أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ثامر عباس - المؤرخ وتبعات انبهاره بالتاريخ














المزيد.....

المؤرخ وتبعات انبهاره بالتاريخ


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8028 - 2024 / 7 / 4 - 09:35
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


لم يصنع التاريخ لمجرد استذكار الماضي واستعراض الأحداث والوقائع التي تخللت محطات تحوله وسيرورات تطوره ، وإنما للاستفادة من دروسه واستخلاص العبر من عضاته ، التي من دون استخلاص مضامينها واستلهام دلالاتها ، سيبقى الإنسان / المجتمع يكرر أخطاء مواقفه ويقع في محظورات أفعاله . ولعل مظاهر التخلف الاجتماعي والعنف السياسي والتطرف الإيديولوجي الضاربة أطنابها في بلدان العالم الثالث ، قمينة بتقديم البراهين الدامغة على تبعات ارتكاب مثل تلك الأخطاء والمحظورات .
ولعل من الضرورة بمكان الإشارة الى انه ليس من الغريب أو الشاذ أن يظهر الإنسان – كما سائر الناس - اعتزازه بتاريخ بلاده ، والتغني بأمجاد ماضيه ، مثلما إبداء حرصه على تراثه ، والحفاظ على أرشيف ذاكرته . وإنما ما يعد غريبا"أو شاذا"- ان لم نقل مستهجنا"ومرذولا"- في الأعراف الإنسانية والأخلاقية والمعرفية ، هو أن يتعصب ذلك الإنسان لأحداث تاريخه الآفل وكأنها الوحيدة في مضمارها ، ويغالي في وقائع ماضيه الزائل وكأنها الفريدة في مجالها . للحدّ الذي يحول دونه ومراعاة الأدوار والوظائف التي اضطلعت بها أحداث تاريخية لمجتمعات مختلفة ، ووقائع اجتماعية لثقافات مغايرة . لا بل ان مغلاة البعض بهذا الخصوص قد تصل - في بعض الأحيان - لحد التضحية بالتاريخ (الوطني) الشامل وطمس قواسمه الحضارية المشتركة ، لصالح تواريخ الجماعات السوسيولوجية والانثروبولوجية المكونة للمجتمع ؛ الأجناس والأقوام والقبائل والطوائف . بحيث تستحيل سرديات هذه التواريخ التحتية الى مقاييس صارمة ومعايير قاطعة ، لا تعتمد فقط في تبني المواقف التي على أساسها يتم الاختيار وتجري المفاضلة بين (الأنا) و(الآخر) في مضمار بناء العلاقات وتعايش الثقافات فحسب ، وإنما يحرّم المساس بها والتقليل من شانها ، ناهيك عن التطاول عليها والحط من قيمتها .
وإذا ما قارنا بين تبعات وتداعيات هذه الظاهرة بين عامة المجتمع وخاصته ، سنلمس على الفور حجم الأضرار وطبيعة المخاطر المتوقع حصولها جراء مواقف هذه الأخيرة (الخاصة – النخبة) حين تصيبها (لوثة) الانبهار العاطفي بالتاريخ ، بالمقارنة مع مواقف نظيرتها المتموقعة على الطرف الثاني (العامة – الجمهور) ، على خلفية انخراطها في مثل هذا الضرب من المواقف الشاذة والسلوكيات المنحرفة . فبينما تؤطر الثقافات الفرعية (الفولكلورية) وما يعبّر عنها ويرتبط بها من تصورات ساذجة واعتقادات عفوية ، نمط وعي الجمهور الذي غالبا"ما تكون خليط منوع من حكايات خرافية ومرويات أسطورية وتمثلات مخيالية . فان ما يؤطر وعي النخبة (المتولهة) بالتاريخ خليط هجين من النوازع العنصرية والدوافع الإيديولوجية والمنافع الاقتصادية والمطامع السياسية ، بحيث تحيل هذه النوازع بينه وبين النظرة الواقعية - الموضوعية الى ماهية التاريخ من جهة ، والاستدلال على سيرورات حراكه ومسارات تفاعله وديناميات تطوره من جهة أخرى .
