أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فرات المحسن - صناعة الفاشينيستا والبلوغرات في العراق















المزيد.....

صناعة الفاشينيستا والبلوغرات في العراق


فرات المحسن

الحوار المتمدن-العدد: 8026 - 2024 / 7 / 2 - 12:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الكثير من شخصيات البلوغرات والفاشينستات العراقية تتميز بتضخم الأنا على الرغم من فقرها الثقافي وعوزها المنهجي وسطحية طرحها. وتتنوع وتنشطر اهتماماتها بين عرض الأجساد والأزياء والثرثرة والصبينة ، ولتحسب هذه الاستعراضات الباهتة طريقة عمل مبررة ونوع من البراعة والحذق وأسلوب حياة سمحت به فوضى الديمقراطية التي جلبها بريمر، وهي في التوصيف السيكولوجي دالة على روح التمرد بعد مرحلة طويلة عاشها المجتمع العراقي تحت وطأة رضوخ قسري واستكانة تحت سطوة متجبر وحشي قامع للحريات.
ولكن هذه الشخصيات تفصح وبشكل ما عن كيانات هشة تعاني من فقدان الأمن وتعيش القلق والخوف مما يخبؤه لها المستقبل، وتتلبسها مشاعر شح في الألفة والتآزر الروحي جراء الوقوع في تجارب حياتية سيئة عديدة، يتقدمها تشوه في التماسك الأسري أو فشل علاقة عاطفية. لذا نجد نشاطات هؤلاء لا تعد غير سذاجة ومباهاة وهدر للطاقات والملكات الإنسانية.
هدر الطاقات هذا يعد إجحافًا واهانة لقيمة الحياة الإنسانية وكرامتها، ويأتي ناتجًا لحالة الخوف والمقرون بالتخلف، وحينها يلجأ المرء للبحث عن معيار يبتعد فيه عن واقعه المرير، وهذا لن يتم عند البعض بغير البحث عن الثراء أو الرواج إعلاميا، أي الشهرة أو ما يسمى اليوم باللغة العراقية الدارجة الطشة، وجعل الإعلام ووسائل التواصل ساحة مكشوفة لعرض العضلات والصراع لحشد المؤازرين والمتابعين. ولكن هذا المعيار أو السلوك، في النتيجة النهائية، لن يكون غير مظهرا خارجيا لا يخفي مشاكل الإنسان الحقيقية. لذا فالتصرفات الاستعراضية لهؤلاء، والرائجة اليوم إعلاميا ، تهدف في أساسها وفي الغالب التستر على عقد أو إخفاء عيوب وتنفيس جراء مشاعر الكبت والقمع المسلط.
الفاشينيستا توصيف لشخص محب ومولع بالموضة أو الحداثة، ولكن في ذات الوقت غير مهتم بالعلامات التجارية الباذخة والماركات العالمية المودرن. الكلمة مستخلصة من اللغة الإنكليزية Fashionista وهي تعني في الأصل وحرفيا الموضة، وتدل على من يعمل في مجال ترويج ماركات الملابس الحديثة أو غير المعروفة والغريبة، وتفسر عند البعض من العراقيين بامتلاك الشخص لموهبة أو مظهر غريب نوعا ما في الجسد والحركات والملبس والتصرفات، ليطلق عليه بالتعريف الدارج طاش أي مشهور، وهنا يحاول الشخص إيصال محتوى تجربته ومنهج تفكيره وعلاقاته وشخصيته من خلال الصوت والصورة وعرض المحتوى لموضوعة اهتمامه، من مثل السفر، الأزياء، السياسة،الغناء،الترفيه، الرياضة أو التلاعب باللغة أو عرض بضاعة وأي اهتمام أخر. ومن خلال ترويج هذا المحتوى يستطيع المرء جني المال، بجمع أعداد كثيرة للمهتمين بما يعرضه. ويسمى الشخص الذي يمارس هذا النشاط التجاري بالبلوغر Blogger
وهو يعني إنشاء مدونات على وسائل التواصل الاجتماعي تتناسب وأسلوب الحياة المعاشة والأفكار الشخصية.ولكن في مواجهة الابتذال والرثاثة التي تمارس دون قيود ورقابة، وباتت اليوم تدخل دون استئذان بيوت وعقول الكثير من أبناء شعبنا،لذا نتساءل، ما طبيعة الشبه بين تلك التوصيفات العملية المهنية، وأفعال ونشاط البلوغرات والفاشينستات العراقيين ؟.
