أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - حُلُم الدولة العربية المُجهض














المزيد.....


حُلُم الدولة العربية المُجهض


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 8043 - 2024 / 7 / 19 - 00:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كانت الآمال عريضة، طفولية وبريئة. بمجرد أن نُزيح "هم"، هؤلاء الأجانب الغرباء عنا المستغلين لنا والناهبين لثرواتنا ومقدراتنا، وأن نمتلك "نحن" الوطنيين أبناء البلد المحلي استقلالنا ومقاليد الحكم في أنفسنا، سنحقق تلقائياً وفيما يشبه المعجزة نهضة قد بقيت مراوغة لأقطارنا منذ قرون طويلة. طوال حقب سحيقة من التاريخ ظلت شعوبنا واقعة تحت نير واستغلال المستعمر الأجنبي، من الشرق والغرب. هذه الشعوب إذا ما كُتب لها أن تتحرر من قيودها الاستعمارية المُعطلة، عندئذٍ سوف تفيض طاقات أبنائها الحبيسة لتخرج إلى نور الحياة كمارد تحرر لتوه من ظلمة قمقم خانق. كنا "نحن"، المحكومين الوطنيين، نحلم بالتخلص من "هم" الحكام الأجانب ونطمع في حياة أفضل لنا ولأبنائنا فوق تراب وفي خير وعزّ أوطاننا ظننا أن الغرباء حالوا بيننا وبينها.

حين فارقنا المستعمر أخيراً وتُركنا لحالنا، استيقظنا من الحُلم الجميل على كابوس حالك السواد. حيواتنا باتت أسوأ بكثير، ومستقبل أبنائنا في مهب الريح. الدولة ذاتها التي أورثها لنا المستعمر، رغم نقمتنا الشديدة عليه، باتت مهددة بالضياع. أي حياة أو مستقبل أفضل يُرتجى في غياب الدولة؟! كل آمالنا وأحلامنا الوردية كانت معلقة بنواصي هذا الكيان العملاق القادر على تحقيق المستحيل والذي ظل المستعمر يحتكره ويسخر طاقاته الجبارة لخدمة مصالحه وأطماعه الاستعمارية. كنا نطمع في استرداده من أيدي الغرباء ووضع أيدينا، نحن الوطنيين أبناء البلد، عليه. عندئذٍ، كما حلمنا، سوف نزداد بقوته قوة وثرائه ثروة، سيكون رحيماً بنا وأكثر ليناً من الأجنبي في معاملتنا، يحمينا ويحفظ وينمي لنا ثرواتنا ويكفل لنا ولذوينا حياة أفضل وأكثر سعادة ورفعة وتقدماً ورخاء. في النهاية، جُحا أولى بلحم طوره. هذه خيرات أوطاننا المحلية ونحن أولى بها من المحتل الأجنبي. بمجرد أن نملك السيطرة على الحكم، ستتحول أجهزة الدولة من خدمة الأغراب إلى خدمة أبناء البلد الوطنيين، وعندها يعم الرخاء وتتحقق النهضة.

مصدومين، استيقظنا على واقع دولة وطنية على النقيض من كل ما حَلُمنا به. قاسية على مواطنيها أشد القسوة، مُسرفة ومُهدرة لثرواتهم ومُقدراتهم، مُقيدة لطاقاتهم، ومُضيعة لأحلامهم بمستقبل أفضل. لم تكن المُستبد العادل الذي قد ظللنا دهراً نحلم به. ربما العدل العُمَريّ لا يعدو كونه وهم عشعش في مخيلة ثَكلى بالظلم والمعاناة تحت نِعال المستبدين القساة من كل صنف ونوع وتطوق إلى أن تنعم يوماً بجنة العدل. هل كانت دولة بن الخطاب دولة حقاً؟! ولو كانت، هل كان ما يسري عليها في ذلك الماضي السحيق ينسحب أيضاً على الدولة في العصر الحديث؟ إذا كنا فهمنا من المعايشة والتجربة دولة الخلافة في الماضي البعيد، كيف فهمنا الدولة الوطنية الحديثة من دون أي معايشة أو تجربة سابقة على الإطلاق؟! بماذا ملئنا هذا الفراغ الذي دام لأكثر من ألف عام؟ بالحقائق والتجارب الفعلية ولو مُستعارة من أمم أخرى، أم الأوهام؟ نحن في الحقيقة جهلة بمفهوم وتركيب وطريقة عمل الدولة الوطنية الحديثة. رغم ذلك، صممنا على أن نتدبر واحدة تجميع قطعة من هنا وأخرى من هناك ثم التحايل على تشغيلها بأي وسيلة ممكنة لمصلحتنا. ولدهشتنا، اشتغلت هذه الدولة التجميع المَسخ لكن أبداً لم يكن فائض شغلها يصب في نهر المصلحة عامة كما أردنا؟ هذه الدولة رغم عدم فهمها هللنا وهتفنا لها، لا لشيء سوى لكي تُذيقنا أشد المر والحنظل في العالم أجمع؟ هل أخطئناً؟ في ماذا؟

