أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ابراهيم محمد جبريل - دور القياس في بناء اللغة العربية -النحو العربي أنموذجا- إعداد وتقديم عيسى محمد















المزيد.....



دور القياس في بناء اللغة العربية -النحو العربي أنموذجا- إعداد وتقديم عيسى محمد


ابراهيم محمد جبريل
الشاعر والكاتب والباحث

(Ibrahim Mahmat)


الحوار المتمدن-العدد: 8001 - 2024 / 6 / 7 - 14:47
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


ملخص البحث
تناول كثير من النحاة تعريف القياس، وكل واحد منهم يعرف القياس على حسب مفهومه ومدى بعده الفكري والقياس يأتي نتيجة للسماع وأن السماع يؤدي إلى القياس، وليس كل ما يسمع يقاس عليه، بل وضع النحويون شروطا للمسموع الذي يقاس عليه، وهو القاس على الكلام الفصيح الصحيح المنقول بالنقل الصحيح الذي يشمل كلام الله عز وجل ، وكلام نبيه (ص) وكلام العرب قبل بعثته (ص) وفي زمنه، حتى فسدت الألسنة، مما لاشك فيه ويمثل الوجه الآخر لأصول النحو العربي، ذلك أن القياس يمثل الجانب الذهني من عملية بناء الأصول والقواعد بعد السماع والرواية، لذلك نجد النحو العربي لا يستغني عنه، ولا يكاد مؤلف يخلو منه ، يرى بعض كبار النحاة ومنهم ابن الأنباري أن إنكار القياس في النحو لا يتحقق، لأن النحو كله قياس، فمن أنكر القياس فقد أنكر النحو القياس له دور بارز في بناء النحو العربي وكان عبد الله بن أبي إسحاق كان شديد التجريد للقياس ويقال أنه كان أشد تجريدا للقياس من أبي عمرو بن العلاء ويذكر عنه أنه أول من بعج النحو ومدّ القياس، وشرح العلل، القياس بحد ذاته ينقسم إلى قسمين القياس اللغوي ، ويسمى القياس التطبيقي والقياس الاستعمالي أو قياس الأنماط والثاني القياس النحوي ويسمى قياس الأحكام ، أما القياس النحوي : فهو عمل يقوم به الباحث ، على حمل غير المنقول على المنقول وينقسم إلى أقسام قياس العلة وهو حمل الفرع على الأصل
كلمات المفاتيح: مفهوم القياس. النحو نشأته وتطوره. نظرية القياس في المسائل النحوية التحليلية.
هذه الدراسة بعنوان دور القياس في بناء النحو العربي تسعى إلى تقييم القياس وإبراز أهميته في بناء النحو، والجدير بالذكر أنه تناول كثير من النحاة تعريف القياس، وكل واحد منهم يعرف القياس على حسب مفهومه ومدى بعده الفكري ومصدر القياس من (قايست الشيء بالشيء مقايسة وقياسا وعرفه بعض علماء النحو ومنهم الأنباري وغيره على حسب مفهومه )( الأنباري، 1957م: 97)1 والجدير بالذكر أن القياس يأتي نتيجة للسماع وأن السماع يؤدي إلى القياس، وليس كل ما يسمع يقاس عليه ، بل وضع النحويون شروطا للمسموع الذي يقاس عليه ، وهو القاس على الكلام الفصيح الصحيح المنقول بالنقل الصحيح الذي يشمل كلام الله عز وجل، وكلام نبيه (ص) وكلام العرب قبل بعثته (ص) وفي زمنه ، حتى فسدت الألسنة، مما لاشك فيه أن القياس (يمثل الوجه الآخر لأصول النحو العربي، ذلك أن القياس يمثل الجانب الذهني من عملية بناء الأصول والقواعد بعد السماع والرواية، لذلك نجد النحو العربي لا يستغني عنه، ولا يكاد مؤلف يخلو منه ، إذ لابد من اللجوء إليه لسن القوانين اللغوية وقد احتل القياس منزلة كبيرة في فكر النحاة حيث رأى بعض النحاة أن القياس يتبع به في كل علم ينتفع، يرى بعض كبار النحاة ومنهم ابن الأنباري أن إنكار القياس في النحو لا يتحقق ، لأن النحو كله قياس، فمن أنكر القياس فقد أنكر النحو وإذا بطل أن يكون النحو رواية ونقلا ، وجب أن يكون قياسا وعقلا ، ولا نعلم أحدا من النحاة أنكره لثبوته بالدلائل القاطعة والبراهين الساطعة)( الأنباري، 1377هـ/1957م: 97)2 والقياس له دور بارز في بناء النحو العربي وكان عبد الله بن أبي إسحاق كان شديد التجريد للقياس ويقال أنه كان أشد تجريدا للقياس من أبي عمرو بن العلاء ويذكر عنه أنه أول من بعج النحو ومدّ القياس، وشرح العلل، القياس بحد ذاته ينقسم إلى قسمين القياس اللغوي ، ويسمى القياس التطبيقي والقياس الاستعمالي أو قياس الأنماط والثاني القياس النحوي ويسمى قياس الأحكام ، أما القياس النحوي : (فهو عمل يقوم به الباحث ، على حمل غير المنقول على المنقول وينقسم إلى أقسام قياس العلة وهو حمل الفرع على الأصل ، بالعلة التي علق عليها الحكم في الاقتراح في علم أصول النحو مثل حمل نائب الفاعل على الفاعل بعلة الإسناد قياس الشبه : وهو أن يُحمل الفرع على الأصل لضرب من الشبه غير العلة التي عليها الحكم في الأصل كإعراب المضارع لأنه أشبه الاسم من عدة أوجه
قياس الطرد وهو الذي يوجد معه الحكم وتفقد المناسبة في العلة ، كأن تعلل بناء ليس لأنها فعل جامد وهو ليس بحجة عند الأكثرين وسنطرق لهذه التقسيمات بالتفصيل) ( الأنباري، 1377هـ/1957م: 98)3. وكلمة النحو، تسلط أضواء على بعض الجوانب المتصلة بعلم النحو يقول ابن جني في تعريف النحو هو (انتحاء سمْت كلامِ العرب في تصرفه من إعراب وغيره؛ كالتثنية، والجمع، والتحقير، والتكسير، والإضافة، والنسب، والتركيب، وغير ذلك؛ ليلحق من ليس مِن أهل اللغة العربية بأهلها في الفصاحة، فينطق بها وإن لم يكن منهم، وإن شذّ بعضهم عنها رُدّ به إليها) (ابن جني، بدون ت ج1: 34)1 فالنحو موافقةُ سِمات العربية المختلفة، ويُعرف علم النحو: بأنه علم بأصول تُعرفُ بها أحوال الكلمات العربية؛ من حيث الإعرابُ، والبناءُ؛ أي: (مِن حيث ما يعرِضُ لها في حالِ تركيبِها، فبه نعرِفُ ما يجبُ أن يكون عليه آخرُ الكلمةِ من رفع، أو نصب، أو جرٍّ، أو جزم، أو لزوم حالة واحدة بعد انتظامها في الجملة؛ فهو يراقِبُ الوظيفة التي تشغلُها الكلمة في التركيب: أهي فاعل، أم مفعول، أم مبتدأ، أم خبر) (السعران، بدون ت: 23 )2 وللنحو في اللغة إلى عدة معانٍ: منها القصد، والتحريف، والجهة، وأصل هذه المعاني هو القصد؛ لأن النحو مأخوذٌ مِن قول أبي الأسود الدُّؤلي، عندما وضع كتابا فيه جمل العربية، ثم قال: ( انحوا هذا النحو؛ أي: اقصدوه، والنحو القصد، فسُمِّي لذلك نحوا) (الزجاجي ،بدون ت: 19)3 وأصل هذه المادة ترجع إلي معنى القصد، وأن ما سواه من المعاني تابعٌ، و(نرجِّح أن الأصل في هذه المادة هو الناحية؛ أي: الجانب مِن الشيء، ثم جاءت المشتقاتُ مِن هذا الأصل، ومن هذه المادة: نحا ينحُو بمعنى اتّجه، أو قصد يقصد، والصلة واضحة بين الناحية والفعل) (ضيف، بدون ت: 217) 4 وإذا كانتِ العلاقة واضحة بين المعنيينِ فليس ذلك بمرجّح، ما دام الوجه الآخر له ما يُسوِّغه، يعتبر ابن الأنباري أول من أدرج علم أصول النحو ضمن علوم اللسان (علوم الأدب أو علوم اللغة) إذ يقول فإن علوم الأدب ثمانية: النحو، واللغة، والتصريف، والعروض، والقوافي، وصنعة الشعر، وأخبار العرب وأنسابهم؛ وألحقنا بالعلوم الثمانية علمين وضعناهما؛ وهما علم الجدل في النحو، وعلم أصول النحو) (الأنباري، 1985م: 35)5
أكد ابن الأنباري علاقة أصول النحو بأصول الفقه بقوله(أصول النحو أدلة النحو التي تفرعت منها فروعه وأصوله، كما أن أصول الفقه أدلة الفقه التي تنوعت عنها جملته وتفصيله)( الأنباري، 1377هـ/1957م: 97)6 كما أشار السيوطي إلى تأثر منهج هذا العلم بأصول الفقه بقوله (ورتبته على نحو ترتيب أصول الفقه في الأبواب والفصول والتراجم)( السيوطي، 1988م: 88)7.
النحو في الاصطلاح : يدل على إحدى المعاني الثلاثة:
أ-الإعراب مرادف للنحو:
يقول الزجاجي: (ثم إن النحويين لما رأوا في أواخر الأسماء والأفعال حركات تدل على المعاني ، وتبين عنها، سموها إعرابا أي بيانا، وكأن البيان بها يكون، كما يسمى الشيء باسم الشيء إذا كان يشبهه أو مجاورا له، ويسمى النحو إعرابا، والإعراب نحوا سماعا، لأن الغرض طلب علم واحد)( الزجاجي، 1399هـ /1979م: 62)8
ب-الإعراب مقابل للبناء: (بعض النحاة يرى أن الإعراب معنوي والعلامات دالة عليه، ويظهر أنه مذهب سيبويه)(الأشموني1997م: 32)9 وبعضهم يرى أنه لفظي ومنهم ابن مالك إذ يقول: يظهر الإعراب بالحركة والسكون أو يقدر في حرفه وهو آخر المعرب، فإن كان ألفا قدر فيه غير الجزم، وإن كان واوا أو ياء يشبهانه قدر فيهما الرفع وفي الياء الجر( ابن مالك، : 1422هـ/2001م 1: 55)10
ج-الإعراب تحليل الكلام نحويا: ظهر الإعراب بهذا المعنى لدى بعض المهتمين بتفسير كلام الله عز وجل، وذلك بالكشف عن معانيه النحوية عن طريق إعراب مشكله أو غريبه أو جزء منه، أو النص بأكمله ومن هؤلاء:
– الفراء ، صاحب تفسير مشكل إعراب القرآن ومعانيه.