الكثير من البلوغرات والفاشينستات العراقيين هم من طبقات المجتمع الدنيا أو من المجاميع حديثة النعمة التي ظهر عليها الثراء بعد عام الاحتلال الأمريكي واختلال وضياع بوصلة الاقتصاد العراقي، وما نتج عنه من تضخم وتكدس للثروات واتساعها اثر عمليات نهب وغش وسرقات، وتلاعب بوثائق ومستندات، وتجارة لمواد ممنوعة أو مهربة أو سطو وابتزاز. ورافق تلك النعمة الطارئة غزو فائق السرعة لوسائل الإعلام الثقافية والعلمية والترفيه، وسهولة حصول العراقي على تقنيات المعلومة وتخزينها واستخدامها مما أباح للمجتمع المتعطش للحرية، أن يخرج للعلن من أسره الرضوخي القهري إلى فضاء الفوضى الخلاقة التي جلبها رامسفيلد بخصوصية مميزة وإفراط وانفلات نادرين، وبعواقب غير محسوبة ، لينقلنا نحو عالم تتضارب وتتصارع فيه الكثير من الأفكار والتخصصات والرؤى الغريبة، وتختل فيه التوازنات وتتضخم عند البعض من جراء ذاتية آنوية مفرطة تبيح له استغلال الظروف، واستغلال التقنيات والحرية المطلقة، ليمارس مختلف النزوات وأسوء التصرفات، دون حساب أو رقيب، وتكون هذه الأفعال والتصرفات جزءًا من زمن يتلون بصبغة فاقعة من تخلف الأفكار وانحسار الثقافة التنويرية وصعود مد الانحطاط والابتذال والخرافات والعمى الفكري والقدرية العمياء.
الفاشينيستا والبلوغرات العراقيون هم ورثة الخوف المجتمعي الذي أورثنا إياه حكم حزب البعث على رغم القطيعة الزمنية غير البعيدة، لذا نرى هؤلاء يدورون في ذات الفلك ليكونوا أمناء على الفكر الجمعي الذي يبقي سماته راسخة في وجدان الناس وتظل ظواهره ودلالاته الاجتماعية والنفسية ثابتة تتوالد وتفرز التوافق الوجداني الحاسم، بدءًا من عدم التخلي عن فكرة تسيد القوة وجبروت السلاح. لذا تلجا هذه الشخصيات لكسب ود ونيل رضا وسطوة القوى المسلحة بمختلف مسمياتها، لتجد في أحضانها الأمن والحصانة، وحين يُحْكم الدخول تحت أجنحة حماية تلك القوى، يحصل تواطؤ وتشابك حلقي بين هؤلاء ورجال يحسبون على مراكز قوى سياسية أو أمنية أو مليشيات وعصابات، توفر لهم الحماية وتقدم لهم التسهيلات المصرفية، ويمنحون حصانة وتفاضل بأشكال وحجوم مختلفة، منها جوازات سفر دبلوماسية وإعفاءات ضريبية وقبل كل هذا عدم الرضوخ للقضاء أو المساءلة. ولكن ومع جميع تلك الإجراءات التفضيلية فأن تلك القوى لا تعافهم على غارب هواهم، لذا تضعهم بالإكراه والتطويع ضمن لعبتها اليومية في لي الأذرع الذي تمارسه ضد بعضها، ولن يكون ذلك غير طمأنة للمصالح الشخصية والحزبية الاقتصادية والمهنية لتلك القوى، التي تكون في الغالب مشكوك بمصادرها
وشرعيتها ، لتصيرهم في النهاية محترفين أسرى الابتذال، ومن ثم ليكونوا في أدنى سلم الإنسانية، ويتحول الكثير منهم إلى ذباب الكتروني مأجور، وربما ينتهي شوط علاقتهم والحاجة لهم حين يتمادى البعض منهم باللعب خارج الحدود المرسومة له، أو محاولة التفرد في صياغة محتوى ( خابط) بعيد عن مصالح القوى المسلحة، عندها يسارع فتيان السلاح لجز العلاقة وقلعها من جذورها .
وبسبب هذه الشراكة غير الأخلاقية تفاقم وضع أغلب البلوغرات والفاشينستات وتحولت مهنهم إلى عمليات ابتذال وترهات واستعراض أجساد والضحك واللهو والتهريج وخروج عن القيم المجتمعية والحط من الفطرة الإنسانية. وكثرت بوجودهم ورسخت ظواهر مهينة تحط من قيمة العمل وقدرة الإنسان على الخلق والإبداع المنظم، واستغلال الطاقات والتقنيات لبناء محتوى مبهر وملهم للآخرين، بجمال موضوعاته ومهنيته وصدق تعابيره وبساطة واكتمال نموذجها الحضاري الحيوي الذي يروج للمحبة والعواطف النبيلة والتسامح ومظاهر الخير، ويعرض للناس مواضيع ذات أهداف وغايات عقلية منطقية وعلمية، تؤكد على جمال الروح ونبالة وشرف العلاقات والعمل المنتج القادر على تغيير ذهنية الأخر وميوله إلى ما هو أفضل نفسيا، ليتحول العمل ومحتواه إلى قوة وموضوعة تطمئن النفس في يومها وغدها .



