أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الجبار خضير عباس - الغناء في الحج أيام الجاهلية وبداية الإسلام














المزيد.....

الغناء في الحج أيام الجاهلية وبداية الإسلام


عبد الجبار خضير عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7999 - 2024 / 6 / 5 - 02:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الحج في القرون الأولى من الإسلام، لم يكن بهذه الصرامة، ولا الرهبة، والانضباط، ولا الشعور بالطاقة الروحية الهائلة للمكان، فضلاً عن ضعف التنظيم في ممارسة الشعائر والمناسك، وليس ثمة حضور قوي من قبل المؤسسة الدينية في إدارة مشهد الحج، كذلك لم يتدخل الخلفاء الأمويون أو العباسيون بهذا الشأن، بل ما كان يمارس في الحج من طقوس ما هو إلا امتداداً لما كان يمارسه العرب في أثناء الحج الجاهلي، إذ كان الجاهليون مثل غيرهم من الساميين يستخدمون الغناء في عباداتهم، مع بعض آلات الطرب، وذلك تعبيراً عن بهجتهم وسرورهم بتعبدهم للآلهة وتقرباً إليها بهذا الغناء الذي يدخل السرور إلى نفوسها. إن أهل الجاهلية كانوا يطوفون بالبيت يصفرون ويصفقون...ففي القرآن الكريم: (سورة الأنفال (35)﴿وما كان صلاتُهُمْ عِند الْبيْتِ إِلّا مُكاءً وتصْدِيةً فذُوقُوا الْعذاب بِما كُنتُمْ تكْفُرُون﴾ ورد في المستدرك عن ابن عباس -رضي الله عنهما -قال: كانت المرأة تطوف في البيت وهي عريانة، فتقول: منْ يُعيرني تطوافاً؟ تجعله على فرجها، وتقول:

اليوم يبدو بعضه أو كله فما بدا منه فلا أحله

فما حدث من تغيير في مناسك الحج إلا أمور شكلية فغالبية ما كان يحدث أيام الحج في الجاهلية انتقل إلى ممارسة الحج في الإسلام إذ بعد إقامتهم الشعائر الدينية المفروضة وبعد أدائهم القواعد المرسومة، إلى الفرح والسرور والرقص ليدخلوا السرور إلى قلوب الأرباب، ففي الحج إذن شعائر دينية وعبادة تؤدى، واجتماع وحبور.
فالحج إلى مكة ما هو إلا أعياد يجتمع الناس فيها للاحتفال معاً بتلك الأيام، وهم بذلك يدخلون السرور على أنفسهم وعلى أنفس آلهتهم. (3) ولما كان الحج عيد من أعياد الجاهليين. فلا غرابة من تخلل مواسم الحج مشاهد الغناء أيام الحج في بداية الإسلام عبر قرونه الأولى، إذ ذكر الغزالي وكذلك في كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب "حيث كانوا يدورون أولاً، في البلاد بالطبل والغناء وذلك مباح لما فيه من التشويق إلى الحج وأداء الفريضة وشهود المشاعر..." فإن الشعراء والمغنيين كانوا يعدونها أياماً احتفالية حتى إن الشاعر عمر بن ربيعة يرى في الحج فرصة هائلة لاستعراض الفتيات والنساء ممّن اشتهرن بالجمال في بلدانهن أو في أنحاء العالم الإسلامي، وكان يجد في تتبعهن واستعراضهن لذة لا تقدر، ولعل ذلك ما جعله يقول:

ليت ذا الدهر كان حتماً علينا كل يومين حجةً واعتمارا

إذ إنه كان يقدم الأشعار للمغنيين يتغزل فيها ممن تأثر بهن من الحسان فيلحنونها ويغنونها. (1) ومما يذكر أنهم كانوا يفتنون الناس بغنائهم في موسم الحج ومن هؤلاء المغنيين الغريض وهو يغني الناس في المزدلفة ويحبسهم عن مناسكهم، وكذلك يفعل ابن سريج يغني فيجعل الحجيج يركب بعضهم بعضاً-من شدة الزحمة والتدافع للسماع-حيث كان المغنون يتخذون ما يشبه المنصات الترابية فيتزاحم الناس حولها من أجل الاقتراب أكثر منهم، وهذا ما كان يفعله أيضاً ابن عائشة وغيره. فما كان يحدث من غناء ما هو إلا ممارسة اجتماعية عادية وتقليدية جداً لا تثير حفيظة الحاكم ولا الضغط الاجتماعي ما يعني ليس هناك من تحريم للغناء، وإلا بماذا نفسر هذه المهرجانات الغنائية في مكة وفي أثناء مناسك وشعائر الحج، ولا يتخطى الأمر حتى الخلفاء إذ سمعوا الغناء أثناء حجهم.
فيقال بهذا الصدد: إن يزيد أخاه حج بالناس وسمع غناء ابن سريج فأعطاه حلته وخاتمه. ويروي أبو الفرج أن سليمان أخاه حج فسبق بين المغنين ببدرة والبدرة: كبس فيه ألف درهم أو عشرة آلاف درهم أو سبعة آلاف دينار، ونال الجائزة ابن سريج.
ويقال: إن الوليد بن يزيد أنه حج، وبينما هو يسير ليلة في معسكره، وإذا بصوت جميل، فأشار لبعض من معه أن يقول: أعد الصوت، فقال المغني: لا والله إلا بالفرس الأدهم بسرجه ولجامه، وأربعمئة دينار، فنودي أين منزلك؟ ومن أنت؟ فقال: أنا الأبجر، وكان الأبجر يعترض بغنائه الحجاج على عادة المغنين في مكة.
وكان الحجاج يقضون أوقاتهم ولياليهم الطويلة بعد انصرافهم من مناسك الحج بالسمر ويغنيهم من حين إلى حين مغنٍ أو مغنية بشعر عمر وأصحابه المكيين. وحين حج ابن رامين-أكبر تاجر للقيان في الكوفة-أخذ جواريه معه منهن سلامة الزرقاء وربيحة وسعدة اللواتي اشتراهن من المدينة، وكان أهل الكوفة يغشون منزله ويستمعون لقيانه، وبعد ذهابه بصحبتهن علت حينئذ الحسرات نفوس أهل الكوفة وأفئدتهم:
أية حال يا بـن رامـين حال المحبين المساكين
تركتهم موتى ولم يتلفوا قد جرعوا منك الأمرين
وسرت في ركب على طية ركبب تـهـام ويمـانـين
يا راعي الذود لقد رعتهـم ويلك من روع المحـبـين
فرقت جمعاً لا يرى مثلهـم بين دروب الروم والصين
نلاحظ أن أكثر المغنيات اللائي اشتهرن في دار جميلة كن يزرن مكة وخاصة في مواسم حجها، وقد ذهبت جميلة في أحد المواسم، وكان معها الفرِهة وعزة الميلاء وحبابة وسلامة وعقُيلة والشماسية وفرعة وبلبلة ولذّة العيش وسعيدة والزرقاء، ثم خمسون قينة لأهل المدينة...(1) وكان عمر بن أبي ربيعة يمتلك جاريتين مغنيتين هما بغوم وأسماء ويقول أبو الفرج، وقد عرض لموكب جميلة حين حجت، إنه استقبلها في مكة الكثير من القيان.
المصدر: ينظر كتابنا تحريم الغناء إباحة النص والهيمنة الفقهية



#عبد_الجبار_خضير_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تكريم المبدعين من علامات رقي الأمم الروائي محمود سعيد ..انجا ...
- تكريم المبدعين من علامات رقي الأمم محمود سعيد..انجازات وعزلة ...
- مخاض المخلوقات المأزومة في رواية مذكرات دي
- غبار التضليل بشأن هوية بلاد النهرين
- تأويلات حبس الأنترنيت في العراق
- قانون منع الخمور ... تكريس القيم الداعشية في المجتمع العراقي
- سقوط بابل
- ما حَملهُ غبار يثرب من مهيمنات المعنى إبان الغزو /الفتح مازا ...
- سقف ذاكرة علي بدر الحضارية في رواية الوليمة العارية
- كتاب من العنف إلى التراحم..المصالحة من رحم المستحيل
- إزاحات المعنى ومتغيرات المفهوم في (طائر القصب)
- قصف المملكة للمواقع الآثارية ...الصمت العالمي المخجل
- مقاربة نقدية...السنن التي قهرت المدينة
- خضير ميري ينقر ما تبقى من قمح أيامه وحيداً
- فك الارتباط برمال يثرب ...استعادة الذاكرة العراقية
- حضارة وادي الرافدين اختراع بشري نقض نظرية الكائنات الفضائي ...
- رمال يثرب...حمار الناعور
- تناصات توراتية.. ملحمة كلكامش (الجزء الثاني)
- تناصات توراتية ..ملحمة كلكامش (الجزء الأول) عشتا ...
- الآخر .. المختلف .. الغير مقاربة مفاهيمية


المزيد.....




- منبهة من صراع ديني.. الخارجية الفلسطينية تعلن رفضها فرض إسرا ...
- المعهد المغربي للتقييس يعترف بشهادات الإدارة الروحية لمسلمي ...
- حركة النهضة الاسلامية: شروط إجراء انتخابات ديمقراطية في تونس ...
- ماما جابت بيبي.. تردد قناة قناة طيور الجنة بيبي2024
- “بابا جاب لي بالون”.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- بعد جدل تجنيدهم.. لماذا حاول يهود الحريديم الحيلولة دون تحقي ...
- الحريديم.. ماذا نعرف عن اليهود الإسرائيليين المتشددين دينيا ...
- بذكرى -ثورة 30 يونيو-.. شيخ الأزهر يوجه رسالة للسيسي والشعب ...
- نحو 30 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- -لا ضرورة لإقامة صلاة العصر في جماعة بعد الجمعة-.. مقتدى الص ...


المزيد.....

- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الجبار خضير عباس - الغناء في الحج أيام الجاهلية وبداية الإسلام