أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - الحسن علاج - هل يخضع تاريخ الفلسفة إلى دورات ؟















المزيد.....


هل يخضع تاريخ الفلسفة إلى دورات ؟


الحسن علاج

الحوار المتمدن-العدد: 8039 - 2024 / 7 / 15 - 20:11
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


فانسون سيتوت
ترجمة : الحسن علاج

بصرف النظر عن الحقبة الزمنية أو إقليم من أقاليم العالم ، فإنه يبدو أن الأفكار الدينية ، الفلسفية والعلمية تترابط فيما بينها بشكل دوري . نظرة عامة .
إنه لوضع تاريخ للفلسفة ، لابد ، بادئ ذي بدء ، من تعريف هذا الحقل المعرفي بغية تعقبه في الماضي ثم فهم كيف يتطور في الزمن . ومع ذلك ، فلا أحد يتفق بخصوص هذا التعريف ، ماعدا لو ظل تلميحيا : تعتبر الفلسفة تخصصا نظريا يكمن ، من خلال التحديد المفاهيمي والتشكلات النسقية ، في معالجة القضايا التأملية ( كيف يمكن للإنسان أن يكون حرا في عالم محدود ؟ ؛ هل أنا واع بوجودي ؟) . ووفقا لنظرة شاملة فهي بكل بساطة فن التفكير بعناية في المسائل التي يطرحها الجميع في أي مجال من المجالات ، ما لم يكن ذلك ظرفيا ( كيف نتصرف ؟ ؛ ما العدالة ؟ ) . دعونا نكون أكثر دقة : تعتبر الفلسفة صيغة في التفكير في الوقت نفسه نظرية ( بما أنها تستهدف الحقيقة ) ومعيارية (طالما أنه دائما ثمة قيم قيد البحث ، لا لشيء إلا أن الحقيقة باعتبارها قيمة ) كما أنها تقدم نفسها كممارسة ( حكمة أو دليل للحياة ) ـ وتختلف الجرعة بين تلك المظاهر الثلاثة بشكل ملحوظ من مؤلف إلى آخر . ومثلما أن الفكر المسمى دينيا يقدم نفسه على ذات الشاكلة ( نسق ، مبادئ أخلاقية ودليل حياة ) ، سوف يتم تمييز الفلسفة بمقتضى لجوئها إلى توظيف أدوات فكرية منحرفة جدا عن المركز ـ منطق، تسويغ ، برهنة ، وضع إطار مفاهيمي ، تصنيف ، استحضار التجربة .
تاريخ مقارن
يقع العديد من المؤلفين ضمن محيط هذا التعريف، بحيث إن تاريخ الفلسفة الذي ينجم عنه لا يمكن أن يكون مقيدا بالغرب ، بل لابد من أن يشمل ، كحد أدنى ، التقاليد الكبرى للفكر الأسيوي والشرق أوسطية ( هند ـ صين ، يابان ، إسلام )ـ دون إغفال العالم السلافي ، الذي ليس أسيويا ، وليس أوروبيا كذلك . وبما أن كل تلك الثقافات الفكرية تتطور بشكل جزئي ومتزامن وضمن استقلال نسبي (ليس تاما لكنه دال ) ، فإنه بإمكان المرء مقارنة تطورها في الزمن . وبعبارة أخرى ، ثمة إمكانية للقيام بتاريخ للفلسفة المقارنة .
على أنه ما الذي يكشف عنه تاريخ ما ؟أن طريقة التفلسف عبر القرون ضمن كل حضارة من الحضارات العظمى ليست عرضا مسرحيا فوضويا تهيمن عليه الصدفة ، حيث ستتوالى الأحداث اللامتوقعة ، الحوادث ، التبدلات المفاجئة والتي لا يمكن التنبؤ بها . خلافا لذلك ، فإنه يبدو أن الفكر في الزمان والفضاء يمر بمراحل مماثلة ، من أوروبا إلى الصين والعصور القديمة إلى يومنا هذا . تعمل تلك المراحل على وصف ما يمكن تسميته بالدورة .