كيف نهتف ونُهلل لوحش صناعي لا مثيل له في الطبيعة قادر على أن يلتهمنا جميعاً، ورغم ذلك لا يشبع؟! لقد خلقنا بأيدينا الجحيم عينه، كلما زدناه حطباً ازداد سَعَاراً وطلب المزيد. قطار بضخامة كل أرض الوطن وتاريخه يدهس كل من يجرؤ على مسائلته أو الوقوف في طريقه، لا يصطفي إلى رغد الأمن والعيش داخل عرباته الفاخرة سوى أفراد أسرته، عائلته، قبيلته، طائفته، حاشيته، فئته، طبقته، مهنته، رفقاء دربه وسلاحه، المنافقين والمهللين والمسبحين بشكره ونعمته. هي ليست دولة تحكمها أقلية على حساب الأكثرية بالمفهوم العالمي المعاصر. لكنها دولة فئوية، خاضعة لسيطرة فئة خاصة من أبنائها وتشتغل لما يُسهل ويخدم مصالحهم الفئوية الضيقة إلى حد استبعاد كل الآخرين، الذين هم أكثر بكثير جداً من الأكثرية المطلقة بالمغزى الديمقراطي المعاصر.

هل كنا نعلم أن الدولة الوطنية الحديثة لديها المقدرة- إذا ما أُهملت المحاذير والاحتياطات القانونية الواجبة- ليس لكي تُبيد الملايين من أبناء وطنها فقط لكن نشر الخراب والدمار والموت بعيداً عن حدودها لأبعد الأماكن على وجه الأرض؟ هل درسنا بحق تاريخ الأمم الأخرى التي لم تنقطع كما انقطعنا عن مسار التاريخ السياسي وتعلمنا الدروس من محطات مفصلية في التطور السياسي للبشرية مثل الثورة الفرنسية والبلشفية، الدولة الوطنية الاستعمارية، الشيوعية والنازية والفاشية؟ لو كنا درسنا وتعلمنا حقاً، هل كنا سنأمن لدولنا ونُسلم لها أنفسنا هكذا كالخِراف من دون قيد أو شرط يكون بمثابة شبكة أمان دستورية تقينا شرور وحشيتها إذا ما أفلتت من القفص؟



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أصحاب الجلالة والسيادة والسمو
- عبادة المقاومة - حدود حق الدفاع عن النفس
- تفكيك السلطوية العربية-2
- تفكيك السلطوية العربية
- اللهُ في النفسِ الفردية والجَمْعِية
- جمهورية الجيش وحركة كفاية في يناير 25
- شرعية الحكم والأمر الواقع
- من خواص العقل العربي المعاصر- حماس عينة
- اللهُ في السياسة
- هيا بنا نَكْذب
- حقيقة الأجهزة السيادية في الدولة الوطنية
- لماذا نَظْلمُ النساء؟
- لَعَلَّنَا نفهم الخير والشر
- لا الشمسُ تَجري...ولا الليلُ يُسابق النهار
- الخير والشر، بين المطلق والنسبي
- نظرية العقد الاجتماعي 2
- نظرية العقد الاجتماعي
- إشكالية الشريعة والاجتهاد
- ماذا كَسَبَت العراق بعد صدام
- ديمقراطية دقلو


المزيد.....




- راكبة تلتقط بالفيديو لحظة اشتعال النار في جناح طائرة على الم ...
- مع حلول موعد التفاوض للمرحلة الثانية.. هل ينتهك نتنياهو اتفا ...
- انفصال قطعة كبيرة من أكبر جبل جليدي في العالم!
- 15 قتيلاً على الأقل خلال انفجار سيارة في مدينة منبج في سوريا ...
- روسيا تعلّق الطيران في عدة مطارات عقب هجوم أوكراني بالطائرات ...
- عواقب وخيمة لوقف أمريكا المساعدات الخارجية.. فمن سيعوضها؟
- الصفائح الجليدية في القطب الجنوبي أكثر قدرة على الصمود
- انتشال رفات 55 شخصا ضحايا اصطدام طائرة الركاب بمروحية عسكرية ...
- لبنان .. تغيير أسماء شوارع وساحات تذكر بالنظام السوري السابق ...
- الرئيس الجزائري: أبلغنا الأسد رفضنا للمجازر بحق السوريين


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - حُلُم الدولة العربية المُجهض