أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف ليمود - -إيروس في الفن الحديث-















المزيد.....

-إيروس في الفن الحديث-


يوسف ليمود

الحوار المتمدن-العدد: 1768 - 2006 / 12 / 18 - 07:14
المحور: الادب والفن
    


هل نحن كائنات جنسية في المقام الأول؟ هل الجنس في الأساس طاقة بنائية أم تدميرية؟ هل يحمل الجنس في طبيعته تهديدا بالموت مثلما يحمل وعدا بالحياة؟.. هذه, وأسئلة أخرى عديدة في المنطقة الحمراء نفسها, يثيرها التجول وسط ذلك الكم الهائل من الأعمال الفنية التي تشكل خلاصة ما أنتجه القرن العشرون من أعمال استلهمت الجنس, كموضوع وكهاجس سيطر على معظم فناني ذلك القرن, والذين تم تجميع أعمالهم في معرض ضخم يقام حاليا في متحف بايلار بمدينة بازل شمال سويسرا تحت إسم "إيروس في الفن الحديث".

يشكل هذا المعرض الجزء الثاني والأهم بعد المعرض الأول, "إيروس - رودان وبيكاسو", الذي كان بمثابة إفتتاحية لهذا الحدث, واقتصر على تغطية الجانب الإيروتيكي في فن هذين الرائدين الذين شكلا حساسية القرن العشرين تجاه العري كتناول تشكيلي وتذوق بصري. وسط عدد كبير من التماثيل المختلفة الحجوم للنحات الفرنسي الأشهر أوجست رودان كان هناك أكثر من خمسين رسمة مائية بالغة الشفافية, أنجزها المعلم في سنواته الأخيرة يشي جموح أوضاعه بانشغاله بالجنس كهاجس لا خلاص منه. الإنشغال نفسه, وربما بدرجة أكبر, رأيناه عند بيكاسو, في ذلك العدد الكبير من الرسومات التي قيل إنها تعرض لأول مرة!!!.. على الأقل ترى معا لأول مرة.

على العكس من المعرض السابق "إيروس رودان وبيكاسو" يأتي هذا المعرض, الذي يستمر حتى الثامن عشر من فبراير 2007, ليشمل عددا كبيرا من الأسماء ذات الحضور القوي في الفن العالمي المعاصر, في أعمال ذهبت أبعد من مفهوم اللوحة والتمثال حيث تأخذ الأعمال الفراغية وأعمال الفيديو والفوتوغرافيا حيزا كبيرا من المكان ومن أبعاد التعبير كذلك. نجد نماذج من أعمال تمثل كل المدارس والإتجاهات الفنية التي عبرت القرن وتركت بصمتها على الفن حتى اليوم. ثمة حضور لافتا للسريالية, ممثلة في أسماء بعض مشاهيرها كماكس إرنست وسيلفادور دالى وفرانسيس بيكابيا وبول ديلفو وآخرين, وتحتل لوحة "لو جران ماستورباتور" "المستمني الكبير" لدالي مكانا بارزا باعتبارها رمزا لثورة فنية أثرت بعمق على الفكر الفني في القرن العشرين, وهي لوحة تجسد الحلم واللاوعي عبر شكل حيواني هلامي تجسدت فيه الرغبات الفيتيشية وتداخلت مع حس بالإغتراب الوجودي. نري إلى جانب بعض رسومات ماكس إرنست, لوحته المعروفة بعنوان "ليحيا الحب", وهي تصور جسدي امرأة ورجل عاريين متداخلين ومغلفين بقشرة تبدو كقالب حديدي حول تضاريسهما المتشابكة. ثلاث لوحات لبول ديلفو الحالم, من الصعب فصل العري فيها عن فكرة الموت. كما نرى بعض أعمال فنانين مر عملهم بالسريالية كمرحلة ثم تخطوها, مثل جياكوميتي الذي تعرض له منحوتتان من البرونز من عمله الباكر بعنواني: "رجل وامرأة" و "امرأة برقبة مقطوعة", أيضا بعض التصاوير الصغيرة لخوان ميرو وبول كلى.
لا يخلو المعرض من بعض ملامح الدادية نجدها في فوتوغرافيا هانز بيلمار التي تصور الأجزاء الحساسة من دمى بلاستيكية كان شكّلها وركّبها في الأصل كمنحونات تعكس فوضوي الحواس. لفنان الدادية الشهير مان راي نرى الصورة الفوتوغرافية التي صور فيها زميلته السويسرية ميريت أوبينهايم التي كانت من أبرز فنانات تلك المدرسة, عارية بيد ملطخة بالحبر خلف عجلة ماكينة الضغط الجرافيكي. ولميريت هذه لم ينس المعرض لوحتها الزيتية الصغيرة "عين الموناليزا" التي تصور فقط إحدى عيون امرأة اللوحة الشهيرة. الطريف أن هناك صورة أخرى للفوتوغرافي الياباني نابويوشي آراكي تصور عينا واحدة فقط لفتاه, وقد قلب الفنان هذه العين على جنبها بشكل رأسي بدلا من وضعها الأفقي الطبيعي, فبدت بشكلها وقوتها التعبيرية كفتحة الأنوثة. ونذكر أن عدسة نابوشي أثارت الكثير من الجدال وتخضع لمراقبة السلطة بسبب ملامستها, بل بتخطيها أحيانا حدود السادية والمازوخية التي تعتصر بأحبالها نهود فتيات وأجساد تبدو رخيصة, ضائعة, حالمة, ولا تخلو أحيانا من رقة مشتهاه على شكل زهرة تغطي مثلث حواء, أو ظلال غصن فوق أفخاذ عارية عليها أثار التعذيب.

