أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - الخطاب حول الجسد من أفلاطون إلى القديس أوغسطين: استمرارية أم قطيعة (الجزء الثامن)














المزيد.....


الخطاب حول الجسد من أفلاطون إلى القديس أوغسطين: استمرارية أم قطيعة (الجزء الثامن)


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 8036 - 2024 / 7 / 12 - 00:47
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


- الكذب لتجنب الإهانة الجسدية النجسة (immunditia corporalis)
اعتقد المانويون، ومن بعدهم البريسيليون، أنه من المشروع الكذب لتجنب تدنيس الجسد. وهكذا، يمكن للمرأة التي يلاحقها فاجر أن تكذب عليه تفاديا للأذى الجسدي. يرى أوغسطين من جاتبه أنه لا يجوز الكذب لحماية جسدنا من فعل غير طاهر، لأن أي فعل يتم ارتكابه على جسدنا دون موافقتنا لا يمكن أن ينجسنا.
فضلا عن ذلك، بما أن طهارة الروح أفضل بكثير من طهارة الجسد، فيجب علينا تجنب جعل الروح نجسة بالكذب للحفاظ على طهارة الجسد. وبالمثل، فإن الكذب لتجنب الأذى الجسدي الأكبر هو أمر غير شرعي هو الٱخر. يهاجم أوغسطين حجة المانويين والبريسليانيين، الذين يرون أنه كان من الممكن أن ينجو الشهداء من الموت بالكذب على جلاديهم، وبهذه الطريقة، يتجنبون أن يكونوا شركاء في موتهم.
أوغسطين، الذي يشبه منطقه إلى حد كبير منطق الرواقيين الذين اعتقدوا أن الإنسان الحكيم الذي لا يوافق على الكذب لا يكذب، يدين هذا الاستخدام للكذب. إن الشهداء بموافقتهم على الموت بدلاً من الحنث باليمين، لم يوافقوا بالضرورة على جريمة جلاديهم، ولهذا السبب، لا يتحملون مسؤوليتهم.
في الحقيقة، بين الفعلين المذمومين، من الأفضل تجنب الشر الذي يمكن للمرء أن يرتكبه شخصيا دون أن يشعر بالمسؤولية أو التواطؤ في الشر الذي يرتكبه الآخر: “لا أستطيع إلا أن أتجنب الفعل الذي في وسعي؛ لكن الفعل المتوقف على الآخر، إذا لم أتمكن من إيقافه بنصيحتي، يجب ألا أمنعه بجريمتي".
- خاتمة
قام القدماء بالتمييز بين الكذب الذي يقصد به الضرر والكذب المفيد. وكان فلاسفة الأكاديمية وفلاسة الرواق والمؤلفون اللاتينيون يعتبرون أن الكذب حلال إذا لم يكن مصحوبا بسوء قصد ويمكن أن يكون فيه خدمة للآخرين. وفي هذا تبعهم بعض آباء الكنيسة السابقين كلهمىعلى القديس أوغسطين. ومن ناحية أخرى، فإن موقف الأخير من الكذب لا لبس فيه: فهو يرفض كل أشكال الكذب، سواء في الأمور الدينية، أو كان ذلك من باب الخبث أو الخدمة أو اللهو أو التسلية. إذا كان هذا التعنت يناسب المثقف واللاهوتي الذي كانه، فمن الصعب التوقيف بينه ودور الراعي الذي يجب أن يأخذ بعين الاعتبار وهن وعيوب المؤمنين لكي يقودهم إلى الله. كان من الممكن أن تكون هذه المعركة من أجل خلاص الأرواح قد دفع أوغسطين إلى اتخاذ موقف أقل صرامة تجاه الكذب، خاصة أنه مكتوب أن الإنسان من قلبه كاذب (Ps. 115, 11). ومع ذلك، فإن هذه الإدانة التي لا لبس فيها للأكاذيب يبررها أوغسطين. إذا أعلن الكتاب أن كل إنسان كاذب، فهذا لكي يتمكن من الخروج من ذاته واللجوء إلى الله الذي هو مبدأ كل حق. هذا ما دفع أوغسطين إلى التأكيد على أن الإنسان الصالح لا يكذب، ( Numquam mentiuntur boni )، متخذا بذلك وجهة النظر المعاكسة لكل أسلافه من الوثنيين والمسيحيين على حدٍ سواء.
إن إدراك أوغسطين للكذب يرتكز أيضا على ثقته المطلقة في سلطة الكتب المقدسة التي تعكس القصد الإلهي لإعطاء تعليمات سليمة لخلاص البشر من خلال ما تحتويه من وصايا. لكن قبل كل شيء، يدين أوغسطين الأكاذيب لأنها تتعارض مع الحقيقة: “هناك فئات عديدة من الأكاذيب، ولكنها جميعا بدون استثناء يجب أن تثير كراهيتنا. لأن ما من كذب إلا وهو مخالف للحق" . لذلك يجب البحث عن الحقيقة بلا كلل لأنها فوق كل شيء: إنها تسمو على كل الخيرات الجسدية، حتى أثمنها؛ إنها تتفوق على الروح التي تتطلع إلى الأبدية؛ إنها تتفوق على الإنسان نفسه الذي يجب أن يفضلها على شخصه أو على متعته الخاصة بهدف السعادة الأبدية التي لا يمكن أن يحققها له سوى الحقيقة. في عالم يبدو فيه أن الأكاذيب أصبحت هي القاعدة، يمكن لأفكار أسقف هيبو أن تساعد بلا شك في إعادة اكتشاف بعض القيم الأساسية.
المرجع: https://www.cairn.info/revue-dialogues-d-histoire-ancienne-2010-2-page-9.htm



