عنصرية معادية للعلم في اعتداءات إسرائيلية على الآثار الفلسطينية

نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)

الحوار المتمدن-العدد: 8036 - 2024 / 7 / 12 - 21:34
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

نهاد أبو غوش
ينشغل مجتمع الآركيولوجيين الإسرائيلي بمشروع القرار الذي قدمه عضو الكنيست من الليكود ودعمته الحكومة، والقاضي ببسط سلطة دائرة الآثار الإسرائيلية على الآثار في الضفة الغربية، ويحذر آثاريون لهم مكانتهم العلمية والبحثية من أن قرار متهورا كهذا سوف يلحق اذى بالغا بصورة إسرائيل ومكانتها في مجتمع الاركيولوجيين الدولي والهيئات العلمية والأكاديمية ذات الصلة.
هذا الاقتراح لم يولد من العدم، بل ولّدته موجة فاشية وعنصرية آخذة في الاتساع تريد سرقة كل ما هو فلسطيني بدءا من الأرض ومرورا بالآثار والتاريخن ووصولا إلى الرموز الثقافية والتراثية من زي الشعبي الفلسطيني إلى الأكلات الشعبية الفلسطينية المرتبطة بمحيطها العربي مثل الحمص والفلافل والكنافة، وفي التطبيق العملي السياسي والاستيطاني تسعى القوى الفاشية واليمينية إلى السيطرة على كل ما يرمز لحياة الفلسطينيين ويربطهم بالأرض مثل الثروات الطبيعية كالغابات والأحراش وعيون الماء والينابيع والآثار التي يشهد بعضها على أقدم آثار الجنس البشري وحضارات يعود تاريخها إلى أكثر من خمسة آلاف عام، أي قبل التاريخ المفترض لنشأة اليهودية بما بين ألفين إلى ثلاثة آلاف عام كالحضارة اليبوسية في القدس، والحضارة النطوفية التي ما زالت آثارها حاضرة إلى الآن في المناطق الجبلية غرب القدس ورام الله، بل إن آثار مدينة أريحا الفلسطينية تعود إلى ما قبل نحو عشرة آلاف عام، اي بداية الاستقرار الزراعي للجنس البشري. ويخشى مجتمع الآثاريين الفلسطينيين والعالميينن وحتى بعض الإسرائيليين من أن التطرف الفاشي الإسرائيلي سيعمد إلى تدمير وتخريب كل الآثار غير اليهودية كما جرى مع القصور الأموية في محيط المسجد الأقصىن وكما جرى مع آثار مدينة سيسطيا القديمة قرب نابلس وكذلك مع آثار قيسارية وعسقلان. وفي الأسابيع الأخيرة فقط تجري اعتداءات مستمرة من قبل المستوطنين الذين أقاموا بؤرة استيطانية عشوائية بوضع اليد قرب قرية بتير الفلسطينية غرب بيت لحم، التي اعتمدتها منظمة اليونسكو موقعا لتراث الإنساني العالمي، بسبب إبداع الفلاح الفلسطيني القديم في ابتكار أساليب الري والطرق الإبداعية لنقل المياه وتوزيعها من ينابيع المنطقة إلى المصاطب الزراعية التي أقامها الفلاحون على سفوح التلال القريبة.
يقول الصحفي نير حسون الذي غطى القضية في هآرتس، علم الآثار استخدم حتى قبل قيام الدولة، لتعزيز الروح الصهيونية وإثبات ملكية اليهود للبلاد، أما الآن فيستخدمه المستوطنون لوضع يدهم على مناطق واسعة في الضفة وتجنيد الموارد والسياح، بحيث تصبح الآثار الإسرائيلية أداة للحفر والتأسيس لنظام الأبارتهايد. ويؤكد حسون أن مشروع القرار الجديد ليس مجرد اقتراح شعبوي جديد من ضمن عشرات المشاريع التي تطرحها قوى الائتلاف، بل إن معنى هذا المشروع هو ضم الضفة قانونيا وفعليا، مع أن الموقف الرسمي ما زال يعتبر أن الضفة ليست جزءا من إسرائيل، بل منطقة تحت السيادة العسكرية الإسرائيلية، وأن مستقبلها يتقرر بالمفاوضات. وهكذا فإن القانون في حال تمريره سيعني فرض القانون الإسرائيلي على الضفة، ما سيقود إلى فرض سيطرة شاملة على حياة الفلسطينيين ولا سيما مع انتشار الآثار في كل أرجاء الضفة، في حين أن جمعيات المستوطنين المعنية بالآثار لا يعنيها سوى الآثار اليهودية .
مدير عام سلطة الآثار، ايلي اسكوزيدو، يعارض مشروع القانون مع أنه من حزب الليكود، ويقول أن لا أحد تشاور معهم، ولا مع الأكاديمية الوطنية للعلوم، لدى اقتراح مشروع القانون الجديد. أما علماء الآثار الإسرائيليون فقد اصابهم مشروع القانون بالذعر، حيث كتب غاي شتيفل رئيس مجلس الآثار رسالة لوزير التراث عميخاي الياهو رسالة قال فيها أن مشروع القانون ستكون له أضرار دولية لا يمكن تقديرها، وستقطع غصن وساق علم الآثار في أرض إسرائيل، وأوضح شتيفل أن القانون سيؤدي إلى الحرمان من منظمات أبحاث وصناديق أوروبية، وعزل إسرائيل عن منظمات مهنية ومجلات علمية، وبدلا من التفاخر بأننا نحافظ على التراث والتاريخ الإنساني، فإن مشروع القانون يساهم في تقويض أسس التاريخ والآثار.

#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)       Nihad_Abughosh#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات