أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - امال قرامي - الرجل لا يعيبه شيء!














المزيد.....

الرجل لا يعيبه شيء!


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 7998 - 2024 / 6 / 4 - 22:36
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    



ما أكثر تكرار عبارة "الرجل لا يعيبه شيء". فكلّما تقدّم رجلٌ لخطبةِ فتاةٍ أو امرأةٍ ورفضته لأسباب مختلفة، قيل لها: "الرجل لا يعيبه شيء"، وهو أمرٌ مفهومٌ في ثقافةٍ اعتبرت أنّ الرجل رجل مذ ولدته أمّه"، ورفعت من شأن الذُكران لأنّهم يمثلون "الرجل الكامل" الذي يكتفي بذاته ولا يحتاج إلى أحد يحميه أو ينفق عليه أو... كما رسّخت فكرة أنّ الرجل حرّ في تصرّفاته لا يُحاسب ولا يخضع للرقابة أو المساءلة النسائية لأنّه "عاقل" يمتلك سلطة اتّخاذ القرار ويعرف ماذا يفعل، وعلى هذا الأساس فإنّه مسؤول عن قراراته وأفعاله.

"الرجل لا يعيبه شيء" تُوجّه أيضًا للشابات والنساء اللواتي يُردن الخروج إلى الفضاء العامّ، طلبًا للعلم، أو رغبةً في العمل، أو حرصًا على ممارسةِ الرياضة أو أنشطة مختلفة، فيقال لهنّ إنّ قلّة خبرتهن بالحياة تجعلهن عرضةً للتحرّش والتنمر والتلاعب بمشاعرهن والتغرير بهن و... كما أنّ الخروج يعرضهن لمخاطر جمّة، لعلّ أبرزها "تشويه السمعة .

أمّا الرجل، فإنّ سمعته لا تتأثّر بحديث الناس، فمتى أفرط في بناءِ العلاقات الجنسية ونُعت بأنّه زير نساء ، قيل: إنّه كثير التجارب وخبير بأمور النساء، وقادر على "الإيقاع بهنّ"، بيسرٍ، بل إنّ هذا السلوك يجعله من الرجال "المرغوب فيهم". ولا يعدم المجتمع الحجج والمبررات التي تجعل الرجل بمنأى عن المحاسبة والإدانة، فيكون النظام الأبوي تبعاً لذلك "رحيماً بالرجال"، يلتمس لهم الأعذار. وفي المقابل تتحدُّ كلَّ القوى من أجل إدانة النساء. فضحكهن في الشارع علامة على استهتارهن بالمعايير والقيم، ومشيتهنّ المتأنيّة في وسط الطريق حجّة على فسادِ أخلاقهن، وعنايتهن بالمظهر واللباس أمارة على "فجورهن"...

"الرجل لا يعيبه شيء"، لا الفقر ولا امتهان مهنة وضيعة ولا الإعاقة ولا العنّة ولا غلظة الطبع... هي عبارة تقال لسدّ المنافذ أمام الفتيات حتى لا يعترضن. ويترتب عن ذلك إجبارهن على قبول الزواج ضمانا "للستر" ثمّ رضوخهن للهيمنة وصبرهن على الظلم والحرمان وتأقلمهن مع ممارسات تنتهك كرامتهن وتذلّهن. أمّا المرأة العاقر أو صاحبة الإعاقة أو سوداء البشرة أو الهزيلة أو... فهي مذمومة و ناقصة وشريرة بالطبع ومعيبة ومعنى هذا أنّ العيوب متأصلة فيها.

"الرجل لا يعيبه شيء"، يفهمها البعض على أنّه معصوم من الخطأ و"كامل الأوصاف"، ولذلك لا يُدان ولا يُحاسب. أمّا المرأة فإنّها تُتمثّل على أنّها الشرّ والفتنة وسبب البلاء والمحنة والنائبة والمصيبة، وقد عكستْ الأمثال هذا التصوّر الذي حكم العلاقات بين الجنسين، فعبّرت عن المخيال الجمعيّ المترسّخ في الخطاب والممارسات والسلوك .

