤخذ عادة من الروايات لان هناك خيال المؤلف وحبكاته الدرامية وبناءه الفني بما يقتضية عمله الروائى الذى فى الاصل يهدف لتحقيق المتعة والتشويق للقارىء فى المقام الأول ولامانع من اضافات معلوماتية بما يقتضية السياق الروائي لكن فى النهاية لا يعد وثيقة تاريخية
فكم من روايات وأفلام تاريخية كانت علامات فارقة فى ذهن المتلقى بينما تحتوى على مغالطات تاريخية اقتضتها الضرورة الدرامية على سبيل المثال لا الحصر الفيلم التاريخي صلاح الدين الايوبى ذلك القائد المغوار الذى هزم الصليبين وحمى بيت المقدس ويعد من أروع ماقدمت السينما المصرية ولاقى نجاحا جماهيرا الا انه يحوى مغالطات تاريخية واحداث غير حقيقة ولم تحدث
قصة الملكة الفرعونية كليوباترا وحبيبها القائد الروماني انطونيو والتى تناقلتها الاحيال كأعظم قصص الحل والرومانسية بعد ما شاع أنها قتلت نفسها بسم الحية بعد موت حبيبها ليتضح بعد ذلك انها انتحرت بعد هزيمتها فى حربها ضد الرومان واستيلائهم على عرش مصر .

الشخصية الاكثر جدلا جحا وحماره : يطلقون عليه فى الأدب الشعبي فيلسوف البسطاء بحكايته ونوادره
وصفه البعض بالحكمة والفلسفة وخفه الدم بينما البعض وصفه بالغباء والحمق وسوء التصرف وجتى الآن لا أحد يعرف هل كان جحا شخصية حقيقية ذات أصول في التاريخ أم محض خيال شعبي للتنفيس عن ضغوط اجتماعية في عصور مختلفة؟ وهل عاش في عصر معين أم كان مجرد رمز فني يتسم بحس الفكاهة احيانا ورمز للحكمة فى أحيان آخري تناقلته الأجيال وطورت أساليبه التعبيرية في عصور لاحقة؟
يرى باحثون في الأدب الشعبي أن جحا شخصية عاشت في القرن الثامن الميلادي، وتضاربت آراء البعض في كونه عاش في القرن الثالث عشر أو القرن الرابع عشر الميلادي. وذكره مؤرخون قدامى كرجل مثقف وحكيم وعالم فطن من رواة الحديث النبوي، بينما وصفه آخرون بالحمق والغباء، ورأى البعض أنه رجل عربي، وآخرون أكدوا أنه تركي أو فارسي، بل انتقلت الشخصية إلى دول أوروبا الوسطى وأخذت ملامح أوروبية جديدة، ليظل السؤال بلا أجابة قاطعة من هو جحا؟حقيقة أم خيال
ومن حجا ننتقل الى

حكايات عنتره بن شداد العبسى العبد الاسود وحبه لابنه عمه عبلة التى بادلته الحب وراح يتغنى باشعاره فى البيداء ،وقيس العامرى ومعشوقته ليلى والتى هام بها حبا حتى لقب بمجنون ليلى ، والملكة كليوبترا التى تربعت على عرش مصر وحبيبها أنطونيو، وسْعيّد” ابن عمّ “حيزيّة بنت أحمد بن باي بوعكّاز” من عرش الذّواودة بالجزائر والتى ذاع صيتهما كأسطورة للحب العذري كتبت فيها القصائدواشهرها القصيدة التى كتبها الشاعر محمدبن قيطون من مواليد سيدى خالد من ولاية بسكرة بالجنوب الجزائري التى تغني بها الشعراء وتناقلتها العامة من جيل لجيل كتراث شفهى ثم بمرور الوقت تظهر روايات مخالفة فيقال مثلا أن عنترة بن شداد لم تكن محبوبته عبلة تحبه كما ورد بالموروث الشعبي وانما كانت تتباهى باشعاره لتستثير غيرة احد وجهاء القبيلة الذى كان يرغب بزوجها ، وكذلك رواية الملكة كليوباترا التى قيل انها ماتت منتحرة بالسم بعد موت حبيبها انطونيو لتتضح بعدها انها انتحرت لهزيمتها أمام الرومان واستيلائهم على العرش
قصة حيزية وابن عمها سعيد التى مر عليها اكثر من 100 عام تواترت فى عصرنا الحديث روايات مخالفة للقصة المحكية منهم من ذهب الى ان سعيد ابن عمها من حث الشاعر بن قيطون بنظم شعر يحكى عن حبه ووفاه لها بعد موتها ومنهم من قال أن سعيد هذا لم لم يرد اسمه اصلا فى الحكاية وذهب البعض فى أنه بعد البحث والاستقصاء من سيدات طاعنات فى السن حضرن الحكاية من قبيلتها انها كانت تحب الشاعر بن قيطون وان ثمة علاقة قامت بينهما اثمرت فى احشائها فما كان من نساء المدينة الا ان وضعوا لها السم فى الطعام لما اقترفته من ذنب وقيل ايضا أن والدها قام بضربها لامتناعها عن الزواج من احد وجهاء القبيلة حتى فاضت روحها وهكذا نجد أنفسنا أمام اشكاليات تعدد الرؤى والروايات حتى بات جليا أن لا حقيقة مؤكدة فيما رؤى شفهيا وتناقلته الاجيال
وهذا يطرح أمام أعيننا تسأولات عدة أى الروايات أصدق ,اين الحقيقة المؤكدة ما يحيلنا بالضرورة الى
دور الآديب فى صياغة التراث الشعبي الشفهي مابين الحقيقة والخيال

