أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - في نصّها (منافي الرماد) عطاياالله ترسم جدارية للبوح














المزيد.....

في نصّها (منافي الرماد) عطاياالله ترسم جدارية للبوح


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 8038 - 2024 / 7 / 14 - 16:18
المحور: الادب والفن
    


(1)
المتاهة ديدن الحياة، والنفوس المتفائلة لم تدرك فلسفة هذه الحياة، بالقدر الذي سكبته يدّ الطبيعة، وهي ترسم لنا صورة قاتمة لحياة لا ندرك كنهها، ولا نعي بُعدها الزمني، وحتى الميتافيزيقي. لهذا عشنا الوهم بكلَّ تجلياته، والواقع المرّ بكلَّ لمساته، ونحن نسير في طرق غير معبّدة، تسودها الضبابية والخطى المتعثرة، التي يسيّرها العبث الكامن في النفوس البشرية، حيث لم نستطع أن نسبر غور الحياة، ولم نصل إلى خيوط يمكن من خلالها أن نحل هذا اللغز.
(2)
في نصها (منافي الرماد) الشاعرة عطاياالله كأنها تُريد أنتاج هذه الفلسفة، برؤية أخرى مطابقة لما طرحه الكثير، قديما وحديثا، وما زال الطرح قائمًا، وكلٌ له رؤياه في هذا المعترك، طالما ثمّة أفق شاسع في عرض المسألة، وهناك من يستهويه هذا الموضوع، الحافل بالاحتدام الفكري والذهني معًا. الشاعرة رسمت هذه الأبعاد بطابع وجودي، يختزل المسافات الطويلة، من صبر وتفاني، وتأنّي صارخ، كنوع من الاحتجاج، المرهون بقياس الحجج.
النص يعتبر تجليّ من تجليات اعتراف ضمني، شخصاني يبدد ضبابية بوح ترغب الشاعرة بالإفصاح عنه، باعتباره نسق حاله حال الأنساق الأخرى (فنية، أدبية، فكرية) فهو قطعة أدبية تريد أن تأخذ مجالها في صراعات تعتمد الواقع كأطروحة، هذه الاطروحة تتضمن شغف ابداعي يُعتمد الكشف كعنوان له، كقول الشاعرة:
" مابين أصابع مرتجفة تعاني الأرق// ودوائر وهمية// تدور متسكعة//"
(3)
يدور النص، بصورة عامة، حول أرادة مستجدة، طرحت الشاعرة سجالاتها وفق منطق تصوري يعتمد اجابات مؤجلة، لأسئلة تعجُّ بعنواناتها العريضة الطويلة؛ وتبحث عن شغف، داخل النص ذاته، مبررة في الوقت نفسه، حالة الدهشة التي اعتمدتها الشاعرة، كرمز يرمز للمبررات في الطرح، كون النص يعتمد جانب الحياد، وهو يصيغ الأسئلة ثم يطرحها، بقوة كامنة بحيث يستجيب لدواعي الطرح؛ كقولها في هذا النص: " هدوء يخيم// سوى هسيس نبض لاهث// خلف غايات عقيمة//.
لأنّ مفهوم الغايات العقيمة يعطي الف مبرر لمفهوم فضفاض، هو في ذاته رمز لا تريد الشاعر طرحه بالمباشرة، لأنّه بهذه الحالة (حالة المباشرة) سيخل بقاعدة عامة من قواعد الرمز الفني، وبالتالي سيصبح النص مجرّد، كلام لا يحق أن نقول عليه شعرًا؛ بمعنى أنَّ الرمزية تُمثّل العمود الفقري لقصيدة النثر. يقول الشاعر بوالو، في كتانه "فن الشعر" :عند النبلاء، وعند الأمراء، أكثر القصائد تافهة، تجد أحرَّ المؤيدين؛ وحتى أختتم كلامي بقول مأثور: يجد التافه دائمًا تافهًا من هو أتفه منه ليمجده" (المصدر: ص 26، منشورات المركز القومي، لسنة 2009، بترجمة وتقديم رجاء ياقوت)
كون التافه هو إنسان أجوف، ليس له قيمة معرفية، ولا أخلاقية في مجتمعات تسودها المُثل؛ وحالة الربط ما بين نص الشاعرة، وحالة ما يطرحه الشاعر "بوالو" هي ليس احتدام بقدر ما هو ربط يفضح القبيح ويرمز له بـ "التافه" لينقده؛ وبين الجمال وتجلياته، ويرمز لتمجيده، ويوصل بالنتائج التي تعطي لكلّ شيء قيمته الحقيقية، سواه أكانت سالبة أم موجبة.
