أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حيدر داخل الخزاعي - العبودية الاختيارية للإنسان المعاصر














المزيد.....

العبودية الاختيارية للإنسان المعاصر


حيدر داخل الخزاعي

الحوار المتمدن-العدد: 8043 - 2024 / 7 / 19 - 22:37
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


إن العبودية من المفاهيم القديمة فقد إقترن ظهورها بوجود الجماعة الإنسانية والحاجة الى العمالة لتبدأ مرحلة جديدة في تاريخ البشرية الا وهي الاستعباد واختلفت من جماعة الى أخرى ومن عصر لآخر واختلفت بحسب الثقافات والديانات ويمكننا ايجاد مفهوم مشترك للعبودية والتي يقصد بها الخضوع والانقياد فيكون الانسان خاضعا ومنقاداً لغيره ويرهن نفسه وإرادته ومشيئته بتوجهات غيره
ان مفهوم الاسترقاق يعد مخالفاً للحرية والاستقلال فوقوع الانسان تحت قهر داخلي وخارجي يمثل احد مظاهر العبودية، وقد مرت البشرية بأشكال مختلفة للعبودية فبعد زوال الاسترقاق بمفهومه القديم ظهرت لنا مفاهيم جديدة للعبودية منها العمل القسري وإسترقاق الأطفال وإجبارهم على العمالة وإستغلالهم جنسيا وتزويج القاصرات أو عمل الانسان مقابل سداد دينه وكذلك تهريب البشر كل هذه العناوين وغيرها عدتها منظمات حقوق الانسان المعاصرة شكلاً من أشكال العبودية بمفهومها الحديث والتي بلغت بحسب الاحصائيات ما يزيد عن 40 مليون إنسان يعدون ضمن قائمة العبيد في واقعنا الراهن بالرغم من وجود القوانين والمعاهدات تحمي الانسان وتحافظ على حقوقه الا ان كرامته لم تحفظ في خضم التطور الحاصل في العالم بل ان التطور الذي تشهده البشرية اظهر لنا نماذج جديدة من العبودية عبودية ناعمة ومحببة لدى الناس فالحضارة المعاصرة جعلت من الانسان سلعة من خلال شركاتها ومؤسساتها التي تدافع عنها الأنظمة السياسية التي تحكم العالم والتي ترفع شعارات الحرية وحقوق الانسان فلم تقتصر على العبودية الحديثة على الأنواع السابقة التي ذكرناها بل اتسع نطاقها فبعد ان كانت العبودية لفئات وقوميات وأعراق معينة فالحضارة المعاصرة وسعت من العبودية والتبعية لتشمل جميع الفئات وتتسع بأعداد هائلة فقد أظهرت لنا عبوديات ماليه يتم استعباد الشعوب من خلالها كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي والتي تستعبد شعوباً بإملاء شروطها على الحكومات والأنظمة السياسية الفاشلة التي تنقاد لشروطها وتضع القيود على شعوبها والتي تتحمل الأعباء الناتجة عن سوء إدارة وتخطيط تلك الانظمة
كما حولت الحياة المعاصرة الانسان الى اداة وان كان في ظاهره حراً لا يخضع لسلطة غيره الا أنه يخضع في داخله لسلطة الكثير من الوسائل الحديثة وتحت تأثير الإعلانات ووسائل الاعلام التي مهدت له الطريق لتقبل هذا النوع من العبودية فصار مدمناً لها وصل حد الخضوع والانقياد لها لكن بإرادته دون أي وسيلة تهدده بالقوة بل هو فرح ومستمتع بهذه العبودية فهناك من ينقاد لايدلوجيا معينة حزبية أو فكرية ويستمتع بها وينقاد من دون ادنى تعقل لما يطرحه زعيم هذه الأيديولوجيا وينسى ذاته وضميره ولا يسمح لنفسه بإبداء الراي او النقد فهو يقع تحت تأثير الإعلان وسطوة الخطاب فهو مستمتع بخضوعه بل يعده نوع من التفاخر باتباعه لهذه الزعامة او تلك الأيديولوجيا ولسنا ضد اتباع الايديولوجيات بل نحن مع التعقل بالاتباع والنقد واخذ ما هو مفيد ورفض ما هو ضار ويتعارض مع العقل
إن الانسان المعاصر يتباهى بعبوديته الاختيارية ويسعى لا برازاها ويدعو الاخرين للاقتداء به فهو انسان فارغ من الداخل ليس فيه الا محتوى مواقع التواصل الاجتماعي التافه والموضات والمنتجات الحديثة والتي يحفظ اسمائها وعناوينها اكثر من أي شيء اخر فهو خال من المعرفة لأنها تتعارض مع هذا النوع من العبودية ولا تنسجم معه بل هي بالضد معه والضدان لا يجتمعان .
