|
اعتراف واعتذار
عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي
الحوار المتمدن-العدد: 8001 - 2024 / 6 / 7 - 04:47
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
عملت بالصحافة كمهنة عند اتمامي العام الحادي والعشرين من العمر، أي منذ عام 1974. وما زلت أمارسها كنشاط شخصي ككاتب رأي مستقل، ومعلق على الأحداث العراقية والعربية والعالمية. ورغم أدراكي أن مهمة الصحفي الحقيقية هي التقصي عن الحقيقة، وأيصالها الى الرأي العام، وهذا يستدعي امتلاك قدر من الحصانة إزاء التضليل والبروبغاندا، وقناعتي بأنني أمتلك قدرا لا بأس به من الحصانة إزاء الأنخداع بالماكنة الإعلامية العالمية التي تحركها وترعاها النخب التي تتناوب الحكم في البيت الأبيض، وما يتبعها من مراكز تزييف، فانني وفي السبعين من عمري أكتشف أن تلك القناعة والخبرة الصحفية لم تساعداني بما يكفي من القدرة، على تجنب التأثر بشراك الزيف الأمريكي.
وأكتشفت ان تلك الخبرة لم تحل بيني وبين الأنضمام الى الملايين في العالم، الذين أقتنعوا بالقدرة الكلية للتكنولوجيا الحربية الأمريكية، وعجز القوى الدولية المختلفة عن مجاراتها. حتى أني نشرت مقالا يستند الى تلك القناعة بكون القوة النووية الروسية هي الرادع الوحيد لأمريكا والغرب عن إلحاق الهزيمة بروسيا، وأن السلاح النووي أداة ردع لا أداة أنتصار، مشيرا عن حق إلى أن اللجوء إلى تلك القوة سيكون عملا أنتحاريا، واستخلصت من ذلك أن بوتين يواجه شحة في الخيارات، كون أمريكا وأتباعها في الناتو متفوقون في مجال تكنولوجيا السلاح التقليدي. وأن السلاح الروسي ليس قادرا على الصمود أمامها.
غير أن تطورات سير الحرب في أوكرانيا، جعلتني أنتقل إلى قناعة أخرى، وهي أن القدرة الحقيقية للغرب وأمريكا هي في براعة أجهزة البروبوغندا، في التسويق لبضاعتها، وقد تكفل السلاح الروسي بكشف زيف أسطورة التكنولوجيا الحربية الأمريكية الغربية التي لا تقهر. بدأ الأمر بتوريد صواريخ جافلن الأمريكية المضادة للدبابات التي أقنعونا بأنها ستدمر الدبابات الروسية وتلحق الهزيمة ببوتين، لكننا شاهدنا أستيلاء روسيا على مخازن الجافلن، ولم نر أي تأثير لها في ميادين المعارك. وما دمر حقا هو دبابات الحقبة السوفييتية والمطور منها مما كانت تمتلكه أوكرانيا وبلدان حلف وارشو السابق التي أنتقلت إلى عضوية الناتو. وقد جرى تدميرها بنظيراتها من الدبابات السوفييتية الروسية، التي لم تعطلها صواريخ جافلن.
ثم حبس العالم أنفاسه أنتظارا لهزيمة روسيا بفعل ضربات صواريخ هايمرس الأمريكية الجبارة، الموجهة بأقمار أيلون ماسك الصناعية, لكن تلك الصواريخ تساقطت كالذباب، بعد أن نجحت روسيا في التشويش على الأقمار الصناعية الغربية التي تحدد لها الأهداف وتوجهها لها. عندها قيل أن الحل في مدرعات برادلي الأمريكية التي قدمت كترضية لأوكرانيا عن تردد واشنطن في دفع أقوى دباباتها من طراز إبرامز الى مختبر السلاح الكبير، والذي لا يخطئ في أوكرانيا، واستدرجت ألمانيا إلى المغامرة بكشف القدرات الحقيقية المتواضع لــ (( فخر )) صناعتها الحربية دبابة ليوبارد (( الفهد ))، وعند وصولها ألى أوكرانيا طار وزير دفاعها السابق زهوا، وهو يتفقدها متسائلا من على متنها، بصبيانية لا تليق بوزير: أين الطريق إلى موسكو؟ لكن السلاح الروسي أثبت أن ما أطلق عليه أسم فهد لم يكن فهدا بل أرنبا تكفلت الهليكوبترات الروسية باحراق قطعانة، واستولى المقاتلون الروس على بعض منها، وعلى مدرعات برادلي سليمة ونقلوها إلى روسيا لأخضاعها لعمليات هندسة عكسية، لأكتشاف نقاط ضعفها بما يسهل تدميرها، والتعرف إلى جوانب قوتها للأستفادة منها في تطوير الدبابات والمدرعات الروسية، ثم عرضها في معرض الغنائم على ربوة النصر بموسكو.
