أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مقداد مسعود - (الحرب التي أحرقت تولستوي) رواية زينب السعود















المزيد.....

(الحرب التي أحرقت تولستوي) رواية زينب السعود


مقداد مسعود

الحوار المتمدن-العدد: 8017 - 2024 / 6 / 23 - 15:38
المحور: الادب والفن
    


منذ سنوات أصيبت عناوين الرواية الأجنبية والعربية بهذه الموضة: أعني أن يحمل العنوان اسما لشخصية مشهورة (على سرير فرويد).. (من يخاف من فرجينا وولف؟).. (دماغ لينين). ربما رائدة هذه الموضة في خمسينات القرن الماضي هي الروائية فرانسوا ساغان، حين حملت روايتها العنوان التالي (هل تحبين برامز؟). بالنسبة لي أرى أن هذه الموضة تشتغل على نظام الاستعانة فيكون الاقتران بين اسميّ المؤلف واسم شخصية مشهورة. وكأن الأمر دخل ضمن الفاصل الإعلاني.
(*)
بالنسبة لرواية (الحرب التي أحرقت تولستوي).. العنوان يستفز تساؤل القارئ، ويحيل بعض القرّاء إلى عنوان رواية تولستوي (الحرب والسلم)، هنا يكون التساؤل: أهناك تناص روائي بين رواية زينب السعود وملحمة تولستوي؟ كما هو الحال في (أبناء الجبلاوي) للروائي إبراهيم فرغلي حيث عنون المؤلف الفصول بعناوين بعض مؤلفات نجيب محفوظ. أو كما عمل الروائي رشيد الضعيف في روايته (معبد في بغداد). وقارئ آخر ربما يسأل: هل احترقت موهبة تولستوي بعد انجازه روايته الملحمية العظيمة (الحرب والسلّم)؟ وما كتبه بعد هذه الرواية محض هوامش سردية تحاول أن تكون رواية ً؟ السؤال الأخر.. إذا تجاوزنا تأويلنا السابق: أية حرب احترق فيها تولستوي؟ وتولستوي هو(مرآة الثورة الروسية) وما بين القوسين هو عنوان كراسة تحتوي مقالات في علم الجمال كتبها فلاديمير لينين عن شخصية تولستوي وعن منجزه ِ. وهناك لعبة (العنوان المخادع) الذي تستفيد منه دار النشر. رواية (المركب) للروائي العراقي غائب طعمة فرمان.. لم يكن اسمها (المركب)، هذا العنوان أطلقه على الرواية، الروائي سهيل إدريس صاحب دار الآداب. عنوان رواية غائب (أم الخنازير) وهي جزيرة في نهر دجلة تجري فيها أحداث الرواية. لكن خوف دار الآداب آنذاك من سوء تأويل العنوان من قبل السلطة آنذاك جعله يغيّر العنوان.
(*)
(الحرب التي أحرقت تولستوي): تسلك مسارين: مسار عام تجسده الحرب الروسية الأوكرانية والظلال القاتمة لهذه الحرب على مجموعة من الطلبة العرب الذين كانوا يدرسون الطب في أحدى الجامعات الأوكرانية.
المسار الثاني يتجاور مع الأول ويختلف عنه بخصوصيته ِ المتمثلة بالمراسل الحربي يوسف. وزوجته جمانة التي تريده زوجا وأبا معها دائما وليس متنقلا بين الدول ويزور عائلته فترة قصيرة بين الحين والآخر. وهناك مسار ثالث لا علاقة له بالحرب: مسار شفيف مكتوم بين رشا ويوسف. والمسار الثالث هو الذي يهم قراءتي..
(*)
المراسل الصحفي يوسف شاب مندفع يحلم بتأسيس محطة اخبارية ولهذا الصحفي الحالم علاقة طيبة مع والد رشا، حين تسمع رشا صوته (دقات قلبها تتسارع كلّما سمعت صوته يُقرأها أحدى مقالاته لوالدها، لم تكن تفقه كثيراً من الكلام الذي كان يغزله بعناية، لكنّها لسبب لم تكن تعرفه عشقت صوته 120) يومها كانت رشا في فترة المراهقة وهي الآن تسأل نفسها، أثناء الحرب الأوكرانية الروسية: هل من الممكن أن يحتفظ القلب بذات الانفعال تجاه شخص ما بعد سنين من الانقطاع هي الآن أكملت السادسة والعشرين ويوسف على مشارف الأربعين. مكالمة يوسف اعادتها لتلك السنوات (كأن قلب المراهقة عاد إليها) يوسف كان يستمد من أستاذه الدكتور فارس، العزم والتشجيع، رشا عشقت الصحافة بسبب صوت يوسف، حين يكون في ضيافة والدها الدكتور فارس، لكن المعادلة جانحة نحو السلب بالنسبة لرشا، على ذمة السارد (أذكى والدُها حبَّ العمل الصحفي في قلب يوسف، ولكنّه أصر على قتل الحب ذاته في قلبها/ 145).. يوسف هو المراسل الصحفي الذي ارسلته الفضائية التي يعمل فيها إلى أوكرانيا يبذل جهدا كبيراً لترحيل الطلبة العرب من مدينة (كييف) حفاظاً على حياتهم من كثافة القصف الروسي. الطلبة في الفندق يصغون ليوسف وكيفية انقاذهم بعد رفضت السلطات الأوكرانية أن يكونوا في القطار مع العوائل الأوكرانية، ورشا كانت تصغي ليوسف معهم منجذبة لمؤثرية صوته وهنا يخبرنا السارد (هل ستتجاوز هاتين المحنتين محنة الحرب ومحنة لقاء يوسف من جديد؟