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة في مواجهة خراطيم المياه عوض ا ...
- الخطاب حول الكذب من أفلاطون إلى القديس أوغسطين: استمرارية أم ...
- تقرير جديد يحذر من ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية بحل ...
- السينما المغربية: تطور، تحديات و آفاق
- الخطاب حول الكذب من أفلاطون إلى القديس أوغسطين: استمرارية أم ...
- الخطاب حول الكذب من أفلاطون إلى القديس أوغسطين: استمرارية أم ...
- الخطاب حول الكذب من أفلاطون إلى القديس أوغسطين: استمرارية أن ...
- في حوار مع كلير كرينيون: أي دور للفلسفة في زمن الوباء؟
- الخطاب حول الكذب من أفلاطون إلى القديس أوغسطين: استمرارية أم ...
- المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الانسان يستنكر كافة أش ...
- النقابة الديمقراطية للعدل/فدش تعبر عن خيبة أملها من التفاف ا ...
- اندلاع أعمال عنف مناهضة لسوريا في تركيا ومظاهرات سورية مضادة
- الجامع فين قريتي...
- الخطاب حول الكذب من أفلاطون إلى القديس أوغسطين: استمرارية أم ...
- الطبقة السياسية تدعو إلى تعبئة قوية ضد حزب التجمع الوطني وال ...
- مخطط المغرب الأخضر بين تفاؤل الخطاب الرسمي وتساؤل المندوبية ...
- الانتخابات التشريعية الفرنسية: حزب التجمع الوطني بتقدم إلى ح ...
- الخطاب حول الكذب من أفلاطون إلى القديس أوغسطين: استمرارية أم ...
- نيويورك تايمز تدعو جو بايدن إلى الانسحاب من الانتخابات الرئا ...
- مشاهد من ذاكرة جسد في المنفى


المزيد.....




- بعد تحرره من السجون الإسرائيلية زكريا الزبيدي يوجه رسالة إلى ...
- أحمد الشرع رئيساً انتقاليا لسوريا...ما التغييرات الجذرية الت ...
- المغرب: أمواج عاتية تضرب السواحل الأطلسية وتتسبب في خسائر ما ...
- الشرع يتعهد بتشكيل حكومة انتقالية شاملة تعبر عن تنوع سوريا
- ترامب: الاتصالات مع قادة روسيا والصين تسير بشكل جيد
- رئيس بنما: لن نتفاوض مع واشنطن حول ملكية القناة
- ظاهرة طبيعية مريبة.. نهر يغلي في قلب الأمازون -يسلق ضحاياه أ ...
- لافروف: الغرب لم يحترم أبدا مبدأ المساواة السيادية بين الدول ...
- الشرع للسوريين: نصبت رئيسا بعد مشاورات قانونية مكثفة
- مشاهد لاغتيال نائب قائد هيئة أركان -القسام- مروان عيسى


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - الخطاب حول الجسد من أفلاطون إلى القديس أوغسطين: استمرارية أم قطيعة (الجزء الثامن)