|
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 9
أمين بن سعيد
الحوار المتمدن-العدد: 8036 - 2024 / 7 / 12 - 02:02
المحور:
كتابات ساخرة
2021، كارين، بكامل صحتها، قوتها وطموحها، امرأة أعمال ناجحة، تسافر جوا كثيرا بسبب أعمالها... وباء عالمي رهيب لم تشهد الأرض مثله، يهدد بفناء البشرية، الحل الوحيد المجمع عليه والذي أثبت العلم نجاعته: التلقيح. وللأسف! في كل المجتمعات، يوجد المستهترون والجهال ومروجو نظريات المؤامرة... لا مسؤولون، وبسبب عظم ضررهم، يمكن وصفهم بالمجرمين والقتلة... بسبب هؤلاء، تضعضعت ثقة الكثيرين في العلم والعلماء، وفي الطب الحديث الذي صار عند من يصدقهم مجرد تجارة لا نبل فيه، وجعل من الطبيب مجرد كاتب للأدوية، يبيعها بائع يدعى صيدليا. بسبب هؤلاء الأوغاد، تعكرت علاقة كارين بابنتها المدمنة على متابعة ما يقولون على النات. كانت مع منعهم من الظهور على الإعلام، بل مع سجنهم وإسكاتهم، لحماية المجتمعات البشرية المهددة بخطر عظيم، منهم... كارين كانت دائمة النصح لابنتها ألا تسمع لهم، لكنها لم تفلح، واكتشفت خطرهم عندما دمرت أكاذيبهم علاقتها بابنتها، بعد أن حقنت، وكانت مع فرض الحقن، وترى ذلك كفرض الدواء على طفل صغير... الأغبياء والجهال لا يجب السماح لهم بتدمير صحة الآخرين، ويجب حقنهم بالقوة، لكيلا يتسببوا في هلاك غيرهم... أعجب كلام سمعته كارين، أن ابنتها تغادر المنزل لأنها لا تستطيع الحياة مع فاشية جاهلة تصدق ما يقال في الإعلام الرسمي، وأنها تخشى أن تعديها بالسموم التي تجري في دمائها... حاولت كارين لكنها لم تنجح وغادرت ابنتها دون رجعة. قرابة السنتين دون ابنتها... كارين ستغادر قريبا، ولا تستطيع فعل ذلك دون رؤية ابنتها، فاتصلت بها... رسالة تطلب فيها رؤيتها لأنها مريضة ولم يبق عندها وقت كثير... حنت البنت لأمها ورافقتها ما تبقى لها من وقت، غفرت لها جهلها الذي كان سبب رحيلها، لم تهتم كثيرا لإرثها الذي مررته لها أمها وإن كان الشيء الكثير، لأن البنت لم تكن تعطي للمادة قيمة. لكنها اهتمت لإرث من نوع آخر شغل تفكيرها منذ أن سمعت به آخر أيام أمها، حتى صار هوسا تحول إلى الهدف الأول من وجودها خصوصا أنه سهل الوصول إليه... كارين التي أفهمت ابنتها أنها أنجبتها بعد تلقيح صناعي من بنك، نفت القصة وقالت الحقيقة... البنت نتيجة علاقة حب رائعة مع رجل يعيش في بلد قريب، ويمكن الوصول إليه بكل سهولة. سألت البنت هل الأب يعلم فأعلمتها أن لا، وكان ذلك إلقاء لكل المسؤولية على عاتقها، وتبرئة كلية لساحة الأب... لا عذر للبنت حتى لو لم تكن ترغب في معرفته، ومن حقه أن يعلم بوجودها حتى وإن رفضها... بعد اتمام مراسم الدفن والعزاء، بحثت البنت عن رقم الهيكل الذي ينتمي إليه الأب، أجابتها سكرتيرة، قالت إنها تفكر في إمضاء عطلتها الصيفية في البلد، وتريد أن تعرف عنوان فلان، فطلبت منها السكرتيرة أن تنتظر لحظات، وبعد لحظات أعطتها العنوان وأرقام الاتصال... اتصلت مباشرة فأجابتها سكرتيرة أخرى، فطلبت أن تحول اتصالها، فأجابتها أنه الآن لا يستطيع ويلزمه قرابة الساعة ليفرغ، فتركت لها رقم اتصال وطلبت منها اعلامه أن يتصل بها مباشرة بعد أن يفرغ لمسألة شخصية طارئة... بعد ساعة تم الاتصال، وكانت لايتيسيا.