– والنحاس ، في كتابه إعراب القرآن.
– وابن خالويه، في كتابه إعراب ثلاثين سورة.
جمع المتقدمون من هؤلاء العلماء بين النحو والصرف في التحليل، بينما اقتصر المتأخرون على إبراز المعاني النحوية كالتقديم والتأخير، والبناء والإعراب، والمعنى الأخير هو المقصود لدينا بعلم الإعراب، يقول ابن هشام موضحا هدفه من تأليف مغني اللبيب، الذي عقد منه الناظم أربعة أبواب في علم الإعراب ( فإن أولى ما تقترحه القرائح، وأعلى ما تجنح إلى تحصيله الجوانح ما يتيسر به فهم كتاب الله المنزل، ويتضح به معنى حديث نبيه المرسل، فإنهما الوسيلة إلى السعادة الأبدية والذريعة إلى تحصيل المصالح الدينية والدنيوية، وأصل ذلك علم الإعراب الهادي إلى صوب الصواب)( الأنصاري، 2002م 1ج: 53-54)11 وإذا كان الإعراب لغة مرادفا للإبانة والإفصاح، فإن(إعراب الكلام أيضا من هذا القياس، لأن بالإعراب يفرق بين المعاني في الفاعل والمفعول والنفي والتعجب والاستفهام، وسائر أبواب هذا النحو من العلم)( بن فارس 1979م : 12)12 ولا يمكن تصور إعراب النص دون إدراك لمعانيه، لأن الإعراب فرع المعنى، وفي هذا يقول السيوطي موضحا شروط الراغب في إعراب القرآن (أحدها: وهو أول واجب عليه، أن يفهم معنى ما يريد أن يعربه مفردا أو مركبا قبل الإعراب، فإنه فرع المعنى، ولهذا لا يجوز إعراب فواتح السور، إذا قلنا بأنها من المتشابه الذي استأثر الله بعلمه)( السيوطي، 1974م: ج2: 309)13 إن الكتب التي عرفت بإعراب القرآن( جعلت من الإعراب علما مستقلا بذاته، بعضها اهتم بمشكل القرآن كتفسير مشكل إعراب القرآن ومعانيه للفراء، وبعضها الآخر أعرب جزءا منه كإعراب ثلاثين سورة لابن خالويه، وإعراب القرآن للنحاس، ومنها ما استطاع إعراب النص القرآني بأكمله كإعراب القرآن لابن نحاس والتبيان في إعراب القرآن للعكبري، وذلك خدمة لدستور الأمة، وتجلية لمعانيه لدى القارئ وعن علاقة النحو بالتفسير يقول أبو حيان مثلا: فجدير لمن تاقت نفسه إلى علم التفسير، وترقّت إلى التحقيق فيه والتحرير، أن يعتكف على كتاب سيبويهِ، فهو في هذا الفن المعوّلُ عليه، والمستند في حل المشكلات إليه)( أبو حيان،بدون ت 1420ه جـ1: 11)14 تعتبر الكلمات جزءا مِن النظرية النّحْوية، وقد دار حول الكلمات جدلٌ كبير في التراث النّحْوي ولا سيما المسائل المتعلِّقة بتصنيفها؛ إذ المشكلةُ ليست في الوحدات نفسِها التي تُشبِه المعاني المطروحة في الطريق يعرِفُها العربي والعجمي، وإنما في نظامِ تصنيفها الذي خالف فيه كثيرٌ مِن اللُّغويين المعاصرين نُحاتنا القدامى خلافا بعيدا، فنحاتنا القدامى لم يقدموا تقسيما وحيدا للكلمة، وإنما قدموا اثنينِ، جاء كل واحد منهما بحسب الغرض منه، فقد قدّموا تصنيفا عامّا يضمُّ الأقسام الرئيسية دون فروعها.
العلاقات النحوية أو العمل (نظام التعليق): ويتصل هذا النظام بجهةِ العلاقة النحوية وعناصرها، وهي العلاقة التي يتحقّق بها التركيب؛ فلا تركيب بلا علاقاتٍ بين مفرداته، وقد أخذ النظام اسما ناله مِن النقد ما لم ينلْ غيره، وهو اسم العمل، ويمكن أن نعتمد التعليق الذي قال به بعض رُوادنا اللُّغويين لأن العمل ليس إلا اقتضاء بعض الكلمات لبعض؛ مما يجعل منها تركيبا لا مجرّد مفردات متتابعة، ومِن ثمّ فإنه يقضي على العمل النّحْوي والعوامل النّحْوية؛ إذ يتمُّ التعليق في ضوءِ ما بينها مِن اقتضاء تحكمه تفصيلات العمل، ولا نريد أن نقف مع تفصيلات العمل، وإنما نريدُ الإشارة إلى أن هذا النظام انبنى عليه الفكر اللُّغوي العربي في مجال التأليف النّحْو،
1.العوامل عند النحاة ولا سيما الفريقين المعروفين الكوفة والبصرة لفظيةٌ ومعنوية: من المعلوم أن أغلب النحاة ذهبوا إلى قوةِ العامل اللفظي مقارنة بنظيره المعنوي، فالعامل اللفظي هو ما كان للسان فيه حظٌّ، بمعنى أنه يُنطق ويُكتب، كالفعل ذهب، و ذهب زيد، فالذي أعمل الرفع في الفاعل زيد هو الفعل قبله، وهو أيضا الألفاظ المؤثِّرة فيما بعدها، وهو الأصلُ في الإعمال، فالفعل يعمل الرفع في الفاعل، أما نصبه للمفعول، فهو محل خلاف، ومنه كذلك كان وأخواتها، وإن وأخواتها، وظننت وأخواتها، وحروف الجر والنصب والجزم، وبتفصيلٍ أكثر مثلا إذا أخذنا حرف الجر، فهو عامل يجعل الاسم المجرور مجرورا، بمعنى أنه إن لم يُوجد هذا الحرفُ لم يوجد الجرُّ،
2.العوامل اللفظية عند الفريقين الكوفيين والبصريين، ثلاثةُ أنواع:
أ- أسماء ب- وأفعال ج-وحروف، شهد التاريخ أن البصريين هم الذين تعهدوا النحو بعد مرحلة الوضع المبكرة بالعناية والرعاية قرابة قرن كانت فيه الكوفة منصرفة عنه إلى رواية الأشعار والأخبار والُملح والنوادر، ثم تكاتف الكوفيون والبصريون في السعي في مضمار هذا الفن مع التنافس في ذلك فتعاون المدرستان على استكمال مباحث النحو ونشرها إلى أطراف مترامية من بقاع الدولة، وأدى ذلك إلى ظهور مدارس أخرى وهي المدرسة البغدادية ،ثم الأندلسية ، والمصرية تشارك في هذ العمل الجليل وأخذت ترجح ما أودعه المدرستان من الآراء والعلل وأضاف الى النحو ما يهم له إلى أن استوت قواعد نحوية
3- التكامل المعرفي بين الصرف واللغة وأصول النحو: رأينا سابقا أن علم الصرف يبحث في بنية الكلمة مفردة، لكن صياغة هذه البنية، لابد أن تكون خاضعة لطبيعة اللغة العربية وخصائصها، ولعل علم أصول النحو الذي هو أسلوب في التفكير النحوي واللغوي للعرب، وطريقتهم لاستنباط الأحكام والقواعد، يساعد كثيرا في معرفة هذه الصيغ الصرفية، بل إنه الميزان الذي يعرف به صحة اللفظ من فساده، والمتأمل لقضايا هذا العلم ومسائله، يدرك سلامة المنهج الذي اعتمده الباحثون القدامى في نقل اللغة العربية نقلا صحيحا، واستنباط الأحكام والقواعد المطردة، فهم يعتمدون السماع أولا.
