أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - من جسد السلطة إلى سلطة الأجساد: الجسد، الفرد والذات عند فوكو (الجزء الرابع)














المزيد.....


من جسد السلطة إلى سلطة الأجساد: الجسد، الفرد والذات عند فوكو (الجزء الرابع)


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 8013 - 2024 / 6 / 19 - 02:19
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يتم تنفيذ هذا الرصد وهذا التفريد أولاً من خلال المراقبة التي يعتقد فوكو أنها من نموذج المدينة الموبوءة، حيث يتم احتجاز الأجساد "في محاصرة تكتيكية دقيقة، تكون فيها التمايزات الفردية هي آثارا ملزمة لسلطة تتضاعف، تترابط وتتشعب. من نتائج مثل هذه المحاصرة التوزيع المكاني للأجساد وربطها بهوية فردية: إنها "تحديد كل واحد باسمه الحقيقي ، مكانه الحقيقي ، جسده الحقيقي ، ومرضه "الحقيقي ". وبهذا المعنى الدقيق يتحدث فوكو عن زغبية (شعرية) السلطة التأديبية، باعتبارها جهة معينة «تأتي من خلالها السلطة السياسية، والسلطات بشكل عام، في المستوى الأخير، لتلمس الأجساد، وتعضها، وتأخذ في الاعتبار حساب الإيماءات، السلوكيات، العادات، الكلمات". لذلك يتم تعريف السلطة التأديبية في المقام الأول من خلال "الاتصال المتشابك بين الجسم والسلطة، أي من خلال الاتصال المتشابك، جسد-سلطة. ويظهر الفرد في هذا الإطار في الواقع كشكل من أشكال الوحدة الوهمية المعاد تركيبها. بعد أن يتم إنتاجها بالقوة وتثبيتها على الأجساد، لا تسمح فقط بتعيين المكان المناسب لكل شخص، ولكن أيضا لإنتاج المعرفة حول هذه الأجسام مما يجعل ترويضها ممكنا.
في الواقع: لا يتعلق االأمر فقط، في الانضباط، بمسألة تحديد الاختلاقات الفردية ذات الصلة بتنظيم الجسم الاجتماعي. يتعين كذلك دمج هذه الاختلافات، وتقليص السلطة السياسية للأجساد لتعظيم قوتها المفيدة. من خلال القيام بذلك، يتوقف "اكتشاف الجسد كموضوع وهدف للسلطة" على معرفة الفرد الذي يعتبر بمثابة آلة، ومن ثم يتم تقسيمه على الفور إلى العديد من الوحدات ذات الصلة لضمان مراقبته: "لا يتعلق الأمر بمعالجة الجسد، من حيث الكتله، بالجملة، كما لو كان وحدة لا يمكن فصلها، بل بالاشتغال عليه بالتفصيل؛ بممارسة إكراه ضعيف عليه، بضمان قبضات حتى على مستوى الميكانيكا". وبالتالي فإن الانضباط يخلق الأفراد انطلاقا من التحليل التشريحي للأجساد التي يراقبها. التشريح السياسي هو عملية تفكيك الجسد إلى قوى، وإعادة تركيب هذه القوى إلى أفراد مطيعين: ومن خلاله "تقوّم" السلطة التعددات المتحركة، المشوشة، غير المجدية للأجساد والقوى كتعدد من العناصر الفردية – خلايا صغيرة منفصلة، ​​استقلاليات عضوية، هويات واستمراريات وراثية، مقاطع توافقية”.
إذا كان السجن يبدو من الآن وكأنه المرصد المفضل للسلطة التأديبية، فذلك على وجه التحديد لأنه يستخدم عددا معينا من التقنيات التي يتم من خلالها يتم هذا التقسيم وهذا التركيب المعاد: التوزيع المكاني للسجناء، تقليص حركاتهم، وحساب وقتهم، فإن توافق قواهم يسمح له بأن يصنع انطلاقا من الأجساد التي يراقبها فردية خلوية وعضوية وجينية وتوافقية. من هنا تكون السلطة مندمجة في الفرد الناتج عن هذه العمليات، مما يعزز أتمتة الآليات التأديبية.
هذا الاندماج، كما يوضح فوكو، يترتكز على جزء أساسي من الإجراء الجنائي، الذي يضمن الوحدة الفردية للقوى الجسدية المستخدمة على هذا النحو، وهي: الفحص. إن الفحص الطبنفسي والإجرامي يجعل من الممكن إنشاء عمليات تأديبية وتمييزات فردية من خلال "ربط كل شخص بتفرده". وبذلك يصبح الطب النفسي ترسا مركزيا لجهاز يؤثر على "الألياف الرخوة للدماغ"، ولكنه أيضا يعيد تركيب هذه الألياف في وحدة "روح". ومن خلال هذه العملية، يجد الفرد نفسه، في نفس الحركة، متجسدا في السلطة وخاضعا لها. ومن ثم تظهر الروح كنتيجة وأداة للتشريح السياسي: "الروح سجن الجسد"، ثانوية بالنسبة إليه، ولكنها ضرورية لعلمه والتحكم فيه.
إن تيممة العلاقة بين الجسد والسلطة التي اقترحها فوكو في بداية السبعينيات تؤكد بشكل مشترك على جسدية السلطة وإدماجها في الأفراد الذين تمارس عليهم. إن السلطة "تشكل جسدا"، حرفيا، لأنها تُفهم على أنها ترتيب معين لعلاقات القوة المادية التي تميز الجسد الاجتماعي، ولأنها تُؤشر ميكانيكا على هذه العلاقات بالأفراد الذين تقصد معرفتهم ومراقبتهم في نفس الوقت. في هذا التكوين، لا تكون الفردية والذاتية في حد ذاتهما سوى نتيجة لاندماج أولي، في نفس الوقت الذي تشكلان فيه التتابع الثانوي لهذا الاندماج. لا ينبغي فهم هذا التتابع بالمعنى التمثيلي: فبالنسبة إلى فوكو، لا يتعلق الأمر بأي حال من الأحوال بالتفكير في أولوية الاستبطان الأيديولوجي، بل بإظهار، على العكس من ذلك، "كيف يمكن لعلاقات السلطة أن تمر ماديا عبر الأجسام السميكة دون حاجة إلى أن تكون متتابعة عن طريق تمثيل الذوات". ومع ذلك، يبقى أنه إذا كان الفرد والذات هما الوساطتان المنتجتان تاريخيا لأول مشاجرة، فإنهما أيضا شرطان لرؤية جسد محدد تحت الأشكال التكميلية للتشييء الوظيفي والتفكير الذاتي.
(يتبع)
المرحع:



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المناضل والمقاوم لحسن زغلول يتحدث عن علاقته بالمجاهد عبد الر ...
- تمارة: حفل تكريم المقاوم حسن مرزوق بالقاعة الكبرى محمد عزيز ...
- شجيرات المشمش تحركت وسط ذبالها وازدانت أغصانها الصغيرة بوريق ...
- عندما يتحول القلم إلى سلاح في معركة ضد الأنذال
- من جسد السلطة إلى سلطة الأجساد: الجسد، الفرد والذات عند فوكو ...
- فشل المقاربة النظرية والبيروقراطية لمطلب التربية على القيم
- هكذا هي الأحلام، يشد بعضها بعضا وتطرد كل دخيل غريب
- فرنسا، المغرب العربي والانتصار الكاسح لليمين المتطرف في الان ...
- من جسد السلطة إلى سلطة الأجساد: الجسد، الفرد والذات عند فوكو ...
- من جسد السلطة إلى قوة الأجساد: الجسد، الفرد والذات عند فوكو ...
- عمر هلال يدعو المجتمع الدولي والشعب الجزائري إلى أن يكونوا ش ...
- الاشتراكي الموحد يعرض في ندوة صحفية مقترحاته التي ضمنها مذكر ...
- بوزنيقة: تضامنا مع فلسطيني غزة وقفة سلمية تدعو إلى إسقاط الت ...
- الدكتور حسن نجمي في ضيافة برنامج -مملكة الثقافات- على شاشة م ...
- الدكتور حسن نجمي في ضيافة برنامج -مملكة الثقافات- على شاشة م ...
- جواد مبروكي: الفايد رمز المشعوذين وإيقونة الدجالين
- سماء النظرية وبساط الميتالغة والفرح المشاع
- تصاعد حاد في درجة الغضب الشعبي المناهض للتطبيع في المغرب
- الدكتور حسن نجمي في ضيافة برنامج -مملكة الثقافات- على شاشة م ...
- جمال العسري يلقن عمر بلافريج درسا في السياسة والأخلاق


المزيد.....




- متحدثة البيت الأبيض: أوقفنا مساعدات بـ50 مليون دولار لغزة اس ...
- مصدر لـCNN: مبعوث ترامب للشرق الأوسط يلتقي نتنياهو الأربعاء ...
- عناصر شركات خاصة قطرية ومصرية وأمريكية يفتشون مركبات العائدي ...
- بعد إبلاغها بقرار سيد البيت الأبيض.. إسرائيل تعلق على عزم تر ...
- أكسيوس: أمريكا ترسل دفعة من صواريخ باتريوت إلى أوكرانيا
- ميزات جديدة لآيفون مع تحديث iOS 18.4
- موقع عبري يكشف شروط إسرائيل لسحب قواتها من الأراضي السورية ب ...
- مصر.. -زاحف- غريب يثير فزعا بالبلاد ووزيرة البيئة تتدخل
- تسعى أوروبا الغربية منذ سنوات عديدة إلى العثور على رجال ونسا ...
- رئيس الوزراء الإسرائيلي: ترامب وجه لي دعوة لزيارة البيت الأب ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - من جسد السلطة إلى سلطة الأجساد: الجسد، الفرد والذات عند فوكو (الجزء الرابع)