|
عيني على وطني حديثة
امل كاظم الطائي
(Amal Kathem Altaay)
الحوار المتمدن-العدد: 8001 - 2024 / 6 / 7 - 11:04
المحور:
الادب والفن
عيني على وطني حديثة مدينة الهدوء والجمال الذي يشرأب بروعته والقه، تقع غرب العراق وعلى مسافة 250 كم بينها وبين بغداد، هناك تسترخي مدينة حديثة على ضفاف نهر الفرات مباشرة بامتداد مسافة 25 كيلو متر ويمتد في جسدها كالشرايين، والصحراء المحيطة بها إحاطة السوار بالمعصم في عيونها وآبارها وواحاتها ووديانها. تقع (حديثة الفرات) على مستوى جغرافي واحد من مدن أعالي الفرات، هذه المدينة إن لم تكن عروسة الفرات فهي واحدة من أروع عرائسه. يعود تاريخ مدينة حديثة إلى العصر الآشوري القديم والعهد البابلي الحديث ويعتقد انها انشأت في (منتصف الألف الثاني قبل الميلاد) و كانت إحدى المستوطنات قبل الإسلام. نزلها العرب في عهد عمر بن الخطاب، فعربوا اسمها الآرامي القديم (حدثا) الى حديثة، وذكر ياقوت الحموي أن المدينة كانت تضم كنيستين قبل الفتح الإسلامي. تضم المدينة في جنباتها الكثير من المساجد والمراقد والأضرحة القديمة ومنها مرقد وقبة ضريح الشيخ عبد القادر الآلوسي الطيار يرجع نسبه إلى الشيخ الكيلاني، وكذلك جامع الفاروق الذي يرجع تاريخ بناؤه إلى عام 16 هجرية 637 م وانشئ في عهد الخليفة عمر بن الخطاب خلال الفتح الإسلامي للعراق، وكان مشيد بالحجارة والطين ولا تزال بعض آثاره القديمة في جدرانهِ المشيدة قرب نهر الفرات، حيث تم إعادة تعميره عدة مرات ولا تزال قسم من درجات المنارة القديمة باقية آثارها إلى الوقت الحاضر، وكان الجامع يحتوي على مدرسة دينية كبيرة تخرج منها الكثير من العلماء والفقهاء المنطقة، ثم أغلقت بداية القرن العشرين، وللجامع أوقاف لأراضي زراعية في مدينة حديثة وقفت إيراداتها له، وتقام فيهِ حاليا صلاة الجمعة وصلاة العيدين والصلوات الخمس. وكانت آخر صيانة للجامع في عام 2006من قبل ديوان الوقف السني في العراق، وتم أعماره وتجديده وفق طراز معماري حديث وتعلوه قبة كبيرة زخرفت بنقوش مغربية. يحتوي المسجد على مصلى وحرم واسع وحديقة وحوله ساحة كبيرة. ولابد من الاشارة انه في العام 2009م تم اكتشاف مدينة آثار قديمة في بحيرة حديثة بعد انحسار الماء نتيجة موجات الجفاف ويعتقد ان هذه المدينة ترجع لأكثر من 3000 ق.م، وأن سكانها كانوا من عمورية من العموريين. تضم حديثة اضافة الى جامع الفاروق (القلعة القديمة) والجسر العثماني في الحقلانية والمعروف بـ "الكنطرة العثمانية"، وهو جسر تراثي وبُني الجسر في عهد الحكم العثماني للعراق، مادته الحجر والجص، وله عقادات ذات أبعاد متفاوتة بين 3 و7 أمتار، طول الجسر 150 متراً وعرضه 5 أمتار. وفي يوم 1 كانون الثاني سنة 1994 قررت وزارة الثقافة والإعلام العراقية اعتبار جسر الحقلانية الحجري موقعاً أثرياً، وذُكر وصف الجسر أنه أُقيم على وادي حجلان داخل الحقلانية لربطها مع قضاء حديثة، وموقعه داخل مركز ناحية الحقلانية، وأنه كان حينئذٍ بحاجة الى الصيانة الفورية بسبب وجود التهدم من جراء الفيضان وتم ترميمه بالفعل وله منظر خلاب ويقصده السياح للاطلاع عليه والسباحة في وادي حجلان الذي يحتوي على 25 عين كبريتية مشهورة بعلاج من يعاني من امراض جلدية، وحين تزور المكان تستطيع رؤية فقاقيع غاز