|
حوار مع الشاعر السوري إبراهيم اليوسف
ريم إبراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 1762 - 2006 / 12 / 12 - 11:05
المحور:
مقابلات و حوارات
عندما يذكر اسم مدينة ما أمام أحدنا، فإننا سنتذكر تلقائياً، أسماء كوكبة من الأسماء،الأكثر ارتباطاً بها ، وأكثر مساهمة في تشكيل ملامحها، وبهذا الشكل ، فإنه تلقائياً، نتذكر اسم الشاعر إبراهيم اليوسف بمجرّد ذكر اسم مدينة" القامشلي" ، المدينة التي أحبّها ، وكتب عنها ، وبكى في حضرتها، وكان كلّ منهما الشاهد على ألم وأمل الآخر ، وإذا كنت أتحدّث عن علاقته المتميزة بمدينته ، فإنّ الشاعر اليوسف واحد من المبدعين المعروفين على مستوى سوريا ، وكواحد من شعراء الثمانينيات،إضافة إلى كتابته القصة القصيرة ، والنقد، والمقال....! إبراهيم اليوسف ، قبل كلّ هذا ، وكما أعرفه، صاحب روح إنسانية خاصة ، سلسة ، شفّافة ، فهو مشغول دائماً بغيره ، على حساب نفسه، ذو قلب لا ينبض سوى بنبضات الوجد، والحرص، اللامتناهي على مصير الكلمة ، والإنسان ، وبأسئلتي سوف أسير بحذر، خطوة خطوة في أرجاء عالمه،لأتابع رحلته ، وأتوقّّف معه في ظلال محطّات هذه الرّحلة الجميلة المتعبة، التي عمرها أكثر من ربع قرن ..! ! * عند تصفح نتاجات أدباء مدينة قامشلي أول ما يلاحظه القارئ هو ذلك الشجن والألم الموجودين حتى على أوجه أناسها،إلام يدعو هذا الشجن المتكرّر بأرضية كل جنس أدبي يخرج من المختبر الأدبي ؟.
** ثمة اعتراف ضمني ،خلال هذا السؤال بالتصاق الشاعر بآلام وآمال محيطه الاجتماعي،ووفائه لهذا المحيط ،وهي شهادة حقيقية ، كما أقوّمها ،ويستوي هنا النص الشعريّ بضمير الذات ،أو الجماعة التي هي في تشكيلها مجموعة ذوات !، ولعلّ معاينة الأسى الكردي المنداح،على سعة خريطته،والتصادي في روح الشاعر ،تجعلنا نقف أمام صورة نصّ أمين لرؤاه الإنسانية والفنية ،لنغدو موقنين تماماَ أن الشاعر الكردي هو سفير أمله وألمه على حد سواء ...! من هنا، إن نبرة الألم تكاد تكون - حقاَ- أحد معالم قصيدة الكرديّ اللصيق بمحيطه ، وإنسانه ، ومكانه ، وهل من مناصّ للشاعر إلا وأن يكتوي بسياط مآسى شعبه ، منذ أن تعرّف على المعاناة، في غابر ألمه ، وحتى اللّحظة ، وهي في ترجمتها المباشرة هنا ، أصداء الغربة والاغتراب ومحور الحضور ، وانعكاس لسلسلة المذابح الظالمة التي تستمرّ بألف شكل وشكل ....!
2 * في العقود الأخيرة نرى أن الحداثة تتكرّس إبداعياً ،بأكثر مما ينبغي أن تكون عليه، في الأدب والفن ، بل لتظهر بأقوى على الأخصّ في الشعر، فإن دلّ هذا على شيء، فهولا يدلّ إلا على أن الشعراء تناولوه بشكل مفرّط، طمعاً بالظفر بلقب الشاعر( الحداثويّ ) برأيك ماذا يفعل الشاعر لكي لا يكون هو فريسة الحداثة ؟ وكيف تتواشج في بنية قصيدته و نفس القارئ على حد سواء ؟
** بدهي ، أن الحياة هي – باستمرار – إلى الأمام ، وهذا ما سينعكس على وعي الإنسان ، ورؤاه الفنية ، وتذوقه الجمالي !. ومن هنا ، فإنّ الحداثة ، لا يمكن النظر إليها ، خارج سيرورة اللحظة الزّمانية ، لتكون – بهذا المعنى – معطىً طبيعياَ ، لا بدّ منه ، بل سنة إبداعية ، لا بدّ منها ، في ما إذا كان هناك إبداع ، ومؤشراً إيجابياَ على تطور الذائقة والجمال، بل وشهادة لصالح الإبداع ، في نهاية المطاف !. وإذا كنت مؤمناَ- بكلّ ما سبق – فإنّني لأرى أنه في مقابل كل أصيل ثمّة زائف ، قد يتمكّن في لحظات مضيئة ، أو معتمة النيل منه ، وإمحاء ملامحه ، وتقديم نفسه كبديل عنه ، وتغييب ذلك الأصيل ، وهذا نتاج تخريب بيّن للذائقة الجمالية ، ودليل على نسف المقاييس ، وخلخلتها لدى متلق بعينه ، ضمن مسافة زمانية محدودة ، موقوته ....!. هكذا - تماماَ-أنظر إلى الحداثة ونقيضها ، هذه الحداثة التي لا تلتبس -البتّة – على المتلقي النبيه ، حتّى وإن علا صوت ضجيج المدّعين ، وطغى على صوت الإبداع ، لأنّ هناك ثمّة ناقد أكثر – أهميةً – اسمه الزمان – هو وحده خير قادر على فرز – الخيط الأبيض من الأسود – إن التبس الأمر ...!
