أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي الرديني - ما بين المثالي والمادي














المزيد.....

ما بين المثالي والمادي


علي الرديني

الحوار المتمدن-العدد: 7998 - 2024 / 6 / 4 - 10:59
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ندرك العالم الذي نعيه والاحداث التي نتعايش معها التي تتشكل بتفاعل ادمغتنا مع المعطيات الحسية القادمة من الخارج فتصبح تجارب ذهنية تتضمن كل ما نشعر به ونفهمه ونتذكره ونعالجه ونتخيله ونبتكره من خلال التفكير والملاحظة فتتبلور خبرتنا الذاتية بالعالم ويستخرج العقل الخواص الكلية كمفاهيم شاملة يتندرج تحتها مصاديق او جزيئيات عديدة كمفهوم الانسان الغير متجسد في الواقع الا بأفراده كأحمد ونشوان وناظم , أو مفهوم العدالة التي لا وجود له الا في الذهن اما الافعال العادلة فلها وجود على أرض الواقع.
هذه الكليات هي محط اهتمام الفلسفة المثالية وهي فلسفة عقلية كلية ترى الواقع نابع من العقل المطلق او الفكر والحقيقة محتجبة وراء الظواهر المحسوسة, بعكس الفلسفة المادية التي ترى ان الفكر منبثق من المادة.

واذا رجعنا الى الفلسفة اليونانية سنجد ان بطل الفلسفة المثالية هو أفلاطون ونظريته المعروفة عن عالم المثل التي يحتوي على الحقائق الخالدة وهي جواهر في منتهى الكمال للشئ او الفعل وتقابلها في العالم الدنيوي المحسوس صور ناقصة كظلال وانعكاس لها ويكون رقيها حسب اقترابها من نموذجها الاصلي في عالم المثل, والانسان لا يدرك الحقيقة الا بتخليص عقله من سلطة الحواس والتفكير المشوه وعيش حياة فاضلة وتطهير النفس من الدرائن المادية حتى ترتفع الى عالم العقل الصافي فالب يكمن خلف قشوره.

ففكرة البيت تتجسد في صورة , وفكرته تمكن في تصميمه وخارطته وتنظيمه وعلى هذا الاساس يبنى البيت وتتشكل صورته على الواقع أي ان الفكرة او تصور بيت يتجسد جزئيا في الاشياء المادية لكنه لا يصل الى كمال الفكرة الذي استمد وجوده منها.
واذا كانت الفلسفة الافلاطونية تقر بوجود عالم المادة الذي هو مادون عالم المثل فان مثالية الفيلسوف جورج باركلي ( 1685 - 1753) التي يطلق عليها المثالية الذاتية او اللامادية والتي ترى الكليات ليس سوى مفاهيم مجردة اسمية في اذهاننا وليست كيانات قائمة بذاتها في عالم مفارق , وترى ايضا لا وجود موضوعي للمادة في العالم الخارجي بل وجودها معتمد على الذات الواعية وهي ذات طابع ذهني , والنشاط العقلي هو من ينتج التصورات ويشيد الواقع الذي هو عبارة عن مجموعة من الادراكات مثلا ادراك بيت ما فهو في الحقيقة ادراكا حسيا نسيمه بيت ,ليس له وجود مادي مستقل خارج اذهننا بل هو حزمة من الاحساسات وان ما ندركه ليس الموضوع المادي بل ندرك صورته الذهنية وتجربتنا الشعورية ذاتها مثلا رؤية كتاب على طاولة هو نتيجة انعكاس فوتونات الضوء على شبكية اعيننا وترسل رسائل عصبية الى المراكز البصرية في القشرة الدماغية فتتولد الرؤية التي تتكون من عناصر عديدة من الالوان وخطوط وحدود..الخ فتجمع في تجربة بصرية موحده وهذا ما يسمى بالمدرك او المعطى الحسي.