4.اتفقوا على الاحتجاج بالقرآن الكريم وكلام العرب الفصحاء، إلى غاية منتصف القرن الثاني الهجري بالحواضر، وإلى منتصف القرن الرابع بالبوادي، لكنهم اختلفوا حول الاستشهاد بالحديث النبوي رغم إقرارهم بفصاحة الرسول صلى الله عليه وسلم ـلكون كثير من الأحاديث روي بالمعنى، ونقله أعاجم غير فصحاء، وكانوا حين لا يجدون الدليل في السماع يلجؤون إلى الإجماع أي ما أجمع عليه علماء البصرة والكوفة، ثم بعد ذلك يفكرون في القياس، وهو معظم أدلة النحو، والمعول في غالب مسائله عليه، لأنه يستحيل أن تنقل كل العبارات والصيغ، بل يكتفى بقياس ما لا يسمع على ما سمع، سواء على مستوى الصيغ الصرف، أو الجمل، بل إن العرب وقفوا طويلا حول أنواع العلل التي تسمح بحمل الفرع على الأصل ومنها: علة الاستثقال، علة السماع، وعلة التشبيه، والجدير بالذكر أنّ أوّل من وضع النحو هو أبو الأسود من أبواب النحو ما وقع فيه اللحن، وهذا ما ذهب إليه ذهب جمهورُ النحويين أصحابُ كتب التراجم الذين ترجموا للُّغويين والنحاة، والآخر
أما تعريف المتأخرين للنحو: فهو علم يبحث فيه عن أحوال أواخر الكلم إعرابا وبناء وموضوعة الكلم العربية من حيث ما يعرض لها من الإعراب والبناء(الأشموني بدون ت: 29)15 وبحثنا يشمل التعريفين على حسب ما تعرض للنحو من تطورات وتغيرات عبر القرون والأحقاب، ووضع النحو من المسلم به أن العلم لا ينبت ولا يرقى فيثمر في الفضاء بلا أي ظاهرة وباعث، وكذلك الشأن في هذا العلم . فإنه وضع عندما شاع اللحن على ألسنة من نطق بالعربية من العرب و العجم المستعربين ، وكان مبدأ ظهور اللحن منذ عصر النبوة على يد الموالي والمتعربين، وكان أول ما وقع فيه اللحن الإعرابُ قال أبو الطيب اللغوي ( واعلم أن أول ما اختل من كلام العرب فأحوج إلى التعلّمِ الإعرابُ لأن اللحن ظهر في كلام الموالي والمتعربين فقد روينا أن رجلا لحن بحضرته فقال أرشدوا أخاكم فإنه قد ضل)( اللغوي، بدون ت ج 2:8 )16 إلا أنه في ذلك كان قليلا فلم يحتج إلى قواعد تقوم ألسنتهم، ثم استمر ظهور اللحن في عصر الخلفاء الراشدين وبني أمية ، نتيجة لكثرة اختلاط العرب بغيرهم من الأمم. قال ابن جني ( روي أن أحد ولاة عمر كاتبك سوطا)(ابن جني، بدون،ت 2: 8)17 ولكثرة وقوع اللحن على الألسنة في ذلك الزمان حتى قيل إنه لا يسلم من اللحن إلا خط يسير منهم ، قال الأصمعي :(أربعة لم يلحنوا في جدّ ولا هزل: الشعبي ، وعبد الملك بن مروان ، والحجاج بن يوسف ، وابن القرية ، والحجاج أفصحهم) (الجاحظ ،بدون ت 2 : 219)18 الباعث على وضع القواعد النحوية قال ابن خلدون في مقدمته (لما جاء الإسلام وفارقوا الحجاز لطلب الملك الذي كان في أيدي الأمم والدول ، وخالطوا العجم ، تغيرت تلك الملكة بما ألقى إليها السمع من المخالفات التي للمتعربين ، والسمع أبو الملكات اللسانية ، ففسدت بما أُلقي إليها مما يغايرها لجنوحها إليه باعتياد السمع ، وخشي أهل الحلوم منهم أن تفسد تلك الملكة رأسا ويطول العهد فينغلق القرآن والحديث على المفهوم ، فاستنبطوا من مجاري كلامهم قوانين لتلك الملكة ممطردة شبه الكليات والقواعد يقيسون عليها سائر أنواع الكلام ويلحقون الأشباه منها بالأشباه مثل إن الفاعل مرفوع والمفعول منصوب والمبتدأ مرفوع ، ثم رأوا تغيّر الدلالة بتغيّر حركات هذه الكلمات فاصطلحوا على تسميته إعرابا وتسمية الموجب لذلك التغير عاملا وأمثال ذلك، وصارت كلها اصطلاحات خاصة بهم فقيدوها بالكتاب وجعلوها صناعة لهم مخصوصة ، واصطلحوا على تسميتها بعلم النحو)( ابن خلدون ، بدون ت: 515.)19 ويمكم الاستنتاج من تلك الكلمة القاطعة بواعث تدفع المسلمين على وضع القواعد النحوية، وهي:
1. الرغبة الشديدة من المسلمين في الحفاظ على القرآن واللغة العربية.
2. حاجات الماسة إلى اللغة العربية باعتبارها لغة الرسمية للدولة.
3. فشو اللحن على ألسنة من نطق بالعربية(ذهب أحمد بن فارس إلى أن النحو قديم قدم خلق الإنسان ، إذ أن العرب العاربة كانت عندهم معرفة بمصطلحات النحو بتوقيف من قبلهم وأن من قبلهم تعلموا هذا بتوفيق من الله تعالى واستدلوا لذلك بقوله تعالى (وعلّم آدم الأسماء كلها(سورة البقرة 39.)20 فتلفق العرب خلفهم عن سلفهم ولذا كانوا يتأملون مواقع الكلم (فلم يكن كلامهم استرسالا أو ترخيما بل كان عن خبة بقانون العربية ، فالنحو قديم قدم البشرية(الشاطر أحمد ،بدون: 18)21. يرى الباحث أنه وضع النحو في الصدر الأول للإسلام لأنه لم يكن قبل الإسلام ما يحمل العرب على النظر إليه لأنهم كانوا حينذاك ينطقون عن سليقة جبلوا عليها ، في حين أنهم بعد الإسلام اختلطوا بالفرس والروم فحلّ بلغتهم من اللحن ما جعلهم يهرعون إلى وضع النحو
يرى الباحث أن النحو وضع في بلاد العراق، وساعد على ذلك عوامل ، منها : أن العراق كانت موطن العجم قبل الفتح، وكان أشد البلاد إصابة بوباء اللحن وأكثرها تعرضا لأرزائه لأنها صارت مهبط العرب الراغبين في الحياة الناعمة ، فإذا ما أضيف إلى هذا ما كان لأهل العراق من قديم من شغف بالعلم والمعرفة وتكريم العلم والعلماء اتضح السبب الذي أدى إلى ظهور التأليف في النحو في العراق ونموه وازدهاره فيه، اختلفت آراء الباحثين في واضع هذا العلم ، كما اختلفوا في واضع كل علم( فهناك فريق يرى أن أول من وضع هذا العلم وأسس قواعده وحدد حدوده هو عليّ بن أبي طالب و أنه دفع إلى أبي الأسود رقعة كتب فيها : الكلام كله اسم وفعل وحرف ، فالاسم ما أنبأ عن المسمىّ والفعل ما أنبئ به والحرف ما أفاد معنى ، وقال له انح هذا النحو وأضف إليه ما وقع إليك ، ثم وضع أبو الأسود باب العطف والنعت ثم باب التعجب والاستفهام إلى أن وصل إلى باب (أن) ما عدا ( لكن) فلما عرضها على الإمام عليّ أمره أن يضمّ لكن إليها وكلما وضع بابا من أبواب النحو عرضه على الإمام إلى أن حصل ما فيه الكفاية فقال : ما أحسن هذا النحو الذي نحوت وروي أن سبب وضع عليّ للنحو أنه سمع أعرابيّا يقرأ لا يأكله إلا الخاطئين)(الشاطر بدون ت : 17.)22
نشأة النحو وتطوره:
ذهب المؤرخون إلى أن النحو العربي مر بأطوار أربعة وهي طور الوضع والتكوين و طور النشوء والنمو، و طور النضج والكمال، و طور النضج والكمال، وأما طور الوضع والتكوين، صرف البصريون وحدهم الجهد في غرس البذور الأولى للنحو العربي، وقد سبقوا غيرهم في إنجاز هذا العمل وذلك( لأن البصرة قد فازت بقصب السبق في عهد الأمويين على غيرها، لأن سكان البصرة كانوا يناصرون الأمويين، فيما كان الكوفيون أميل إلى الطاعة والهدوء وكانوا يناصرون العباسيين ، متمكن البصريون من حمل رئاسة العربية ، ولا سيما الإعراب، أضف إلى ذلك الموقع الجغرافي للبصرة، كانت البصرة أقرب مدن العراق إلى العرب الأقحاح الذين لم تلوث لغتهم بعامية الأمصار فعلى مقربة منها بوادي نجد غربا والبحرين جنوبا، والأعراب يفدون إليها منهما ومن داخل البصرة ، وليست كذلك الكوفة وبغداد ، فمكن هذا أهل البصرة من أن يأخذوا عن العرب دون أن يتكلفوا مشاق السفر. وقد تميز البصرة بقربها من المربد ، وهو أشهر أسواق العرب في الإسلام كما كان عكاظ في الجاهلية ، وقد كان مجتمع الأعراب فيه يتبادلون مع أهل البصرة المنافع والآراء ويلتقي الحاضر بالبادي ويتسع المجال للقاء العلماء البصريين أعراب البادية والأخذ عنهم)(الشاطر، بدون ت: 23) سار علماء هذا الطور في البداية منهجا مبسطا ، إذ وضع أبو الأسود القواعد العامة في الأبواب التي سبقت الإشارة إليها مقصورة على السماع ، ثم تطور وأخذ ينهج منهج الاستنباط واستعمال القياس فوضعت كثيرا من أصول النحو ومسائله. واقتصرت مباحثهم غالباعلى البحث في أواخر الكلمات لانتشار اللحن فيها وكانت المباحث النحوية ممتزجة بمباحث اللغة والأدب وغيرهما من فروع اللغة
2. طور النشوء والنمو: يعتبر هذا الطور مشتركا بين المدرستين البصرية والكوفية ويبدأ من عهد الخليل بن أحمد (175 هـ) وأبي جعفر الرؤاسي (175 هـ) وفي هذا الطور ثلاث طبقات لكل من البصريين (الثالثة ، والرابعة ،والخامسة) والكوفيين (الأولى ، والثانية ، والثالثة)ومن أشهر النحاة في هذا الطور من البصريين الطبقة الثالثة : الأخفش الأكبر (172 هـ) والخليل بن أحمد (175 هـ) ويونس بن حبيب (182 هـ) ومن الطبقة الرابعة : سيبويه (180 هـ) ، و اليزيدي (182 هـ) ، والأصمعي (216 هـ) ومن الطبقة الخامسة : الأخفش الأوسط وقطرب أما من النحان الكوفيين الطبقة الأولى أبو جعفر الرؤاسي ومعاذ الهراء ومن الطبقة الثانية منهم الكسائي ومن الطبقة الثالثة منهم الأحمر والفراء واللحياني ـ) (الشاطر أحمد ، بدون 49 – 68 )24 فالخليل هو الذي وضع للنّحو أبوابه وأقسامه وإصلاحه الّذي نراه في كتاب سيبويه؛ فإنّ سيبويه تلميذ الخليل لم يأخُذ النّحو إلاّ عنه، و الخليل منحه ما وضع للنّحو من أبوابٍ وأقسام واصطلاح، حتّى إنّ مُعاصِريه الذين أخذوا النّحو عن الخليل لم يفهموا ما كان يدور بينه وبين الخليل من الكلام في النّحو، وهذا بابٌ عظيم في تحقيق كتاب سيبويه، نستوفِيه بعدُ في كتابنا عن العربيّة
وقد اتسعت المباحث في هذا الدور، تطلبه الزمان وقانون الارتقاء، ومخلصها ما يلي:
‌أ- امتد البحث في هذا الطور إلى الصيغ والأبنية كما اتسعت مباحث الإعراب وقطعت شوطا بعيدا وأن اندرجت مباحث الأبنية والصيغ في مباحث النحو
‌ب- استقل علم النحو عن المباحث اللغوية الأخرى من أمثال علم اللغة والأدب والأخبار.