إن المنتجات الحديثة تقنية كانت أو غيرها لم تعد وسائل يستعملها الانسان للوصول الى غاياته وقضاء احتياجاته الحياتية من خلالها بل صارت غايات يسعى لتحقيقها فالإنسان المعاصر يسعى لان يصبح مميزا بكثرة ما لديه من أدوات العبودية فكلما زادت برأيه مقتنياته زادت قيمته فسيارته الحديثة الفارهة وساعته ذات الماركة الغالية الثمن وهاتفه من اخر الاصدارات وملابسه ذات العلامات التجارية العالمية بل حتى في رحلاته وسفره صار لا يذهب لأجل الاستمتاع بالطبيعة والعيش في اجوائها والتخلص من الضغوطات والتجرد عن محيطه بل صار همه كيف يصور ويوثق لحظاته وكأنه ذاهب للتصوير لا من أجل التنزه فليس سفره من يصنع له المتعة بل يرهنها بالأخرين ومدى تفاعلهم وانطباعهم عن سفرته وجمال ما التقطته من صور فيها وما ينشره لهم فكم صار الانسان حريصاً على هذه التقنية والحفاظ عليها بل انه يبذل ما يملك وما لا يملك لأجل اقتنائها لأنه يرى فيها سر سعادته وفي فقدانها تعاسته ما جعله يمعن في خضوعه لهذه الأدوات ويجد فيها نشوته والآخرون يغبطونه على مستوى (العبودية) الذي وصل اليه ويتمنون ان يصلو الى ما وصل اليه فالعبودية صارت مطمح لدى الكثيرين بعد ان كانت مهرباً في العصور السابقة
إن حب الانسان للتميز والظهور بمظهر لائق هو من الأمور الطبيعية لكن ليس من المعقول أن يتحول الانسان عبد لوسيلة وجدت لأجل خدمته ويجعلها غاية فهذا خلاف العقل والفطرة السليمة فاللهاث وراء الشهرة والسعي لأجلها جعل البعض يفقد عقله وقيمه وأخلاقه ويقوم بتصرفات يرفضها العرف والعقل والأخلاق فالإنسان بعقله وقيمه وأخلاقه وبدونها لا يكون له قيمه مهما كانت ثروته أو مظهره وشهرته
إن العبودية القديمة في اخف اثاراً من العبودية المعاصرة فالافراد في العصور السابقة يقتادون اليها دون ارادتهم ومن دون رضاهم ليقوموا باعمال ليست من اختيارهم أما العبودية المعاصرة فهي بإرادة الانسان ورضاه فهو يسعى للوصول اليها ويتباهى بها بل يرى قيمته بها بالتالي هي اخطر من العبودية القديمة لان العبد في السابق رغم القيود الخارجية المفروضة
عليه الا انه في ذاته حر ويتوق للحصول على هذه الحرية ويسعى لتحقيقها والخلاص من القيود المفروضة عليه اما عبودية الانسان المعاصر فانه لا يرى شيئا سيئا مما يقوم به من تصرفات بل يرى فيها شيئا جميلا ويسعى لزيادتها ولا يعتقد بعبوديته لها وان ارادته مسلوبة قبالها وفرق ما بين وعي الاثنين فاستعباد العقل اخطر من استعباد الجسد الذي يأتي اليوم الذي فيه يتحرر فما اصعب عبودية اليوم وما أخطرها ...



#حيدر_داخل_الخزاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البطالة تسونامي يهدد بلداننا
- الانتخابات مفهوم اسيء استعماله
- ضرورة إعادة النظر في القوانين


المزيد.....




- برشلونة تسجل أعلى درجات حرارة في إسبانيا لهذا العام
- إدانات دولية وأممية واسعة للحكم بسجن صحفي أمريكي في روسيا
- موسكو ودمشق.. من الصداقة إلى التحالف
- وصول جثتي باكستانيين قتلا جراء إطلاق نار في عمان إلى إسلام أ ...
- الرئيس التونسي قيس سعيد يعلن رسميا ترشحه للانتخابات الرئاسية ...
- نائب في -حزب الله- يعلق على هجوم الحوثيين على تل أبيب
- شركة بولندية تملكها الدولة تنفي استخدام منتجاتها في مسيرات إ ...
- البنتاغون: وقف المساعدات الغربية لكييف سيؤدي إلى انتصار روسي ...
- بكين تتهم واشنطن بتوجيه ضربة خطيرة لاستقرار سلاسل التوريد ال ...
- الحكومة الإماراتية الجديدة تؤدي اليمين الدستورية


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حيدر داخل الخزاعي - العبودية الاختيارية للإنسان المعاصر