ما كان لمعرض كهذا أن يخلو من رسومات إيجون شيلي, بخطوطها الحادة االتي تحفر أجسادا وأوضاعا إيروتيكية, لا خلاص من تسلطها عليه كفنان ولا على عمله كفن, وقد طبعت صورة إحدى رسوماته على بوستر المعرض. لكن الغريب أن لا نرى لجوستاف كليمنت سوي بضع رسمات بالقلم الرصاص, رغم أنه مشهور بلوحاته الضخمة التي لا تقل إيروتيكية عن رسوم شيلي.

لفن البوب حضور من خلال بعض فنانيه, بينهم روي ليشتينشتاين بلوحتة الضخمة "منظر على الشاطئ مع نجمة البحر". إلا أن الحضور الأكثر تأثيرا كان للأمريكي توم فيسيلمان الذي رحل في 2004, بثلاث من لوحاته التي مزج فيها الكولاج بالتصوير المسطح لموديلاته العاريات. نراه في إحدى هذه اللوحات غطى منطقة العانة للموديل بشعر حقيقي, بينما لصق فروة نمر حقيقية مكان السطح الذي تنتشي فوقه امرأة بنفسها في شكل فاضح, وسط ألوان صارخة وصادمة.

نلمس حضورالمرأة ليس فقط كموضوع للاستلهام, بل أيضا كمبدعة من خلال عدد من الأسماء البارزة في المنظر الفني المعاصر. هاهي الألمانية ريبيكا هورن, بأعمالها الفراغية التي تمتزج فيها الشاعرية بإحساس بالموت, تحتل قاعة بمفردها, يتوسطها سريرها الشهير "سرير الحب", حيث ثبتت فيه الفنانة عددا من الفراشات المعدنية المتحركة بواسطة موتورات كهربية صغيرة, بينما يسمع صرير أعمالها الأخرى التي تنفتح وتنغلق, وبين الفينة والأخرى يتمزق شيء ما عندما ينزلق قوس لعمل فراغي آخر, مثبت على كمان تتدلى منه الدانتيلا السوداء في إحدى زوايا السقف. هناك أيضا سيندي شيرمان بفوتوغرافيتها التي تعكس بلاستيكية الجسد والحس بالزمن. وثمة لويز بورجوا بمنحوتاتها التي تتماهى فيها أعضاء الذكورة بأعضاء الأنوثة. ثم عدسة النمساوية فالي إكسبور حيث يختلط الجنس بالعنف. وأيضا الرسامة الجنوب افريقياة مارلين دوماس, بمائياتها وأحبارها الصينية التي تذهب مباشرة إلى حدود البورنوجرافيا.

لبالتوس, صاحب الفتيات العاريات ومعاني البراءة وألوهية التفتح في الممر بين الطفولة والمراهقة ,وجود رقيق بلوحة ورسمة وحيدتين, إلى جانب الأسماء التي ما كانت لتغيب عن معرض كهذا مثل: لوحتان كبيرتان من أعمال لوسيان فرويد التي يمكن أن توصف بالعري الوجودي, حيث الأشكال غارقة فقط في ماديتها ولحظتها الآنية وحمولتها من موت مرتقب. ديفيد هوكني بلوحته "ولدان في حمام السباحة", التي لا تخفي حسا بالجنسية المثلية, الى رسم له بالأقلام الملونة, حيث شاب عار في حالة نشوة ذاتية. لوحتا فرانسيس بيكون "كثيب رمل" و "جسد مستلقي", تصوران بتعبيرية قوية لحمية الجسد وماديته السائلة في الفراغ. أعمال كهربائية لبروس ناومان , مرسومة بأضواء النيون الزاعقة الألوان حيث يتداخل الجنس بالتطرف بالإنتحار. منحوتاتة جيف كوونز الشبقية, التي تستمد جماليتها من الإبتذال في المعالجة وفي طبيعة الخامة المستخدمة. هنا في أحد أعماله المركبه يصور امرأة جالسة في البانيو تبدو في لحظة أورجازم, فتعكس ابتذالا في التعبير بألوان الطلاء المتداولة لدى فناني البوب آرت. جيرارد ريشتر يرسم نساء عاريات بتقنيات عالية تجعلها تبدو كالصور الفوتوغرافية المهزوزة. روبرت مابليذورب بعدسته التفصيلية الصادمة حيث العضو الذكوري منتصبا أو متدليا بفظاظة من مركز الصورة. لا تفرّق عدسته هيلموت نيوتون بين ما هو تجاري وما هو فن, وسط تركيبات الأجساد الجميلة لموديلاته العاريات. أسماء أخرى كثيرة: إيف كلاين صاحب الثورة الزقاء, ماكس بيكمان, بيير بونار, بيل براندت, بول سيزان, لوفيس كورينذ, إدجار ديجا, مارسيل دوشامب, فرديناند هودلر, جيني هولتسر, فيرناند كوبف, إرنست لودفيج كيرشنر, أوسكار كوكوشكا, ويليام دي كونينج, فيرناند ليجيه, إدوارد مانيه, إميديو موديلياني, أوتو ميللر, إدفارد مونش, إيميل نولده, رينوار, بيبيلوتي ريست, فرانز فون شتوك, تولوز لوتريك, إدوارد ويستون...الخ.

