أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أمين بن سعيد - -الملحدون والسلفيون-: ردا على مقال السيد سامح عسكر















المزيد.....


-الملحدون والسلفيون-: ردا على مقال السيد سامح عسكر


أمين بن سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 8003 - 2024 / 6 / 9 - 08:57
المحور: كتابات ساخرة
    


لا أزعم "الموضوعية" في القادم، ومن لا يزال يصدق هذا الوهم فليحاول أن يتجاوزه سريعا. لكن، سأحاول الخروج من النادي والنظر إليه من بعيد، نظرة بانورامية أقدم عبرها ما أراه الأقرب إلى "الحقيقة"؛ ليس حقيقة الإلحاد والملحدين، لكن حقيقة التنويريين من داخل حظيرة الدين أو من يدعون ذلك وأخص بالاهتمام من يتكلمون والسيف على رقابهم أي داخل هذه البلدان وشعوبها التي لا تزال خارج التاريخ. وقد كان "الملهم" مقال قرأته يدعي كاتبه ادعاءات غريبة وعجيبة ويضع فيه في نفس الخانة الملحدين "الـ" (كلهم ولم يقل فلان أو علان الملحد بل بالألف واللام "كل" الملحدين) مع السلفيين، وبما أني من النادي الأول، وحسب "منطق" الكاتب فيمكن وضعي مثلا مع ياسر برهامي في نفس الخانة. وربما "يصدق قوله" إذا اعترفت وعلى الملأ أني من رواد موقع "أنا السلفي" والشيخ برهامي وغيره من مشاهير الموقع عندي تقريبا كل محاضراتهم ودروسهم، وربما اعتبرتهم من جملة "مشايخي" الإلكترونيين الذين أخذت عنهم "العلم"، وربما نصحت وشجعت من يريد معرفة الإسلام على حقيقته "طلب العلم" في الموقع المذكور، فمثلا يمكن أخذ شروح البخاري ومسلم عن الشيخ برهامي وأيضا شرح السنة للبغوي وشرح الترغيب والترهيب للمنذري، شرح الرحيق المختوم في السيرة، في العقائد له شرح "عظيم" على شفاء العليل لابن القيم، في الأصول شرح قيم على الرسالة للشافعي، وغيرها الكثير من الشروح "النافعة" التي تجعلنا نشم رائحة التجميل والتزييف على بعد كيلومترات، فجازى الله الشيخ عنا كل الخير وأسكنه فسيح جناته. وليس المقام ذكر غيره من مشايخ الأشاعرة والصوفية والإباضية ومشايخ و"سادة" الشيعة والآباء والقساوسة والمشايخ المبجلين المعظمين من المسيحيين بطوائفهم: القصد أننا نعرف جيدا من هم السلفيون وربما أكثر من الكاتب ومن غيره من "المسلمين المتنورين/ المستنيرين/ العلمانيين/ الحداثيين/ القرآنيين..."، وتشبيه الملحدين بأعنف الطوائف الإسلامية لا أظنه يمرر ويقبل وقبل كل شيء لا أساس له من الصحة، وفي القادم سأثبت وبالدليل أن قائله لا يمكن بأي حال أن ينسب لحقل التنوير بل لحقل التزوير والتكفير، وسيكون الفيصل في الحكم: الموقف من الإلحاد والملحدين. وقبل الشروع في المقصود أدعو القارئ إلى سماع درس لأحد "مشايخي" السلفيين "الأجلاء"، مقتطف من شرحه على أحد المختصرات الفقهية، الدرس حديث وأنصح بسرعة 2 لربح الوقت، وتكفي الـ 17 دق الأولى فقط https://al-badr.net/detail/JCaSUwZNkIK9 : الشيخ سلفي وفي كلامه عن الردة كفر "كل" المسلمين باستثناء فرقته، ويمكن مقارنته بـ "الـ" ملحدين "المتطرفين".