الكبريت المنبعثة من قلب الوادي . المكان جميل وساحر وله كورنيش مرصوف ومجهز باثاث بسيط من مصاطب ومناضد وكراسي رصت بشكل متناظر على الضفة اليمنى للوادي ويؤمه اهل المدينة كونه المتنفس الوحيد للتسلية والسباحة. واقيم شلال صناعي على الضفة اليسرى للوادي حيث يُسحب الماء بانابيب وماطورات ويسقط من اعلى البناء الحجري فيبدو للرائي كانه شلال طبيعي، المنظر جميل ويبعث الهدوء والسكينة في النفس علاوة على عذوبة الماء والنسيم. المكان يمكن تحويله لمنتجع سياحي وطبي وممكن استثماره بشكل افضل ويسهم في رفد الاقتصاد الوطني بشكل ممتاز لانه ساحر حقا ويضم في جنباته جمال المكان وعبق التاريخ وتنوع الطبيعة من بساتين ومياه وفضاءات مفتوحة علاوة على عذوبة الجو ونسائمه التي تداعب بلطف زوارها، ولاننس هنا كرم وضيافة الاهالي الذين يبذلون قصارى جهدهم لاسعاد الضيوف. ولا بد من الاشارة هنا ان حديثة حافظت على تماسكها ووحدتها وصمدت ضد الكثير من الموجات التي حاولت الاطاحة بها وتطويعها وبقيت عصية على كل من حاول النيل منها بتماسك سكانها وشجاعة شعبها. شهدت المدينة في الاونة الاخيرة جملة اصلاحات ومشاريع بعضها نفذ والاخر قيد الانجاز، وتبقى المدينة المنسدلة والمنسرحة جنب الفرات لها افقها ونواعيرها وتاريخها بشواهده الحاضرة وتستحق كل اهتمام لتبقى جميلة هادئة ترنوا لمستقبل افضل لتكون حلة زاهية مطرزة بنخيلها وتينها وماتجود به ارضها المعطاء. نأمل ان تلتفت وزارة الثقافة والسياحة لتلك البقعة هادئة النسيم لجعلها قبلة السياح وواجهة لكل من يزور العراق لاستكشاف كنوزه ومكنون جواهره وشذراته المتربعة على ضفاف رافديه. المصادر - دليل الجوامع والمساجد التراثية والأثرية - ديوان الوقف السني في العراق- صفحة 347.
#امل_كاظم_الطائي (هاشتاغ)
Amal_Kathem_Altaay#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من الذاكرة
-
لحظات تأمل
-
في مدرستنا حاسوب
-
علىى هامش مهرجان تحدي القراءة العربي
-
رحل النواب
-
مبارك للمعلم يومه الخالد
-
الى الذين نقف لهم تبجيلا
-
امسيات حاسوبية
-
اضراب عمال شركة الزيوت في الذاكرة
-
كلمة السر
-
استذكار انتفاضة تشرين
-
في الطريق
-
واقع حال
-
احمر شفاه
-
الادوات الاحتياطية في بدن الانسان
-
حب الاوطان
-
على غير ميعاد
-
غزو صدام للكويت / الحلقة الثالثة
-
من يوميات غزو صدام للكويت
-
من افعال قائد الضرورة
المزيد.....
-
محكمة الرباط تقضي بعدم الاختصاص في دعوى إيقاف مؤتمر -كُتاب ا
...
-
الفيلم الفلسطيني -خطوات-.. عن دور الفن في العلاج النفسي لضحا
...
-
روى النضال الفلسطيني في -أزواد-.. أحمد أبو سليم: أدب المقاوم
...
-
كازاخستان.. الحكومة تأمر بإجراء تحقيق وتشدد الرقابة على الحا
...
-
مركز -بريماكوف- يشدد على ضرورة توسيع علاقات روسيا الثقافية م
...
-
“نزلها حالا بدون تشويش” تحديث تردد قناة ماجد للأطفال 2025 Ma
...
-
مسلسل ليلى الحلقة 14 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
فنانة مصرية تصدم الجمهور بعد عمليات تجميل غيرت ملامحها
-
شاهد.. جولة في منزل شارلي شابلن في ذكرى وفاة عبقري السينما ا
...
-
منعها الاحتلال من السفر لليبيا.. فلسطينية تتوّج بجائزة صحفية
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|