ولعل من جملة العواقب التي تترتب على هذا الموقف الاختزالي - الانتقائي نختار محورين اثنتين ؛ المحظور الأول وهو (التعامي) أو (التغاضي) عن رؤية الانحرافات والارتدادات ، التي قلما أفلت من قبضتها تاريخ ما من تواريخ المجتمعات البشرية ، سواء على مستوى التاريخ المحلي / الوطني وما ينطوي عليه من أحداث ووقائع ، أو على صعيد التاريخ الأجنبي / العالمي وما يشتمل عليه من تجارب وممارسات . وإذا ما أجبر المؤرخ المعني (صاحب ذلك الموقف) على مراعاة تلك الانحرافات والارتدات والقباحات ، فانه سرعان ما يلجأ الى تبريرها كمحطات منعزلة أو كمنعطفات طارئة حدثت ضمن مسار تطوري صاعد لتاريخ قومي لم يشهد سوى الفتوحات المبهرة والانتصارات المدوية ! . وهنا يقع في المحظور الثاني وهو الانزلاق الى مهاوي (التعصب) لتأريخ جلّه ملتبس و(التمذهب) لسرديات معظمها ملفقة . إذ لا مفر ل(مؤرخ) يتعاطى مع ثراء وتنوع السيرورات الجدلية للتاريخ بهذه الطريقة الاختزالية والانتقائية ، من الوقوع في هوس (الأنا) الجماعاتي المفارقة للحقيقة والمتعالية على الواقع ، بحيث لا يعود يرى في سيرورات التاريخ وديناميات الحضارة ، إلاّ ما توسوس به نفسه من هلاوس وتشبيحات ؛ تارة باسم التعصب العنصري لقوميته / جماعته ، وتارة ثانية باسم التطرف الديني لمذهبه / طائفته ، وتارة ثالثة باسم التفوق الحضاري لثقافته / لغته .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (المثقف) حين يمتهن التجارة !
- بمناسبة الذكرى (150) لميلاد الصحافة العراقية - نقابة الصحفيي ...
- العشائر والشعائر : الفزعة القبلية والنزعة الاستعلائية !
- الانثروبولوجيا الماركسية وتمرحل أنماط الانتاج
- دعائم الليبرالية وتمائم البطريركية (مقاربة للحالة العراقية)
- عوائق الليبرالية في المجتمعات البطريركية
- الذاكرة التاريخية .. مفهوم واحد ودلالات متعددة
- مفهوم الجدارة السياسية بين براغماتية الحاكم ودوغمائية المحكو ...
- الاستدعاء النقدي للتاريخ : قراءة في الأصول المنسية
- الاقطاع السياسي : نمط فوضوي لتفكيك الدولة واغتصاب سلطتها
- الطبقة الوسطى العراقية وأوهام وعيها الطبقي
- الثقافة في حضرة التاريخ : حفريات في ذاكرة الثقافة العراقية
- ثيمة الماضي في المتخيل الجمعي
- النظام التعليمي كبنية تحتية للوعي الاجتماعي
- أطروحات علي الوردي وطبيعة الشخصية العراقية : منظور مختلف
- متلازمة (الارادة والقوة) بين الغرب والعرب
- الشرعية الدولية : هل حقا هي شرعية ؟!
- من لا يقرأ بجد لا يحق له النقد !
- عقدة الهاجس الأمني لدى الشخصية العراقية
- التباس وعي (النخبة) العراقية بين خوانق التاريخ وشرانق المجتم ...


المزيد.....




- قوات كييف تستهدف منطقة بتروفسكي في دونيتسك بـ 5 قذائف خلال 1 ...
- المحرومون من تناول بعض أنواع الخضروات
- شاهد.. سيارات تتطاير في الهواء جراء إعصار ضرب فرنسا
- بايدن يتشبث بحملته الانتخابية في وجه الضغوط
- -أ ف ب- عن قيادي في حماس: الحركة وافقت على إطلاق مفاوضات لإط ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل محتجين مطالبين بإطلاق سراح الرهائن ...
- مخيم النصيرات.. مجزرة إسرائيلية جديدة
- ستارمر: دعمنا للناتو وكييف لا يتزعزع
- حزب الله: دمرنا أجزاء من قاعدة ميرون
- مصر تدين مجزرة النصيرات الجديدة


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ثامر عباس - المؤرخ وتبعات انبهاره بالتاريخ