أولا أدعو القارئ إلى قراءة المقال المذكور، https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=832279، وألفت نظره إلى أني سأتكلم فقط عن زعم الكاتب الذي وضع فيه الملحدين والسلفيين في نفس الخانة ابتداء من قوله (أكبر قنوات اليوتيوب هي قنوات (السلفيين والملحدين) أكبر صفحاتهم على السوشيال ميديا هي (للسلفيين والملحدين)) وكل كلامه بعد ذلك يشمل الطائفتين، ومنه مثلا (إنهم يكتبون ويخطبون فقط (لإرضاء الجمهور)) والمفهوم من كلامه أن الملحد الذي يخاطب أهله أي الأغلبية المسلمة ومعها الأقلية المسيحية واليهودية يفعل ذلك "فقط" لإرضائهم وهم "الجمهور" الذي يوجه إليه الملحد كلامه وليس "الملحدين": المسلم عندما يقدح في المسيحية يخاطب بالدرجة الأولى المسيحيين لا المسلمين، والمسيحي يخاطب المسلمين لا المسحيين، والملحد يخاطب كل المتدينين لا الملحدين: من هذه النقطة فقط يمكن أخذ فكرة على "منطق" الكاتب، وفهم إسقاطه لمفاهيمه على الملحدين، فالمتدينون عادة ما يسعون إلى تثبيت أتباعهم والسيطرة عليهم من خلال بث تعاليم أديانهم، وهذا من المضحك إسقاطه على الملحدين لأن الملحد لا يوجد في قاموسه أصلا "تثبيت الملحدين على إلحادهم" وليس له تعاليم وشرائع إلحادية يبثها فيهم ليذكرهم بها وبتطبيقها ويرعبهم ويهددهم بالويلات إن هم لم يمتثلوا لها. يمكن تلخيص أغلب خطابات الملحدين في جملة: "هذه حقيقة أديانكم، استيقظوا يا بشر"، حقيقة الأديان تبين بالدليل وللمتدين أن يقبل أو يرفض، لا أحد سيجبره أو سيهدده بل أقصى ما يمكن أن يحصل من بعض الملحدين هو الأسلوب الساخر المستفز والقاسي وهو أسلوب قلة منهم لا أحبذه لكن لا أرفضه حتى وإن كان شتما، ومنطق القبول به بسيط: ليلا نهارا تصم آذاننا بتقديس من لا يستحق حتى أن يذكر اسمه، ذلك التقديس نرفضه جملة وتفصيلا وهو شتم واعتداء على انسانيتنا وعلى كل مبادئنا، القتلة والمجرمون يمجدون وممنوع حتى أن نعترض، أي نحن يعتدى علينا كل لحظة بتمجيد من دمر أوطاننا وغيب عقول شعوبنا وجعلنا الأرذل بين كل شعوب الأرض، أيوجد شتم أعظم من هذا؟ أختي، هل يرضيك تقديس عائشة، فاطمة، مريم؟ أخي، من يكون محمد لتصم آذاننا بذكره ليل نهار؟ يسوع؟ موسى؟ التلاميذ؟ الصحابة؟ الفقهاء؟ القديسون؟ من يكون كل هؤلاء ليستعبدونا؟ عند الملحد كل هؤلاء، وكما يقول "الإمام" علي "عليه السلام" " أقل من عفطة عنز": أبرر للملحد الشتام؟ قلت أني لا أحبذ الأسلوب لكني لا أرفضه، وهو عندي طريقة تعبير قبل كل شيء، لا أستعملها فهي ليست لي لكني أبدا لن أرفضها، وأستطيع أن أفسرها وأزعم -وعندي أدلتي- أنها بقايا الخلفية الدينية التي لم يتجاوزها ذلك الملحد ولن يكون ذلك لا تحاملا على الدين الذي تربى فيه، ولا تنقيصا من أهمية أقواله: عندما تكون الأفواه مكممة والألسنة مقطوعة، لا يمكن أن يرفض أي فم يتكلم، حبذا لو تكلم بأسلوب ما، لكن مهما كان أسلوبه المهم أن يتكلم: الأسد قادم ليلتهمني وأنا في العراء، حبذا لو كان عندي بندقية، حبذا لو عندي عصا، حبذا لو لم أكن معاقا واستطعت الجري، حبذا لو لم أكن أبكما واستطعت حتى الصراخ...
