أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - شوقية عروق منصور - ما معنى أن تكوني امرأة في غزة














المزيد.....

ما معنى أن تكوني امرأة في غزة


شوقية عروق منصور

الحوار المتمدن-العدد: 8027 - 2024 / 7 / 3 - 22:47
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


كلما رأيت امرأة في غزة تصرخ ، تبكي ، تلهث ، تركض خوفاً من القصف أو بحثاً عن أبن أو عن بقايا بيت أو عن أشلاء أجساد عالقة بين الركام، أو تصرخ من تعب وعدم القدرة على تحمل جوع أولادها وعطشهم ، أنظر حولي وأشعر أن الحرائق تسري في دمي العاجز ، والأدهى حين أرى رفاهية الأزياء النسائية وموضة قصات الشعر والجلسات والثرثرة والضحكات البلهاء وهذيان العبارات التي تشعرنا ان العالم بخير ولا يعكر صفوه سوى بعض هواة الألعاب النارية .
أما الحركات النسائية أو صاحبات الفساتين المضادة للوجع الإنساني فهن ما زلن يكتشفن أن الرجل ملطخ بالقسوة والذكورية ويشهقن دهشة من تعامله غير الحضاري مع الأنثى ولا ينتبهن إلى مفاتيح الحروب و الغطرسة والجنون والموت الموجودة بين أصابعه .
عندما رأيت المرأة الغزاوية وهي جالسة خلف الخيمة تغسل ثياب أطفالها بقنينة ماء ، نعم تريد ان تصنع معجزة النظافة بقطرات من الماء ، نظرت إلى غسالتي الكهربائية التي تأخذ الماء من الحنفية الخاصة بها دون حساب حيث يتعارك الماء مع الثياب ثم تقوم الغسالة بإلقاء الماء بحرية ودلال خارج الغسالة وتعيد الكرة عدة مرات دون اهتمام .
وتقسم المرأة الغزاوية أن قنينة الماء هذه خاصتها، لم تشربها بل قامت بإخفائها لغسل الثياب الوسخة و التي أصبحت رائحتها لا تطاق ، لقد بقيت المرأة تعاني من العطش مقابل غسل الثياب .
أما تلك المرأة الغزاوية التي تجمع أوراق الشجر حتى تقوم بطبخها لأولادها لسد رمقهم ، أو تفتش عن حفنة طحين تقوم بعجنها وتقديمها خبزاً لأولادها بعد أن تلم بقايا الأخشاب والأغصان - التي أصبحت نادرة - وتصنع من الحطب المواقد للخبز والطبخ .
لا تظن أن المرأة الغزاوية تلعب لعبة إيقاظ الزمن الماضي وصورة تراث الجدات ، بل هي من طقوس الانتصار على الجوع والإصرار على تحدى الموت الذي يريد أن يسجل الأهداف في غزة .
لقد أصبحت أفواه الأبناء محطات موت من الجوع، حيث نسمع دقات ونبضات قلوب الأمهات اللواتي يعشن بين القصف والجوع أما قضية توفير الطعام للأبناء فهي المشي على جمرات الألم كل لحظة ، و" الموت جوعاً " عبارة ترافق الصراخ " قُتل وهو جوعان " .
عندما قالوا الجوع كافر هناك من ضحك واعتبرها نكتة ساذجة في زمن الرفاهية، ولكن أمام أفواه الأطفال في غزة وانكسار ملامح وتجاعيد وجوه الأمهات التي تحولت إلى حفر يغطس فيها الخوف من القادم ، و أصبح الجوع عنواناً كبيراً سيهز صفحات التاريخ غداً .
قالت امرأة غزاوية في هذا الحر الشديد أنا أرتدي عدة قطع من الثياب فوق بعضهم البعض حتى إذا قامت إسرائيل بالقصف المسعور واستشهدت لا تظهر قطعة من جسدي عندما يقومون بانتشالي من بين الأنقاض.
وصبية صغيرة قالت والدمع يترقرق في عينيها هل تعرفين ما معنى أن تأتي الدورة الشهرية ولا نجد أمامنا الماء للتغسيل أو الفوط الصحية وعلينا أن نتدبر أمورنا بأي طريقة ؟؟
أما غياب المراحيض والطوابير التي تقف فيها المرأة عدة ساعات لقضاء حاجتها فهو مهرجان الذل والدموع الصامتة التي يعجز أكبر المحللين النفسيين على تفسيرها .
و أتساءل ماذا تعمل المرأة الغزاوية الحامل والتي على وشك الولادة ؟ في غياب كل شيء من الرعاية العائلية إلى غياب غرف الولادة في المستشفيات ؟ كيف ستقوم جدران الخيمة بحمايتها هي وطفلها من الأمراض ؟ وكيف ستتصرف في الحر الشديد أو البرد الشديد ؟ ومن سيقف إلى جانبها في الفوضى التي تنتعل الهروب من مكان الى مكان فجأة ؟ وكيف ستحمل جسمها وأوجاعها وطفلها من نزوح إلى نزوح ؟
والأقسى عندما تصرخ الأم وتردد " شفتو لما طلع مخه " بعد أن رأت مخ ابنها قد تطاير نتيجة رصاصة أو شظايا صاروخ أو قذيفة ، ورغم ذلك تأمل من المحيطين به والذين يحاولون إسعافه أن يقوم ابنها من بينهم بسرعة وينادي عليها .
في مواثيق الانسان والإنسانية هناك عبارات وردية تمجد حياة وقيمة الانسان خاصة في العالم الغربي، و لكن حقيقة تلك العبارات خائنة تخون حروفها مع أنياب الرؤساء الذين يحاولون تغطية الدماء وأرقام القتلى بضحكاتهم .
لا أحد يعرف ما معنى أن تكوني امرأة في غزة ؟؟ أن تكوني جاهزة لكل شيء : الخوف والجوع و الهروب والفقدان ، ومهمة توفير الحنان والحضن الدافئ والتفهم لزوجها الغاضب أو والدها العاجز وشقيقها الحائر والحرص على المحيطين بها ونسيان مشاعرها كامرأة لها الحق أيضاً في الحياة .



