أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ليلى جمل الليل - قصة قصيرة / العنوان /مرجل القدر














المزيد.....

قصة قصيرة / العنوان /مرجل القدر


ليلى جمل الليل

الحوار المتمدن-العدد: 8000 - 2024 / 6 / 6 - 05:30
المحور: الادب والفن
    


مرجل القدر

عند أول خطوة في حياتك تكتشف أن هناك شخص بداخلك لم تتعرف إليه بعد.

على هذا النحو كانت تقلب أوراق التبغ المبللة بقطرات المطر، بعد ليلة عاصفة، تكورت فيها من قرص البرد حول نفسها لتدفئة جوفها الخاوي، ولكتم ذاك الصوت القادم من تخبط أحشائها ببعضها.

آه يا داوود لم أحضرتني إلى قريتك القاحلة من البشر بشعة الرائحة، معزولة كأنها تقضي عقوبتها بالنبذ والإقصاء.

ثم واصلت جنى أوراق التبغ، التي تتعرض لأشعة الشمس حينا لتجف، وتصفر أوراقها العريضة الطويلة، تتناول بعضها حين تعود لمخدعها، تلفها وقد تفننت في ذلك، وكأنها تحاول تقليد لفائف تبغ السجائر الفاخر، لتقتنص لحظات من الرفاهية الزائفة، ترشف دخانها بتهكم، وهي تناظر الدجاجات الهاربة من الديك، وتبتسم للبقرة وهي تنفض بذيلها ما علق على ظهرها من حشرات القُراد، نباح الكلب الذي لا يسكن، ومداعبة الهرة لطرف ثوبها، حفتها غيمة دافئة من الدخان، استمرت تنفثها بغزارة، حتى باغتها سعال شديد، هذه المرة أجبرها على التقيؤ، أطفأت السجارة بمضض، راحت تسب وتلعن الساعة التي ظهر داوود في حياتها، كعتال عند والدها صاحب الوكالة، شاب مفتول الجسد، بلحية صغيرة وعينين سوداوين ورموش كثيفة أدعج، ناصع الجبهة، ذو خلق وشهم.
أحبته وأحبه والدها أيضا، إذ كان أكثر من عتال عنده، يجيد تنفيذ المهام، تعلم من والدها الكتابة، وأجادها، وحفظ نصف سور القرآن الكريم.

بعد اطمئنان والدها له، عرض عليه الزواج ببنته فوافق الشاب خجلا من معلمه...
أصطحبها لقريته القابعة في أقاصي الحدود، ليُعرف زوجته على عشيرته.
بعد زمن قصير توفي بالملاريا .

كانت حينها حُبلى بابنها صقر، وأحاطها والديه بالمحبة والبذل رغم فقرهما، حتى لا تأخذ منهم حفيدهم بعيدا نحو المدينة..
لكن ما لبثت والدة داوود تمرض سريعا لتلتحق بابنها بعد سنويته؛ بقيت وحدها مع طفلها الصغير وحماها الشيخ الكبير.

كافحت حتى وصل ابنها سن البلوغ، لم تفرح بخطبته، إذ التحق بالعسكرية كان مغمور بحس المغامرة، وقد غرر به صحبه، وبعض الريالات السعودية التي تحكم البلاد، ثم لم تلبث حتى جاؤوا به مخضب الكفن وضعوه بين يديها لم تلبث تحنبه وتتمرغ بكفنه، حتى انتشلوه بعيدا عنها..
-لا بكاء على الشهيد يا خالة طباع!
تسمرت هي نحو فقيدها، تحاول مد يدها تقلبه.
- أنطق يا ولد!
-هاك فخذ الدجاج المشوي!
ألا تحبه، أنهض... أنهض…

علا صوت قريناتها، جُنت طباع! جُنت طباع!.
عانقوها كانهم يكبلونها، ليختنق أخر نفس للأمل في صدرها.
أَطْرَقَن لبعضهن، لن نرها بعد اليوم، ستعود إلى مدينة قريبا، ماذا ستفعل هنا، وقد باتت دون سند زوج أو ولد!

حدجتهن، بنظرات تيه، كيف وقد نسيت طريق العودة.
لا رحلة لي إلى إلا قبر يتوسط قبرهما.
هبت نسائم باردة بعثرت غبار دخان من حولها. وطار قمع بقايا السجارة المنطفئ.

عكازان يطرقان أرضية الباحة، وجسد هرم نحيل يقترب ببطئ.

رفعت رأسها تتفحص الزائر، وإذ به وجه ألفته في الأحزان..

-طباع، يا بنتي، تعازي لك!.
هذه المرة سأخذك معي، ودون جدال، ليس لك أحد، وذاك الشيبة الذي ترعينه، أليس لديه زوجات أبناء غيرك!.

هات بقجتك حتى لا نتأخر في الأحراش.

تبعته.. بصمت يتأجج، كيف لها ترك موضع قبرها دون وداع.



#ليلى_جمل_الليل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيدة نثرية/ عنوان شجرة القات
- رواية بين الحقيقةوالسراب ج5
- قصة قصيرة جدا/ برد قارس
- قصة قصيرة بعنوان ظل حربمة
- قصة قصيرة بعنوان ظل جريمة
- الجزء الأول من قصة بين الحقيقة والسراب
- قصةقصيرة بعنوان نقطة تحول
- قصة . محور :علاقات عنوان بين الحقيقة والسراب/ الجزء الرابع
- قصة قصيرة/ محور خرافة/ العنوان ليلة في المجهول
- قصة قصيرة/ محور أدب رعب/ صدى الماضي
- سلسلة (بين هو وهي) ج2
- قصة قصيرة العنوان: استراتيجية
- مقال / عيدك ياعدن
- عيد الاعياد ياعدن
- قصة قصيرة / محور صحافة/ العنوان: سبق صحفي
- سلسلة هي وهو(ج١)
- عدن مدينة تلحب
- قصة قصيرة/أدب سجون بعنوان: صرصار الليل
- قصة قصيرة / عناق البتلات
- قصيدة الحميراء


المزيد.....




- فصل سلاف فواخرجي من نقابة فناني سوريا
- -بيت مال القدس- تقارب موضوع ترسيخ المعرفة بعناصر الثقافة الم ...
- الكوميدي الأميركي نيت بارغاتزي يقدم حفل توزيع جوائز إيمي
- نقابة الفنانين السوريين تشطب سلاف فواخرجي بسبب بشار الاسد!! ...
- -قصص تروى وتروى-.. مهرجان -أفلام السعودية- بدورته الـ11
- مناظرة افتراضية تكشف ما يحرّك حياتنا... الطباعة أم GPS؟
- معرض مسقط للكتاب يراهن على شغف القراءة في مواجهة ارتفاع الحر ...
- علاء مبارك يهاجم ممارسات فنانين مصريين
- وزير الثقافة التركي: يجب تحويل غوبكلي تبه الأثرية إلى علامة ...
- فيلم -استنساخ-.. غياب المنطق والهلع من الذكاء الاصطناعي


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ليلى جمل الليل - قصة قصيرة / العنوان /مرجل القدر