|
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 3
أمين بن سعيد
الحوار المتمدن-العدد: 8030 - 2024 / 7 / 6 - 00:47
المحور:
كتابات ساخرة
بعد محمد، كانت أمي الأسعد، ظنت أنها ستعيش طوال حياتها برغبتها، لكن لايتيسيا أنقذتها... - أدرس التفكير الاسلامي لتلامذة الباكالوريا - عندي بعض أصدقاء مسلمين، كلهم طيبون ولطيفون و... - وليسوا كالإرهابيين الذين يرعبون الأوروبيين؟ - نعم، أولئك قلة للأسف يستغلها اليمين المتطرف فيكسب كل سنة نقاطا إضافية... - اليمين المتطرف تراجع عن مغادرة الإتحاد الأوروبي على حد علمي، أليس كذلك؟ - نعم... - وتراجع عن معاداة اليهود، والمثليين، ويساند أوكرانيا ضد روسيا وإسرائيل ضد فلسطين؟ - نعم... - لماذا يسمى "متطرفا" إذن؟ - ما إن يصل إلى السلطة حتى يظهر وجهه الحقيقي... - سيملأ القطارات؟ - إن استطاع. - سررت كثيرا عندما علمت أنك لم تحقني، وسأسر أكثر عندما تفهمين المزيد، عندك كل الوقت... تعالي أقبلك مرة أخرى... - أنا سعيدة جدا، كأنه حلم ولا أريد أن أستيقظ منه... - استمتعي صغيرتي بكل لحظة، لا أحد يعلم ما يخبئه الغد... إن هي إلا هذه الحياة ويجب الاستمتاع بها دون خوف أو ندم... - والأخرى؟ - نعيش هذه، والأخرى سيأتي وقتها... إن أتى. تعالي، ذلك الفيلسوف يريد تقبيلك وضمك إليه طويلا، لكنه خجول، فافعلي أنت...
اليوم الثالث، الأربعاء، لا محاضرات في العشية، لكني لم أغادر الكلية. كشف لي محمد يومها أن عنده حبيبة تصغره بسنتين يعرفها منذ الطفولة، وهي قادمة للقائه، دعاني للتعرف عليها فرفضت... - هل هي جميلة؟ - نعم - أجمل من ملاك وإيمان؟ - لا أدري... تعودت عليها منذ صغري - إذا لم تكن تراها الأجمل، لماذا تضيع وقتك معها؟ ثم لماذا لم تقل لي ذلك اليوم الأول؟ - لأغيظك... - لم تنجح في ذلك، ثم لا شيء بيني وبينهما... - حقا غريب كيف تتكلم عنهما معا، ملاك تعجبك أكثر فلماذا تحشر معها إيمان؟ - مجرد كلام لا غير... ثم لم أعد مهتما بعد أن علمت من تكونان... - كاذب... - قل ما شئت... وبلغ سلامي لـ ... ما اسمها؟ - إيناس. - ما أخبارها في الدراسة؟ - يعول عليها... ستكون هنا بعد سنتين. - آه جيد إذن... بلغ لها سلامي حتى نلتقي بعد سنتين، إن استطاعت الوصول هنا. - ستصل، وستراها قبل ذلك... - أرجو ذلك. بقيت وحدي قليلا، حتى رأيت القبيحة التي تكلمت عنها أول يوم مع محمد... كانت قادمة نحوي، فتمنيت ألا تجلس بجانبي ولم تتحقق أمنيتي... - أنا جائعة - ... - قلت أنا جائعة - ماذا؟ - سمعتني... وما سمعته يعني ادعوني لآكل شيئا. - أنت نباتية أكيد - لا، أظن عندي جذور صينية... - ماذا؟ - يقال عن الصينيين أنهم يأكلون كل شيء يطير إلا الطائرات والصواريخ، وكل شيء يمشي على الأرض إلا البشر، وكل شيء في البحر إلا الغواصات... أنا مثلهم. - جميل، لست مغرما بالأكل لكن بأشياء أخرى... - مثل؟ ثم... رأيت ملاك وإيمان قادمتان، تتجهان إلى بنك بجانبي والقبيحة... فسكت، ولاحظتْ أن عينيّ تبعتهما حتى جلستا... - ... ماذا قلت؟ - بمن منهما أنت مغرم؟ - من تكونين أنت؟ عرفت أنك لا تأكلين لحوم البشر وهذا جيد... - ما رأيك في صفقة رابحة لكلينا؟ - أنا وأنت؟ - تشتري لي شيئا على ذوقك، وعندما أشبع أكلم لك التي تريد، ما رأيك؟ - لا أريد أيا منهما... فقط نظرت لا أكثر ولا أقل... ونظرة بريئة لا يوجد وراءها نيتك السيئة... - أنا حساسة جدا، وسريعة البكاء، وعندما أبكي أسقط السماء على من جرحني... وكما سمعت صوتي غليظ وسيجتمع حولك كل من في الكلية... - بالعكس صوتك ملائكي... - أنت بدأت فتحمل النتائج... قامت وذهبت نحو ملاك وإيمان، كلمتهما ثم عادت، وعندما جلست لم تتكلم وانتظرتني حتى أسألها... - ماذا فعلت؟ - قلت لهما أنك تحب إحداهما وأنك تطلب الإذن لتكلمها... - اللعنة، لماذا فعلت ذلك؟ - لأنك بخيل، ولأنك جرحت مشاعري وقد أنذرتك أني حساسة... - لو كنت ذكرا لقطعت لسانك - لا عليك، افرض أني ذكر وافعل ما بدا لك - أنت حقا كارثة ولا أعلم ماذا فعلت لأعاقب بك اليوم! - فعلت الكثير! أنت بخيل وجرحت مشاعري ولا تزال تفعل، فعوض أن تشكرني ها أنت تواصل إيذائي... - سأذهب، لا كلام لي معك... ولا تقتربي مني مرة أخرى! تركتها، وجلست على بنك بجانب الذي كنت عليه معها، وحدقت أمامي... لكني رأيتها تقف على البنك، ثم شرعت تغني https://www.youtube.com/watch?v=5kp0dw4MuWs... كانت لحظة سريالية اكتشفت فيها مع ملاك وإيمان ومن سمعوا واقتربوا من تكون تلك ... القبيحة. عندما وقفت على البنك، ولحظة شرعت في الغناء قلت في نفسي: "عليها اللعنة فعلت فيّ ما أرادت"، لكن مباشرة بعد ذلك التفت إليها لأني لم أصدق أن الصوت الذي كنت أسمع صادر منها. في اللحظات الأولى كان هدفها السخرية مني، لكنها سرعان ما غادرت الإطار الذي كانت فيه وتحولت إلى نجمة تغني أمام الآلاف. كانت عظيمة الجثة وفي طولي تقريبا، ومع ذلك كانت تقف على البنك، وتغني... كان قرابة العشرين من تحلقوا حولها، وكلنا كنا ننظر إليها... فوق، فوق الجميع. أغمضت عينيها ما إن تجاوزتني والسخرية مني، وطارت بعيدا أين لا أحد يستطيع اللحاق بها والوصول إليها... ذلك اليوم اكتشف من حضروا موهبتها الاستثنائية، ثم بعد ذلك عرفها الجميع لأنها كانت الأولى في دفعتنا كل السنوات... صفق الجميع لها، إلا اثنان... أنا وملاك. إيمان كانت واقفة تبتسم ملء شدقيها تنظر إليها وتصفق، ملاك كانت تبتسم وتنظر إليها، وعندما رأتني أنظر إليها، واصلت ابتسامتها ناظرة لي... ثم تفرق من توقفوا، ولم يبق إلا أربعتنا. القبيحة وسطنا، أنا عن يمينها، وإيمان وملاك عن يسارها... جلست، ووضعت يديها على وجهها، ثم بدأ جسدها يرتعش ففهمنا أنها تبكي. لم أشعر بالرغبة في العودة بجانبها، لكن إيمان فعلت، ثم لحقت بها ملاك. جلستا كل من جانب، وكلمتاها... وقتها قررت الالتحاق بهن، لم أتكلم لكن وقفت أمام القبيحة... قالت إنها فقدت أمها منذ شهرين، والأغنية، كانت تغنيها لها أمها مذ كانت صغيرة، وأحفظتها إياها في السادسة... أستاذة موسيقى ومدربة غناء كانت، والسرطان لم يعجبه في كل جسدها غير