#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجاحظ بدر ... وسيبقى المفتاح في جيبي
- رجيم على الطريقة الغزاوية
- خيمة عن خيمة تفرق
- القوي عايب
- الدمى مربوطة خلف الدبابات
- الطيران في سماء غزة
- الغزيات الماجدات
- في بيتنا راديو
- لكوابيس الغزاوية
- غزة من زمن آخر
- تنهدات على تراب غزة
- خواطر من الزمن الغزي
- أين قبري ؟؟ وبابا نويل عارياً
- عندما تتكلم العيون الغزية
- ثرثرة سياسية في عيادة طبيب
- قصيدة غربة
- استقالة ورقة التوت
- دير أبو اليتامى في الناصرة المكان الذي لم يفقد الذاكرة
- لا يوجد عذراء في الشرطة الاسرائيلية
- تل ابيب تبيع توابيت الحزن


المزيد.....




- عواقب ممارسة الجنس على المرأة بعد الولادة
- “هيتسلوا من غير عياط!!”.. تردد قنوات الاطفال 2024 “طيور الجن ...
- راشيل ريفز.. أول امرأة تتولى منصب وزيرة الخزانة في بريطانيا ...
- زلات لسان بايدن تتوالى.. وآخرها: -أنا أول امرأة سوداء-
- زلة جديدة لبايدن.. وصف نفسه بـ-أول امرأة سوداء تعمل مع رئيس ...
- إحياء عاشوراء.. “للرجال فقط”
- شاهد.. زلة جديدة لبايدن: فخور بأني أول امرأة سوداء تعمل مع ر ...
- أسباب وعلاج صورة الجسم السلبية أثناء فترة الحمل
- ظاهرة الخيانة الزوجية.. لماذا تحدث؟ وفي أي بلد تنتشر أكثر؟
- -حياة سرية خاصة عبر الإنترنت-.. كيف تعيش النساء في زمن طالبا ...


المزيد.....

- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - شوقية عروق منصور - ما معنى أن تكوني امرأة في غزة