"الرجل لا يعيبه شيء". أمّا المرأة فيعيبها كلّ شيء: تعبيرها عن الرأي والإرادة الذي يُنظر إليه على أنّه "سلاطة لسان ، ودفاعها عن نفسها الذي يعتبر قلّة حياء وتطاولا"، وتمسّكها بحقوقها الذي يُفهم على أنّه استلاب للغرب ، وجنوحها للتفاوض الذي يُعتبر دليلا على الدهاء والكيد... وتلك "قسمة ضيزى" لأنّ الرجل قد يعيبه سوء الخلق وغلظة الطبع وقلّة المروءة ونكران الجميل وانعدام الشهامة...

غير أنّ عبارة "الرجل لا يعيبه شيء" تعرّضت اليوم للإرباك، فما صارتْ تُقنع أغلب الشابّات والنساء، فصرن يرفضن الزواج من رجلٍ معدمٍ غير قادر على ممارسةِ القوامة المادية، وما عاد بإمكانهن تفهّم الظروف التي جعلت الرجال غير قادرين على تأمين كلّ احتياجات الأسرة بمفردهم، فهم بحاجة إلى الزوجات العاملات. ولذلك صار "الرجل يعيبه مكتوبه ("جيبه")، أي عدم قدرته على الامتثال للتوقّعات الجندرية بأن يكون عوّالًا ومنفقًا...

ولكن عندما يستثمر النظام العالمي في بؤس الناس ويحولّهم إلى أدوات عمل ويجرّدهم من إنسانيتهم/نّ، وعندما تطحن المناويل الاقتصادية النيوليبرالية العمّال/ات وتسحق الإمبريالية النساء والرجال، يكون العيب في الأنظمة لا في الناس.



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من الأدوار الجندرية إلى التشاركية.. هل ينجح الرجال؟
- اعتذار للفلسطينيات ....وهل ينفع الاعتذار؟
- النار في جسدهAaron Bushnellإضرام في التعاطي الإعلامي الأمريك ...
- المتقاعدون يحتجّون: -الحماية والرعاية من البداية للنهاية-
- المؤسسات الجامعية وإبادة الفلسطينيين
- موقع التونسيات في مسار الانتخابات 2023/2024
- الحرب على غزّة والمنعرج الجديد
- جنوب أفريقيا ودرس في إيطيقا المرافعة
- بعض من الأسئلة التي أثارتها حرب الإبادة على غزّة
- نداء إلى الحركات النسوية: -حياة الفلسطينيات مهمّة-
- المجتمع المدني والتعديل الذاتي
- ماذا بعد عنهجية الدولة المارقة وإبادة الفلسطينيين؟
- أزمة الرعاية المجتمعية
- قتل النساء وإشكالية التغطية الإعلامية
- «تسيّس الاتحاد الأوروبي»
- الانتخابات بين المركز والهامش
- قتل النساء لا يثير قلق التونسيين/ات
- «مونديال» كرة القدم قطر 2022 بنكهة دينية: «تونيزي تونيزي.. م ...
- النساء وكرة القدم
- في كره الديمقراطية


المزيد.....




- سن التقاعد للنساء في الجزائر 2024 الجريدة الرسمية بعد أخر ال ...
- المجلس الوطني يدين جرائم الاحتلال ضد المرأة الفلسطينية ويطال ...
- وزارة المالية : تعديل سن التقاعد للنساء في الجزائر 2024.. تع ...
- المرأة السعودية في سوق العمل.. تطور كبير ولكن
- #لا_عذر: كيف يبدو وضع المرأة العربية في اليوم العالمي للقضاء ...
- المؤتمر الختامي لمكاتب مساندة المرأة الجديدة “فرص وتحديات تف ...
- جز رؤوس واغتصاب وتعذيب.. خبير أممي يتهم سلطات ميانمار باقترا ...
- في ظل حادثة مروعة.. مئات الجمعيات بفرنسا تدعو للتظاهر ضد تعن ...
- الوكالة الوطنية بالجزائر توضح شروط منحة المرأة الماكثة في ال ...
- فرحة عارمة.. هل سيتم زيادة منحة المرأة الماكثة في البيت الى ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - امال قرامي - الرجل لا يعيبه شيء!