المقال ليس "ردا حرفيا" على مزاعم المقال المشار إليه، وتعليقي عليه وحده كاف، وأيضا ما قيل إلى الآن. لكن ستكون تلك المزاعم مجرد باب أدخل منه إلى رحاب أوسع. وسيكون المحور "كتابات ساخرة"، لأننا ومع كل الهوس والتقديس اللذين نرى من بين أيدينا ومن خلفنا ومن فوقنا ومن تحتنا لا نستطيع إلا أن نهزأ ونسخر، لعل القوم يستيقظون، فيعفون ويراجعون ما جعل منهم -ومنا معهم- مسخرة بشرية يرثى لأحوالها ولهلاوسها.
لنقل بعض الكلام عن الإلحاد وأهله، تعريفات الإلحاد كثيرة، والتسمية في أصلها تهمة دينية سمي بها كل من لم يلتزم بطريق الطائفة المسيطرة. وفق الأصل، ولنأخذ كمثال الإسلام، كل البشر ملحدون باستثناء طائفة واحدة هي الوحيدة التي على الدين الحق والتي تعرف حقيقة الإله والطريق الموصلة إليه. ما قيل ينطبق على كل الأديان وليس حكرا على الإسلام. أما اليوم، فالمقصود بالإلحاد هو القول بعدم وجود إله، وقائل ذلك لاديني بديهيا، لأن رفضه للإله هو في الحقيقة رفض لكل الآلهة وكل دين وإلهه بل وكل طائفة في نفس الدين وإلهها. من المفروض أن التعريف ينتهي هنا، لكن الكثيرين يزيدون عليه، فيصبح الإلحاد لا أخلاقيا عند المتدينين وأخلاقيا عند بعض الملحدين، وعلى نفس المنوال يضاف إليه العلم والمنطق والعلمانية والديمقراطية والليبرالية والماركسية إلخ. والأقرب إلى حقيقة الإلحاد عندي أنه ليس "رفضا" لفكرة الإله التي تدعيها الأديان بل هو "مطالبة بالدليل على ادعاء الأديان بوجود إله" أي ليس رفضا "هكذا" بل هو طلب بديهي من كل مدع والبينة على من إدعى. الكلام يخص فقط الأديان لأن الربوبية واللاأدرية لم تأت بفكرة الإله من عندها بل من الأديان، ولذلك وبمنطق بسيط لا يستحق أي تعقيد: سقوط آلهة الأديان يتبعه بالضرورة سقوط آلهة الربوبية واحتمال وجودها عند اللاأدرية. الذي يقول ما سبق يسمى "ملحدا" ونقطة على السطر، أما كونه ليبرالي أو ماركسي، عنيف أو لطيف، سكير أو لا يشرب إلا الماء، يدخن أو يحشش، يحب كرة القدم أو الشطرنج إلخ هذا من المفروض لا علاقة له بما يسمى "إلحاد".
