غازي الصوراني
مفكر وباحث فلسطيني
الحوار المتمدن-العدد: 8020 - 2024 / 6 / 26 - 19:05
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لقد كان الوطن العربي حتى منتصف القرن العشرين مجتمعاً قبلياً أو شبه قبلي، لم تتحول قبائله بعد إلى شعوب تنتمي إلى أوطان قطرية أي لم تنجح بعد في الارتفاع إلى مستوى التوحيد القطري ، كما هو حال دويلات الخليج والسعودية واليمن وليبيا وموريتانيا. كذلك فإن معظم الدول العربية_ حتى اللحظة الراهنة ونحن في عام 2024 _ لم تتخلص كليا من مرجعياتها العشائرية والقبائلية والطائفية والمذهبية والتراثية الرجعية ؛ كما أن معظم بلدان الوطن العربي ما زالت تعيش حالة غير مسبوقة من التبعية للامبريالية إلى جانب مما أدى إلى تكريس حالة شديدة الخطورة من تعميق التخلف الحداثي بسبب عجزها عن تحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية والمواطنة ؛وعجزها في تحقيق وتطبيق أسس التنوير والمعرفة العلمية ؛الى جانب عجز معظمها عن النهوض والتقدم الصناعي وعجزها عن تحرير المرأة وتمكينها.
وإذا كانت الأقطار العربية الآن قد طورت اقتصادها على أسس رأسمالية إلاّ أنها أسس قائمة ضمن علاقات رأسمالية تابعة ومختلطة مع بقايا الإقطاع والقبائل والعشائر والطوائف، وبالتالي فإنها مازالت مجتمعات غير متبلورة طبقيا ومحكومة لقواعد وبرامج العلاقات الرأسمالية التابعة الرثة والمشوهة ، ما يعني أن تطورها الرأسمالي لم يصب في مجرى تطوير أسواقها الداخلية المفتتة بقدر ما ربطها أكثر من ذي قبل بالسوق الرأسمالية العالمية. ولذلك تخلفت عملية تكوين السوق القومية العربية حتى الآن، وتخلفت عملية تبلور المفاهيم القومية العربية بأسرها واقعياً وعملياً في أوساط الجماهير ، حيث ظلت عملية تداول القضية القومية عملية شكلية شعاراتية ديماغوجية لا أساس لها في الواقع الاقتصادي والاجتماعي في بلدان الوطن العربي ، بل أصبحت منسية تماما واسدل الستار عليها،وبالتالي لم تعد قضية الهوية العربية مطروحة فقط من منطلق القومية بل أصحبت مطروحة من منطلق الدين أيضاً في ظل تكريس الهويات القطرية التابعة والمتخلفة .
أخيراً لا بد من التأكيد بوضوح شديد: إذا كانت المرحلة الرأسمالية قد فشلت في قيام الأمة العربية الواحدة ؛ فإن هذا الهدف التاريخي الضروري لن يتحقق إلا في ظل النهوض التقدمي التنموي الاقتصادي الصناعي ، وإن جدلية التطور سوف تلقى على عاتق القوى السياسية التقدمية الديمقراطية مهمة استكمال بناء الأمة العربية بعد أن بات واضحاً ان القوى الرأسمالية التابعة في بلدان الوطن العربي ليس لها مصلحة أبدا في بلورة أسس الوحدة القومية الخالية تماما من كل أشكال ومفاهيم التعصب الشوفيني ، ما يؤكد على أن هذه المهمة مرتبطة بتطور القوى السياسية الاشتراكية الديمقراطية في مغرب ومشرق الوطن العربي مثلها مثل بقية مهام الثورة الوطنية الديمقراطية العربية .
#غازي_الصوراني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