فوز حمزة
الحوار المتمدن-العدد: 8019 - 2024 / 6 / 25 - 18:11
المحور:
الادب والفن
كانت الشمس على وشك المغيب حينما أمسك به رجلان ورمياه داخل سيارة مغمض العينين. بعد ساعات من الانتظار، أدخلوه غرفة تفوح منها رائحة سجائر فاخرة، وعطور اختلطت برائحة الزمن المتعفن. كانوا أربعة رجال، بالكاد رآهم بعد أن رفعوا عن عينيه العصابة، سألهم مستغربًا:
- ماذا تريدون مني؟!.
أجاب كبيرهم:
- نريد كل شيء.
- لا أملك ما أعطيه لكم!.
- أخبرنا أولًا اسم أمك.
- ثم ماذا بعد اسم أمي؟.
- اسم أبيك، ثم أسماء إخوتك.
- لكن أبي مات!.
- نعلم .. نحن من أهال عليه التراب وكذلك نعلم مصير أخوتك.
- ثم ماذا؟.
- كم عمرك؟.
- لا أدري بالضبط، لكنها كل سنوات القحط التي مرتْ!.
صرخ أوسطهم :
- اخرس، كيف تجرؤ؟!.
سأله كبيرهم حينما هم بالنهوض:
- أخبرنا ما مهنتك؟ بعدها اسم الحسناء جارتك.
- الحسناء جارتي؟!.
- نعلم أنك تعشقها والعشق ممنوع في شريعتنا.
- مَنْ أنتم؟.
ضحكوا جميعهم قبل أن يقولوا في وقت واحد:
- نحن القضاة الجلادون!.
نظر لأحدهم وقد كان يعرفه، سألهم مشيرًا له:
- هل هذا الأعور معكم؟.
- اخرس وأجب، أين كنت قبل أيام؟.
- كنت في الشارع، أبحث عن سبحة أبي وقرط الحسناء جارتي.
- ما بال وجهك وقد انسلخ اللحم عنه؟.
- يعاني الترقب الذي طال تحت أشعة الشمس!.
- لكن الوقت شتاء!.
- حقًا؟ لم أعد أميز الفصول!.
اقترب منه أصغرهم، هامسًا في أذنه:
- كيف عدتَ للحياة مرة أخرى؟!. ألم نقتلكَ في العام الماضي؟!.
- وستقتلوني في العام القادم، لكن دون نهاية.
- لِمَ عدتَ إذًا؟.
- قدري أن أعود!.
صاحوا بصوت واحد :
- هذا ممنوع، هذه المرة سنقطع يديكَ، ورجليكَ كي لا تفكر في الرجوع..
- حينها أزحف نحو أحلامي .. ربما يعانقها أخي بدلًا عني!.
- لك أنْ تتنبأ بما سنفعله بك؟.
- هل لي بطلب قبل أن تتقاسموني بينكم؟.
نظروا لبعضهم، فهز الأعور رأسه علامة الموافقة، قائلًا:
- لك ذلك..
- أخبروا الحسناء جارتي أني سأعود .. ما عليها سوى ترك الأبواب مشرعة!.
#فوز_حمزة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