مما لا شك أن الملحد عندما يتجاوز دينه، سيؤثر ذلك على كل ما سيأتي فيما بعد، والتأثير عندي يكون فقط من كيفية تجاوز دينه (الرواسب التي تبقى) ومما يتعلمه من مبادئ وأخلاقيات جديدة، فمثلا كان مسلما في بيئة متزمتة، عندما يتحرر من ذلك السجن ولنقل مثلا أنه صار سكيرا، فهل فعله استمده من إلحاده أم من خلفيته الدينية؟ مثل آخر ولنقل إنه عندما كان مسيحيا والطلاق ممنوع وألحد هو وزوجته وبعد وقت تفارقا، هل طلاقهما جاء من إلحادهما؟ مثال ثالث: كانت يهودية وترفض الزواج بغير يهودي فألحدت وتزوجت من هندوسي مثلا هل فعلت ذلك انطلاقا من إلحادها؟ رابع: الماركسية كفر وإلحاد، ثم عندما ألحد صار ماركسيا، هل حصل ذلك بسبب إلحاده؟ خامس: لم يسرق وهو مؤمن وعندما ألحد سرق بنكا وقتل واغتصب ووو؟ هل فعل ذلك بسبب إلحاده؟ من الأمثلة القليلة المذكورة لا نرى أي علاقة بين الإلحاد وكل ما يأتي بعده، فهو ليس منظومة جديدة جاءت بعد أخرى دينية قديمة، وأي تصرف أو موقف من الملحد سيكون التأثير الأول فيه مدى تجاوزه لمنظومته السابقة ولثقافتها ولعل القضية الفلسطينية أحسن مثال يمكن التوسع فيه أكثر: الإلحاد هنا ومن المفروض يقول الآتي فقط: (لا إله أعطى أرضا للعبرانيين، لا إله تجسد وصلب وقام، لا إله استقبل في سمائه السابعة بدويا على بغل مجنح)، ملحد يساند فلسطين وآخر إسرائيل، ما علاقة ذلك بإلحادهما؟ لنقل أن الأول قومي عربي والثاني كاره للعرب، الأول يساري والثاني ليبرالي، الأول قتلت عائلته في غارة إسرائيلية والثاني قتلت عائلته في غزوة حمساوية: ما علاقة إلحادهما بمواقفهما؟ إذا زعم أحد علاقة فلن تكون أكثر من قول الملحد أن الأصل الديني للقضية الذي يدعيه كل هؤلاء هو مجرد أوهام يعتقدونها لا أكثر ولا أقل وكل ما سيأتي بعد ذلك من مواقف الملحدين لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بإلحادهم بل بقناعاتهم وأيديولوجياتهم المختلفة. ويمكن تشبيه الإلحاد بمفترق طرق يتقابل فيه كل الملحدين ثم كل يتبع الطريق الذي يراه الأصلح له، ولا علاقة بين الإلحاد وتعدد تلك الطرق، ولا يحاسب ملحد بأقوال أو أفعال ملحد آخر. وأظن أنه قد وضح كيف يسقط الكاتب المذكور مفاهيمه "الدينية" "القبلية" على الملحدين وكأن الإلحاد "دين" وهم "متدينون"، والتعميم حتى مع المتدينين لا يجوز وقولنا مثلا "التوحيد إرهاب" لا يعني أن "كل" الموحدين مهما كانت أديانهم "إرهابيون". أضيف مثالا أخيرا، والكاتب المشار إليه مسلم، ملحد بيدوفايل ونسأل ما دخل كونه ملحدا فيما اقترفه من جرائم؟ ملحد عنيف ضراب للنساء، ملحد كل ليلة سكران ومع امرأة جديدة بل حتى البهائم لم تسلم منه: إذا كان الإلحاد رفض مزاعم الأديان بوجود إله تدعي أنه مصدرها -والحقيقة العكس-، وإذا كان الإسلام قد أباح كل المآسي المذكورة، فهل هذا الملحد "ملحد" أم "مسلم"؟
لنتكلم الآن عن وصف الكاتب للسلفيين بـ "التطرف"، ولنسأل سؤالا بسيطا: هل السلفيون "متطرفون" أم "مسلمون"؟ والسؤال يقودنا إلى اللعب بالمفاهيم الذي يجذب إلى الخلف ويمنع نهضة كل هذه البلدان المتخلفة. لكي يتعافى المريض من مرضه، أول شيء يلزمه هو الإقرار بمرضه، الطبيب لا يستطيع معالجة من يرى نفسه غير مريض ولا يستحق للعلاج: لا أحد سيستطيع تحرير عبد يرى نفسه حرا، ولا طبيب سيستطيع معالجة مريض يرى نفسه سليما من كل خلل. لنأخذ مثال حد الردة المشروح -بإيجاز- على الرابط سابقا، هل من يقول به "متطرف"؟ ومن يصفه بذلك؟ ولماذا؟
ثلاثة هم من يفعلون ذلك: الأول هو الجاهل بحقيقة دينه، وعادة ما يكون من العوام البسطاء والطيبين، وطيبتهم تأتي من جهلهم بالنصوص. الثاني هو العارف لكن المنافق، وعادة ما يكون الكلام مع الغربيين. الثالث هو العارف، لكن الذي ينشط داخل الدول الإسلامية، ويريد "إصلاح" الإسلام، وبما أنه لا يستطيع فعل ذلك مباشرة للخوف من اتهامه بمعاداة الدين، فإنه يفعله مع أفراد أو فرق كالسلفيين أو الجماعات الجهادية؛ من هذا الصنف الكاتب الذي أتكلم عن مقاله.