#فرات_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعدد مراكز القوى ومستقبل العملية السياسية
- الحرب والعودة إلى الوادي المقدس/ ج الأخير
- الحرب والعودة إلى الوادي المقدس/ ج الثاني
- الحرب والعودة إلى الوادي المقدس/ ج الأول
- السلطة وخيار الديمقراطية.
- الوقوف عند الزمن الأخر/ ج الأخير
- الوقوف عند الزمن الأخر /ج4
- الوقوف عند الزمن الأخر /ج3
- الوقوف عند الزمن الأخر/ج2
- الوقوف عند الزمن الأخر
- اللجوء: لا ضمان في البحث عن بر الأمان
- الموالاة كمدخل لإحكام السيطرة على السلطة
- حماية الطفولة من عبث تجار العنف
- صناعة الإرهاب إعلاميا
- أرواح للشجر.. ج الاخير
- أرواح للشجر.. ج الأول
- مجالس المحافظات صراع الأخوة الأعداء
- بقعة الدم
- تلك الأيام المضنية : ج الأخير
- تلك الأيام المضنية ج 4


المزيد.....




- مصر.. نجيب ساويرس يثير تفاعلا بتعليقه على تعيين وزيرة سابقة ...
- الحكومة المصرية تصدر قرارات جديدة في أول يوم عمل لها
- إسرائيل -تدرس- رد حماس على مقترح وقف إطلاق النار في غزة
- مأساة طبيب سعودي في سويسرا تشعل مواقع التواصل
- لافروف حول قبول بيلاروس في -شنغهاي-: حريصون على مشاركة دولة ...
- -بلومبرغ-: زيلينسكي يستبعد حضور بوتين -قمة السلام المقبلة- ح ...
- الإكوادور.. ضبط 3 أطنان من الكوكايين في شحنة موز متجهة إلى ر ...
- الطيران الحربي الإسرائيلي ينفذ غارات على بلدات في جنوب لبنان ...
- السبب الرئيسي لظاهرة الاحتباس الحراري
- صورة -رئيسي- ترافق الرئيس الإيراني المؤقت في قمة شنغهاي (فيد ...


المزيد.....

- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فرات المحسن - صناعة الفاشينيستا والبلوغرات في العراق