|
اشارات من الطوفان: اهمية الوعي السياسي والإنساني
كاظم الموسوي
الحوار المتمدن-العدد: 8027 - 2024 / 7 / 3 - 14:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هزت ملحمة السابع من تشرين اول/ اكتوبر العام الماضي العالم، وليس الاقليم او المحيط الجغرافي فقط، وفرضت واقعا مميزا لمراحل تاريخية بمواصفات جغراستراتيجية متوالدة في الواقع، على الارض، والتاريخ السياسي، لما قبلها وما بعدها..وامام هذا المتغير الكبير والتحدي الرئيسي تبرز اشارات مهمة تدور في اطار الطوفان، الذي حمل في بدايته اسم طوفان الاقصى، وما اثاره من جدال حوله، حيث غطت اشعاعاته او الاصح ارتداداته امتدادا له، من الطوفان الاول لطوفان اخر حمل سماته في ظرف اخر، وتفرض الاشارة له من خلال تاثيره الفعلي وقدراته التي استخدمت فيه وواصلت ملحمة الطوفان الاول، ويصح عليه اسمه، الذي حمله، طوفان الوعد الصادق، الذي رسم ملامح جديدة لمقاومة العدو وتكريس قوة وقدرات واضحة للاسناد ودعم محور المقاومة، من جهة، ومشاركة فعلية تاريخية ايضا، من جهة اخرى، تواصل روح الطوفان الاول واستمرارا له. وليس ما انطلق في الجامعات الامريكية اولا، وخاصة في جامعات النخبة، طبقيا وسياسيا، الا امتداد متجدد لمعنى الطوفان الاول، او تحولات أساسية، عاكسة وعيا جديدا ومؤثرا في الواقع السياسي والاجتماعي، مواز للطوفان ومتوال له، كحراك اجتماسياسي لطليعة شابة وواعية وقادرة على حمل رسالة الطوفان في كشف المتغيرات والتحولات الجديدة في طبيعة الحراك واهدافه وشعاراته.. والابرز في ديمومة التحولات والمتغيرات اعتمادها على الوعي الحقيقي لمهام القضية الاساسية، حقوق الشعب الفلسطيني وما تعرض الشعب له تاريخيا والان بعد طوفان الاقصى، من مجازر وحشية فاشنازية،(فاشية - نازية) لا تشبهها كل المجازر التي سجلها التاريخ في ملفات مجرمي الحروب والعدوان الامبريالي ومخططاته الاستعمارية والاستيطانية والابادة الجماعية والتهجير والقتل والتوحش في التدمير والتخريب والاجرام. وانتشرت احتجاجات الطلبة وحراكهم الى جامعات الغرب والشرق، جغرافيا، وفرضت نفسها امتدادا لحراكات الغضب الشعبي العام في كل العواصم والمدن الغربية والشرقية، مكونة طوفان الطلبة، مرحلة متقدمة من تحولات الوعي والموقف الانساني وجرأة الفئات الاجتماعية والثقافية البارزة في المجتمعات الغربية خصوصا في اتخاذ مثل هذه القرارات والمواقف والممارسات الكفاحية وتعرية مؤسسات الحكومات الغربية وادعاءاتها المنافقة والمزورة للواقع والتاريخ. امام هذا الوعي والادراك الواقعي لمجرى ما حصل ويجري في غزة خصوصا وفلسطين عموما، جرى التركيز على الجانب الاخر، المجهز بكل وسائل وقدرات الراسمالية العالمية ومجمعاتها المستثمرة فيما جرى ويجري، على تشويه الوقائع وغسل الادمغة وكي الوعي والتضليل الاعلامي والهيمنة الكونية على وسائل الاعلام المختلفة، وشراء الذمم والمؤسسات الاعلامية، والناطقة باللغة العربية اولا. وهو امر معروف او مخطط له بديهيا لما له من اهمية استراتيجية في طبيعة الحرب واتجاهات العدوان وما تقوم ادواته به من ممارسات فاشنازية تسعى عمليا الى التستر عليها والتضليل والتشويه والتدمير المعنوي والتركيز على الوعي والمرتكزات الثقافية لمخططات العدوان ومصالح مرتكبيه، العلنية والسرية. والاخطر في هذا المجال الاختراقات المعادية داخل المؤسسات الاعلامية المحسوبة ضمنا او فعلا لمحور المقاومة او فصائل منه، واقعا او تمويلا او اشرافا ومشاركة تسجل في اطار الاهداف والمصالح المعادية او التي تخدم او تتخادم مع العدو الغادر.. اذكر هنا اشارات فقط وارجو الانتباه لها، واعتبرها من