‌ج- اشتدت المنافسة بين المدرستين البصرة والكوفة واختلفت نزعة كل عن الأخرى في وضع القواعد والمقاييس والمصادر والتعليلات وحرصت كل مدرسة على أن تفوز في الغلبة على الأخرى بشرف استكمال هذا العلم
‌د- كان للكوفيين فضل السبق في علم الصرف على يد الرؤاسي ، فقد عنوا بمسائله حتى فاقوا فيه على البصريين، وستقوهم إلى استنباط كثير من قواعده، كثرت في هذا الدور المؤلفات النحوية ، إذ انتشرت حركة التأليف ، و من أشهرما وصل إلينا منه كتاب العين للخليل ، وقرآن النحو لسيبويه ، والمقاييس الأوسط للأخفش ، والفيصل للرؤاسي ، والمصادر للكسائي ، ومعاني القرآن للفراء
3. طور النضج والكمال: يبدأ هذا الدور من عهد كل من الجرمي البصري وابن سعدان الكوفي إلى عهد المبرد وثعلب، ويوجد في هذا الطور طبقتان لكل من البصريين السادسة والسابعة ، والكوفيين الرابعة والخامسة، وهذا الطور كان ملتقى علماء النحو في بغداد ، إذ هاجروا من البصرة والكوفة إلى بغداد بسبب الاضطرابات ، فدخلت بغداد ميدان دراسة النحو مع البصرة والكوفة، وكان يجتمع الفريقان فتحدث بينهما المناظرات والمنافسات والأحقاد ، واجتهد كل فريق في تأييد مذهبه و إن خفت بعد ذلك حدة العصبية، وهدأت بعد المبرد وثعلب، وكان الترجيح بين المذهبين من أهم خصائصه، وقد انفصلت في هذا الطور المباحث النحوية عن الصرفية فأصبح لكلٍّ مبحث مستقل.
4. طور الترجيح : وهو الطور الأخير من الأطوار التي مر بها النحو العربي، وقد حمل لواء النحو في هذا الطور المدرسة البغدادية والأندسية والمصرية، قد بدأ هذا الطور من أوائل القرن الرابع الهجري، وقد اختلفت مشارب علماء هذا الطور تبعا لمن تتلمذوا عليه فمنهم من أخذ عن البصريين فغلبت النزعة البصرية عليهم ، ومنهم من أخذ عن الكوفيين فغلبت النزعة الكوفية عليهم ، ومنهم من أخذ عن المذهبين ورجّح آراءهم المختلفة المتباينة فكانوا قد تحروا من قيود العصبية.
‌أ- البغداديون أصحاب البصريين: الزجاج، وابن السراج والجاجي وابن درستويه و السيرافي والفارسي
‌ب- والبغداديون أصحاب الكوفيين : ابن الأنباري وابن خالويه
‌ج- والبغداديون الذين تحروا عن قيود العصبية : (ابن قتيبة وابن كيسان والأخفش الصغير ( الشاطر : 87-97 )25 كانت القواعد التي عول فيها المدرسة البغدادية على المدرسة البصرية كثيرة، حتى اعتبر البعض بأن هذه المدرسة كانت امتدادا لها، فمعظم علمائه اتبعوا البصريين ورجحوا قواعدهم. أما القواعد التي عولوا فيها على الكوفيين فقليلة،
النحاة المتأخرون: كان العلماء قد اصطلحوا على أن انفراط عقد المدرسة البغدادية وتفرق علمائه في الأمصار بعد أن تضعضع ِشأن الخلافة العباسية بغلبة البويهيين عليها في النصف الأول من القرن الرابع الهجري عام 334 هـ هو الحد الفاصل بين المتقدمين والمتأخرين من النحويين، فالمتأخرون من النحاة هم الذين تحملوا عبء النهضة به من علماء المدرسة الأندلسية ، والمصرية ، وما بعدهما من جهود علماء النحاة في شتى بقاع الأرض في انجازهم العمل الشاق، و(كانت هذه النهضة الميمونة بالبصرة التي كان في أهلها ميل بالطبيعة إلى الاستفادة من هذا الفن اتقاء لوباء اللحن الزاري بصاحبه وخاصة الموالي الذين كانوا أحوج الناس حينذاك إلى تلقي هذا العلم رغبة منهم في تقويم لسانهم وتخليصه من رطانة العجمة، وحبا في معرفة لغة الدين الذي اعتنقوه، وطمعا في رفع قدرهم بين العرب) (الطنطاوي، 2005: 30)26
نشأة علم النحو : لقد نشأ علم النحو العربي بسبب الزيغ أو شبه الانحراف الطارئ على الألسنة العربية وذلك بسبب اختلاط العرب بغيرهم من الأمم والشعوب الأعجمية ويروى أيضا أن خوف عمر كان أشد على أن يتحول الخطأ إلى القرآن الكريم وهو الأمر الذي زاد في تفكيره أكثر في وضع قواعد للنحو العربي
1. أبو الأسود الدؤلي: لأبي الأسود الفضل الوافر في بدء الغرس الذي نما وترعرع وازدهر على كر الزمان غير أن هذا العلم إذ تقول الروايات أن أبا الأسود الدؤلي رصد على قارعة الطريق أعرابيا يقرأ القرآن إذ سمعه يقول: (ان الله بريء من المشركين ورسولِه ) فقال أبو الأسود الدؤلي لذلك الأعرابي حاشا أن يبرأ الله من رسوله ما كنت أحسب أن أمر الناس صار إلى هذا ، ولكن الذي زاد غضبه أكثر هو سماعه خطأ ابنته التي تربت في أسرة فصيحة تقول : ما أجملُ السماء بضم لام أجمل بدل الفتح (الباعث على النشاط فيه والسرعة شعور العرب بالحاجة إليه قبل كل علم، فإن الفتوحات الإسلامية متوالية في الأمصار، والعرب متدفقون عليها، والامتزاج مستحكم بينهم وبين من دخلوا في حوزتهم وعثير اللحن منتشر أقذى الأبصار، فهب العلماء لا يلوون على شيء منكمشين في فتم وضعه في العصر الأموي دون سائر العلوم اللسانية) (الطنطاوي، 2005: 30)27
2. تطور النحو: جل العلوم تطور ومر كما يمر الحي بأطوار الحياة وليدا وناشئا وشابا وكهلا في كثير من الكتب التي يخال فيها التعرض لذلك فما وقفنا على ما يشفي الغلة وينير السبيل، (فلاح لنا بعد إنعام الفكرة وإطالة النظرة أن نجعل الصلة بين هذه المراحل وبين العلماء القائمين بأمر هذا الفن إذ كان على أيديهم ما نقله من طور إلى آخر) ( الطنطاوي،2005: 31)28 يروى أن البصريين هم الذين وضعوه وتعهدوه بالرعاية قرابة قرن، كانت فيه الكوفة منصرفة عنه بما شغلها من رواية الأشعار والأخبار، والميل إلى التندر بالطرائف من الملح والنوادر،فمن رواد المدرسة البصرية نجد ابن أبي إسحاق، وعيسى بن عمر الثقفي، وأبا عمر بن العلاء، ويونس بن حبيب، والخليل بن أحمد، وسيبويه، والأخفش وتلاميذه، والمبرد وأصحابه.
وأما رواد مدرسة الكوفية؛ فمنهم: الكسائي، وتلاميذه، وهشام بن معاوية الضرير، والفراء، وثعلب، وأصحابه.وأما رواد المدرسة البغدادية؛ فمنهم: ابن كيسان، والزجاجي، وأبي علي الفارسي، وابن جني.أما في الأندلس، فقد برز أبو مضاء القرطبي، وابن عصفور، وابن مالك. أما المدرسة المصرية، فمن روادها: ابن الحاجب، وابن هشام، ولعلّ الداعي إلى ظهور هذه المدارس هو تعدُّد الاجتهادات والأدلة في القضايا النّحْوية، وما سمي بالتعليل النحوي.
المدارس النحوية:
1- المدرسة البصرية: لقد تشدّدت المدرسةُ البصرية تشدُّدا كبيرا في رواية الأشعار والأمثال والخُطب، واشترطوا في الشواهد المعتمدة لوضع القواعد أن تكون جارية على ألسنة العرب، وكثيرة الاستعمال في كلامهم؛ بحيث تُمثِّل اللغة الفصحى خير تمثيلٍ، وحينما يواجهون بعض النصوص التي تخالف قواعدهم، كانوا يرمونها بالشذوذ أو يتأوّلونها حتى تنطبق عليها قواعدهم، ومِن بين أبرز نُحاتها:
الطبقة الأولى: أبو الأسود الدؤلي ،نصر بن عاصم الليثي ،عبدالرحمن بن هرمز عبدالله بن إسحاق الحضرمي ، يحيى بن يعمر العدواني ، عيسى بن عمر الثقفي ،الخليل بن أحمد الفراهيدي
الطبقة الثانية: الأخفش الأكبر (أبو الخطاب عبدالحميد بن عبدالمجيد) يونس بن حبيب البصري ، سيبويه ، يحيى بن المبارك اليزيدي ، الأخفش الأوسط (أبو الحسن سعيد بن مسعدة) ، المُبرِّد ، أبو الفضل الرياشي ، أبو حاتم السجستاني ، أبو عثمان المازنيأبو محمد عبدالله التوزي ، أبو عمر الجرمي ، قُطْرُب المدرسة الكوفية: اتسع أقطاب المدرسة الكوفية في الرواية عن جميع العرب بدوا وحضرا، واعتدُّوا بأقوال وأشعار المتحضِّرين من العرب ممن سكنوا حواضر العراق، واعتمدوا الأشعار والأقوال الشاذة التي سمِعوها مِن الفصحاء العرب، ووصفها البصريون بالشذوذ، ومن أبرز روادها: الطبقة الأولى: أبو جعفر الرُّؤاسي، معاذ بن مسلم الهرّاء محمد بن عبدالرحمن بن محيض ، عاصم بن أبي النجود العلاء بن سيابة شيخ معاذ الهرّاء، زهير الفرقبي حمران بن أعين الطائي المقري النحوي، سعد بن شداد الكوفي.
