أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسام الدين فياض - ماهية علم الاجتماع التأويلي














المزيد.....

ماهية علم الاجتماع التأويلي


حسام الدين فياض
أكاديمي وباحث

(Hossam Aldin Fayad)


الحوار المتمدن-العدد: 8031 - 2024 / 7 / 7 - 04:53
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يندرج تحت مفهوم علم الاجتماع التأويلي مجموعة متنوعة من المناهج التي ترى أنه على علم الاجتماع أن يبدأ من العمل الإنساني، وليس من البناءات الاجتماعية، وأن هذه الأعمال يجب أن تدرس من خلال تفسير معناها الموضوعي للفاعل الفردي (سكوت، 2009: 421).
يهتم علم الاجتماع التأويلي بالدرجة الأولى بكيفية قيام الأفراد والجماعات بتأسيس المجتمع وإضفاء معنى عليه ومعايشة الحياة فيه، بدلاً من الاهتمام بكيفية تأثير المجتمع على الأفراد والجماعات (عبد الجواد، 2011: 63). بمعنى آخر تمثل المعاني التي ينتجها الأفراد في تفاعلاتهم جوهر الأطروحة الأساسية لعلم الاجتماع التأويلي فيمكن اعتباره اتجاهاً في تأويل المعنى أساساً (الحوراني، 2008: 25).
يركز هذا التحليل السوسيولوجي (قصير المدى) على الأنساق الاجتماعية باعتبارها نتاجاً إنسانياً يتشكل عملياً بموجب تفاعلات الأفراد مع بعضهم البعض وهذه الفكرة تقف على الجانب الآخر من الوجود الاجتماعي الذي ركز عليه علم الاجتماع البنائي (الحوراني، 2008: 25). وفي هذا الصدد نجد أن علم الاجتماع التأويلي يشتمل على أربع مكونات أساسية، وهي كالآتي: (الحوراني، 2008: 25)
- الأول: التركيز على تفاعلات الوجه لوجه الفاعلين الاجتماعيين والتواصل البين ذاتي أكثر من التركيز على الوحدات الاجتماعية الكبرى المجردة كالطبقات.
- الثاني: التركيز على المعاني أكثر من الوظائف ولذلك يحاول تفسير وتأويل المعاني التي يلصقها الأفراد بأفعالهم.
- الثالث: يركز على الخبرة المعاشة أكثر من المفاهيم المجردة مثل المجتمع والمؤسسات.
- الرابع: السلوك الإنساني ليس حتمياً أو مكتسباً، بل هو عملية اختيارية، ويتحدد السلوك في ضوء المواقف التي تواجه أفراد المجتمع وتفسيرهم للمعاني التي تحملها أفعال الكائنات الأخرى (جونز، 2010: 153-154).
وفي حقيقة الأمر، يسعى هذا الاتجاه النظري نحو الابتعاد عن أي نظرة ترى المجتمع كياناً قائماً بذاته مستقلاً عن الأفراد المكونين له والتركيز بدلاً من ذلك تركيزاً فجاً على الأساليب التي يخلق بواسطتها البشر عالمهم الاجتماعي (الحوراني، 2008: 25). بمعنى آخر، في علم الاجتماع التأويلي يتم التنكر لكل القوى الخارجية التي يمكنها أن تمارس تأثيراً على الأفراد وتوجه سياقات المعنى في تفاعلاتهم باعتبارهم هم من يشكلون الحقيقة الاجتماعية (الحوراني، 2008: 25-26). أي الناس يتجهون في حياتهم من الذات إلى خارجها مؤكدين أن الأفراد هم الذين يشكلون المجتمع، من خلال التأكيد على أهمية المعاني للاتصال بما يشمله من لغة وإيماءات وإشارات، بالإضافة إلى التوقعات التي تكون لدى الآخرين عن سلوكنا في ظروف مواقف معينة خلال عملية التفاعل الاجتماعي (جونز، 2010: 154-156). يعتمد علم الاجتماع التأويلي على منهجية فهم الفعل الاجتماعي وتأويله، مع تفسير هذا الفعل المرصود سببياً بربطه بالآثار والنتائج. ويقصد بالفعل سلوك الفرد أو الإنسان داخل المجتمع، مهما كان ذلك السلوك ظاهراً أو مضمراً، صادراً عن إرادة حرة أو كان نتاجاً لأمر خارجي. ومن ثم، يتخذ هذا الفعل - أثناء التواصل والتفاعل - معنى ذاتياً لدى الآخر أو الآخرين، مادام هذا الفعل الاجتماعي مرتبطاً بالذات والمقصدية (حمداوي، 2017: 56). وهنا ينتقل علم الاجتماع التأويلي من عالم الأشياء الموضوعية إلى الأفعال الإنسانية. أي انتقل من الموضوع إلى الذات، أو من الشيء إلى الإنسان. كما تجاوز المقاربة الوضعية نحو المقاربة الهيرمونيطيقية التي تقوم على الفهم والتأويل الذاتي الإنساني. وبهذا قد أحدث قطيعة ابستمولوجية، ضمن مسار علم الاجتماع، بتأسيس مدرسة الفعل الاجتماعي أو المدرسة التأويلية (حمداوي، 2017: 56-57).
ومن أهم منظورات هذا الاتجاه: نظرية الفعل الاجتماعي يمثلها ماكس فيبر. التفاعلية الرمزية يمثلها: جورج هربرت ميد، جورج بلومر. الاثنوميثودولوجيا يمثلها: هارولد جارفنكل، الفينومينولوجيا يمثلها: أدموند هوسرل، ألفرد شوتز، التبادل الاجتماعي يمثلها: جورج هومانز، بيتر بلاو. نظرية الفعل التواصلي يمثلها: يورغن هابرماس. وفي النهاية نلاحظ أن ثمة منهجين مهيمنين في علم الاجتماع: منهجاً علمياً موضوعياً يتكئ على التفسير السببي والعلّي، ومنهجاً ذاتياً إنشائياً تأملياً وأخلاقياً وتأويلياً يقوم على الفهم. ويعني هذا أن ثنائية الذاتية والموضوعية حاضرة في مجال دراسة علم الاجتماع العام (فياض، 2021: 364).
------------------------------------------------