تبا للباب الخلفي! نعم، تبا له! وعليه اللعنة! ولو كان بيدي وقتها، كنت نسفته بقنبلة نووية! نسيت أنه بعيد جدا عن المدخل الرئيسي للكلية! المسافة كانت قرابة الخمسمائة متر! جريت بأقصى سرعة أتبع السور الخارجي للكلية، ولو استطعت لطرت إلى إيمان... لكني بشر والبشر لا يطيرون... للأسف! لم يكن في عقلي شيء غير أن أراها وأن آخذها في حضني، ولتنته حياتي بعد تلك اللحظة، بل ولتكف الأرض عن دورانها! ولتذهب إلى الجحيم كل تلك الأعين المتطفلة التي حرمتني منها قبل قليل... واصلت جريي لكن ما إن رأيتها من بعيد حتى توقفت... حضن آخر سبق حضني وأخذ إيمان... لكني لم أغضب، ولم أغر، بل فرحت، ومشيت ببطء، وبين عيني والعينين اللتين كانتا تحضنان إيمان شيء من حبل نوراني يجذبني إليهما ليغيب وجودي برمته جسدا وعقلا فيهما... عندما وصلت، وقفت، لم تحرك رأسها من على كتف إيمان مذ رأتني، عيناها كانتا تدمعان وتنظران لي... تمنيت لو حضنتهما معا، لكنها طلبت مني آخر مرة منذ أكثر من أربعة أشهر ألا أكلمها مجددا، وكنت عند وعدي، نطقا، لكن عيني قالتا كل شيء وكذلك فعلت عيناها... لكن قبل ذلك... عند إيمان خاصيتين جعلتاها معروفة من الجميع تقريبا، الأولى أنها ابنة العميد، والثانية شعرها الأصفر ولم تكن الشعور الصفراء كثيرة... الذي حدث منها ورآه كل من كانوا في الأرجاء لحظتها لم يكن بالأمر الهين، فبرغم شهرة الكلية وطلبتها، يبقى المكان أقرب منه للمحافظة منه للانفتاح، وثقافة القبل والأحضان تبقى غريبة وشاذة عن المعتاد... أسرعت إيمان في سيرها وهي تنظر أمامها، تنشد الباب الرئيسي لتهرب من كل تلك الأعين... وما إن تجاوزت الباب حتى توقفت... - ملاك! - جئت أبحث عنك... - ... - أفتقد صديقتي... - ... - كان قرارا خاطئا... - ... - لا أستطيع المواصلة هكذا، ولا أقبل غيابك... - ... - لا تظني أني لم أكن أشعر بشيء عندما كنت أراك ولا أكلمك، كان مجرد قناع... - ... - تألمت كثيرا، وبكيت الليالي العديدة... تمنيت لو كنت معي مثلما كنا دائما... - ... - لا أريد أن نواصل هكذا... أنت هامة جدا في حياتي، ومكانك لن أستطيع تحمل بقائه شاغرا... أريد أن نعود مثلما كنا وأحسن... اشتقت إليك كثيرا... - ... - أنت لا تنظرين لي... ولا تجيبينني... هل تأخرت؟ - ... - انظري لي... - ... - فهمت... تأخرت كثيرا... نعم أربعة أشهر كثير... عندك كل الحق... وأستحق كل شيء... استدارت ملاك وغلبتها عبرتها، وقفت لحظة ثم مشت وهي تظن أنها خسرت صديقتها إلى الأبد... لكن... جرت إيمان وراءها، واحتضنتها من خلفها... ووضعت خدها على كتفها... - لا تديري لي ظهرك أبدا أيتها الحمقاء! - ... - عديني ألا تتركيني أبدا مهما حصل؟ - نعم أعدك! - مهما حصل؟ - نعم، مهما حصل! - حصل الكثير، وسيحصل أكثر... لكن نستطيع تجاوز كل شيء معا... - نعم سنفعل... - حصل شيء... منذ قليل... في الداخل... - ... - كنت جننت لو لم أفعله... - ما الذي حصل؟ - دخلت أبحث عن أحب بشرين إلى قلبي في كل دنياي... كنت أشعر بالاختناق ولم أعد أتحمل تواصل حرماني منهما... - ... - وجدت الأول فارتميت في حضنه ولم أهتم لأحد، ثم وجدني الثاني... - ... - لم يتغير شيء طيلة أربعة أشهر، بل زدت غرقا... حاولت لكني لم أستطع... لا أستطيع مواصلة الابتعاد عنه، ولن أتحمل أن تتركيني مرة أخرى... - لن أتركك... لن نفترق مرة أخرى... لكن... - لكن؟ - لم آت للبحث عنك فقط... - أعلم ذلك... ثم استدارت ملاك واحتضنت إيمان ووضعت ذقنها على كتفها... - كل ما قلته ينطبق علي... لكن ما بيننا أقوى من كل شيء... - ... - لسنا أختين، لكنه كصلة رحم، وصلة الرحم أقوى من الحبيب والزوج... الحبيب يمكن أن نجد غيره لكن الأخ والأخت لا... - ... - لسنا مجرد صديقتين حميمتين نعرف بعضنا من سنين، لو كنا كذلك لتبعت كل منا قلبها ولهجرت الأخرى، لكننا لم نفعل... - نعم... - ولن نفعل؟ - نعم... - أراه قادما نحونا... - أعرف، كنا معا... ثم... خرج من الباب الخلفي ليلتحق بي... - يؤلمني سماع ذلك... - ويؤلمني أنه الآن سعيد برؤيتك... - سأتركك معه إذن... سأغادر... - لا... أنا سأغادر... لحظة وصولي، التفتت إيمان لي، ابتسمت وغادرت... ثم وقفت ملاك لحظة في مكانها، ابتسمت وغادرت... كل غادرت في اتجاه، وبقيت واقفا وحدي.
#أمين_بن_سعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 8
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 7
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 6
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 5
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 4
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 3
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 2
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 1
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...6: الله وأمين وأمينة
-
!Enough is enough ألمانيا مستعمرة إسرائيلة!
-
القضية الفلسطينية: الموقف بإيجاز
-
تحولت إلى امرأة مثلية يهودية بقضيب
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...5: كنزة (البقية)
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...5: كنزة
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...4: سارة
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...3
-
اِضحك مع منظمة الجحيم العالمية (WHO): المسرحية الجديدة A(H5N
...
-
الإحتقار: أمثلة من الدين والكوفيد
-
إدعاء الـ -حقيقة-
-
عالم من الأكاذيب
المزيد.....
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|