وأرتعب البريطانيون من أن يلقى (( فخر )) صناعتهم الحربية، دبابات تشالنجر، ذات المصير، فطلبوا من وكلائهم في كييف عدم الزج بها في المعارك. خاصة وأن عتادها المطلي باليورانيوم المنضب قد دمرته الصواريخ الروسية فائقة الدقة وهو في مخازنه قريبا من الحدود البولندية. ودمرت ذات الصواريخ وربما غيرها من المنتجات الحربية الروسية ((فخر )) الصناعة الحربية الأمريكية منظومة الصواريخ المصادة للأهداف الجوية باتريوت.، أمر أدى إلى أنهيار أسهم الشركة الأمريكية المنتجة لها.
وأنتهى إلى ذات المصير (( فخر )) الصناعة الحربية البريطانية صاروح ستورم شادو، الذي لم يثبت أي فاعلية في المعارك حيث تصطاده الدفاعات الجوية الروسية كما تصطاد العصافير، ومن يفلت منها بمحص الصدف لا يلحق دمارا مؤثرا بأهدافه, والأدهى من ذلك أن الروس، وبوسائل الحرب الألكترونية أنزلوه، كما ينزلون الطائرات المسيرة، ونقلوه كالعادة إلى مختبراتهم لأجراء عمليات الهندسة العكسية عليه.
وبعد طول تردد غامرت واشنطن بآخر ما في جعبتها من وسائل القتال التقليدية، دبابة أبرامز، لكنها طلبت من المحاربين عنها بالوكالة في كييف، أن لا يزجوها في خطوط القتال الأمامية، ومع ذلك دمرتها القوات الروسية، وغنمت بعض منها.
لم يبق في جعبة الصقور كسيرة الجناح في واشنطن سوى (( فخر )) صناعتهم الحربية على الإطلاق طائرات أف 16، القادرة على حمل رؤوس نووية، ويبدو ان مصيرها لن يكون أفضل من مصير غيرها، من الصناعات الحربية الأمريكية والغربية، وعندها ستنهار أسهمها كما انهارت أسهم ليوبارد الألمانية وستورم شادو البريطانية، وتنهار أسهم شركاتها المنتجة كما انهارت أسهم منتجي باتريوت. وحينها ستكتمل حلقات الفضائح والخسائر، ولدلك دفع صقور واشنطن ولندن وكلائهم في كييف إلى زج المقاتلين الأوكران في هجوم فاشل دون عطاء جوي تحول إلى مفرمة بشرية.
لم أكتب هذه السطور تشفيا بأبطال الغطرسة الحوفاء في واشنطن وأتباعهم في الناتو من بريطانيين وفرنسيين وألمان وغيرهم، وأنما لأتقدم باعتذار لمن يتكرمون بمتابعة ما أنشر، لأني ذات مرة، وعن غير قصد ساهمت بالترويج للفرية التي روجتها أجهزة التضليل الدعائي الأمريكي ــ الغربي والزاعمة بالتفوق المطلق لتكنولوجيا السلاح الأمريكي والغربي. لهم جميعا صادق الأعتدار!
أن
#عبدالله_عطية_شناوة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الطفل المغربي ريان وأطفال فلسطين
-
تكثيف
-
فك الإرتباط بين اليهودية والصهيونية
-
المهدي العلماني الديمقراطي الفسطيني المنتظر!
-
في الموقف من إيران وإسرائيل
-
عن (( أهل الحق ))
-
السويد مملكة الموز الاسكندنافية
-
أمريكا تلعب الروليت الروسي مع روسي
-
بطولة أحد آباء المسرح العراقي
-
عن قاسم في ذكرى اغتياله
-
فكرة التفوق العرقي في اللا وعي الأوربي
-
الأوربيون ينخرطون في حملة الرياء الأمريكية
-
مالنتائج المتوقعة من مأثرة جنوب أفريقيا؟
-
تطورات دراماتيكية في السويد
-
الأمر لا يتعلق بالنخب الصهيونية بل بتشوه الوعي الجمعي الإسرا
...
-
-التقية- النازية الصهيونية تفصح عن حقيقتها
-
الفلسطينيون ليسوا بشرا مثلنا!
-
تكتيك تقزيم الخصوم وتعظيم الذات
-
هل ثمة تحول حقيقي في الوعي الغربي لقضية فلسطين؟
-
قواعد النظام العالمي كما كشفها طوفان فلسطين
المزيد.....
-
الجيش اللبناني يعلن تسلمه 3 معسكرات تابعة لفصائل فلسطينية لب
...
-
منظر مذهل في تركيا.. تجمد جزئي لبحيرة في فان يخلق لوحة طبيعي
...
-
إندونيسيا تحيي الذكرى العشرين لكارثة تسونامي المأساوية التي
...
-
ألمانيا تكشف هوية منفذ هجوم سوق الميلاد في ماغديبورغ، وتتوعد
...
-
إصابات في إسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ حوثي
-
شولتس يتفقد مكان اعتداء الدهس في ماغديبورغ (فيديو+ صور)
-
السفارة السورية في الأردن تمنح السوريين تذكرة عودة مجانية إل
...
-
الدفاع المدني بغزة: القوات الإسرائيلية تعمد إلى قتل المدنيين
...
-
الجيش الروسي يدمر مدرعة عربية الصنع
-
-حماس- و-الجهاد- و-الشعبية- تبحث في القاهرة الحرب على غزة وت
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|