عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث
الحوار المتمدن-العدد: 8019 - 2024 / 6 / 25 - 16:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الهَشَّات من الهشت، في اللهجة اللبنانية، أي الكذب أو العرط والكذب باللهجة الأردنية الدارجة.
في قرية ما، لنفترض أنها تقع في كوكب نبتون، شعر راعي أغنام وكان شابًّا صغير السن بالملل،
ففكر بطريقة ما يطرد بها الملل ويتسلى. خطرت بباله فكرة، وعزم على تنفيذها. دب الصوت ونادى أهل قريته مستغيثًا: الذئب.... الذئب سيأكلني.... أنقذوني يا قوم.... أغيثوني، الذئب سيأكلني...
هَبَّ أهل القرية بقضهم وقضيضهم صوب المنادي المستغيث لينقذوه وينجدوه، ولكن عندما وصلوا عنده
لم يشاهدوا ذئبًا ولا جحشًا حتى. الأغبياء منهم وهم الأكثر عددًا بالطبع، التمسوا للراعي عذرًا بحجة أنهم اعتادوه صادقًا أمينًا. ومنهم من شطح به هبل التبرير، فأخذ يشيع في الناس أن رؤية ربما تراءت له أو شُبِّه له ذئب يهاجمه. الأذكياء ومن فيهم شوية عقل، وهم الأقلية طبعًا، راحوا يتوجسون، ومنهم من راح يهمس: هذا كذاب يضمر أمرًا ما أو يريد صرف الانتباه عن فضائح أقدم عليها أو ينتوي فعل ذلك.
عاد القوم إلى مرابعهم على وجه بعضهم تبدو ملامح التعب والإنهاك واضحة جلية، وعلى وجوه غيرهم تتخايل ملامح علامات الاستفهام. أما الراعي فقد أعجبته "السولافة"، وما هي سوى أيام قليلة مَرَّت حتى عاد إلى تكرار ما فعل في المرة السابقة. هبت الأكثرية مدفوعة بالعواطف، والعقل مقيد في مكان آخر، لانقاذ ابن قريتهم، لكنهم لم يجدوا أي أثر لذئب ولا لبغل. المتوجسون من المرة الأولى، ازدادوا توجسًا على توجسهم، وتخلقت لديهم قناعات بأن هذا الراعي يهشت، وفي نيته مقارفة ما يشين وينكس الرؤوس.
وعندما سمعوه يستغيث للمرة الثالثة، انقسموا إلى قسمين بين مُصدق ومُكذب. دبت الخلافات في صفوفهم، ولم تلبث أن تحولت إلى اشتباكات بالعصي بداية، وما هي إلا دقائق حتى أُضيفت إليها القناوي والسلاح الأبيض، فيما سرب من الذئاب يستمتع بتناول مائدة شهية من اللحوم البلدية الطازجة، وعدد منها يتناوش لحم الراعي الهَشَّات وشحمه !
*ملاحظة: قبل أن يستدرك علينا مُستدرك، نشير إلى أننا عمدنا إلى إجراء تغيير في سرد هذه القصة كما تُتَداول، وفي العمد قصد.
#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