تاريخ دوري
فلكي نتمكن من الحديث عن الدورة ، لابد من نقطة وصول سياق ونقطة انطلاق من أن تتشابهان . فعلى سبيل المثال لم تكن الفلسفة اليونانية موجودة في القرن السابع قبل الميلاد ، وليس بدرجة كبيرة في القرن السابع بعد الميلاد . خلافا لذلك ، فقد انتشرت بين هذين التخمين . كذلك فإن الفلسفة الرومانية لا توجد بعد ، فقد وجدت (في القرن الثاني قبل الميلاد . في بداية القرن السابع ) ، ثم لم يعد لها وجود أبدا ـ العودة إلى مربع البداية ، إلى حد ما . سيكون من التعسف الحديث عن دورة cycle) ( لو كان هناك فقط ظهور مفاجئ ثم اختفاء مباغت بعد بضعة قرون . كما أن فكرة الدورية cyclicité) ( تتضمن دورية التطور التدريجية . وتعني الدورة ، بالمعنى القوي للكلمة ، الولادة ، النمو ، البلوغ ، الشيخوخة ثم الموت . وبحسب هذا النموذج الحيوي كان أوسولد شبينغلر يفكر في التاريخ في كتاب انحدار الغرب (1918 ـ 1922 ) .
بيد أن الحضارات ليست كائنات حية ، حتى ولو أنه من الممكن أن تتطور بطريقة مماثلة . وبعبارة أخرى ، فلا يتعلق الأمر بعرض ميتافيزيقا حيوية بشكل مسبق ، بل بدراسة الماضي بدون أدوات ميتافيزيقية ، سواء أكانت حيوية ، مادية ، صادرة عن العناية الإلهية ، غائية ، تقدمية أو انحطاطية ، إلخ . إن اختبار الفرضيات التاريخية يعتبر شيئا مغايرا لتطبيق مذهب مسبق .
ولادة وتطور التقاليد الفلسفية
لا يظهر التقليد الفلسفي بالصدفة هنا أو هناك ؛ إنه يترسخ ضمن شروط معينة . شأنه في ذلك شأن نبتة ، لابد له من تربة تسمح له بالنمو والتبرعم . لابد من أن تتقدمه حياة فكرية وأن تبلغ التبادلات بين المثقفين درجة معينة من القوة . فمن يكون هؤلاء الأشخاص المتعلمون ، الذين هم ليسوا فلاسفة ، لكن نقاشاتهم تجعل الفلسفة ممكنة ؟ يتعلق الأمر برجال دين أو مؤيدين للدين ـ مسؤولين عن الشعائر الدينية ، رهبان ، لاهوتيين ، دارسي الأساطير ، متأملين في الكوسموس ، منجمين عرافين ، سحرة ، إلخ .
إن هؤلاء الأشخاص الذين يمتلكون ثقافة دينية ليسوا مثقفين دائما مع بعضهم البعض . فإذا كانت الظروف الاجتماعية والسياسية تسمح بذلك ، فهم يتناقشون ، يتبادلون وجهات النظر ، يجادلون ، يدحضون بعضهم بعضا ، يستدلون ثم ينتهي بهم الأمر بما يدعى بالفلسفة ـ أن يسمونها أولا ، أن يدّعوا ذلك أولا ، أن يفهموا أو لا يفهموا ذلك .
إن المرور من " الأسطورة إلى العقل " في اليونان القديمة قد تم التنظير له وتعميمه من قبل جان بيار فرنان (Jean-Pierre Vernant) في كتاب أصول الفكر اليوناني (1962) . إلا أن مسلسلا مماثلا يوجد في مكان آخر . ففي الهند ، على سبيل المثال ، فإن التقاليد الفيدية والبراهمانية ( والتي هي تقاليد دينية ) تتجه انطلاقا من القرن الثامن قبل الميلاد إلى التأملات الميتافيزيقية حول البراهمان ( مبدأ إلهي ) والأتمان ( مبدأ تفرد ) اللذان يتخذان مظهرا فلسفيا على نحو متزايد . ومع ذلك ، فإن الرهبان ( طبقة البراهمان ) هم من يغير مجرى الدين نحو الفلسفة ، في الأوبنيشاد ثم ضمن ما سيصبح تقليد الفيدانتا Vedanta) ( .