/ 171) لحد هذه اللحظة من الحرب ماتزال رشا في طفولتها تلك التي تعلقت إذنها بصوت يوسف. لكن بسبب القصف ومحنة من معها من الطالبات والطلاب، وبسبب كيفية أن يكونوا خارج الحرب وعلى مشارف السلام.. من داخل رشا ستتساقط كثيرا ً من سلوكيتها تلك أثناء توديعها للمراسل الحربي يوسف، وتقدم له هدية بسيطة وهو يعود لوطنه جريحا وهو يعتبر انقاذها واجب وطني وحين يغلق يوسف باب حجرته فأن رشا ( أغلقت باباً في قلبها على مشاعر طفلة مراهقة، وجدت نفسها بين عشية وضحاها تكافح من أجل النجاة من حرب لا تعرف متى وكيف بدأت، وحتماً لا أحد يعرف متى وكيف ستنتهي/ 206).. الكل يعود إلى وطنه أعني الطلبة العرب والمراسل الحربي يوسف. هنا تتخلص رشا من مؤثرية صوت يوسف وهي تحيّه بسلامة عودتهِ، كما يخبرنا السارد قائلا (لأول مرة لم يرتعش قلبها لسماع صوته ورؤيته، كانت قوية متماسكة من الداخل. سرها هذا الشعور. أيقنت أنها نضجت وتخلصت من مشاعر زائفة أرهقتها سنوات 233) هل علينا أن نكابد من حرب ٍ حتى نتماسك من الداخل؟ رشا أثناء الحرب وهي في أوكرانيا كانت تحتاج منقذاً كبيراً فكان يوسف، لكن وهي الآن في وطنها انتفت حاجتها لمنقذ.. وبشهادة السارد في الرواية (تتغير قوانين الإنسانية في لحظة ليصبح المرء حبيس مصلحته الشخصية.. لأنّ حاجته إلى النجاة بنفسه أكبر من حاجته إلى إنقاذ غيره 211)
(*)
نعود إلى عنوان الرواية (الحرب التي أحرقت تولستوي) وأقول: العنوان ليس وصيف النص وكل العنوانات تبث رسائلها إلى القارئ ليتقرب من الكتب يتلمسها يتصفحها لأن إنتاج دلالة العنوان يمكن أن يدرس ضمن أنتاج الدلالة العامة للنصوص وكل فاعلية العنونة منبجسة من مهيمنة النص، وهكذا كل عنوان يحتوي خلية سردية موقوتة تتشظى بمؤثرية قراءة النص.. ونحن على مشارف نهاية الرواية تباغتنا بالمعلومة التالية (بحثت رشا بين أغراضها فوجدت رواية (آنا كارنينا)، كانت قد ابتاعتها من مكتبة الفندق ظنّا منها أنها ستتسلى بقراءتها أثناء طريقهم إلى لفيف. مدت يدها الممسكة بتولستوي إلى مُعاذ. مزّق أوراق الرواية... ضغط مُعاذ على رأس الولاعة فاندلع اللهب الأحمر قربها من الورق فاشتعلت النار فيه. 213) فالبرد قاس جدا والتدفئة معدومة وهم في طريق النجاة.
في قراءتي الثانية للرواية لم أعثر على أية شخصية لها اهتمام ثقافي بما فيهم رشا التي تبدو في الرواية طالبة نمطية في كلية الطب. ذات بعد واحد في الحياة، وشخصيات الرواية كان كل همّهم العودة لذويهم وهذا أمر طبيعي فهم لا دخل لهم بما يجري. ولم يتطرقوا في أحاديث إلى أي شأن ثقافي. وهذا يعني أن مؤلفة الرواية لم تمهد للقارئ بهذا الخصوص. أقول ذلك من خلال تجربتي كعراقي في الكتابة والحروب.. مَن يحب الكتب يتحاور مع الآخرين حولها.
في الصفحة الأخيرة من الرواية نقرأ المفاجأة السينمائية العربية التالية: (بقيت رشا واقفة في موقف السيارات بانتظار سيارة والدها، ألقت نظرها إلى داخل الكيس الذي قدّمه معاذ لها، كانت رواية (آنا كارنينا) لتولستوي! افترّ ثغرها عن ابتسامة كبيرة، تذكرت رحلتهم إلى (لفيف) فتحت الصفحة الأولى، قرأت الإهداء الذي كتبه ( إلى من أتهمتني بأنني أتجسس عليها، ولم تعتذر 235) هذه المفاجأة كمتلق أراها فائضة جدا ومقحمة على النص الروائي.
(*)
جمالية الرواية مهارتها في استعمال المونتاج في السرد. والاعتماد على فاعلية الحوار بين الشخوص. وموضوعتها ترّكز بنسبة عالية على نخبة من المقيمات والمقيمين في وطن الآخرين نخبة عرضة للقتل بِلا سبب.
(1) زينب السعود/ الحرب التي أحرقت تولستوي/ الأن ناشرون وموزعون/ عمّان الأردن/ ط1/ 2023
(2) مقداد مسعود في تقديمه لكتاب (ثريا النص) للأستاذ محمود عبد الوهاب/ المكتبة الأهلية في البصرة/ ط2/ 2021