الحنجرة... ثم قالت لي... - أعتذر إن كنت أزعجتك... - كنت رائعة، أكثر من رائعة... - لا زلت جائعة... - اطلبي ما شئت... من الكافيتريا هنا أو من أي مكان آخر في الخارج... أستطيع دعوتكن... دعوتك أقصد. - شكرا لك، علي أن أغادر الآن... سعيدة بمعرفتك... وأنتن يا بنات... ثم غادرت... لحظات مضت، ملاك وإيمان لم تقفا، أنا واقف في مكاني... دون أن يكلم أحد الآخر. فـ ... جلست مكان القبيحة، بينهما. لم أستأذن، لكن جلست... ونظرت أمامي وقلت: "أعتذر عن يوم الإثنين"... - لم تطلب الإذن لتجلس - عدت إلى مكاني، أنتما لم تستأذناني لتجلسا... - مكانك؟ - نعم، كنت أول من كان هنا، ثم هجمت علي النجمة، ثم أنتما بعدها... - أنت النجم هنا والجميع يهجم عليك! - متعود على ذلك - يا للتواضع! - غيري يلزمه قليل من التواضع - ضربني وبكى، سبقني وشكا... - زوج أمي الأول كان يضربني ويتركني أبكي، أما زوجها الثاني فيضربني ولا يسمح لي حتى بالبكاء... - واثق من نفسك كثيرا... مغرور! - الخروف مكاني الآن سيرى نفسه ذئبا... انظري لي أين أجلس؟ - تعالي لنذهب، ليعود إلى أصله، فيسلم الناس من شره... نظرت إلى ملاك، عن يساري... - حقا شريرة، أليس كذلك؟ - وأنا أشر منها... - أقبل بحظي السيء إذن... لا خيار عندي... - حظك السيء؟! - ظننتك ملاكا، فاكتشفت أنك شيطانة مثلها... ملاك وشيطانتان قسمة غير عادلة، لكن أرضى بحظي السيء... - أنت ملاك إذن؟ - انظري جيدا سترين النور يشع من وجهي... - صحيح، رأيته... - احذري ألا يحرقك. - الشياطين لا تتأثر بالنور ولا حتى بالنار... لنذهب... - ليتها لم تغادر وإلا كنت طلبت منها أن تعيد غناءها مرة أخرى... - للأسف غادرت... مرة أخرى... - ستكون أحسن من هذه ومن التي سبقتها... - ماذا؟ - المرة الأولى صرخت في وجهي صديقتك، هذه المرة لم تفعل، وكلمتك أنت... الثالثة ستكون أحسن... - ربما. لم أتبعهما بنظري عندما انصرفتا. لم أدرك جيدا حقيقة الذي وقع، حتى شعرت بالمخالب تخرج من كل أصابعي وبجناحين ينبتان من ظهري... عندما رأيت أني تحولت إلى ذئب طائر، أدركت ما وقع. منذ اللحظة الأولى التي رأيتهما فيها، لم تكونا مجرد زميلتي دراسة، لم تكونا مشروع صداقة، لم تكن إحداهما دون الأخرى من لفتت انتباهي، بل كانتا معا، الاثنتين... كيف؟ لم أكن أعلم بالضبط، لكن الذي كان منذ اللحظة الأولى خصهما معا، ولم يزل كذلك حتى اتضحت الرؤية بعد ذلك... لم أغادر مكاني، وبقيت أنظر يمنة ويسرة أين كانتا تجلسان... أحسست بأشياء في داخلي، كانت جميلة، لم تكن فراشات طائرة، لكنها كانت خليطا منها ومن شيء ظننته وقتها مس جهازي البولي لكنه كان التناسلي... جهازان تكلما، الهضمي والتناسلي؛ خليط من فراش ودود ولحظة إثارة تسبق مواقعة شابة جميلة... كان خليطا جميلا، ومع المخالب والجناحان، رُسمت ابتسامة على وجهي مع عينان تنظران أين كانتا تجلسان... غابت دمعة الفرحة، وغابت دمعة البكاء على الأطلال... لكن الأولى كادت تخرج، عندما شعرت بمن يقف أمامي مباشرة، ويستأذن للجلوس... معي أو بجانبي أو في حضني أو فوق رأسي أو على ظهري لا أعلم... الذي أعلمه، ولم أشك فيه، أن من وقف أمامي صوت أعرفه، ولسماعه زاد طول المخالب والجناحان حتى لم أعد ذئبا ولا أسدا، بل تحولت إلى أعظم من ذلك كله... الديناصورات انقرضت ولم يبق منها إلا واحد فقط: أنا! - هل أستطيع الجلوس؟ - ... - لا أحب العداوات والحساسيات، أحب أن أكون صديقة الكل - ... - سنوات طويلة سنمضيها معا، ولا أريد... فهمت؟ - نعم - ماذا تفعل هنا؟ لم تغادر مكانك منذ أكثر من ساعة؟ - نعم - تنتظر أحدا؟ - نعم - من؟ - نعم - قلتُ، من؟ - ... - لا تريد أن تقول، كما تريد... - ... - ما بك؟ أبلعت لسانك؟ - نعم - المهم، قلت لك ما عندي، لا أريد مشاكل، سأذهب الآن... - لا! انتظري... - ملاك تنتظرني. - أذهب معك؟ - تذهب معي؟ - لا أريدك أن تذهبي ولا أريد أن تنتظرك ملاك... - حلت عقدة لسانك الآن؟ - نعم، وزاد طول الجناحان والمخالب... - ماذا؟ - بعد أن غادرتما نبت لي مخالب وجناحان - والآن زادا؟ - نعم - جيد، سأذهب - سآتي معك - لم يدعك أحد - لم يطردني أحد أيضا - ربما تطردك ملاك... - لن تفعل... - وما أدراك؟ - عندي جناحان ومخالب....
#أمين_بن_سعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 2
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 1
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...6: الله وأمين وأمينة
-
!Enough is enough ألمانيا مستعمرة إسرائيلة!
-
القضية الفلسطينية: الموقف بإيجاز
-
تحولت إلى امرأة مثلية يهودية بقضيب
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...5: كنزة (البقية)
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...5: كنزة
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...4: سارة
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...3
-
اِضحك مع منظمة الجحيم العالمية (WHO): المسرحية الجديدة A(H5N
...
-
الإحتقار: أمثلة من الدين والكوفيد
-
إدعاء الـ -حقيقة-
-
عالم من الأكاذيب
-
-هدية- عيد الذبح: اليهودية ومن يمثلها من اليهود
-
-نعم... لكن- - -المتطرف-
-
-الملحدون والسلفيون-: ردا على مقال السيد سامح عسكر
-
-هذا ما جناه علي أبي- 2
-
-هذا ما جناه علي أبي-
-
الحوار المتمدن: الحرية مرة أخيرة واقتراحات
المزيد.....
-
الفرقة الشعبية الكويتية.. تاريخ حافل يوثّق بكتاب جديد
-
فنانة من سويسرا تواجه تحديات التكنولوجيا في عالم الواقع الاف
...
-
تفرنوت.. قصة خبز أمازيغي مغربي يعد على حجارة الوادي
-
دائرة الثقافة والإعلام المركزي لحزب الوحدة الشعبية تنظم ندوة
...
-
Yal? Capk?n?.. مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 88 مترجمة قصة عشق
...
-
الشاعر الأوزبكي شمشاد عبد اللهيف.. كيف قاوم الاستعمار الثقاف
...
-
نقط تحت الصفر
-
غزة.. الموسيقى لمواجهة الحرب والنزوح
-
يَدٌ.. بخُطوطٍ ضَالة
-
انطباعاتٌ بروليتارية عن أغانٍ أرستقراطية
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|