في الصين ، بشكل مختلف لكن مماثل في العمق ، ينمو الفكر الفلسفي على أرض هي أرض التأملات الدينية الكوسمولوجية ـ تناوب الين Yen) ( واليانغ Yang) ( ، مبدأ الطاو حاكما هذا التناوب ، والعواقب الأخلاقية والسياسية لتلك التصورات . إن تطعيم الفلسفة في الإسلام ، بالساق الديني لا يزال جليا للغاية . إن الفلاسفة الأوائل ما هم في حقيقة الأمر سوى لاهوتيين متشيعين للمنهج العقلاني لحل القضايا ـ المعتزلة .
تحافظ هذه الفلسفة المنحدرة من الفكر الديني على تكونه . إن أول مرحلة من مراحل تاريخ الفلسفة ـ التي يمكن تسميتها بالمرحلة القبكلاسيكية ـ تتوافق مع الوقت الذي ينبغي على الفلسفة أن تعبره لكي تحقق نوعا من الاستقلال .
الفلسفة في قمة فنها
بعد فترة نضج ، تماثل طفولة ما ، يتوقف الفكر الفلسفي تدريجيا عن الإحالة على الفكر الديني كما لو أنه يحيل على وصايته الطبيعية . ويصبح الأمر أكثر جلاء أن الدين يقف حجر عثرة في وجه الإبداع الفكري وأمام الابتكارات النظرية ـ مع أنه يشكل في وقت سابق الأرض الحاضنة . لقد حان الوقت كي تكون الفلسفة أو لا تكون مشكلة من فرع علمي ،أن تستبعد التقليد. وهي إذ تفعل ذلك فإنها تحقق نوعا من الاستقلال ـ فإن لم يكن استقلالا مؤسساتيا ، فعلى الأقل يكون جزئيا .
لم يختف الفكر الديني أبدا ولم تقم الفلسفة مقامه في أي مكان . لكنه أصبح مبتذلا ، إذا جاز القول ، بواسطة الفاعلين الجدد للحياة الفكرية . إن التفكير دينيا ،أضحى ، من الآن فصاعدا من الماضي؛ أصبح فكريا ( وسياسيا في غالب الأحيان ) رجعيا ـ أو على الأقل محافظا . خلافا لذلك ، فإن الفلاسفة ينفتحون على المعارف الجديدة ، يبتكرون نظريات هرطوقية ويصوغون بالتوازي مع ذلك ، أسلوبا غير مسبوق . إنه العصر الكلاسيكي للفلسفة .
أما فيما يتعلق بالهند القديمة ،بالإمكان وضعها بين 540 و 480 قبل الميلاد على وجه التقريب ، بمعنى أثناء ازدهار هرطقات الأجفيكا ( القدرية ) ، تشارفاكا ( المادية ) ، الشكوكية ، البوذية والجاينية Jainistes) (. لقد عرفت الهند تحت حكم سلالة غوبطة Gupta) (( وبشكل خاص بين 350 و 450 قبل الميلاد تقريبا ) ، ما يمكن تسميته بعصر كلاسيكي ثان . أما في الصين القديمة ، فإن المرحلة الكلاسيكية توافق نهاية الممالك المتطاحنة (من 350 إلى 250 قبل الميلاد تقريبا ) ـ وتعتبر كلاسيكية الأسرة الحاكمة للسونغ Song) ( ، في القرن 11قبل الميلاد ، كلاسيكية تعود إلى عصر آخر . وفي اليونان القديمة ،ولو أن هذا التحقيب ليس مألوفا ، فلابد من العودة إلى النصف الثاني من القرن 5 . وبروما ، فإن حقبة الرخاء تتوافق مع نهايةالجمهورية . وبالنسبة للفلسفة الأوروبية ، فإنه يبدو أن القرنين 17 و 18 عشر يجيبان على كل معايير الكلاسيكية .
