نواف سلمان القنطار
كاتب ومترجم.
(Nawaf Kontar)
الحوار المتمدن-العدد: 8033 - 2024 / 7 / 9 - 02:49
المحور:
الادب والفن
سأرحل معك الآن...
أهمس باستسلام للظل الواقف عند الباب، خذني معك الآن...
إلى حيث لا مكان في الوقت...
ولا وقت في المكان.
دعني أبحث في خزانة الزمان، لعلني أنتشل ذاكرتي من براثن الخريف على غصون الشجر، وأشم رائحة العشب بعد المطر، فقد ملأ الملح قاربي الذي أنهكه السفر...
لا أرض لي سوى برتقالة الحنين.
ولا صوت لي سوى أنين الكمان
خذني معك الآن... فما نفع حياة لا تعترف إلا بوصف النشيج في بحة الناي عند موت البيلسان...
ولدت على رصيف الحياة، أتعثر بأسئلة عبثية المآل، وها أنذا أغادرها بلا أجوبة، بلا يقين، بلا إيمان بإله لم أشاركه خلق الغبطة في الروح من دون أحزان... إله يخاف ألا يبقى منه سوى أسطورة على جدران المعابد، أو صدى تراتيل يطويها النسيان...
هل كانت الحياة مجرد لعبة، أم لعلها رحلة ما كادت تبدأ حتى شارفت على الأفول...
أم معركة غير عادلة ما بين الفصول..
ينتصر فيها الخريف، ورتابة الأشياء
وفقدان الأحبة والأصدقاء ...
فقدان...
فقدان...
فقدان.
سأرحل عن هذا المكان...
دعني أوزع ما تبقي من عمري على الآخرين، أتبرع به ـ مثل الدم ـ للمرضى والمحتاجين، دعني أرمي جثتي في إحدى البراري، فأن تأكلني الوحوش خير من أن ينهشني إنسان.
خذني معك الآن...
انظروا إلى عيني هذا الرجل.
يصرخ طفل في الطريق، تنهره أمه، لكنه يتابع:
إنهما مثل بحيرة زرقاء، هل أستطيع السباحة فيها.
لا يا بني، فالرجل أعمى...
ولكن كيف يسير لوحده. يسأل آخر.
أين ظله.
وما حاجتي للظل طالما
أنا ظلي، أنا ظل ظلي...
ولكن الطريق طويل. والفجر بعيد.
لا تخف يا بني... الفجر أقرب مما تظن...
تعجبني فكرة الرحيل عن جسد ضاقت به أسباب البقاء، نحو جسد آخر يتقمص روحاً لا تمل من الحياة... فألملم شتات حياتي السابقة... أرميها في سلة الذكريات... وأشرع بالرحيل بصمت الحالمين نحو حياة جديدة... نحو زهر البيلسان...
دمشق
يوليو/ تموز 2024
#نواف_سلمان_القنطار (هاشتاغ)
Nawaf_Kontar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