أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريبر هبون - الرواية القصيرة (دروب من جمر لخورشيد شوزي –أنموذجاً)















المزيد.....

الرواية القصيرة (دروب من جمر لخورشيد شوزي –أنموذجاً)


ريبر هبون

الحوار المتمدن-العدد: 8014 - 2024 / 6 / 20 - 16:06
المحور: الادب والفن
    


تمهيد:
اعتمد الكاتب على تقنية السرد المكثف والانتقال المكاني المتسارع إلى جانب خلقه لمساحات الحوار بين الرجل والمرأة، هكذا جعل روايته نشطة وحيوية، والشخوص بداخلها رشيقوا الظل،السرد فيها متمايز بقلقه وإثارته لأسئلة وجودية فلسفية وقضايا شتى ، الرواية من القطع المتوسط صدرت عن دار النخبة المصرية ، عدد صفحاتها 130، وواضح من كلمة دروب أنه ركز على البعد المكاني ، رحلة الفرار، فرار اللاجئ من بلده المحترب ، وفرار المغترب نفسياً عن اغترابه، حيث بدأت الرواية من خلال مصادفة جمعت رجلاً وامرأة، ص9 : " شاب أنيقٌ ووسيم يروح ويجيء خلف المرأة بخطوات صغيرة، ويستقر فجأة بجانبها من حقيبته الصغيرة:
-ثوبك جميل
-شكراً معطفك أنيق
-شكراً آمل أن تصل الطائرة في الوقت المناسب.
- الطائرة وصلت قبل ربع ساعة، ألم تر اللوحة الالكترونية هناك؟"
مستويات الحوار هنا رشيقة تواكب وصف الملامح النفسية والجسدية لتضفي على المشهد إثارة معينة وهذه نقطة تحسب لصالح الرواية ، عندما تخوض في غرابة أطوار الشابين وانسجامهما الجسدي وتنافرهما السلوكي، من الواضح أن الحوار غلب على السرد في الرواية إجمالاً ، ميل الكاتب للثنائيات، جمالياً ممتع، فنياً له دلالاته التي تشير إلى إهتمام الكاتب بالتفاصيل ومحاولة فهم نفسية المرأة، مزاجها ، وميول الجنسين لبعضهما ومحاولتهما أن يلفتوا أنظار بعضهما بعضاً، ليديا ومارك يخوضان الكثير من المواقف والمسائل معاً وهما بالقرب من بعضيهما وعلى متن الطائرة، وظفهما الكاتب لطرق جملة من المعلومات والمسائل لاسيما تلك المتعلقة بطبيعة عمل مارك، ورغبته في النقاش وإقناع ليديا في بعض الأشياء المتعلقة بإضطرار اللاجئين للفرار من بلادهم.
لقد اختار الكاتب خورشيد شوزي هذا النمط من الكتابة التي تتوسط القصة والراوية أي ما نعدها بالرواية القصيرة حسب المتفق عليه اصطلاحاً متداولاً تبعاً للموضوع الذي استعرضه، عرض المتقابلات ما بين عدة حيوات لعدة شخوص يختلفون في الجغرافيا والرؤيا ونمط الحياة حيث اختار لكل منهم درباً من جمر.
تميزت الراوية بالحوارات الكثيرة والسرد الرشيق البعيد عن الرتابة، حيث يتخلل الحوار الرغبة، المنطق والتصارع فيهما بينهما وكذلك الولوج للكنه، الابتعاد عن السطحية، حيث أجاد الكاتب استنطاق مرح الأنثى ورغبة الشباب المتقدة في عيش اللحظات الحميمة ما بين طلبها أو الترفع عنها، لم يك ثمة من بطل رئيسي في الرواية وإنما أبطال ولم تك ثمة من مركزية تلتف حولها الرواية بأسرها وإنما كانت ثمة ثنائيات تتحدث، كذلك احتراف تصوير اللقطات الحميمة وهذا يجعل الرواية تمد فرعها باتجاه الرومانسي الذي يسبر الأغوار في الامتزاج الغرائزي بين الجنسين ص43 : "يقوم كل منهما بتغيير ملابس الحفل ويدخل مارك عرفة ليديا ليجدها لابسة بيجاما أنيقة حمراء اللون ضيقة على مقاس جسمها الرقيق، لتظهر بعضاً من مفاتن مؤخرتها المكورة الصغيرة ونهديها بارزي الحلمتين تحت القميص الرقيق وشعرها المنسدل على كتفيها بطياته الذهبية الممتزجة بضوء المصباح في لمعانه."
الرواية القصيرة بإمكانها مجاراة طبيعة العصر الذي نعيشه ، عصر يتسم بالسرعة والاختصار والاقتصاد اللغوي، حيث بات المتلقي أو القارئ ميالاً فيه للكتب القصيرة التي تحوي الزبدة بعيداً عن الحشو، التكرار واللغة الغامضة المعقدة ، بات القارئ يبحث عن المقتضب والمملوء بمادة معرفية لا تخلو من الإثارة والتحفيز، وإلى ذلك فليتنافس المبدعون ،سيان في أي مجال أو في أي فرع فيه يبدعون.
هنا تأخذني رواية خورشيد شوزي إلى ضرورة إفراد مساحة وقتية لفهم الطبائع الإنسانية وبلاشك أن الراوية القصيرة ستصبح متداولة أكثر على المدى القريب كونها تستجيب لعامل الوقت وكثرة الأعباء الملقية على عاتق الفرد المتلقي في ظل سعار المنظومة الإستهلاكية ونهشها لمفاصل حياتنا، حيث يقدم الكاتب مادة معرفية ، فنراه يخوض في بعض الأسماء الثقافية التي يضمنها على هيئة حوار ص56 : "كونراد ولد بالقرب من مدينة زوريخ السويسرية، ولكنه يعتبر في عداد الكتاب الألمان، عاش وفكر وكتب معتمداً الثقافة السويسرية الخليطة من الألمانية، الفرنسية والإيطالية ، كان شديد الإعجاب ببسماك ومن أبرز أعماله : "ثورة في الجبل" و " إغواء باسكارا ". "
الدرب الأول بدا حافلاً بالحب الإثارة ، الضحك ودقات القلب على وقع سيمفونية الحب ، تأكيداً على أنه من الضروري جداً أن يختار الكاتب بداية قوية مشوقة مفعمة بالإدهاش عندما يشرع في كتابة الرواية، أياً كان نوعها، شكلها ولاسيما عندما تكون الرواية قصيرة ، لا ينبغي أن يهدأ ذلك التشويق وإلا فإن القارئ سيغط في نوم عميق أو يقرر عدم إكمال الرواية، حيث تصلني كناقد العديد من الأعمال فاقدة الإثارة أو الفكرة من أصدقاء أو من أصدقائهم لأبين رأيي بها وأشعر بإحراج عندما يعود إلي الكاتب ليسألني فيما إن كنت قد قرأت كتابه أم لا وهذا يحدث في ظل وسط اجتماعي شرقي محفوف بالمجاملات، حيث انحياز المؤلف وشغفه الزائد بما يكتبه دون أن تسترعيه فكرة أن الآخرين لهم آرائهم وانطباعاتهم فعليه أن يستعد إذن لسماع تلك الآراء على تباينها ويأخذها في عين الاعتبار بمعزل عن محتواها ، وهنا يتباين كتّابنا في ردود أفعالهم تجاه نقد النقاد أو غير النقاد، فمن كاره للنقد ومحب للثناء ومن مدعٍ حبه للنقد والنقاد وممتعض من آراء لا تروقه، وهنا يجد الناقد صديق ذلك المؤلف، نفسه في موقف لا يحسد عليه، فإما أن يستمر في المواربة وخداع الكاتب كي تستمر صداقته به ولا تشوبها شائبة النقد، أو أن يصارحه بضرورة أن يقرأ أكثر أو يتأنى أي يعد للعشرة قبل التفكير بطباعة مخطوطه.
لنعد للرواية القصيرة من حيث كونها كما أسلفنا طرحاً عصرياً أكثر قرباً من متطلبات الحاضر، لقد أتقن الكاتب بناء السرد والحوار أكثر في القسم الأول من روايته أي الدرب الأول، راوياً بحذق وأناة تفاصيل نمو العلاقة الحميمة بين ليديا ومارك اللذين ذهبا معاً لإسبانيا في إجازة وعادا منها ببداية حب هادئ ومثير، أما الدرب الآخر فمغاير تماماً وتخلله استهلال لم يكن له من داعٍ فقد أضفى على الدرب الثاني نوعاً من الرتابة.
خلاصة: -
تجربة خورشيد شوزي هي الأولى في ميدان الرواية وقد تمكن من الإدهاش وتحقيق الرسالة المرجوة من عملية الكتابة، وفي هذا الفضاء الكتابي عبّر عن رغبة عميقة في الولوج للذوات بغية فهمها من خلال وضعه مقارنة جلية بين عوالم شرقية وغربية تلتقي في نهاية الرواية من خلال مشروع الإندماج والتعاطف مع الهاربين من شبح الحروب والأزمات في بلادهم.