تحديات الطوفان وتداعياته ايضا، ولابد من ايقافها فورا والسير في الطريق الصحيح ووضوح الوجهة، لا ازدواجية او تناقض او استغلال الفرص المكثفة والحاجة لامور غير قليلة ولها اهميتها لوحدها .. ورغم بيان بعض من تلك المصادر أو الوسائل وهي كثيرة، ولكن: بعضها ولاسيما وسائل الاعلام المرئية ، الفضائيات نموذجا، التي تزعم انها من اعلام المقاومة، او التغطي باسمها، تميز بين شهداء المقاومة فتسمي شهداء حزب الله مثلا بقتلى وتطلق على فصائل المقاومة بمليشيات مدعومة من ايران .. وهي تترجم ما تنشره او تذيعه وسائل العدو او المشتراة منه بلغات مختلفة ومنها طبعا وسائل الاعلام العربية الخليجية خصوصا، اليست هذه ازدواجية معايير!؟، التي ندينها عند العدو ونتفرج عليها في تلك الوسائل ؟!. موفرة مجالات للعدو للاستغلال والاستثمار فيها او العمل نيابة عنه في مثل هذه السلوكيات المرسلة له او المعتمدة عنده. اضافة لما سبق تقوم بعض هذه الوسائل باستضافة اشخاص معادين او على الاصح مبرمجين باثمان مغرية في معاداة المقاومة والكفاح الوطني ضد الاحتلال والارهاب والقمع والدكتاتورية ، وداعميها، سواء الجمهورية الاسلامية في ايران وكذلك الدول المقاومة او الداعمة والمشتركة معها.. وقبل وبعد استخدام مصطلحات معادية للمقاومة والاسناد وهناك من يمثل ذلك في الحضور والمناقشات والمشاركات في عديد المؤتمرات والفعاليات، التي ترفع شعارات محور المقاومة والمواجهة للحرب والاحتلال والعدوان.. وهناك اجتماعات تعقد علنا في مدن اقليمية او محلية ايضا وتصدر بيانات تروج اعلاميا وتشكل مسميات تحمل عنوان محاربة “الاحتلال الايراني”، وشتم شهداء المقاومة على طريق القدس باقذع الاوصاف. ويستغلون دون حرج وظائفهم المكلفين بها كناطق رسمي لحزب او حركة او عضو قيادي في احد تلك التشكيلات، سابقا في الاكثر ومستمرا في احيان اخرى، وهذا اختراق صارخ وتدخل كبير والتفاف لا يمكن الصمت عليه. اذ لا يرون الاحتلالات الصهيو امريكية والغربية عموما للعديد من البلدان العربية والاسلامية والمواجهة المباشرة في الحرب الاجرامية في فلسطين، ويتسابقون دفاعا عن القاعدة الاستراتيجية العسكرية المحتلة والمستوطنة في قلب الوطن العربي، فلسطين، والتي يكافح شعبها وكل المناضلين الاحرار من اجل تحريرها، بكل حروفها من الفاء الى النون. وفي مؤتمرات تحمل شعارات العروبة او التضامن مع فلسطين او ما شابهه، اعضاء يشوهون سمعة فصائل المقاومة التي تقدم الشهداء وتتحمل الكثير من الظلم الامبريالي بسبب دعمها بشجاعة لطوفان الاقصى وامتداداته وينعتونها باسماء مختلفة، تعبر عن كنههم ومعدنهم ووعيهم او تعبر عن تكليفهم المقصود والموظف المقبوض الثمن سلفا. ومن الامور التي تلفت الانتباه، تبرع تلك الوسائل الاعلامية او ضيوفها بتكرار او ترديد ما تقوله وسائل اعلام الاعداء وخاصة الغربية، والامريكية ابرزها، وتحتفل بما تحتفل به، او تصفق له بكل احاسيسها التي تفضح حقيقتها وجوهرها، وتكذب في النقل والتصوير والتعبير، وهناك قصص معروفة منها، لاسيما الخطيرة منها، التي تقدم للعدو المجرم احداثيات عسكرية مهمة او معلومات سرية تودي بحيوات انسانية مقاومة او داعمة للمقاومة ومنشغلة في قضايا المقاومة والدفاع عن حقوق الشعوب العربية والاسلامية، وفلسطين عنوانا. وهناك اسماء كثيرة وكبيرة استشهدت بسبب ذلك او بتوجيه وارشاد وتهادن وتخادم، لم يعد سريا او مخبئا. وليس ما حدث في ضواحي العواصم المقاومة، بيروت ودمشق وبغداد، الا شاهد واحد وصفحة من سجل طويل. يزيدها امعانا الصمت على ما سبق او التهاون معه لاسباب وحسابات ضيقة ومجاملات ليست بريئة في كل الاحوال. تطرح في