محمد الإحسايني
الحوار المتمدن-العدد: 1764 - 2006 / 12 / 14 - 10:43
المحور:
الادب والفن
كل واحد وخرافته
ش.بودلير
ترجمة محمد الإحسايني
تحت سماء واسعة الأرجاء رمادية،وفي سهل مغبر، بدون مسالك،ولا حشائش"غازون"،خال من أي شوكة وبدون نبتة قراص،سألتقي عديداً من الرجال يمشون مقوسي الظهر.
كل واحد منهم يحمل فوق ظهره خيمراً ضخماً،أثقل أيضاً من كيس طحين الفرينة،أومن كيس الفحم،أوأثقل من عتاد جندي روماني من المشاة.
لكن الوحش المخيف لم يكن حملاً جامداً بل بالعكس، فهو يطوق الإنسان ويُخضعه بعضلاته المطاطية والقوية، فيتشابك بمخلبيه الضخمين على صدر مطيته، وتعتلى رأسُه الأسطورية جبهة الإنسان،مثل إحدى قبعاته البشعة التي كان المحاربون القدماء يأملون بواسطتها، أن تضاف إلى وسائل ترهيب العدو.
استفهمت واحداً من أولئك الرجال،فسألتُه أين يذهبون إذن. أجابني أنه لايعرف عنهم شيئاً،لا هو، ولاالآخرون؛بل إنهم كانوا يسيرون إلى جهة ما،حيث إنهم مدفوعون بحاجة إلى المشي لا تقهر.
شيء غريب جدير بالملاحظة: لاأحد من أولئك المسافرين كان يبدو عليه أنه غير حانق على ذلك الحيوان الوحشي المعلق على رقبته، والملتصق بظهره.فقد قيل إن ذلك الحيوان يعتبر
جزءاً من جسمه بالذات.لاتبدي تلك الوجوه المتعبة والرزينة، أي قنوط تحت القبة السوداوية للسماء ،فأقدامهم إذن ممددة في غبار أرض مقفرة مثل هذه السماء،وكانت تسيرفي هيئة مستسلمة، سيرَ أولئك الذين حُكم عليهم أن ينتظروا دائماً.
ومر الموكب أمامي، وتوارى في أجواء الأفق الذي تختفي فيه مساحة الكوكب المستدير عن فضول النظرة الإنسانية،
وخلال بضع لحظات، أصررتُ على الرغبة في أن أفهم ذلك السرالغامض، لكن ، سرعان ما انهارت اللامبالاة التي لاتقاوم
،وكنت ببلادة أكثر، أشد إرهاقاً مما لم يوجدوا عليه هم أنفسهم من خلال إرهاق خياميرهم لهم .
#محمد_الإحسايني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