(4)
ولو أردنا أن نعود القهقرى، أي نعود لعنوان النص، فـ "منافي الرماد" عنوان جاء موافقا للطرح، من مسألتين هامتين في هذا الاطار: الأولى- العنوان هنا، هو العامل الأساسي في قضية الطرح داخل النص، بحيث أرادت الشاعرة أن تطرح الفكرة ونقيضها، وتترك الجزء الكبير من الجواب للمتلقي، لكي يشاركها في أعمق الجزئيات. والمسألة الثانية، طرح حالة هي جزء هام ضمن بوح مكبوت، يعج ببأس إنساني، تطرحه الشاعرة كإدانة للحياة، هذه الحياة التي بُنيت على التناقضات المفضوحة. وقد وفُقت الشاعرة في طرحها هذا الطرح الذي أفا بالغرض .
(5)
النص:
منافي الرماد
عطاياالله
=====
خيط دخان خفيف
يلتف بتعرجات خفية
ينسل بهدوء
ما بين أصابع مرتجفة تعاني الأرق
ودوائر وهمية
تدور متسكعة
في زوايا غرفة السهاد
وفي مآقٍ باردة
تتصنع الابتسامة في وجوه الآخرين
هدوء يخيم
سوى هسيس نبض لاهث
خلف غايات عقيمة
معاصٍ ارتكبتها نفوس دنيئة
توارت وراء ستار الريح
لم يعد للفجر
غير خيوط بيض
كشيب يلامس شعر ثلاثيني
هنا غفا الإحساس
تاركاً منافي الرماد.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لها فحسب
- المتعة أو الزواج المنقطع
- اللاهوتيون وعلي والوردي
- العمامة والغناء
- نتانة التاريخ وصناعة الأقزام
- (قصائد عارية) وموقف الجواهري
- الأسباب النفسية والروحية لصناعة المبدع نص (نبوءة الجداول)– أ ...
- قصة (الحمار) فضح لحقيقة الإنسان الفاشل
- مكسيم جوركي والأسئلة الكبرى الوجودية
- عمامة الجواهري وشيوعية السياب
- فيصل الياسري شبع من: المال والجاه والنساء
- صدمة التهكم في نص (مذكرات على أوراق محترقة) للشاعر مازن جميل ...
- علي داخل.. والأداء المميّز
- التساؤلات المحضة عند الشاعر عادل قاسم
- التموسق في نصوص (عمى مؤقت) للشاعرة فلونا عبد الوهاب
- ممانعة التفاصيل في نص (ولن أخبرني) للشاعر صادق باقر
- مديات البوح في (أضرحة الورد)
- إرهاصات البوح عند علي حسن الفواز
- منطق العاطفة والخيال الخصب لدى الشاعرة وجدان وحيد شلال
- جنان السعدي حين يصوغ المعاني السامية


المزيد.....




- واخيرا.. موعد إعلان مسلسل قيامة عثمان الحلقة 165 الموسم السا ...
- الحلقة الاولى مترجمة : متي يعرض مسلسل عثمان الجزء السادس الح ...
- مهرجان أفينيون المسرحي: اللغة العربية ضيفة الشرف في نسخة الع ...
- أصيلة تناقش دور الخبرة في التمييز بين الأصلي والمزيف في سوق ...
- محاولة اغتيال ترامب، مسرحية ام واقع؟ مواقع التواصل تحكم..
- الجليلة وأنّتها الشعرية!
- نزل اغنية البندورة الحمرا.. تردد قناة طيور الجنه الجديد 2024 ...
- الشاب المصفوع من -محمد رمضان- يعلق على اعتذار الفنان له (فيد ...
- رأي.. سامية عايش تكتب لـCNN: فيلم -نورة- مقاربة بين البداوة ...
- ماذا نريد.. الحضارة أم منتجاتها؟


المزيد.....

- الرفيق أبو خمرة والشيخ ابو نهدة / محمد الهلالي
- أسواق الحقيقة / محمد الهلالي
- نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح ... / روباش عليمة
- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - في نصّها (منافي الرماد) عطاياالله ترسم جدارية للبوح