العديد من المؤتمرات والكتابات لاحزاب او منظمات اقليمية او محلية توصيات محترمة ولا يمكن الا الاشارة لها بالايجاب والقبول والتاييد، ولكن مرة اخرى، المأساة فيها انها تظل كلمات معسولة وصفحات مؤجلة، ترتبط بانتظار فرصة اخرى او تطوى ويفوت الاوان. بينما تقف دول غربية وشرقية مواقف انسانية تتحدى فيها ارادة الدولة الاكبر، ومحاولات هيمنتها على القرار السياسي والاقتصادي العالمي، فمنها من ادخل ادارة المستعمرة الصهيو امريكية المحاكم الدولية، لاول مرة في التاريخ، وطالب بعضها في محاكمة قيادات عسكرية وسياسية فيها وفي ادارات دول غربية ايضا ولاول مرة ايضا، بتهمة الابادة الجماعية للشعب الفلسطيني، وكذلك السعي لعزل القاعدة الاستراتيجية، الكيان الاستيطاني وفضحه وتعرية روايته الكاذبة، وقامت منظمات دولية باتخاذ قرارات ومنها، منظمة الامم المتحدة، رغم كل ما عليها ولها من مواقف او سياسات معروفة، في وضعها اسم الكيان ومرتزقته في القائمة السوداء لقتله الاطفال ولم تنفعه الحماية الصهيو غربية. وفي كل الاحوال تتحول هذه التوصيات والمؤتمرات، والابتعاد عن دعم وتشجيع الحكومات الجريئة في الاستمرار في تصعيد مواقفها وحمايتها ايضا بكل قدر مستطاع وممكن، تتحول الى عبء ثقيل وعائق مؤثر في نتائج الملحمة والطوفان، او تعكس صورتها بالمقلوب من اهدافها واختياراتها، وتجارب التاريخ كثيرة. طوفان الاقصى الاول في السابع من تشرين اول / اكتوبر وارتداداته في طوفان الوعد الصادق ومن ثم استمراره في طوفان الطلبة والغضب الشعبي في الجامعات والعواصم والمدن الكبيرة والصغيرة في الغرب والشرق من الكرة الارضية، منذ اندلاعه والى اليوم، يسجل تحولا تاريخيا في الوعي والموقف، ويقدم تقديرا معبرا ومحطة جديدة للقضية الفلسطينية وانتصارها التاريخي رغم كل الدم والدمار.
#كاظم_الموسوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طوفان الهدهد امتدادٌ آخر لطوفان الأقصى
-
تحيات إلى «الجنوب»
-
طوفان الطلبة.. مقدمات وتحولات
-
وداعا باقر ابراهيم…!
-
طوفان الغضب الشعبي في العالم من اجل غزة خصوصا وفلسطين عموما
-
النازشية الصهيونية لمواجهة -طوفان الأقصى-
-
مصداقية ممثلي الشعوب وطوفان الاقصى
-
«طوفان الأقصى» وطوفان الغضب الشعبي
-
حركةُ التحرّر الوطني العربيّة واتفاقيّة أوسلو الفلسطينيّة
-
صباحا ازور الحديقة
-
الولايات المتحدة واحتلال العراق: بعد عشرين عاما العنوان يتكر
...
-
عن احتجاجات الشوارع الاوروبية
-
المعموري والاسطورة في السرد العربي
-
المشهد السياسي في العراق: من الانسداد الى التدوير..
-
قراءة في مذكرات محسن الشيخ راضي ج2
-
الشيخ الماشطة ورواد التنوير في العراق
-
نهج الانصار*
-
عبد الفتاح ابراهيم والحركة الديمقراطية في العراق
-
عند البحيرة استعيد الذكرى
-
دم بشت آشان*
المزيد.....
-
رئيس الوزراء الفرنسي يعتزم إقرار الميزانية في التفاف على الب
...
-
إعلان حالة التأهب الجوي في خمس مقاطعات أوكرانية
-
زيلينسكي: سيتعين علينا الانتقال إلى المفاوضات مع روسيا بعد ل
...
-
الجيش الأمريكي يكشف هوية الجندية في المروحية التي اصطدمت بطا
...
-
إسبانيا.. إقالة السفير الإسباني في بروكسل لسبب غريب
-
سفير روسيا في الدنمارك: موسكو لن تسمح بتحويل البلطيق إلى بحر
...
-
-أجمل كلمة في القاموس-.. ترامب يفرض رسومًا جمركية على المكسي
...
-
وسائل إعلام: ترودو يعقد اجتماعا طارئا بشأن رسوم ترامب
-
ترامب يوقع أمراً بفرض رسوم جمركية على السلع المستوردة من كند
...
-
فنزويلا تفرج عن 6 مواطنين أمريكيين بعد لقاء مبعوث ترامب بالر
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|