الطبقة الثانية: أبو العباس أحمد المعروف بـ(ثعلب) ، أبو جعفر محمد بن عبدالله بن قادم ، أبو عبدالله محمد الطوال ، ابن سعدان أبو جعفر الضرير ، أبو الحسن علي بن المبارك اللحياني ، أبو زكريا يحيى الفرّاء ، أبو الحسن علي بن الحسن الأحمر ، الكسائي (أبو الحسن علي بن حمزة)
3- المدرسة البغدادية: يرى الدكتور مهدي المخزومي أن المدرسة البغدادية نشأت في الوقت الذي كان الصراع فيه قائما بين المبرد وثعلب، وقال: إن طبقة مِن الدارسين أخذت عن شيوخ المدرستين فعرفوا المنهجين، واستفادوا من الفئتينِ، ثم قرّر أن المذهب البغدادي ليس إلا مذهبا انتخابيّا، فيه الخصائص المنهجية للمدرستين جميعا، ومن أبرز نحاة هذه المدرسة نذكر: كمال الدين بن الأنباري، أبو محمد سعيد بن الدهان ، أبو محمد عبدالله بن الخشاب، هبة الله بن علي بن الشّجِري ، محمود بن جار الله الزمخشري ، علي بن عيسى الربعي
4- المدرسة الأندلسية: لعل مِن أوائل المعاصرين الذين تحدّثوا عن وجود مدرسة أندلسية في النحوِ الأستاذُ الدكتور شوقي ضيف، وذلك في كتابه المعروف المدارس النحوية، يقول الدكتور شوقي ضيف: وأولُ نحاة الأندلس بالمعنى الدقيق لكلمة نحوي؛ جودي بن عثمان الموروري، الذي رحل إلى المشرق وتتلمذ للكسائي والفراء، وهو أول من أدخل إلى موطنه كتب الكوفيين، وأول من صنف به في النحو، وما زال يدرسه لطلابه حتى توفي (سنة 198 هـ)[24]. الطبقة الأولى: أبو علي القالي ، محمد بن يحيى الرياحي ، أحمد بن يوسف بن حجاج ، الأفشنيق محمد بن موسى ، محمد بن عبدالسلام الخشني ، جابر بن غيث ، عبدالملك بن حبيب السلمي ، جودي بن عثمان
الطبقة الثانية: وأبرز رجالات هذه الطبقة، نجد: أبو حيان محمد بن يوسف (ت 745 هـ)، ابن مضاء القرطبي ، ابن سِيده ، هارون بن موسى القرطبي
5- المدرسة المصرية: تشمل هذه المدرسة الدراسات النّحوية في مصر والشام، وقد نشأت هذه المدرسةُ بعد أن زالت دُويلات العرب في الأندلس، واستولى الفرنجة على غرناطة، ورحل السكانُ العرب مِن هناك إلى مصر والشام والمغرب والجزائر وتونس، فأصبحت مصر والشام ملجأ للعلماء، ومِن بين أبرز نُحاة هذه المدرسة:
الطبقة الأولى: أبو جعفر النحّاس ، علي بن الحسن بن عسلان ، أبو زهرة بن فزارة النّحوي ، محمد بن الوليد بن ولاد التميمي أبو بكر بن المزرع (ت 303 هـ)، أبو علي الدينوري ، أبو الحسن الأعز ، ابن ولاد المصري.
الطبقة الثانية: علي بن عبدالصمد، المعروف بابن الرماح ، سليمان بن بنين الرقيقي ، علي بن جعفر المعروف بابن القطاع ، طاهر بن أحمد بن بابشاذ ، علي بن إبراهيم الحوفي ، أبو بكر الإدفوي ،
الطبقة الثالثة: جلال الدين السيوطي ، محمد بن سليمان الرومي المعروف بالكافيجي ، محمد بن أبي بكر الإسكندري ، محمد عبدالرحمن المعروف بابن الصائغ ابن هشام الأنصاري، وخلاصة أن المدرسة الكوفية والبصرية (تكاتفا على استكمال قواعده، خرج بعدها هذا الفن تام الأصول، كامل العناصر، وانتهى الاجتهاد فيه، وحينذاك التأم عقد الفريقين في بغداد، فنشأ المذهب البغدادي الذي عماده الترجيح بين الفريقين ثم شع نور هذا العلم في سائر البلاد الإسلامية التي احتفظت به بعد أن دالت دولة بغداد العلمية، وفي طليعتها الأندلس في عصرها الزاهر، ومصر المعزية والشام وما يتأخمها ) ( الطنطاوي، 2005: 31)29 لقد اختلف المؤرخون في تحديد واضع علم النحو ولكن المتتبع لكتب التراجم وما ذكرته الروايات يجد أن أكثرهم ينسب ذلك إلى النحوي الكبير أبو الأسود الدؤلي (أول من أرسل في النحو كلاما أبو الأسود الدؤلي المتوفى سنة 67ه وقيل: إن علي بن أبي طالب ألقى على أبي الأسود شيئا من أصول هذا النحو ثم قال له: انح هذا النحو فسمي الفن نحواـ وقيل: إن أول من تكلم فيه: نصر بن عاصم المتوفى سنة 89هـ وقيل: عبد الرحمن بن هرمز المتوفى سنة 117ه وقيل: لم يصل إلينا شيء عن أحد قبل يحيى بن يعمر المتوفى سنة 129هـ، وابن أبي إسحاق الحضرمي المتوفى سنة 117هـ وقيل، وقيل إلخ، ومن يقرأ بإمعان ترجمة أبي الأسود الدؤلي في تاريخ دمشق لابن عساكر مثلا، ثم يفكر في توارد أكثر المصادر على جعله واضع الأساس في بناء النحو لا يستبعد ذلك، فالرجل ذو ذكاء نادر وجواب حاضر، وبديهة نيرة، ثم هو بعدُ بليغ أريب مرن الذهن، وحسبك اختراعه الشكل ) (الأفغاني، بدون ت: 2)30
7. بعض الأقوال تؤكد أن أبا الأسود: هو واضع علم النحو كقول محمد بن سلام الجمحي المتوفي عام 232 هـ وكان أول من أسس العربية وفتح بابها وأنهج سبيلها ووضع، قول عبد الله بن مسلم بن قتيبة وهو يريد أبا الأسود يعد من الشعراء والتابعين والمحدثين والنحويين لأنه أول من عمل في النحو كتابا، قول أبي العباس محمد بن يزيد مبرد صاحب كتاب الكامل في الأدب : أول من وضع العربية ونقط المصاحف أبو الأسود وسئل من أرشده لوضع علم النحو فقال : أبو الأسود ردا تلقاه عن علي (وكان الخطوة الأولى إلى النحو كما ذهب إليه الأستاذ أحمد أمين وينص أبو الطيب اللغوي على أن أبا الأسود وضع النحو ليتعلم بنو زياد واختلف الناس إليه يتعلمون العربية وفرع لهم ما كان أصله, فأخذ ذلك عنه جماعة وليس يعنينا هنا تحرير هذه الأولية بتفصيل)( سعيد بن الأفغاني، بدون: 28)31 ميدان النحو واسع جدا ويعد أبو الأسود من وجهاء التابعين وفقهائهم ومحدثيهم كان خطيبا عالما جمع شدة في العقل وصوابا في الرأي وجودة في اللسان، ولا خلاف بين العلماء في أنه أول من وضع النقط في المصاحف لنميز بين حركات الحروف ، وضبطها في المصحف
10. يشير أغلب المصادر على أن النحو نشأ بالبصرة، وبها نما واتسع وتكامل وتفلسف، وأن رؤوسه بنزعتيه السماعية والقياسية كلهم بصريون ، لأن النظام النحويّ يعبر عن بُنْية اللغة ويصوغ فكر الناطقين بها؛ و النظام النحويّ العربيّ يحتلّ محلّا بارزا بين النُظُم النحوية الكبرى في العالم، من أجل موقعه المتوسِّط بين النظام اليوناني، في الغرب
11. نشير إلى أن اتفاقهم على أنه واضع الشكل وأن شبه الإجماع على أنه أول من تكلم بالنحو, وأنه كان يتصدر لإعراب القرآن ( وأن هؤلاء الذين تزعم لهم الأولية في بعض الأقوال: نصر بن عاصم، ويحيى بن يعمر، وعنبسة الفيل، وميمونا الأقرن، كلهم تلميذ أبي الأسود أو تلميذ تلميذه، عنه أخذوا العربية والقراءة بالبصرة؛ كل أولئك مع ما عرف عن أبي الأسود من ذكاء وقاد، وفكر متحرك، وعقل وروية، يجعلنا نقطع بأنه وضع أساسا بنى عليه من بعده، ولكن، ما هو هذا الأساس؟ لسنا نجد لهذا السؤال جوابا يشفي الغليل، فصحيفة أبي الأسود تعرف عند النحاة بـ التعليقة، فإذا أردنا معرفة محتوياتها لم نحظ بما يطمأن إليه، بل فات معرفتها العلماء منذ المائة) (الأفغاني، بدون ت: 29)32