#ريبر_هبون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملامح الاغتراب في رواية -وشمس أطلت على ديارنا الغريبة- للكات ...
- السرد ما بين الرتيب والمدهش زريعة إبليس لنسرين المؤدب نموذجا ...
- الدين ما بين الأسطورة والحقيقة للكاتب محمد شيخو مقاربات نقدي ...
- جدلية التنافر والنفور الكرديتين في رواية الجبال المصائد للكا ...
- أبناء العناكب
- اللقاء
- اجتهاد المؤول أم اقترافات التأويل للناقد خالد حسين
- (شنكالنامه وتأريخ الوجع لابراهيم اليوسف)
- نحيب على الطريق
- رأس السبّابة المبتور
- قراءة في كتاب الكورد والإرهاب للكاتب إدريس عمر
- الفرقة 17 للكاتب الكوردستاني زارا صالح ملامح من حياتنا
- وطأة اليقين لهوشنك أوسي تستحق الجائزة
- دلالات الصور على الحائط للكاتبة اليهودية تسيونيت فتّال
- تأثير البيئة على الوافد الجديد
- نظرة فلسفية حول التنازع
- ثنائية الأنا والآخر
- العقل المعرفي الشرق أوسطي بمواجهة القمع
- موت ديلمان
- جثث الأحلام المحترقة


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريبر هبون - الرواية القصيرة (دروب من جمر لخورشيد شوزي –أنموذجاً)