ما المشكلة مع هؤلاء؟ معيار الحكم الموضوعي عليهم هو موقفهم من الإلحاد والملحدين، وأستطيع تقسيم هؤلاء إلى ثلاثة أصناف: 1- من يعرف حقيقة الدين، وهذا الصنف يستحيل أن يتحرش بالملحدين (د. سيد القمني/ أ. أحمد عصيد)، 2- من لا يعرف حقيقة الدين لكنه "علماني" حقيقة، وهذا أيضا لا يتحرش بالملحدين (د. ألفة يوسف/ فاطمة ناعوت)، 3- من لا يعرف حقيقة الدين، ويتحرش بالملحدين (إسلام بحيري/ الكاتب المذكور).
كيف يكون الملحدون معيارا للحكم على مدعي "التنوير" و"العلمانية" من المسلمين والمتدينين عموما؟ على رؤوسهم الريش الملحدون يعني؟ والجواب بسيط ومن تعريف التنوير نفسه، النص الديني هو الظلام الذي يجب تنويره، وإذا جاز لنا التمثيل بسبكتروم، سيكون الدين والملتزمين به في أقصى جهة وفي أقصى الأخرى سيكون الإلحاد وأهله وسيكون "كل" الباقين -من المتدين الكيوت حتى اللاأدري- بينهما، كل من يقول أن المشكل في الدين ونصوصه وحتى من يدعي أن المشكل في التطبيق هو يقول ضمنا أن الدين هو الظلام الدامس والإلحاد هو النور الكامل وكلما ابتعد أحد أو فكر أو فرقة من الدين نقص الظلام واكتسب شيئا من النور حتى يصل إلى أكمله في قمة الهرم: الإلحاد هو "نور العالم"؟ إذا علمت أن الدين ظلام فيقينا الإلحاد هو النور مع تفصيل بسيط، الملحدون "شعب الله المختار"/ "خير أمة"؟ قطعا لا، موقفهم من الأديان قطعا ويقينا "نور" لكن تنتهي القصة في ذلك الموقف فقط، كل ما سيأتي بعده لا علاقة له بإلحادهم الذي ليس دينا فيه شرائع تتبع وقوالب يصنف وفقها الأتباع. إذا فهم المقصود، من سيهاجم الإلحاد غير متدين لا يؤمن أصلا بحرية العقيدة؟ قلنا سيد القمني لا يفعل، ألفة يوسف لا تفعل، أما إسلام بحيري فيفعل وأقتبس من إحدى مقالاته في هذا الموقع (سيراً على المبدأ الرئيسي "أنا أكفُر إذن أنا موجود" مع رفع الكتفيْن: يقرر الملحدون كثيراً مبدئاً فرعياً خاطئاً فيقولون (أن الإلحاد ليس بإيمان ولا دين بل هو إنكار للإيمان والدين). "ولا أدري علام هذه العجرفة".. فأنا أرى في الإلحاد عدمية وصعلكة بلا نظامية ولا انتساب! فمع كامل الاحترام: هل تطول أن تكون مؤمناً ؟!) و(الإيمان وجود والإلحاد عدم.. الإيمان مقترن بالإنسانية وأبعادها المتسامية الراقية.. الإيمان كله تفاؤل وإيجابية.. والإلحاد على طول الخط تشاؤم وسلبية. وهذا ما أثبته علم النفس في السنوات المتأخرة..): ولا تعليق إلا "مسكين الإلحاد، فقط قال أعطوني دليلا واحدا يثبت أن 1- هناك إله (وهنا من المفروض يقف لكنه يتنازل من عليائه ويخاطب القوم بما يفهمون ويعطيهم فرصة أخرى) 2- يرسل رسلا (ويزيد في التنازل) 3- بكتب". ربما اعترض معترض وقال "ثم ماذا؟ من حقه أن ينتقد" والجواب أكيد لكن "مع احترامي أنت عاهرة" وإسقاط كل ما عنده على الإلحاد مع النبرة الشرسة المتعالية والهجومية التي تذكر بمن ترتدي خيمة سوداء ظانة نفسها "الشرف" و"الحرية" وتهاجم من ترفض ذلك الزي، من حقنا أن نسأل سؤالين: 1- هل مشكلة مصر الالحاد أم الاسلام والمسيحية؟ 2- الجواب على ماذا سيفعل بالملحدين لو حكم واضح، لكن نسأل عن غيره من المسلمين والمسيحيين والبهائيين؟ عن السؤال الأول أجيب أنه كالكاتب المذكور مقاله، وفي موقع معروف عنه الإلحاد و"الكفر"، "انتقد" أو "هاجم" أو "فضح" الالحاد والملحدين وتلك "حسنة" تحسب له ونيشان على صدره إذا ما اتهم بـ "الكفر" في بلده، أي الملحدون و"دينهم" شماعة وترس حماية. التعجب من كيف تصدر منهما ومن غيرهما أقوال لا دليل عليها وواضحة البطلان لا يحملنا لفرضية أنهما "علمانيان" يؤمنان بحق الملحدين في انتقاد دينهما، وبالمناسبة افتراء مفضوح من هذا الكاتب كـ "أكبر قنوات اليوتيوب هي قنوات (السلفيين والملحدين) أكبر صفحاتهم على السوشيال ميديا هي (للسلفيين والملحدين)" حيث أي شخص يستطيع الذهاب على اليوتوب والنظر في الملايين التي تتبع المشايخ وليقارنها ببضعة الآلاف التي تتابع بعض الملحدين وليسأل نفسه "كيف تجرأ وادعى ما ادعى؟ وما هدفه؟" الهدف من كلامه وهو -الوسطي- -المعتدل- الواقف بين "المتطرفين" يحاول التحذير من خطورة الطرفين، فيقول وهو يسقط مآسي "كل" المتدينين -وليس فقط السلفيين- على الملحدين "المنطقة العربية تعاني من مرارة الشعور بالهزيمة منذ قرون، ومثل هذه التصرفات هي التي تُرضي الجماهير وتُشعرهم بمكانتهم ووجودهم في الحياة" و"للقصة بُعد اجتماعي متعلق بمشاكل الطبقات، وبُعد سيكولوجي متعلق بالحافز المغري للهجوم على الآخر في إشعاره بالوجود والقيمة ، إضافة لبُعد مادي آخر متعلق بأرباح هذا الهجوم": أظن أن الكاتب كتب كل هذه التفاهات في حق بني جلدته، لكنه حشر الملحدين فقط للأسباب التي ذكرتها سابقا. ولمن لم يفهم إلى الآن خطورة أقوال الكاتب في وضع "كل" الملحدين مع أعنف الطوائف الإسلامية، عندما أضع مثلا النسويات مع العاهرات فأنا أراهن مثلهن وما قيمة قولي بعد ذلك أني أحترم المرأة وأنادي بحقوقها؟ (والكاتب من المؤكد أنه يقول بـ "حرية التعبير" والاعتقاد"). من حق القائل هنا أن يقول "ثم ماذا؟ هذا رأيه ومن حقه قوله"، ونقول أكيد ونحن أيضا نقول رأينا أن من ادعى ذلك ودون أي دليل يسند قوله وكأن الملحد عنده كتاب "نازي" ككتابه يأمر بالقتل والإرهاب، لا يمكن أن يكون شم رائحة الليبرالية والعلمانية، ولا يمكن الوثوق بشعاراته الرنانة التي يرفعها، وأيضا كل هؤلاء المدعين للـ "تنوير" ليسوا شيئا غير "معتزلة جدد" لن يتوانوا طرفة عين في التنكيل بكل مخالفيهم من أصحاب الأديان كلها ونصيب الأسد قطعا ويقينا لن يكون إلا من نصيب "من لا دين لهم ولا ملة" جماعة "أنا أكفر إذن أنا موجود" على رأي الشيخ بحيري: أعيد ما قلته في مقال سابق (هؤلاء لعنة من لعنات الفكر العربي الإسلامي لا أكثر ولا أقل)، والمقصود بـ "العربي": الذي يستعمل اللغة العربية، وتلك قصة أخرى سيأتي وقت الكلام فيها.
____________________________________________________
ملاحظة جانبية:
1- لدعاة الحظر: اللوبي اليهودي في الغرب، ومنذ بداية الحرب في غزة، يتهمون بمعاداة السامية كل من وصف نتنياهو بالنازية وبالإبادة ما يقع في غزة، والهدف إسكات كل صوت منتقد. ماذا لو أخذت منطقهم كحجة للمطالبة بإسكات صاحب المقال؟ هل يكون ذلك "أحسن" من تفنيد كل مزاعمه مثلما فعلت؟
2- المقال كتب وأرسل للنشر قبل أن ينشر تعليقي الذي علقته على مقال الكاتب.



#أمين_بن_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -هذا ما جناه علي أبي- 2
- -هذا ما جناه علي أبي-
- الحوار المتمدن: الحرية مرة أخيرة واقتراحات
- الحوار المتمدن: السخرية والسب
- -لا إله إلا الله محمد (وحده) عبده رسوله-!
- الحوار المتمدن: -من أجل مجتمع مدني علماني ديمقراطي-
- خربشة حول فلسطين و-ديانة الحرب العالمية الثانية-
- خربشة حول الجنس والحرية
- -تكوين- بين التنوير والإصلاح
- نحن نقص عليك أحسن القصص...2-3
- -تكوين- ولعنة العقل العربي الاسلامي
- نحن نقص عليك أحسن القصص...2-2
- نحن نقص عليك أحسن القصص...2-1
- نحن نقص عليك أحسن القصص...


المزيد.....




- بعد -فيلم نتفليكس المرعب- عمدة باريس تسبح لتبديد الخوف
- أسبوع النشر بموسكو يستقطب اهتمام كتاب وناشرين مصريين (فيديو) ...
- تحت مجهر الأدب السويسري: دور المساعدات الإنسانية في أفريقيا ...
- قبيل أولمبياد باريس.. فيلم يهدد بخطر -السين نهر الدم-
- ليس في أمريكا بل ببلد خليجي.. مصور يوثق شغف خيالة بثقافة رعا ...
- جاهزين يا أطفال؟.. اضبط تردد قناة سبيس تون على القمر نايل وع ...
- ثبت الآن”.. تردد قناة ناشونال جيوغرافيك National Geographic ...
- المزيد من الـ -Minions- قادمون في فيلم جديد
- موسم أصيلة الثقافي يعيد قراءة تاريخ المغرب من خلال نقوشه الص ...
- شائعة حول اختطاف فنانة مصرية شهيرة تثير جدلا (صور)


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أمين بن سعيد - -الملحدون والسلفيون-: ردا على مقال السيد سامح عسكر