أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي حسين يوسف - التَّعارُضُ بَيْنَ المَناهِجِ النَّقْدِيَّةِ المُعاصِرَةِ وَعَدَدٍ مِنْ مَبادِئِ الإسلامِ














المزيد.....

التَّعارُضُ بَيْنَ المَناهِجِ النَّقْدِيَّةِ المُعاصِرَةِ وَعَدَدٍ مِنْ مَبادِئِ الإسلامِ


علي حسين يوسف
(Ali Huseein Yousif)


الحوار المتمدن-العدد: 8021 - 2024 / 6 / 27 - 00:49
المحور: الادب والفن
    


في المَناهِجِ النَّقْدِيَّةِ المُعاصِرَةِ، تُوجَدُ عِدَّةُ مَقولاتٍ فَلْسَفِيَّةٍ تَتَعارَضُ مَعَ مَبادِئِ الإسلامِ. هٰذِهِ المَقولاتُ تَنْبَثِقُ مِنْ تَيّاراتٍ فِكْرِيَّةٍ مُتَعَدِّدَةٍ مِثْلَ البِنْيوِيَّةِ، ما بَعْدَ البِنْيوِيَّةِ، التَّفْكِيكِيَّةِ، وَالحَداثَةِ وَما بَعْدَ الحَداثَةِ. مِنْ هٰذِهِ المَقولاتِ:
١. نِسْبِيَّةُ الحَقيقَةِ وَالمَعْرِفَةِ
تَدْعُو الفَلْسَفاتُ المُعاصِرَةُ، وَخاصَّةً ما بَعْدَ الحَداثَةِ، إلىٰ فِكْرَةِ نِسْبِيَّةِ الحَقيقَةِ وَالمَعْرِفَةِ، حَيْثُ لا تُوجَدُ حَقيقَةٌ مُطْلَقَةٌ وَإِنَّ المَعارِفَ كُلَّها مُرْتَبِطَةٌ بِالسِّياقاتِ الثَّقافِيَّةِ وَالاجْتِماعِيَّةِ. هٰذِهِ الفِكْرَةُ تَتَعارَضُ مَعَ الإسلامِ الَّذي يُؤْمِنُ بِوُجُودِ حَقيقَةٍ مُطْلَقَةٍ تَتَمَثَّلُ في وُجُودِ اللهِ وَوَحْدانِيَّتِهِ، وَالحَقائِقِ الَّتي أَنْزَلَها في كِتابِهِ الكَريمِ.
القُرْآنُ يُوضِّحُ أَنَّ الحَقيقَةَ ثابِتَةٌ وَمُطْلَقَةٌ في قَوْلِهِ تَعالىٰ: {ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} (الحَجُّ: ٦٢). كَذٰلِكَ، يُؤَكِّدُ القُرْآنُ عَلَىٰ يَقِينِيَّةِ العِلْمِ في قَوْلِهِ: {وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ} (الحاقَّةُ: ٥١).
٢. إِنْكارُ الغائِيّاتِ وَالغَاياتِ العُلْيا
تَتَجَنَّبُ بَعْضُ المَناهِجِ النَّقْدِيَّةِ، مِثْلَ البِنْيوِيَّةِ وَالتَّفْكِيكِيَّةِ، البَحْثَ عَنْ الغَاياتِ العُلْيا أَوِ الغائِيَّةِ في النُّصُوصِ، مُعْتَبِرَةً أَنَّ النُّصُوصَ تُفَسَّرُ بِناءً عَلَىٰ بُنْيَتِها الدّاخِلِيَّةِ فَقَطْ. الإسلامُ، عَلَىٰ العَكْسِ، يُؤْمِنُ بِوُجُودِ غاياتٍ عُلْيا وَهَدَفٍ نِهائِيٍّ لِلْحَياةِ وَهُوَ عِبادَةُ اللهِ وَالسَّعْيُ لِنَيْلِ رِضاهُ.
في القُرْآنِ، يُذْكَرُ الهَدَفُ مِنْ خَلْقِ الإنْسانِ بِوُضُوحٍ في قَوْلِهِ تَعالىٰ: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذّارِياتِ: ٥٦). هٰذا يَدُلُّ عَلَىٰ أَنَّ لِلْحَياةِ هَدَفاً سامِياً وَهُوَ العِبادَةُ وَتَحْقيقُ القِيَمِ الإلٰهِيةِ.
٣. الشَّكُّ المَنْهَجِيّ