ويوجه سؤال هنا للمادي التجريبي اذا كانت افكارنا تنشأ بصورة مباشرة او غير مباشرة عن انطباعات حسية فكيف يكون لك فكرة مجردة بدون انطباع حسي مجرد وما الافكار الا تمثيلات فعند محاولة تصور مثلا انسان بدون تحديد جنسه ولونه وطوله ووزنه فلا يمكن ان نخلق صورة عنه وبتالي ما ندركه هي الافكار الموجودة في اذهاننا عن الاشياء المعقولة التي تتالف من افكار مشتقة من معاني كثيرة وما المذهب المادي الا مجاز لان فكرة المادة مفهوم غامض وليس لها اساس منطقي وتجريبي ,واذا فكرت في ما تناولته على الافطار من بيض او جبن فهو عبارة عن سلسلة من نكهات والروائح والالوان والملمس وهي جميعها تجارب تحدث في اذهاننا فنحن لم نرى ونتذوق ونشوف ونسمع ونلمس ونشعر بمادة بل ما ندركه هو توحيد لافكار عن طريق الاقتران المستمر لالوان ونكهات وروائح واصوات مرتبطة ببعضها البعض.
لذلك يعتبر المثالي ما يسمى بالعالم المادي هو عالم ادراكي داخل عقولنا وتمثيل لحالات عقلية خارجية ولا وجود لمادة لتنتج الافكار بل العقل هو المنتج ومفهوم المادة مفهوم عقلي بحت.
وهناك فلسفات مثالية اخرى كفلسفة هيجل وكانط وشوبنهاور وفيشته غيرهم.. لايسمع المجال لنتطرق لفلسفتهم في هذا المقال المتواضع.

أما أصحاب الفلسفة المادية المعاصرة خاصة يختزلون الظواهر العقلية الى صور فيزيائية وكيميائية و يعتبرون مثلا الالام ليست ظاهرة عقلية بل برمجة حاسوبية او سلوك وبعضهم ينكر الشعور والوعي الذاتي ويكتفون بالتفسير السببي المادي لينتج كل ما يسمى بالحياة العقلية ويعتقدون انها حالات دماغية كيميائية-كهربائية.

يختلف الماديون عن المثاليون باعتقادهم انه لا يوجد الا نسق واحد للواقع ولا وجود لعالم علوي او سفلي او حياة من نوع ما بعد الموت وتستبعد كل اشكال الميتافيزيقية الثنائية وتحدد الحقيقة في نطاق المكان والزمان وكل ما هو خارج هاتين المقولتين اشياء لا وجود ولا معنى لها , والكون معتمد على نفسه وموجه بذاته دون تاثير قوة عليا خارجية , وسلسلة الحوادث الطبيعة تحدث بشكل سببي واطرادي وباكتفاء ذاتي , وكل الاشياء الحسية هي جواهر قائمة بذاتها وليس مثال لصورة عقلية ولا صفة ذهنية والعقل هو اداة من ادوات التكيف والبقاء وليس هو محور الكون بل لتوسيع السيطرة على ما حوله في الطبيعة لفائدته وكسب مزيد من القوة لان الطبيعة سلبية اكثر نحونا والسعادة هو مدى جودة التكيف مع بيئتنا واندماجنا في مجتمعنا.
اما المثالي فيرى ان الكون يتجاوب معه ايجابيا لانه يتسم بالمعقولية والخيرية وان عالم القيم والمبادئ الروحية هي الهدف الاسمى للانسان.



#علي_الرديني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التقمص من منظور علمي ومنطقي - Reincarnation from a scientifi ...
- تجربة الاقتراب من الموت Near-Death experience
- فلسفة اللانهاية
- المعتقد والعقل
- اللذة والمثل العليا
- منطقة الراحة (Comfort Zone)
- سلطة الأموات على الأحياء
- الإيمان الأعمى
- الاروقة الداخلية ( الاشراق النفسي)
- الاروقة الداخلية ( التعامل مع الجفاء النفسي)
- معضلة الإرادة حرة (تجربة ليبيت و تجربة هينز)
- معضلة الإرادة حرة (التوافقية واللاتوافقية )
- معضلة الإرادة حرة (الحتمية Determinism)
- معضلة الإرادة حرة (تعريفها وأنواعها)
- التنويم الايحائي الذاتي
- الاحلام حقيقة عالم آخر


المزيد.....




- جدل في مصر بعد اعتماد قانون يمنح القطاع الخاص حق إدارة المست ...
- غزة.. الحياة تستمر رغم الألم
- قبل المناظرة بساعات.. ما ينبغي أن يتجنبه كل من بايدن وترامب ...
- المجر تُعيق إصدار بيان مشترك لدول الاتحاد يندد بحظر روسيا لو ...
- خبير ألماني: أربعة أو خمسة أطفال يموتون من الجوع يوميا في ال ...
- البيت الأبيض: لا نعتزم إجبار كييف على تقديم تنازلات إقليمية ...
- نيبينزيا: كييف دمرت أكثر من 1000 مؤسسة صحية وتعليمية وقتلت م ...
- نتنياهو يرد على انتقاد غالانت والبيت الأبيض يعلّق
- الحوثيون والمقاومة العراقية تستهدفان سفينة إسرائيلية في مينا ...
- وزيرا الخارجية المصري والتركي يبحثان هاتفيا العلاقات الثنائي ...


المزيد.....

- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي الرديني - ما بين المثالي والمادي