|
ابيتنا وننلعب بيه شلها غرض بينا الناس
امل كاظم الطائي
(Amal Kathem Altaay)
الحوار المتمدن-العدد: 8002 - 2024 / 6 / 8 - 10:09
المحور:
الادب والفن
ابيتنا ونلعب بيه شلها غرض بينا الناس في مساء يوم غائم يلوح في افقه تساقط المطر في اي لحظة جلست وحيدة متأملة حياتها تهمس لنفسها ما وسعي ان افعل في الغربة ؟ هل هذا هو المستقبل؟ هربت من وطنها بسبب الحرب الطائفية البغيضة التي اندلعت العام 2006 وبلغت ذروتها العام 2007 ، بعد ان فقدت والدها الذي لم يكن لديه اي ميول طائفية بالعكس رباهم على حب الاخر مهما كان معتقده او ديانته وكان يؤمن بقول الامام علي عليه السلام "الانسان اما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق" كان ينشر الحب والسلام اينما حل وارتحل. كان يلتقي بالشباب ويحدثهم عن اهمية الانتماء للوطن ويجب ايقاف نزيف الدم بين الاخوة، ويقص عليهم مواقف تاريخية عن التعايش السلمي في العراق وكيف ان الجميع تربطهم علاقات قرابة وصلة رحم وان الذي يحصل هو اعادة اللعبة القديمة لمقولة " فرق تسد". وان هذه خطة قديمة يتم تنفيذها على خطوات من سنوات منذ الانقلاب الاسود للثامن من شباط لم يبق شئ ولم يفعلوه بدءا من حمامات الدم والسجون الممتلئة بالبغض والكراهية واستلام السلطة بعد 1963 لياتي "عبد السلام عارف" الذي اشتهر بطائفيته وتاييده لسياسة عبد الناصر، وقد مات عبد السلام في ظروف غامضة ليستلم السلطة من بعده اخيه "عبد الرحمن عارف" الذي كان كيس وهادئ، ولكن انقلب عليه البعثيون واستلموا السلطة العام 1968 . كان يروي لهم التاريخ الذي لم يعيشوه ولم يعرفوه، يحكي قصة العراق الذي تكالبت عليه كل قوى الشر لاسباب عدة ليس فقط لغناه بل لتاريخه وحضارته، يطلب منهم قراءة مذكرات "هاني الفكيكي" اوكار الهزيمة وقصة دعم امريكا لحكومة البعث وياتي لهم بالادلة التاريخية والفديوات المسجلة: احذروا الفتنة احذروا الفتنة اولادي فنتيجتها كارثية ، لا تعطوهم الفرصة لينالوا من العراق من الحضارات من التاريخ ، انها قصة طويلة كان يحكي لهم بصوت رخيم وهادئ ولكنه قوي وملئ بالثقة والمحبة ويهيئ في اليوم التالي الفديوات والارشيف وقصص الادباء التي تدعم ما يقول وابتدأ مجلسه يتسع ويتسع وبعد اشهر نجح في نزع فتيل الغضب والكراهية وصار يؤمه خليط من الناس معظمهم رجال من مختلف الاعمار ومن مختلف الطوائف يوم يذهب الى الدورة واخر الى الكاظمية، يوم يذهب الى الاعظمية ويوم الى مدينة الصدر صاروا يسمونه الرجل الطيب الرجل الذي يحب العراق اكثر من نفسه، كان يجيب على اسئلتهم بعضها برئ واخر يدل على ان صاحبه تابع لجهات معينة فقد تم حشو عقله بالكراهية، كان يستوعبهم جميعا ويهدئ ثورتهم وصار يمتص غضبهم ويوم بعد يوم ذاع صيته وتوجس من الخطر المحدق به من قبل من وضع خطط الحرب الطائفية واوقد نارها وصار اكثر حذرا لكنه ابدا لم ينسحب، ابدا لم يهدأ بالعكس ازداد اصرارا على اللقاء بالناس والحديث معهم، كل ذلك مر عليها كأنه فيلم محفور في ذاكرتها عميقا، وانسابت من عينيها الدموع مع شهقة عميقة فجأة انفجر داخلها كل الالم والغضب المكبوت وسمحت لنفسها باظهار حزنها المحموم المكتوم منذ غربتها، لاتحب ان تبدو ضعيفة. اللعنة على الحرب كم راح ضحيتها من ابرياء كم فقدنا من احبة لقد قتلك حبك للوطن يا ابي لم ينصفك احد،نحن من خسرناك ويالها من خسارة آه يكاد صدرها ينفجر من الغيض والحزن والبكاء تردد: يا عين جودي ففقدك كبير ووسط هذا الجو الغائم والذي ينذر بانهمار المطر في اي لحظة وفي هذا الجو البارد من سيشعر بك ومن سيواسيك؟ ايه غربـة كانت طموحة متفائلة همها تعليم الاجيال وخلق جيل واعي ومثقف، تفانت في تعليمهم ولكنها شهدت خراب المجتمع والتعليم وتذكرت مقولة والدها :-"لم تسقط بغداد بل احتلت" لم تسقط بغداد لكنهم نجحوا في اخضاع المجتمع وفي العام 2007 ردد "لقد نجحوا في زرع الكراهية فالاوطان لا تسقط بل تسقط مجتمعاتها بخراب اخلاق المجتمع ونشر الفساد المالي والاداري". آه قلبي على وطني. شهدت كل انينه والامه ، حتى بعد اغتياله بكاتم صوت كانت ترافقه في المستشفى وتصرخ وتصرخ سيموت اعينوني هو بحاجة الى دم تبرعت له ولكنه بحاجة للمزيد وتناشد كل من تصادفه لعل شخص ما يساعدها ولكن لم يجدي ذلك نفعا. وفارق الحياة وهو يقول "يمضون ونبقى" ولفظ انفاسه الاخيرة لم ولن تنس هذه اللحظات، وبعد اشهر من الفاجعة قررت الرحيل لا استطيع العيش مع الوحوش وليس لي قدرة وصبر مثلك ياوالدي لا استطيع فالكراهية تملكتني ولكن تجاه من لا ادري ! مااذا استفادوا من قتله واغتياله كان يعلم بحصول ذلك لانه حدثها في يوم بانهم يضعونه على لائحة الاغتيال وانه اصبح خطر، وخطر جدا لانه يسير ضد التيار ضد ما خططوا له. حينما شيعوه الى مثواه الاخير كانت جنازة مهيبة يرن في اذنها صوته وكلماته " العراقي مظلوم لم يعش يوم راحة ورغم ذلك نعشق دجلة وابو نواس والنخيل حتى حرك نعشقه" ممتزجة بصوت القاري "االله اكبر" لايدوم غير وجه الكريم. لم تصدق ممكن ان تحتضنه ارض او قبر وتراءى لها وهو يقطف ثمار النخيل فقد كان يحب التمر جدا ويقول كل نخلة بالبيت هي اختكم النخلات بناتي مثلكن! يتراءى لها بدشداشته البيضاء وعصاه وهو يتمشى في حديقة الدار يدندن" ابيتنا ونلعب بيه شلها غرض بينا الناس". غسلت وجهها وكفكفت دموعها ودندنت " ابيتنا ونلعب بيه شلها غرض بينا الناس" نعم الى بيتنا غدا احجز نعم الى بيتننا يكفيني غربة والم. آه ياعراق رغم الامك اعشقك رغم ماعانيناه ورغم الجراحات ولكن لاذنب لك، انه ذنب من تسلط علينا سالملم جراحي واعود رغم الالم فقد آن الاوان لازورك واعفر خدي بتراب قبرك واهديك باقة ورد مع التحية والاحترام والدي العزيز. اثمر ما زرعته فينا، تدندن" ابيتا ونلعب بيه شلها غرض بينا الناس"
#امل_كاظم_الطائي (هاشتاغ)
Amal_Kathem_Altaay#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
باقة ورد
-
عيني على وطني حديثة
-
من الذاكرة
-
لحظات تأمل
-
في مدرستنا حاسوب
-
علىى هامش مهرجان تحدي القراءة العربي
-
رحل النواب
-
مبارك للمعلم يومه الخالد
-
الى الذين نقف لهم تبجيلا
-
امسيات حاسوبية
-
اضراب عمال شركة الزيوت في الذاكرة
-
كلمة السر
-
استذكار انتفاضة تشرين
-
في الطريق
-
واقع حال
-
احمر شفاه
-
الادوات الاحتياطية في بدن الانسان
-
حب الاوطان
-
على غير ميعاد
-
غزو صدام للكويت / الحلقة الثالثة
المزيد.....
-
الفرقة الشعبية الكويتية.. تاريخ حافل يوثّق بكتاب جديد
-
فنانة من سويسرا تواجه تحديات التكنولوجيا في عالم الواقع الاف
...
-
تفرنوت.. قصة خبز أمازيغي مغربي يعد على حجارة الوادي
-
دائرة الثقافة والإعلام المركزي لحزب الوحدة الشعبية تنظم ندوة
...
-
Yal? Capk?n?.. مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 88 مترجمة قصة عشق
...
-
الشاعر الأوزبكي شمشاد عبد اللهيف.. كيف قاوم الاستعمار الثقاف
...
-
نقط تحت الصفر
-
غزة.. الموسيقى لمواجهة الحرب والنزوح
-
يَدٌ.. بخُطوطٍ ضَالة
-
انطباعاتٌ بروليتارية عن أغانٍ أرستقراطية
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|