الانحطاط المتصل بالفلسفة وانبثاق العلوم
لكي تكون هناك دورة ، فلابد من وجود مرحلة انحطاط . ومن أجل الحديث عن الانحطاط ، لابد من التوفر على معيار المؤرخ الرسمي للفلسفة الذي يريده أن يكون أقل اصطناعاقدر الإمكان ؟ ينتاب المرء على الأصح الانطباع بالتعسف المبالغ فيه ، لأن ما يعتبر انحطاطا لهذا الشخص لا يعتبر انحطاطا بالنسبة لشخص آخر . هل سيعتبر تلامذة هيغل أو هيديغر أنه ثمة انحطاط بعد كانط ؟ خلافا لذلك ، لا ينبغي للمرء أن يكون معجبا بديكارت ، هيوم أو بفولتير بأي حال من الأحوال يمكن اعتبار القرنين 19 و20 قرنين منحطين ؟ فلابد من إيجاد معيار لا يكون مرتبطا بتفاهمات خاصة ، أذواق فكرية مختلفة ومتنوعة .
هذا المعيار يمنحنا إياه التاريخ الفكري . في بداية العصر الذي يمكن نعته بالعصر ما بعد الكلاسيكي ، ثمة أسلوب في التفكير فرض نفسه ـ أسلوب التفكير العلمي . منذ ذلك الحين ، لم تعد الفلسفة في طليعة إنتاج المعارف . شكلت العلوم المختلفة منافسا لها والأسوأ من ذلك ، تعمل على تهميشها كما همشت الفلسفة المعرفة الدينية .
ومع ذلك فإن الفلسفة لن تصبح محتضرة مثل الدين فيما سبق ، لكنها لن تكون في الطليعة على مستوى المعارف . على أنه حتى ولو لم يكن هنا كل شيء ( فلسفة القيم ، الحكمة والأسئلة الوجودية لن تختزل ، عكس ذلك ، إلى أسئلة معرفية ) ، إلا أنه ليس هامشيا .
كانت المعرفة في العصر الكلاسيكي في طريقها إلى التخصص ، إلا أن التخصصات الناشئة ( مختلف العلوم حول الطبيعة والعلوم الإنسانية المستقبلية ) لم تكن مستقلة عن الحقل الفلسفي ـ في أوروبا ، فقد استقرت في بيئة ال" فلسفة الطبيعية " أو ال" فلسفة الاجتماعية " وقد مورست في المقام الأول من قبل فلاسفة . ويعتبر عصر ما بعد الكلاسيكي عصر تمكين ـ إن لم يكن تمكينا كليا ، فهو على الأقل تمكين معزز ـ المعارف المتخصصة . لذلك ، ففي اليونان الهلنستية ، ارتقت الإسكندرية إلى عاصمة علمية ، بينما بقيت أثينا قلب الفكر الفلسفي . وسوف يعرف العالم العربي الإسلامي ازدهار علوم مختلفة خلال القرن العاشر الميلادي . وفي روسيا أو اليابان المعاصر ، فقد غيرت المعارف العلمية الحياة الفكرية للقرن التاسع عشر ، كما حدث ذلك ، بالتوازي ، في الغرب . في كل مكان حيث تظهر العلوم ، تردد الفلسفة صدى الحدث بإعادة تشكله وتغييره .
