أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - زوج الكلبة














المزيد.....

زوج الكلبة


فوز حمزة

الحوار المتمدن-العدد: 8005 - 2024 / 6 / 11 - 14:31
المحور: الادب والفن
    


انتظرت مجيئكم منذ ثلاث ساعات. شكرًا ياسادة، سأجلس. لا بأس في فنجان قهوة.
سأروي لكم كل شيء بالتفصيل إن رغبتم بذلك. طيب، حسنًا.
حين حملت كلبتي بين ذراعي وخرجت من المنزل، لم يصدر مني أي صوت قد ينبه الآخرين لوجودي
لماذا؟!
لأن الساعة كانت تشير إلى الثالثة فجرًا وعشر دقائق، الجيران في مثل هذا الوقت نائمون في أسرّتهم ينعمون بالدفء، ينتظرون أحلامهم، إنها الحقيقة صدقوني.
توقعت هذا السؤال منكم!
أعلم أنّ الوقت كان متأخرًا، لكن هذا ما حصل، لم أجد أفضل من هذا الوقت لأقوم بالمهمة!
لكم الحق في التساءل: لماذا أحمل الكلبة وفي مقدوري تركها تسير؟ على الرغم من أنكم لم توجهو إلي هذا السؤال، لكني قرأت ذلك في عيون أفكاركم، نظراتكم أخبرتني بما يدور داخل رؤوسكم.
في الواقع هناك سببان: الأول خوفي عليها من البرد والمطر، لذلك قمت باحتضانها لأمنحها الدفء و الثاني، لأنها عرجاء.
لِمَ الاستغراب يا سادة؟
نعم عرجاء! دهسها طفل بدراجته منذ سنتين تقريبًا، أوسنتين ونصف، لست متأكدة.
حقاً، ليس مهمًا التاريخ سيدي، لم يكن ذنب الطفل، هي من لاحقته. أرادت اللعب معه عندما لمحته قادمًا من بعيد، نبحتْ على نحو مفاجئ مما سبب فزعًا للطفل، فسقط مرعوبًا من على دراجته على أرجلها، أصدرت صوتًا مخيفًا تعبيرًا عن الألم. أوه يا سادة! كأن هذا الألم يصدر من أعماقي!
بعد لحظات، تجمهر الناس من حولي وبدأ بعضهم بلومي لأني لم أقم بوضع الطوق حول رقبتها.
لم أربط الكلبة، كنت أريد لها أن تشعر بالحرية لأنني وكلبتي روحًا واحدة، ربما في حياة سابقة كنا مخلوقًا واحدًا، لا أحد يريد أن يفهمي!
آسفة! حاضر لن أطيل عليكم.
بعتُ ساعتي وهي آخر الأشياء الثمينة التي امتلكها لأتمكن من شراء العلاج لها، ليس على الأرض شيء أنبل من إنقاذ روح تتعذب!
هل عرفتم الآن ياسادة لِمَ أحملها كلما خرجت؟
شعور غريب ينتابني حينما أسمع لهاثها، فحين تكون قريبة مني، أسمع دقات قلبها وهي تخفق، الحب الذي تمنحني إياه لم يمنحه أحد لي، كأن خيطًا غير مرئي يربط بيننا و...
آسفة! سأعود إلى الحديث:
في البدء نصحني زوجي بتركها تواجه الموت، لأنها - كما يدعي - مجرد كلبة.
يا سادة، بعض البشر بحاجة لمن ينقذهم من أنفسهم لأنهم ماهرون في خلق الألم للآخرين.
كثيرًا ما كان يردد: ما فائدة وجود كلبة عرجاء في البيت؟
لم أجرؤ لأخبره أن كثيرًا من المخلوقات التي تحيطنا لا فائدة منها، هل يعني أنها تستحق الموت؟ هل نحن من يقرر إنهاء حياتها؟
أعتقد أنه لم يكن إنسانيًا باقتراحه!
في الحقيقة، راودتني الفكرة لثوان لقناعتي أن الموت ربما يمنحها الراحة، في النهاية الجميع راحلون.
بسرعة مرور شهاب في السماء، غيرت رأيي، بل وددت لو أنني قطعت رأسي قبل أن تولد فكرة لعينة كهذه داخله.