يَعْتَمِدُ بَعْضُ الفَلَاسِفَةِ وَالنُّقَّادِ المُعاصِرِينَ عَلَىٰ الشَّكِّ المَنْهَجِيِّ كَأَساسٍ لِفَهْمِ النُّصُوصِ وَالواقِعِ. هٰذِهِ الفِكْرَةُ تَتَعارَضُ مَعَ مَبْدَأِ اليَقِينِ الَّذي يَدْعُو إِلَيْهِ الإسلامُ. فَالشَّكُّ المُبالَغُ فيهِ قَدْ يُؤَدِّي إِلَىٰ زَعْزَعَةِ الإيمانِ بِالحَقائِقِ الدِّينِيَّةِ وَالأَخْلاقِيَّةِ الثّابِتَةِ.
الإسلامُ يَحُثُّ عَلَىٰ اليَقِينِ وَالثِّقَةِ بِوَحْيِ اللهِ، كَما في قَوْلِهِ تَعالىٰ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} (الحُجُراتِ: ٦)، حَيْثُ يَدْعُو القُرْآنُ لِلتَّحَقُّقِ وَلَكِنْ لا يَدْعُو لِلشَّكِّ الدّائِمِ، بَلْ لِلتَّثَبُّتِ وُصُولاً لِلْيَقِينِ.
٤. إِلْغاءُ الميتافيزيقا
بَعْضُ الاتِّجاهاتِ النَّقْدِيَّةِ تُنادِي بِإِلْغاءِ الميتافيزيقا وَالتَّرْكِيزِ فَقَطْ عَلَىٰ العالَمِ المادِّيِّ وَالتَّجْرِبَةِ الحِسِّيَّةِ. الإسلامُ، مِنْ جِهَتِهِ، يُعْطِي أَهَمِّيَّةً كَبِيرَةً لِلْعالَمِ الغَيْبِيِّ وَالميتافيزيقِيِّ، مِثْلَ الإيمانِ بِاللهِ، المَلائِكَةِ، اليَوْمِ الآخِرِ، وَالقَدَرِ.
القُرْآنُ يُؤَكِّدُ عَلَىٰ الإيمانِ بِالغَيْبِ في قَوْلِهِ: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} (البَقَرَةُ: ٣). هٰذا يُعَكِسُ أَهَمِّيَّةَ البُعْدِ الميتافيزيقِيِّ في العَقِيدَةِ الإسلامِيَّةِ.
٥. الحُرِّيَّةُ المُطْلَقَةُ وَالتَّشْكِيكُ في السُّلْطَةِ
تُرَوِّجُ بَعْضُ الفَلْسَفاتِ الحَديثَةِ لِفِكْرَةِ الحُرِّيَّةِ المُطْلَقَةِ لِلْفَرْدِ وَالتَّشْكِيكِ المُسْتَمِرِّ في جَمِيعِ أَشْكالِ السُّلْطَةِ بِما في ذٰلِكَ السُّلْطَةِ الدِّينِيَّةِ. بَيْنَما الإسلامُ يُقِيمُ نِظاماً مُتَوازِناً يَعْتَرِفُ بِضَرُورَةِ الحُرِّيَّةِ ضِمْنَ إِطَارِ الشَّرْعِ الإِلٰهِيِّ، وَيُؤَكِّدُ عَلَى احْتِرَامِ السُّلْطَةِ الشَّرْعِيَّةِ المُسْتَمَدَّةِ مِنَ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
القُرْآنُ الكَرِيمُ بِدَوْرِهِ يَنْصُّ عَلَى أَهَمِّيَّةِ الطَّاعَةِ في قَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ} (النِّسَاءِ: ٥٩). هٰذِهِ الطَّاعَةُ تُنَظِّمُ الحَيَاةَ الاجْتِمَاعِيَّةَ وَالسِّيَاسِيَّةَ ضِمْنَ إِطَارِ الشَّرِيعَةِ الإِسْلَامِيَّةِ.
مِمَّا تَقَدَّمَ، يَتَّضِحُ أَنَّ الإِسْلَامَ يُعَارِضُ بَعْضَ المَقولَاتِ الفَلْسَفِيَّةِ في المَناهِجِ النَّقْدِيَّةِ المُعَاصِرَةِ لِأَنَّهَا تَتَنَاقَضُ مَعَ مَبَادِئِهِ الأَسَاسِيَّةِ المُتَعَلِّقَةِ بِالحَقِيقَةِ، الغَائِيَّةِ، اليَقِينِ، المِيتَافِيزِيقَا، وَالسُّلْطَةِ. يُؤَكِّدُ الإِسْلَامُ عَلَى وُجُودِ حَقِيقَةٍ مُطْلَقَةٍ، هَدَفٍ نِهَائِيٍّ، يَقِينٍ في المَعْرِفَةِ، أَهَمِّيَّةِ البُعْدِ الغَيْبِيِّ، وَاحْتِرَامِ النِّظَامِ الشَّرْعِيِّ، مِمَّا يُوَفِّرُ إِطَارًا مُتَكَامِلًا لِحَيَاةِ الإِنسَانِ لِكَيْ يُنَظِّمَ عَلَاقَتَهُ بِالخَالِقِ وَبِالآخَرِينَ.