12. النحو، منذ بدايته، كان مرتبطا بالحديث والفقه: إذ إن كتب أخبار النحويين تروي لنا عن نصر بن عاصم الليثي، وهو أول من وضع العربية بعد أبي الأسود، أنه كان فقيها عالما بالعربية والحديث، كما أنها تروي لنا عن يحيى بن يعمر؛ وهو أول من نقط المصاحف وقيل هذه الآية الكريمة الآتية: هي السبب في ظهور النحو ﴿ أنّ اللّه برِيءٌ مِن الْمُشْرِكِين ورسُولُهُ ﴾ [التوبة: 3]33 فهذه الآية إن ظهور النحو كان بباعثٍ ديني، يتجلى في حرص المسلمين على قراءة القرآن الكريم قراءة سليمة وفهْم دلالته، يقول الزّبِيدي: (أولُ من أصّل النحو وأعمل فكره فيه أبو الأسود ظالِمُ بنُ عمرٍو الدؤلي، ونصر بن عاصم، وعبدالرحمن بن هرمز؛ فوضعوا للنحو أبوابا وأصّلوا له أصولا، فذكروا عوامل الرفع والنصب والخفض والجزم، ووضعوا باب الفاعل والمفعول والتعجب والمضاف(ضيف، بدون ت: 11)34 ومن خطوط العلماء في النحو واللغة مثل أبي عمرو بن العلاء وأبي عمرو الشيباني والأصمعي وابن الأعرابي وسيبويه والفراء والكسائي,( ومن خطوط أصحاب الحديث مثل سفيان بن عيينة وسفيان الثوري والأوزاعي وغيرهم, ورأيت ما يدل على أن النحو وأبو نوفل بن أبي عقرب، وعن هؤلاء أخذ علماء البصرة طبقة بعد طبقة، ثم نشأ بعد نحو مائة عام من تلاميذهم من ذهب إلى الكوفة فعلم بها، فكان منه ومن تلاميذه ما يسمى بمدرسة الكوفة) (الأفغاني، بدون : 30 )36 اتفق معظم الباحثين أن سبب ظهور النحو كان شيوع اللحن في العربية، وذلك حين ما كثرت الفتوحات السلمية على البلدان المجاورة مما جعل شعوبها تقبل على العربية تتعلمها، خاصة وهي لغة الدولة و الدين، برغم أن اللحن كان معروفا في الجاهلية، و صدر السلم
نلخص أسباب نشأة النحو في سببين بارزتين هما:
1.السبب الديني : يعود إلى مكانة القرآن في نفوس المسلمين، و حرصهم على أداء، نصوص الذكر الحكيم أداءا سليما، وخاصة بعد أن شعاع اللحن على اللسنة
2.السبب الجماعي أو السياسي : يرجع إلى أن الشعوب المستعربة أحست، بحاجة شديدة لمن يرسم لها أوضاع العربية في إعرابها و تصريفها، حتى تتقن النطق الصحيح، و الفهم السليم، وخاصة أن القرآن دستور الأمة، و لغة المجتمع، وكانت اللغة هي العائق أمام الموالي و المناصب الرفيعة. قال ابن خلدون في هذاالشأن:(إنّه لمّا فسدت ملكة اللسان العربي في الحركات المُسمّاة - عند أهل النحو- بالإعراب استنبطت القوانين لحفظها كما قلناه، ثماستمر ذلك الفساد إلى موضوعات الألفاظ،فاستُعمل كثيرٌ مِن كلام العرب في غير موضوعه عندهم، ميولا مع هُجْنة المُستعرِبين في اصطلاحاتهم المخالِفةِ لصريح العربية، فاحتيج إلى حفظ الموضوعات اللُّغوية بالكتابوالتدوين، خشية الدروس وما ينشأ عنه من الجهل بالقرآن والحديث، فشعر كثيرٌ مِن أئمةاللسان بذلك وأملوا فيه الدواوين)(ابن خلدون، د ت، ، ج3 : 1268)37 إن ظهور النحو كان بباعثٍ ديني، يتجلى في حرص المسلمين على قراءة القرآن الكريم قراءة سليمة وفهْم دلالته، وخاصة بعد فُشُوِّ اللحن الذي أخذ في الظهور منذ عصر الرسول صلى الله عليه وسلم كما أشرنا، غير أن اللحن كان نادرا في صدر الإسلام، وكلما تقدّمنا منحدرين اتّسع شُيُوع اللحن في الألسن، خاصة بعد تعريب غيرِ العرب…، وكل ذلك وغيره جعل الحاجة ماسة إلى وضع تقعيد يُعرف به الصواب مِن الخطأ في الكلامِ خشية دخول اللحن وشيوعه في تلاوة آيات الذِّكر الحكيم، هذا دفع إلى التفكيرِ في وضع النحو وتقرير قواعد تنتظم في قوانين قياسية من استقراء دقيق للعبارات والتراكيب الفصيحة وأوضاعها الإعرابية.
وقد اختلفت الآراء فيمن نُسِبت إليهم الخطوات الأولى في وضع النحو العربي:
يقول السِّيرافي: اختلف الناس في أولِ من رسم النحو، فقال قائلون: أبو الأسود الدؤلي، وقيل: هو نصر بن عاصم، وقيل: بل هو عبدالرحمن بن هرمز، وأكثر الناس على أنه أبو الأسود الدؤلي. وتضطرب الروايات في السبب المباشرِ الذي جعل أبا الأسود يُؤلِّف في النحو لأول مرة، فمِن قائل: إنه سمع قارئا يقرأ الآية الكريمة: ﴿ أنّ اللّه برِيءٌ مِن الْمُشْرِكِين ورسُولُهُ ﴾ [التوبة: 3]،بكسر اللامِ في رسوله، فقال: ما ظننتُ أمر الناس يصل إلى هذا، واستأذن زياد بن أبيه والي البصرة (45 - 53 هـ) وذهب بعض الدارسين منهم شوقي ضيف)( ضيف، بدون ت: 11)38. إلى أن هذا مِن عبث الرواة الذين ظنوا أنه وضع النحو، وهو إنما رسم إعراب القرآن الكريم عن طريق نقْط أواخر الكلمات فيه، وحمل هذا الصنيع عن أبي الأسود تلاميذُه مِن قراء الذكر الحكيم، وفي مقدمتِهم نصرُ بنُ عاصم وعبدالرحمن بن هرمز، ويحيى ين يعمر، وعنبسة الفيل، وميمون الأقرن، فكل هؤلاءِ نقطوا المصحف وأُخذ عنهم النقطُ، وحُفظ وضُبط وقُيِّد وعُمل به، واتُّبِع فيه سُنتهم، واقتُدي فيه بمذاهبهم)( ضيف، بدون ت: 13)39. وأضافوا إلى ذلك عملا جليلا أحاطوا به لفظ القرآن الكريم بسياجٍ يمنعُ اللحن فيه، مما جعل بعض القدماء يظنُّ أنهم وضعوا قواعد الإعراب أو أطرافا منها، وهم إنما رسموا في دقةٍ نقط الإعراب لا قواعده، كما رسموا نقط الحروف المعجمة مِن مثل الباء التاء والثاء والنون.
وعلى الرغم من هذا التردُّد بين الرواة والمؤرِّخين في الحسْم في واضع هذا العلم، فإن المتفق عليه بينهم أن مرحلة الوضع والتكوين كانت للمدرسة البصرية، ولم تظهر المدرسة الكوفية إلا في طور النُّشوء والنمو، لينضج العلم ويستوي على سُوقه في ظلِّ النقاشات بين المدرستين البصرية والكوفية، ليعرف العلم تطورا مهمّا في طورِ الترجيح والبسط في التصنيف، بظهور مجموعةٍ مِن المدارس؛ كالبغدادية، والأندلسية، والمِصرية، والشامية، ويصعب الفصلُ بين هذه الأطوار تاريخيّا؛ لأنها متداخلة، ولا يتأتّى إلا بتحديد طبقات الرواد مرتبة
الظاهرة النحوية: إذا وقفنا مع تعريفات النحاة للنحو، وجدنا أن أبرز حدٍّ للنحو يرجع إليه الدرس العربيُّ، هو حدُّ ابن جني الذي يُقرِّر فيه أن النحو هو انتحاء سمْت كلامِ العرب في تصرفه من إعراب وغيره؛ كالتثنية، والجمع، والتحقير، والتكسير، والإضافة، والنسب، والتركيب، وغير ذلك؛ ليلحق من ليس مِن أهل اللغة العربية بأهلها في الفصاحة، فينطق بها وإن لم يكن منهم، وإن شذّ بعضهم عنها رُدّ به إليها)(ابن جني، بدون ت: 1/.34)40
ولا يخفى في الحقيقة أن التعريف يقفُ مع شُمولِ النحو لمجموع جهاتِ العربية؛ فالنحو موافقةُ سِمات العربية المختلفة، وهو ما يُعبِّر عنه بقوله: انتحاء سمْت كلامِ العرب في تصرُّفه من إعراب وغيره؛ كالتثنية، والجمع، والتحقير، والتكسير، والإضافة، والنسب، والتركيب، وغير ذلك(ابن جني،بدون ت: 1/.34)41
ويتأكّد عدمُ اقتصار الأمر عند ابن جني في ضبطِه للنحو على سِمة الإعراب بانتقاله من سمة الإعراب إلى سمات العربية الأخرى؛ كالعدد والتصغير... إلخ.
ويمكن أن نأنس إلى عدم اقتصار النحو على ظاهرةِ الإعراب مِن تسمية علماء العربية له بالعربية وبعلم العربية؛ أي: إنهم إذا أطلقوا على النحو مصطلح الإعراب لبروز الإعراب بوصفِه خصيصة لفظية للتركيب النّحْوي، تعكس بشكل أساسي علاقات التركيب - فإنهم أيضا قد أطلقوا عليه مصطلحي العربية وعلم العربية مِن جهة بروزه وأهميته بالنسبة لفروع الدرس اللُّغوي الأخرى.إن مراعاة مقابلةِ النحو بالإعراب وبالعربية أخرى، تدعوننا لأن نُعِيد تقييم مفهوم النحو في تراثنا، فليست مرادفةُ النحو للإعراب أكثر مِن بيان أبرز جوانبه وأخصها، كما أن مرادفة النحو للعربية ليست أكثر مِن بيان قيمة النحو بين علوم العربية، ويمكن أن تُخفّف مرادفة النحو بالعربية مِن مرادفة النحو بالإعراب؛ فالحقيقة أنه إذا كان وقوع مصطلح الإعراب على علم النحو يشي باقتصارِ النحو في تصوُّرنا التراثي على ظاهرةِ الإعراب بشكلٍ خاصٍّ، فإن مصطلح العربية يُعِيد الأمر إلى نصابه؛ إذ يقال للنحو علم العربية لأهميته في ذاته ولأهميته لغيره من بقية علوم العربية.
ولا ينبغي بِناء على ذلك أن نركن إلى وُرودِ مصطلح الإعراب علما على النحو كله؛ لأن الأمر يعكس التصور التراثي للظاهرة النّحوية.