تصاعد الطموحات الدينية
إن إنشاء المعارف المتخصصة المتميزة لا يخلو من التأثير على طريقة التفلسف . يسعى الفلاسفة ما بعد الكلاسيكيون تارة إلى محاكاة الصرامة العلمية ببناء أنساق تشبه قلاعا فكرية فيما يتصل بحرب مع العلوم ؛ وتارة أخرى يقتربون من المجال الأدبي والثيمات الوجودية لتجنب المواجهة . وفي حالة معينة ، يمكن الاستفادة من مبادئ أساسية عصية على التوظيفات التجريبية ، وفي الحالة الأخرى يتم التأكيد على قيم ليس لدى العلم ما يقوله عنها . وفي كل الحالات ، فإن الفلسفة تتحول .
ويبدو أن التوجه الأشد قوة ، على المدى البعيد ، هو العودة القوية للثيمات الدينية . وفي واقع الحال ، فمن أجل الاحتفاظ بمشروعية فكرية كاملة ، فإن الإغراء يكون كبيرا باستحضار كيانات غير مادية (لا يمكن للعلوم بلوغها ) مثل الروح ،الوعي النقي ، الحرية أو الله . أو : البراهمان ، الطاو ، الكوسموس ، العقل ، العدم ، الوجود ، النور ( داخلي أو متعال ) ، إلخ .
وبطبيعة الحال ، فإن السيناريو ليس هو نفس السيناريو تبعا للحضارات المدروسة . إلا أن تاريخ الفلسفة المقارنة يكشف عن اعوجاجات مماثلة . تعتبر العودة إلى التدين واضحة تمام الوضوح في الفلسفة اليونانية والرومانية المتأخرة ، حيث التأثيرات الباطنية والفلكية الشرقية تتمظهر دائما بشكل كبير . سوف ينتهي الأمر بصوفية أفلوطين ( تلميذ أفلاطون ) بتوحيد الفكر الوثني برمته ، قبل أن تنتصر المسيحية على الحياة الفكرية في آخر المطاف .
كانت الجاذبية إلى الفكر الصوفي ، في الإسلام ، أشد إلحاحا ، في الوقت الذي كان فيه الفلاسفة العقلانيون والعلماء ( فلاسفة أطباء ، فلاسفة منجمون ، فلاسفة علماء رياضيات على الخصوص ) نادرين . وانتهى الأمر بالتدين إلى الهيمنة على العالم الفكري ، من الأندلس إلى فارس . ذات الاستعداد يوجد في الهند في أواخر الألفية الأولى قبل الميلاد ، عنما تم تهميش التيارات الهرطوقية وتعمق المجادلين في التدين الهندوسي المجتاح . إن الصين ، اليابان ، روسيا والغرب المعاصر ( وكذلك الثقافات الأخرى المنتجة للفلسفة في الوقت الراهن ) لم تكتمل دورتها ، فهي ليست معنية إلا بصفة جزئية من قبل تلك الظواهر .
موت الفلسفة واكتمال الدورة
أصبحت الفلسفة محط تنافس من قبل العلوم من جهة ، ومثقلة بالتطلعات الدينية من جهة أخرى ، تستجيب الفلسفة للانتظارات بشكل متقهقر . فعندما تكون العلوم ذاتها ليست في مستوى تأمين توازن ما ( لأن نشاطها ينتهي به الأمر إلى النضوب ) ، تميل الحياة الفكرية برمتها إلى الجانب الديني . لا تستمر الفلسفة إلا مثل تكملة لروح الفكر الديني . الدورة تكتمل .
وهو ما حصل في العالم الهلنستي في بداية القرن السابع الميلادي ، في العالم الروماني في نفس الفترة ( لكن بشكل كبير في الغرب ) ، في الهند حوالي العلم صفر ، في الصين منذ الفترة المضطربة للممالك الست عشرة للشمال وأسرة الين ، في الجنوب ( حوالي 400 ميلادية ) ، ثم نحو نهاية الأسرة يوان المغولية ( في 1378 ) و ، أخيرا ، ما حدث في الإسلام عند نهاية الصفويين ، حوالي 1700 .