#علي_حسين_يوسف (هاشتاغ)       Ali_Huseein_Yousif#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة الخلق في النص القرآني
- الجملة الثقافية، المفهوم والدلالة
- الأخ الكوني بين الواقع والخيال
- الطبيعة الإنسانيّة بين الخير والشّرّ
- الكوميديا الإلهيّة، الخيال الفائق
- الهُويّة النّقديّة واشكاليّات التّأسيس
- الرمز في الشعر العربي، التوظيف والتمثلات
- الرحلة الطلليّة في القصيدة الجاهليّة: قراءة في رمزيّة الوقوف ...
- اللغة والكتابة وسرديات الأصل
- مسيرةُ المفهوم من جزئيّات الّلغة إلى كليّات الوجود
- الفلسفة المثاليّة , شاعريَّة اللغة ووحدة الوجود
- جرير والفرزدق , صراع أدبي أم أخلاقي
- الأنساق الثقافية ، التكوّن والتّأثير
- كن حكيما
- حدود العقل
- المشاكسة بوصفها انعكاسا للصراع الطبقي
- براهين وجود الله بين الفلسفة والدين
- أدبيات كورونا
- تجربة يحيى السماوي من منظار آخر , قراءة في كتاب (مرافئُ فِي ...
- التحليل النفسي وأثره في دراسة الأدب


المزيد.....




- التمثيل السياسي للشباب في كردستان.. طموح يصطدم بعقبات مختلفة ...
- رشاد أبو شاور.. رحيل رائد بارز في سرديات الالتزام وأدب المقا ...
- فيلم -وحشتيني-.. سيرة ذاتية تحمل بصمة يوسف شاهين
- قهوة مجانية على رصيف الحمراء.. لبنانيون نازحون يجتمعون في بي ...
- يشبهونني -بويل سميث-.. ما حقيقة دخول نجم الزمالك المصري عالم ...
- المسألة الشرقية والغارة على العالم الإسلامي
- التبرع بالأعضاء ثقافة توثق العطاء في لفتة إنسانية
- التبرع بالأعضاء ثقافة توثق العطاء في لفتة انسانية
- دار الكتب والوثائق تستذكر المُلهمة (سماء الأمير) في معرضٍ لل ...
- قسم الإعلام التطبيقي بكليات التقنية العليا الإماراتية والمدر ...


المزيد.....

- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي حسين يوسف - التَّعارُضُ بَيْنَ المَناهِجِ النَّقْدِيَّةِ المُعاصِرَةِ وَعَدَدٍ مِنْ مَبادِئِ الإسلامِ