#مقداد_مسعود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاحظات وجيزة / مجيد خدوري
- مجيد خدوري والباشا السعيد
- سلام عادل ونجيب سرور
- أحجار
- ثابت حبيب العاني/ عزيز شريف
- جاسم الحلوائي
- ( أهل النخيل) رواية جنان جاسم حلاوي
- سالم حميد (تل الرؤوس) الرواية الوعية بذاتِها
- لا تلفظ .. إلاّ ما هو ضروري
- طه حسين : من خلال شكري المبخوت وعبد الرزاق عيد
- الكائن المشطور( قناع بلون السماء)
- قصيدة التسعين
- شعرية الإضمار في القصيدة العربية( زهرة الرمان) للشاعر العراق ...
- (أشجان النخيل) والروائي إبراهيم عبد الرزاق
- محاضرتي في كلية الآداب/ قسم اللغة الانكليزية / مجمع كليات با ...
- الشاعر مجيد الموسوي : قصيدة إلى مقداد مسعود
- الروائي أحمد إبراهيم السعد : (وهن الحكايات) و(العراق سينما)
- الشاعر عبد السادة البصري ( لا.. كما نريد)
- سيرة سيدة الظلال الحرة( مسك الكفاية) للروائي باسم خندقجي
- الشاعر عبد السادة البصري (الشبّاك في السبيليات) لمقداد مسعود


المزيد.....




- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...
- 3isk : المؤسس عثمان الحلقة 171 مترجمة بجودة HD على قناة ATV ...
- -مين يصدق-.. أشرف عبدالباقي أمام عدسة ابنته زينة السينمائية ...
- NOOR PLAY .. المؤسس عثمان الموسم السادس الحلقه 171 مترجمة HD ...
- بجودة HD مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 171 مترجمة بالعربي علي قص ...
- بجودة HD مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 171 مترجمة بالعربي علي قص ...
- حالا استقبل تردد قناة روتانا سينما Rotana Cinema الجديد 2024 ...
- ممثل أميركي يرفض كوب -ستاربكس- على المسرح ويدعو إلى المقاطعة ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مقداد مسعود - (الحرب التي أحرقت تولستوي) رواية زينب السعود