إننا إذا تجاوزنا ضبط النحاة لعلمِ النحو ومصطلحه، ووقفنا مع المادة النّحْوية التي يُقدِّمونها وما يُعالِجُونه في النحو - ظهر عدمُ إغفالِ النحاة لأي جانبٍ مِن جوانب اللغة، وأنهم لم يترُكُوا سِمة مِن سمات العربية إعرابا وترتيبا وتعيينا ومطابقة، إلا وأوْلوها عنايتهم وأتمُّوا ضبطها دون تقصير، بل إننا إذا راجعنا موقف النحاة من الظاهرة النحوية في ضوء معالجتهم لها، وجدنا أنهم لم يدركوا وظيفة العلامة الإعرابية فحسب، بل أدركوا أيضا كلّ السمات اللُّغوية وغير اللُّغوية التي تقوم مِن خلالها عملية التواصل اللُّغوي.
لقد قرّروا أن سمات الرتبة والعدد والمعنى والإشارة والحال، تسُدُّ في بيان المعنى النحوي مسدّ الإعراب إذا ما غاب، وتُغني غناءه؛ يقول ابن جني: باب القول على الإعراب هو الإبانة عن المعاني بالألفاظ، ألا ترى أنك إذا سمِعت: أكرم سعيدٌ أباه، وشكر سعيدا أبوه، علمت برفع أحدهما ونصب الآخرِ الفاعل مِن المفعول، ولو كان الكلامُ شرجا واحدا لاستبهم أحدهما مِن صاحبه‏، فإن قلت‏:‏ فقد تقولُ: ضرب يحيى بُشْرى، فلا تجد هناك إعرابا فاصلا، وكذلك نحوه، قيل‏:‏ إذا اتفق ما هذه سبيله، مما يخفى في اللفظ حاله، أُلزم الكلام مِن تقديم الفاعل وتأخير المفعول ما يقوم مقام بيان الإعراب، فإن كانت هناك دلالةٌ أخرى مِن قِبل المعنى وقع التصرف فيه بالتقديم والتأخير؛ نحو: أكل يحيى كُمّثْرى‏،‏ لك أن تُقدِّم وأن تُؤخِّر كيف شئت، وكذلك ضربتْ هذا هذه، وكلّم هذه هذا، وكذلك إن وضح الغرض بالتثينة أو الجمع، جاز لك التصرف؛ نحو قولك: أكرم اليحْييانِ البُشْرييْنِ، وضرب البُشْرييْن اليحْيوْن، وكذلك لو أومأت إلى رجل وفرسٍ، فقلت‏:‏ كلم هذا هذا، فلم يُجبه، لجعلت الفاعل والمفعول أيهما شئت؛ لأن في الحال بيانا لِما تعني،‏ وكذلك قولك: ولدت هذه هذه؛ من حيث كانتْ حال الأم من البنت معروفة غير منكورة(ابن جني، بدون ت: ج1/35)42 تصنيف الكلم: تعتبر الكلمات جزءا مِن النظرية النّحْوية، وقد دار حولها جدلٌ كبير في التراث النّحْوي العربي، ولا سيما المسائل المتعلِّقة بتصنيفها؛ إذ المشكلةُ ليست في الوحدات نفسِها التي تُشبِه المعاني المطروحة في الطريق يعرِفُها العربي والعجمي، وإنما في نظامِ تصنيفها الذي خالف فيه كثيرٌ مِن اللُّغويين المعاصرين نُحاتنا القدامى خلافا بعيدا، فنحاتنا القدامى لم يقدموا تقسيما وحيدا للكلمة، وإنما قدموا اثنينِ، جاء كل واحد منهما بحسب الغرض منه، فقد قدّموا تصنيفا عامّا يضمُّ الأقسام الرئيسية دون فروعها، وآخر تفصيليّا ذكروا فيه ما لكلِّ قسم مِن أقسام الكلمة الرئيسة مِن أقسام فرعية؛ كأقسام الاسم الفرعية التي تتمثل في الضمير والصفة والظرف، ومبدأ التصنيف هو ضابطٌ أساسي في الفكر النحوي العربي.
العلاقات النحوية أو العمل (نظام التعليق): ويتصل هذا النظام بجهةِ العلاقة النحوية وعناصرها، وهي العلاقة التي يتحقّق بها التركيب؛ فلا تركيب بلا علاقاتٍ بين مفرداته، وقد أخذ النظام اسما ناله مِن النقد ما لم ينلْ غيره، وهو اسم العمل.
ويمكن أن نعتمد التعليق الذي قال به بعض رُوادنا اللُّغويين لأن العمل ليس إلا اقتضاء بعض الكلمات لبعض؛ مما يجعل منها تركيبا لا مجرّد مفردات متتابعة، ومِن ثمّ فإنه يقضي على العمل النّحْوي والعوامل النّحْوية؛ إذ يتمُّ التعليق في ضوءِ ما بينها مِن اقتضاء تحكمه تفصيلات العمل، ولا نريد أن نقف مع تفصيلات العمل، وإنما نريدُ الإشارة إلى أن هذا النظام انبنى عليه الفكر اللُّغوي العربي في مجال التأليف النّحْوي.
الحذف: لا يخفى أن الحذف يرِدُ في طرفٍ مِن طرفي العلاقة أو فيهما معا؛ مما يعني أنه يعكِسُ استثناء على نظام العلاقة النحوية يتمثّل في تخلُّف طرف مِن طرفي العلاقة النّحْوية.
الزيادة: تحسبُ الزيادة مراعاة لطرفي العلاقة؛ أي: تحسب تبعا لاستيفاء العلاقة لطرفيها، الأمر الذي يعكس استثناء على نظام العلاقة النحوية يتمثّل في وجود عنصر لا يرتبط بغيره كما في حالة حرف الجر الزائد.
التنازع: يقوم التنازع بسبب من العلاقات النحوية، كما هو مقرر أيضا، وهو مِن ثمّ يعكس استثناء على نظام العلاقة النحوية يتمثل في وجود عاملينِ يقتضي كل واحد معمولا خاصّا به مع وجود أحدهما دون الآخر.
الاشتغال: يقوم الاشتغال أيضا بسبب من العلاقات النحوية؛ كما قرّره النحاة، ويتمثل في وجود معمولٍ واحدٍ مع معمولين مِن جنس واحدٍ على الرغم مِن أن العامل لا يتطلّب إلا واحدا منه.
التضمين: يعكس نظامُ التضمين استثناء على نظام العلاقة النحوية؛ إذ يرِدُ مفعول به بعد فعلٍ لا يرتبط بمنصوب على جهة المفعولية؛ يقول ابن هشام في سبعةِ الأمور التي يتعدّى بها الفعل اللازم، ويأتي بعده مفعولٌ به على الرغم من لزومه: السادس التضمين، فلذلك عُدِّي: (رحُب وطلع) إلى مفعول لمّا تضمّنا معنى (وسِع وبلغ)، وقالوا: فرِقْتُ زيدا، وسفِه نفْسهُ، لتضمُّنها معنى خاف وامتهن أو أهلك، ويختص التضمين عن غيره من المُعدِّيات بأنه قد ينقل الفعل إلى أكثر من درجة، ولذلك عُدِّي ألوتُ - بقصر الهمزة بمعنى قصرت - إلى مفعولين بعدما كان قاصرا، وذلك في قولهم: لا آلوك نصحا، ولا آلوك جهدا، لما ضمِّن معنى لا أمنعك، ومنه قوله تعالى: ﴿ لا يأْلُونكُمْ خبالا ﴾ [آل عمران: 118]، وعُدِّي أخبر وحدث وأنبأ ونبأ إلى ثلاثة لِما ضُمِّنت معنى أعلم وأرى بعدما كانت متعدية إلى واحد بنفسها وإلى آخر بالجار؛ نحو: ﴿ أنْبِئْهُمْ بِأسْمائِهِمْ فلمّا أنْبأهُمْ بِأسْمائِهِمْ ﴾ [البقرة: 33]، ﴿ نبِّئُونِي بِعِلْمٍ ﴾ [الأنعام: 143]( مغني اللبيب عن كتب الأعاريب: 1/680)43
لقد اشتهر عن التراث اللُّغوي العربي أنه فيما يتصل بالنحو قد أخذ بمفهوم العامل في تحليله للتركيب النّحوي، فجعله النظام الحاكم للتركيب النّحوي، يحدِّد به وحدات الجملة، ويُبيِّن العلاقات القائمة بين هذه الوحدات التي تجعلُ بعض التراكيب سلاسل لُغوية صحيحة، وبعضها الآخر سلاسل لُغوية غير صحيحة.
وقد استحكمت هذه النظريةُ أصول النحو وأبوابه وتقسيماته منذ نشأته، وإن كانت في بدايتها يسيرة غير مكتملة ولا منتظمة الملامح؛ إذ ذكر سيبويه في مقدمة كتابه ما يدل على أنه يأخذ بهذه النظرية، بل يوجه الكثير مِن الأبواب النحوية بموجبها، قال: هذا باب مجاري أواخرِ الكلم من العربية، وهي تجري لي ثمانية مجارٍ: على النصب، والجر، والرفع، والجزم، والفتح، والضم، والكسر، والوقف...، وإنما ذكرتُ لك ثمانية مجارٍ، لا فرق بين ما يدخله ضرب من هذه الأربعة؛ لما يحدث فيه العامل - وليس شيء منها إلا وهو يزول عنه - وبين ما يبنى عليه الحرف بناء لا يزول عنه لغير شيء أحدث ذلك فيه خرف الإعراب( سيبويه، بدون ت ج1/13) ولكل عاملٍ مِن العوامل حركةٌ مِن حركات الإعراب في حرفِ الإعراب وهو الحرف الأخير من الكلمة المُعربة. إن سيبويهِ كان يُدرِك بجلاءٍ حقيقة الفرق بين الدرسِ اللُّغوي وطبيعةِ الدراسات الكلامية والمنطقية والفلسفية، التي كان للعاملِ فيها فهمٌ مُغاير لفهم النحاة؛ لذا حاول أن يجد تفسيرا للعامل يكون قريبا مِن رُوح اللغة وطبيعة الناطقين بها، بعيدا عن كل تأثير خارجي.
لقد شكّل اندفاع النحاة إلى الاستفادة مِن الفلسفة والمنطق اليونانيينِ عاملا مهمّا في تأثر النحو بالفلسفة، فانتهت دراسة العامل إلى أن يُضفى عليها صفة العلة الفلسفية، ومن هنا انتهت دراسة النحو إلى ما انتهت إليه مِن جدب وجمود.