وسط عدد من أفلام الفيديو أحدها للسويسرية الشهيرة بيبيلوتي ريست, نرى فيلم "تحولات فينوس" للفرنسي جان جاك ليبيل الذي يعتبر بؤرة جذب حقيقية, إذ يستطيع المرء أن يستلقي أمامه ساعة كاملة ليشهد تحولات حواء من خلال تداخل المخزون العالمي لصورتها بدءا من أقدم العصور حتى اليوم, فنتابع تموجات وتوالدات صورتها من إلهة أسطورية سجلتها الحضارات المختلفة الى فتاة "بلاي بوي" وبورنوجرافيا في عصرنا هذا.

ثمة ملحق صغيرا في إحدي القاعات لرسوم الإيروتيك المينياتور اليابانية التي تصورعوالم الجيشا, والتي يمكن مقارنتها بتصاوير الكاماسوترا الهندية, في فانتازية أوضاعها ورقة خطوطها وتشكيلاتها.

النظرة التأملية في هذا المعرض تستدعي تساؤلات, ربما تبتعد عن عالم الفن قليلا لتلامس تطورالعقلية الغربية في طبيعة تعاملها مع الغريزة ومدى تحررها أو تقيدها عمليا. لكن هذا شيء آخر يصلح ربما كموضوع لبحث مثير.
.......………….....
يوسف ليمود - سويسرا
[email protected]

الأسماء الواردة بالمادة في الأصل:
Nobuyoshi Araki, Hans Arp, Christian Ludwig Attersee, Francis Bacon, Balthus, Max Beckmann, Hans Bellmer, Pierre Bonnard, Louise Bourgeois, Bill Brandt, Brassaï, André Breton, Paul Cézanne, Francesco Clemente, Lovis Corinth, Salvador Dalí, Edgar Degas, Paul Delvaux, Nathalie Djurberg, Kees van Dongen, František Drtikol, Marcel Duchamp, Marlene Dumas, Max Ernst, Valie Export, Eric Fischl, Lucian Freud, Alberto Giacometti, George Grosz, Serge Hasenböhler, David Hockney, Ferdinand Hodler, Jenny Holzer, Rebecca Horn, Robert Indiana, Fernand Khnopff, Anselm Kiefer, Ernst Ludwig Kirchner, Paul Klee, Yves Klein, Gustav Klimt, Oskar Kokoschka, Willem de Kooning, Jeff Koons, Alfred Kubin, Jean-Jacques Lebel, Fernand Léger, Wilhelm Lehmbruck, Roy Lichtenstein, Edouard Manet, Robert Mapplethorpe, André Masson, Joan Miró, Amedeo Modigliani, Robert Morris, Koloman Moser, Otto Mueller, Edvard Munch, Bruce Naumann, Helmut Newton, Emil Nolde, Meret Oppenheim, Jules Pascin, Francis Picabia, Pablo Picasso, Markus Raetz, Arnulf Rainer, Man Ray, Pierre-Auguste Renoir, Gerhard Richter, Pipilotti Rist, Auguste Rodin, Félicien Rops, Egon Schiele, Cindy Sherman, Franz von Stuck, Yves Tanguy, Henri de Toulouse-Lautrec, Rosmarie Trockel, Félix Vallotton, Tom Wesselmnn



#يوسف_ليمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صوتيات
- تأملات في وجه نجيب محفوظ .. الوصول قبل الرحيل
- بين توماس فريدمان وعمرو خالد .. حوار مع الفنان حمدي عطية وأف ...
- بين الطاقة الجنسية والإبداع
- حجر قابيل
- اللحظة الأخيرة
- خطاب مزموري إلى اسرائيل


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف ليمود - -إيروس في الفن الحديث-