ما زلت أتذكر دموعها حينما أصبت بالمرض، أفتح عينيّ لإجدها جالسة عند أقدامي كأنها ملاكيَّ الحارس، تنتفض بقوة و تنظر اليّ هازة بذيلها فرحة عندما أحرك جسدي.
أحيانًا يخيل إليّ سماع صوتها وهي تسألني: هل تريدين شيئًا؟ عيناها تقولان لي: لأجلي كوني بخير! وأشياء أخرى ربما لن تستوعبوها حضراتكم جعلتني أتراجع عن قراري، ماذا؟ ربما من غير المناسب ذكر هذه الأشياء، لدي بعد الظهر موعد مع طبيب الأسنان. حسنًا .
إذا كان الأمر كذلك، سأقول كل شيء:
كانت الوحيدة التي تصغي إلى حديثي، لا تحاول مقاطعتي، لا تنعتني بالغبية، لا تسخر مني لأنني عرجاء.
تفتقدني بشدة عندما أخرج وتستقبلني بفرح حينما أعود. منحتها كل الحب حتى إن زوجي قد حنق عليّ وبدأ يسيء معاملتي، أقصد معاملتها. ازداد تمسكي بها بعد تبليغ الطبيب لنا بعقم زوجي. لا تستغربوا ياسادة، أنا أيضًا لا أعرف سرّ هذه العلاقة!
ماذا تقصدون كيف كان يسيء معاملتها؟
كان يضربها بشدة حتى إن نباحها يصل لمسامع الجيران فتجد في حضني الملجأ الآمن الذي يحميها منه! تصوروا ياسادة، بمجرد سماعها لصوته يصيبها الرعب منه!
لماذا لم أتخذ الإجراء اللازم؟
كفى .. كفى .. سأخبركم كل شيء، لهذا الأمر أتيت، ليس الطفل من دهسها بدراجته، إنه زوجي! رماها بقنينة خمر كبيرة، لقد أخطأتني الزجاجة هذه المرة وأصابتها في ساقها .. ماذا؟! من قال لكم أن القنينة كانت موجهة إليّ؟! حقًا، متى قلت ذلك؟ حسنًا، عندما يتشاجر معي يفقد أعصابه ولا يتوانى عن ضربي بأي شيء، هكذا هو أغلب أوقاته.
ماذا قال السيد الجالس بعيدًا؟ ذلك الذي يمسك بيده سيجارة.
فعلاً سيدي، كان البرد شديدًا تلك الليلة. ماذا قلت؟
الجيران أخبروك أن زوجي قام بحبسي في الشرفة وأنهم رأوني أرتجف بردًا وخوفًا؟!
لا تصدقهم، حين حبسني في الشرفة لم يكن الجو ممطرًا، كان باردًا فقط. وأيضاً لم تكن الساعة الثالثة فجرًا.
لقد وبخهم زوجي وتشاجر معهم أكثر من مرة لتدخلهم، وحين لم يستطيعوا إيقافه اتصلوا بالشرطة بحجة الإزعاج. في إحدى المرات تم حبسه شهرًا كاملًا لأنه سبب لي جرحًا عميقًا في وجهي ما زال أثره واضحًا، أقصد في وجه كلبتي.
لقد تعبت يا سادة وكلبتي أيضًا تشعر بالأعياء، أنظروا إليها، لم تأكل منذ مساء البارحة. هل لي بفنجان قهوة آخر وطعام للكلبة؟
هل لديكم أسئلة أخرى؟
بماذا قتلته؟!
طعنته بسكين، لم يكن لدي سلاح آخر!



#فوز_حمزة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة امرأة غير صالحة للنشر
- زهرة الكالا البرية
- خالتي نرجس
- درج خشبي
- مَنْ أنت في أي علاقة؟
- حنين العودة
- حلم غاف
- حكاية قبل النوم
- حديث قبل الفطور
- حروف بخط اليد
- حدث في العاشرة مساءً
- قصائد متفرقة
- جلست أحتسي فقري
- بيرة بالليمون
- جلسة سرية
- اليوم الثامن
- بلغاري .. عربي
- الفاصل كان لحظة
- قالت رأيتكَ
- أزواج الزوجة


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - زوج الكلبة