- مراجع المقال:
- عبد الجواد، مصطفى خلف (2011). قراءات معاصرة في نظرية علم الاجتماع. ط2. دار المسيرة. عمان.
- الحوراني، محمد عبد الكريم. (2008). النظرية المعاصرة في علم الاجتماع – التوازن التفاضلي صيغة توليفية بين الوظيفية والصراع. ط1. دار مجدلاوي. عمان.
- جونز، فيليب. (2010). النظريات الاجتماعية والممارسة البحثية. ط1. (ترجمة: محمد ياسر الخواجة). مصر العربية للنشر والتوزيع. القاهرة.
- حمداوي، جميل. (2017). نظريات علم الاجتماع. ط1. الوراق. عمان.
- سكوت، جون. (2009). علم الاجتماع المفاهيم الأساسية. ط1. (ترجمة: محمد عثمان). الشبكة العربية للأبحاث والنشر. بيروت
- فياض، حسام الدين. (2021). المدخل إلى علم الاجتماع – من مرحلة تأصيل المفاهيم إلى مرحلة التأسيس. ط1. سلسلة نحو علم اجتماع تنويري. الكتاب: الأول. الجزء: الأول. مكتبة الأسرة العربية. إسطنبول.
- فياض، حسام الدين. (2024). منهجية الفهم والـتأويل عند ماكس ڨيبر ”إنك تدرس لكي تفهم“ (دراسة تحليلية – تطبيقية). مجلة ريحان للنشر العلمي. المجلد: 7. العدد: 48. سوريا. ص(292-325).



#حسام_الدين_فياض (هاشتاغ)       Hossam_Aldin_Fayad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منهجية الفهم والتأويل عند ماكس فيبر
- المواطنة تربية وممارسة
- ما هي الليبرالية؟
- علم الاجتماع السياسي
- الإثنوغرافيا والعنصرية علاقة اتصال - انفصال للدفاع عن الإنسا ...
- كُن إيجابياً في حياتك؛ حول التفكير الإيجابي والشخصية الإيجاب ...
- القهر الاجتماعي: التجربة الممنهجة لحقيقة الظلم الإنساني
- الوجود المتخيل (الخيال الإنساني ضرورة قصوى في مجتمع ما بعد ا ...
- الاستقلال السوسيولوجي مهمة لم تنجز بعد في الجامعات العربية
- العنف ضد الأطفال: الأسباب، والآثار، والحلول
- تمظهرات الصراع الثقافي في الاتجاهات النقدية المعاصرة (عصر ال ...
- المنهج الانثروبولوجي؛ مطبخ إعادة بناء التاريخ البشري
- توظيف المقولات النظرية في تفسير حدوث الظواهر الاجتماعية (نما ...
- مقدمة كتاب: تمظهرات السلوك الإنساني في المجتمع المعاصر
- ممارسات العقل الإنساني ما بين العقل الأداتي والنقدي والتواصل ...
- اللغة والعلوم الإنسانية (منهجيات متعددة لفهم أعمق)
- عرض كتاب: في العنصرية الثقافية: نظريات ومؤامرات وآداب
- رؤية فرانسيس فوكوياما للثورة البيوتكنولوجية (نهاية الإنسان أ ...
- رؤية هابرماس لمجتمع ما بعد العلماني (قراءة في علم الاجتماع ا ...
- بناء الإطار التحليلي؛ الاتجاهات النقدية في علم الاجتماع المع ...


المزيد.....




- الرئيس الفرنسي يدعو إلى وقف فوري لبيع الأسلحة المستخدمة في غ ...
- مظاهرات حاشدة وسط لندن دعما لغزة ولبنان (فيديو)
- وزير الداخلية الباكستاني: أكثر من 80 شرطيا أصيبوا في اشتباكا ...
- بعد التفجيرات المميتة في لبنان.. طيران الإمارات تحظر أجهزة - ...
- إسرائيلي فقد والديه في هجوم السابع من أكتوبر يؤكد أن الحوار ...
- إسرائيل -تعدّ- رداً على إيران وتشنّ غارات جديدة على لبنان
- الذكاء الاصطناعي التوليدي: فقاعة زائلة أم ثورة صناعية رابعة؟ ...
- إعلام عبري يتحدث عن إصابة جنرال إيراني كبير خلال استهداف هاش ...
- مصر.. السيسي يترأس اجتماعا للمجلس الأعلى للقوات المسلحة
- مصدر أمني لبناني يؤكد تواجد صفي الدين في مقر لحزب الله استهد ...


المزيد.....

- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسام الدين فياض - ماهية علم الاجتماع التأويلي