تعتبر نهاية دورة ما هي على الدوام بداية لدورة أخرى . تتمتع الفلسفة في الوقت الراهن ، بحيوية لافتة للنظر في العالم برمته . ولما كانت العلوم المختلفة تتمتع باستقلال تام ، فإنه يمكننا القول أنه ، من أقصى الغرب إلى أقصى الشرق ، فإننا نوجد في مرحلة ما بعد كلاسيكية . ومع ذلك ، فإن موت الفلسفة لن يكون غدا . ربما لن يحصل أبدا . فما كانته القاعدة ربما لن تكونه بعد . إن الدورية بنفسها يمكن أن تتعطل بواسطة ظاهرة العولمة . وبالفعل ، فإن الدورات بإمكانها على الدوام أن تستند على حضارات استثنائية . فإذا ما توحدت البشرية ، فإن القواعد تتغير . على أنه من المحتمل جدا تعقب عولمة مضادة للعولمة ، بحيث إن كل ثقافة تدخل إلى تخومها ، فإنها تعثرأيضا على ميولها العلمانية .
يبدو أن رقعة لعب الفكر الفلسفي تتقلص تدريجيا . فليس " الطبيعة " هي التي تشكل موضوع تحر من جميع الجوانب من قبل العلوم ، بل أيضا الواقع البشري . ومن هنا جاءت حالة الأزمة وعدم اليقين : ما الذي يتبقى للفلسفة في ملكيتها الحصرية ؟ القيم ، الحكمة ، الوجود ، الحرية ، السعادة ، الجمال تقدم مرشحين جيدين وتضمن للفلسفة مشروعية مستدامة .
ــ
مصدر النص : مجلةالعلوم الإنسانية الفرنسية Sciences Humaines في عدد ممتاز تحت رقم 29 يناير ـ فبراير 2024 .



#الحسن_علاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
- فرويد والدين
- أمثلة عن الأجساد :أمكنة النوم في رواية الأستريا
- على ساحات المعركة
- الشر الكوني
- العقدة الأخوية العتيقة
- حوار مع جان بول سارتر حياة من أجل الفلسفة
- أفلوطين : نوم النفس واستيقاظها من تلقاء ذاتها
- يمتدح نيتشه ديونيزوس ، إله المعاناة واللذة
- الوباء في الأدب ، من خلال 6 روايات عظيمة
- نحن كلنا إلى حد ما ، جزء من شخصيات ألبير كامو
- وار معجورج أرثور غولدشميث .. قلق الصفحة الممتلئة
- الجسد ، طريق موصل إلى الآخر
- المغارة
- العود الأبدي ، تكوين وتأويل
- الأريكة والريشة ، سيوف غير مؤذية
- مستكشف الأضواء الخافتة
- العود الأبدي ديانة مشركة وميتافيزيقا مادية ؟بعض التساؤلات حو ...
- للخطإ أسبابه
- حوار مع مارسيل غوشيه


المزيد.....




- السعودية.. الداخلية تعلن القبض على 4 مواطنين و3 من إثيوبيا و ...
- سوريا وسقوط الدومينو.. نحو إسرائيل الكبرى؟
- بعد وساطة تركية مع مصر.. عبد العاطي يعتزم زيارة دمشق ولقاء ا ...
- فيتسو: وقف الغاز الروسي عن أوروبا سيكلفها 120 مليار يورو
- القوات الروسية تتقدم غرب دونيتسك
- الحكومة الأذرية تقول إن -تدخلاً خارجياً- وراء تحطم طائرتها، ...
- محافظ دمشق: هناك أناس يريدون التعايش والسلام ومشكلتنا ليست م ...
- هآرتس: حماس تستعيد قوتها بسرعة وعمليات الجيش الإسرائيلي في غ ...
- الآلاف في بودابست يحصلون على وجبات العيد من محبي هاري كريشنا ...
- فيفا: منتخب مصر بقيادة -العميد- على أعتاب إنجاز تاريخي


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - الحسن علاج - هل يخضع تاريخ الفلسفة إلى دورات ؟