والعوامل عند النحاة - ولا سيما الفريقين المعروفين الكوفة والبصرة - لفظيةٌ ومعنوية:
ومن المعلوم أن أغلب النحاة ذهبوا إلى قوةِ العامل اللفظي مقارنة بنظيره المعنوي، فالعامل اللفظي هو ما كان للسان فيه حظٌّ، بمعنى أنه يُنطق ويُكتب، كالفعل ذهب في قولنا: ذهب زيد، فالذي أعمل الرفع في الفاعل زيد هو الفعل قبله، وهو أيضا الألفاظ المؤثِّرة فيما بعدها، وهو الأصلُ في الإعمال، فالفعل يعمل الرفع في الفاعل، أما نصبه للمفعول، فهو محل خلاف، ومنه كذلك كان وأخواتها، وإن وأخواتها، وظننت وأخواتها، وحروف الجر والنصب والجزم، وبتفصيلٍ أكثر مثلا إذا أخذنا حرف الجر، فهو عامل يجعل الاسم المجرور مجرورا، بمعنى أنه إن لم يُوجد هذا الحرفُ لم يوجد الجرُّ.
والعوامل اللفظية عند الفريقين - الكوفيين والبصريين - ثلاثةُ أنواع: أسماء، وأفعال، وحروف. أما العامل المعنوي، فهو الذي يُدرك بالعقل دون أن يُلفظ به، وتقع علامته الإعرابية، ولكنه لا يوجد في الكلام ولا يكتب، وإنما قالوا: عاملٌ معنوي؛ لأنهم لم يجدوا شيئا يُعلِّل علامته الإعرابية.
المصادر والمراجع :
1. ابن جني أبو الفتح عثمان بن جني، الخصائص، الموصلي الهيئة المصرية العامة للكتاب الطبعة: الرابعة ج1 ص34
2. محمود السعران: علم اللغة: مقدمة للقارئ العربي، بيروت، دار النهضة العربية، د. ت، ص23
3.أبو القاسم الزجاجي، الإيضاح في علل النحو، تحقيق: مازن المبارك، دار النفائس بيروت، الطبعة الثالثة: 1399هـ /1979م ص
4.اللغة والنحو: دراسات تاريخية وتحليلية مقارنة: ص: 217.4
5. كمال الدين بن الأنباري، نزهة الألباء في طبقة الأدباء:ج1 تحقيق إبراهيم السامرائي، مكتبة المنار- الأردن، الطبعة الثالثة: 1985م ص/76
6. أبو البركات عبد الرحمان بن محمد الأنباري،الإغراب في جدل الإعراب ولمع الأدلة في أصول النحو، تحقيق: سعيد الأفغاني، مطبعة الجامعة السورية، 1377هـ/1957م ص 97
7. السوطي، جلال الدين السوطي، الاقتراح في أصول النحو تحقيق: أحمد سليم الحمصي، ومحمد أحمد قاسم، جروس برس، الطبعة الأولى:1988م ص88.
8. الزجاجي أبو القاسم الزجاجي، الإيضاح في علل النحو، تحقيق: مازن المبارك، دار النفائس بيروت، الطبعة الثالثة: 1399هـ /1979م ص 62
9. الصبان، حاشية الصبان على شرح الأشموني لألفية ابن مالك:1/72، دار الكتب العلمية بيروت-لبنان، الطبعة الأولى 1417هـ -1997م ص 32
10. ابن مالك ، جمال الدين ابن مالك شرح التسهيل: تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد: تحقيق عبد القادر عطا، طارق فتحي السيد، دار الكتب العلمية، 2001م ص 55
11. ابن هشام الأنصاري مغني اللبيب عن كتب الأعاريب ج1 ، تحقيق وشرح عبد اللطيف محمد الخطيب، مطابع السياسة، الكويت1423هـ/2002م ص 53-54
12. أحمد بن فارس بن زكرياء، معجم مقاييس اللغة:[عرب]، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، دار الفكر، 1399هـ-1979م ص 12
13. جلال الدين السيوطي، الإتقان في علوم القرآن ج2 تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1394هـ/1974م. ص 309.
14. لأبي حيان الأندلسي، البحر المحيط في التفسير ج1تحقيق: صدقي محمد جميل، دار الفكر، بيروت، 1420هـ ص/11
15. [التوبة: 3]
16نفس المرجع 3
15. الصبان على شرح الأشموني على ألفية اين مالك ص 29.
16. أبو الطيب اللغوي، مراتب النحويين 5، وفي الخصائص 2 ص8
17. ابن جني أبو الفتح عثمان بن جني، الخصائص، الموصلي الهيئة المصرية العامة للكتاب الطبعة: الرابعة ج2 ص 8
18. الجاحظ ، البيان والتبيين 2 ص 219
19. الخليل، العين، تحقيق عبد الله درويش (القسم الأول من الكتاب)، ط1، بغداد، 1967م ج 8 ص 138
20. الخليل، العين، تحقيق عبد الله درويش (القسم الأول من الكتاب)، ط1، بغداد، 1967م ج 2، ص 20
21.سيبويه، الكتاب، ج 1، ص 437
22.الأنباري، الإنصاف، ج 1، ص 185
23.سورة الأنفال، آية: 18
24.سورة البقرة، آية: 54
19. ابن خلدون ، المقدمة 515.)19
20.سورة البقرة 39
21. محمد الشاطر أحمد محمد الموجز قي نشأة النحو ، بدون التاريخ ص 18
22. نفس المرجع ص 17
23. نفس المرجع ص 23
24. نفس المرجع ص 49 – 68
25. نفس المرجع ص 87-97
27. الشيخ محمد الطنطاوي نشأة النحو وتاريخ أشهر النحاة المحقق: أبي محمد عبد الرحمن بن محمد بن إسماعيل الناشر: مكتبة إحياء التراث الإسلامي الطبعة: الأولى 2005م-1426ه ص30ـ
28. نفس المرجع ص 31
29. نفس المرجع ص 31
30. سعيد بن محمد بن أحمد الأفغاني من تاريخ النحو العربي مكتبة الفلاح ص2
31. نفس المرجع ص28
32. نفس المرجع ص 29
34. شوقي ضيف، بدون تاريخ، المدارس النحوية، الطبعة السابعة، دار المعارف. بدون التاريخ ص 11
35. المحكم في نقط المصاحف، بدون ت ص 6
36 سعيد بن محمد بن أحمد الأفغاني من تاريخ النحو العربي مكتبة الفلاح ص30
37. ابن خلدون، المقدمة، تح: علي عبدالواحد وافي، ط3، القاهرة: د ت، دار نهضة مصر للطبع والنشر، ج3 ص 1268.
38. ابن جني أبو الفتح عثمان بن جني، الخصائص، الموصلي الهيئة المصرية العامة للكتاب الطبعة: الرابعة 1/.34
39. ابن جني أبو الفتح عثمان بن جني، الخصائص، الموصلي الهيئة المصرية العامة للكتاب الطبعة: الرابعة: 1/35
40. ابن جني أبو الفتح عثمان بن جني، الخصائص، الموصلي الهيئة المصرية العامة للكتاب الطبعة: الرابعة: 1/35
41. ابن جني أبو الفتح عثمان بن جني، الخصائص، الموصلي الهيئة المصرية العامة للكتاب الطبعة: الرابعة 1/35
42. مغني اللبيب عن كتب الأعاريب: 1/680.
43. سيبويه، عمرو بن عثمان بن قنبر، 1988م، الكتاب، تحقيق: عبدالسلام محمد هارون، الطبعة الثالثة، مكتبة الخانجي، القاهرة، مصر،ج1 ص13.



#ابراهيم_محمد_جبريل (هاشتاغ)       Ibrahim_Mahmat#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعريف الرومانسية
- الحب بين القديم والمعاصر
- المرأة بين العلمنة والعصرنة في ظل التحول الرقمي
- تحديات اللغة العربية في بحيرة تشاد - نيجر وتشاد-
- تحديات العالم العربي والإسلامي
- التعليم في الحلقات القرآنية بجمهورية تشاد اعداد: أحمد عمر أب ...
- مفهوم التنوير
- واقع الغزو الفكري في المجتمع العربي والإسلامي (1)
- الخطابة في العصر الجاهلي
- تاريخ الأدب الجاهلي مفهومه وعناصره وخصائصه ودواوينه
- تاريخ الأدب الجاهلي( النثر الجاهلي)
- التعايش الفكري في المؤسسات التعليمية لأحمد عمر أبكر
- الأديب الإفريقي بين الأسلوب والواقع الاجتماعي
- الهوية اللّغوية والدينية في الكاميرون دراسة وصفية تحليلية
- خصائص الشعر الجاهلي
- خلاصة تاريخ الأدب الجاهلي -شوقي ضيف-
- الغزو الفكري وعمليات غسيل الدماغ
- النثر الجاهلي
- مواجهة الإستعمار في ظل التفكير الإسلامي المعاصر
- العلاقات العربية الأفريقية والتركية الإفريقية


المزيد.....




- الصحة اللبنانية: مقتل 33 وإصابة 169 جراء الغارات الإسرائيلية ...
- صافرات الانذار تدوي في نهاريا شمال إسرائيل بعد تسلل مسيرات م ...
- روسيا تعدِّل عقيدتها النووية: قد أعذر من أنذر
- بالفيديو.. لحظة استهداف مواقع إسرائيلية في نهاريا بطائرات مس ...
- إسرائيل تغتال نصر الله.. كيف سترد إيران؟
- إعلام إسرائيلي: الجيش يشن هجمات واسعة في بلدة المغراقة وسط ق ...
- لافروف: إعادة بيع تركيا لأنظمة -إس 400- غير ممكنة بدون موافق ...
- لافروف: أنشطة الولايات المتحدة عائق أمام التطبيع بين تركيا و ...
- لندن.. وقفة عقب مقتل نصر الله
- نتنياهو: كلما رأى السنوار أن حزب الله لن يتواجد لمساعدته بعد ...


المزيد.....

- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ابراهيم محمد جبريل - دور القياس في بناء اللغة العربية -النحو العربي أنموذجا- إعداد وتقديم عيسى محمد