فالضجة التى اثيرت مؤخرا عندما قرر الكاتب الجزائرى واسينى الاعرج تضمين قصة شعبية لحيزية كبطلة اسطورية للمورث الثقافي الجزائرى فى أحدث روايته "الغزالة الذبيحة " بعد ان قام ببحث تاريخى عن تلك الرواية الشعبية التى طالما تغنى بشعرها الشعراء كحب عذري ليكتشف أن هنالك رواية آخري لما هو متعارف ليه فقرر أن يطلق لخياله العنان لينسج أحداث روايته بما يترايء له وفق مايجود به قلمه وفكره بحرية تامة دون الالتزام بما هم متداول
فهل يحق للكاتب الأدبى التحري التاريخي وتغير هذا الفكر الجمعى الذى تناوبت عليه الاجيال ان يغير فى تلك الرواية بان يتناولها برواية اخرى مخالفة بعد حصوله على شهادات من نساء طاعنات فى السن وشهود فى البلدة التى قيل انها كانت تنتمى لقبيلتها وانها لم تكن قصة حب ما بين الفتاة حيزية وابن عمها وان هناك ثمة رواية مغايرة حبها للشاعر الذى نظم القصيدة فى غرامها وانها ماتت مسمومة من احدى نساء القبيلة لانها حملت سغاحا منه ولم يكن لسعيد ابن عمها وجودا من الاصل بينما تعالت أصواتا تهاجم الكاتب فيما صرح به واعتبروه يهدم مورثا لصورة الحب العذري ورمزا تاريخيا للرومانسية ، وأنه تجرأ بوصم كل الفتيات العفيفات بل يسوء سمعة بلد بأكملها فيما تحولت الفتاة "حيزيةمن شخصية اسطورية الى رمز شعبي وطني راسخ فى اللاوعي الجمعي
حيث لا مساس
وتظل الاشكالية قائمة مابين مؤيد ومعارض
وفى النهاية يبقى السؤال هل للمبدع حدودا لابداعه الفكرى سواء كان تخيليا أو ممهورا بحقائق بحثية أو استقصائية فى صياغة المورثات الشعبية الشفهية
هل من حقه؟ .. ام يعتبر ذلك هدما لارث شعب بعد جزءا من تشكيلة الوجدانى والفكري ووعيه الجمعي.
(انتهت)..



#سحر_النحاس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تجليات المكان وغرائبية الحكى فى نص (موسي )للكاتبة المصرية أم ...
- رؤيا تحليلية :للصراع الدرامي والنفسي فى أدب فيودور دوستويفسك ...
- الادب الروسى العائد - مراوحة بين العصرنة ،الانفتاح والبحث عن ...
- انعكاسات الأدب وتاثراتها بين ثقافات روسيا وحضارات الشرق
- دراسة نقدية ذرائعية مستقطعة لرواية دفء المرايا للروائي المصر ...
- (مسرح الرؤى) بين الحلم والتجريب قراءة فى كتاب -تطورات في الث ...


المزيد.....




- -لا علاقة لنا باستهداف الحديدة اليمنية-.. السعودية تدعو جميع ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي على القطاع ...
- مصر.. مصرع لص صعقا بالكهرباء حاول سرقة محوّلة عامة
- سلسلة زلازل تضرب العالم عبر 3 قارات
- نصائح ذهبية لاختيار الملابس المناسبة لك ولعائلتك في الصيف
- كيف قتل الجيش البيشي قائد الدعم السريع في سنار؟ وماذا يعني غ ...
- كراود سترايك.. شركة أمن سيبراني أوقفت العالم ساعات
- وليد العمري: استهداف الحديدة قد يقود لتصعيد كبير بعد عودة نت ...
- ديمتري برامكي.. أبرز علماء الآثار في فلسطين
- اعترف على إكس.. حقيقة المتسبب في الفوضى التي عطلت مطارات الع ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سحر النحاس - دور الأدب فى صياغة الموروث الشعبي (الشفهي) مابين الحقيقة والخيال دراسة بحثية