3* بعد ظهور الأجناس الأدبية كالرواية والمسرح وانتشار الفضائيات وشبكات الانترنت، أبتعد الشعر عن القراءة حتى بدأ يتهم بعدم قدرته على التعبير عن آلام الواقع ، برأيك هل هذا ضريبة التطور بأن نتخلّى عن قراءة المشاعر، والأحاسيس، أم هو حقاً لم يعد كذلك، لأن الأجناس المذكورة تتوغل إلى أعماق التفاصيل الحياتية؟
** حقيقةً ، ينبغي ألا ننظر إلى – هياج المعلوماتية – (ولعلّه يكون أكثر دقةً من مصطلح الثورة المعلوماتية كما أزعم) وبالتالي سرعة الاتصالات ، وتضاؤل وانحسار حدود القرية الكونية، بأكثر مما كانت عليه من قبل ، على أنّ كلّ ذلك أمر عابر ، وإنّنا في منأى عن تأثيراته ! أجل، إذا انطلق أحد الغائصين – مثلي – في لجّة اليمّ الالكتروني السّحيق – كما أدّعي – من ذاته ، وقارن بين لحظته المعيشة ، وأية نقطة علام، زمانية ،قبل انزلاقه في هذا اليم الشيسع ، فإنّه سيخرج – بالتأكيد – بنتائج مذهلة، قد انعكست عليه ،ودفع ضريبتها الكثير ، وإن كان قد امتلك مفاتيح ممالك وهميّة ، على حساب عناوينه الأصلية في دنيا الإبداع !. أعتقد – يا صديقتي – أن كلّ من استرسل مع لجج الالكترون ، ليكون قد دفع ضريبة غالية ، وأن قصيدته لم تعد تفتح له أحضانها ، ما دام أنه ، نفسه اختار المخدع الألكتروني بديلاَ عنها ، ومن هنا ، أكاد أجزم أنّنا خسرنا – القصيدة التي كانت تعدنا بكتابتها – وهو تماماَ ما يجعل القارئ الأصيل ليلهث دون جدوى لقراءة – قصيدة مهمّة – أو عظيمة – دون جدوى ، دلّيني بربك على قصيدة من هذا النّوع ، وأمامك كلّ الأسماء من سليم بركات ومحمود درويش!، و حتى أصغر شاعرموهوب، وموهوم ، بكسر جدران العزلة بجماهيريته الدونكيشوتيةالتي لاتملأ" صفاً في قاعة" لسماع شعره . ثمة لوثة ألكترونية ، معلوماتية ، فايروس ، ابتلينا به جميعاَ ، ومن هنا ، فإن أرواحنا جميعاَ ،بحاجة إلى التطهير من هذه اللوثة ، وما أحوجنا إلى – فرمتة – حقيقية، لنعود وننطلق من النقاط التي توقفنا عندها منذ سنوات خلت من التيه ، وقد يكون الكتاب بجمهرة قرّائه لأكثر اتّساعاً هو المطهّر العظيم الذي شطبنا عليه ،ودلقناه أرضاً ، في لحظة ضياع مذهل، وأوكّد لك ، أن هذه المتعة البديلة الزائلة ،كنت أحد المنتمين إليها ، في أولى لحظة من العناق الأنترنيتي ، أو التورّط المعلوماتي ، فلقد كتبت منذ بضع سنوات مقالاَ عنونته ب( زمان المقال ) قلت فيه أشياء كهذه ، وأنا أضع يدي على قلبي ، قابلاَ بهذه المساومة ، أأطلت عليك ، لا بأس ، من هنا ، تماماَعلينا أن نفهم لم انحسرت دائرة قرّائنا ، واحسرتاه .....!
4* في هذا السؤال دعنا نعد إلى ديوانك الشّعري ( عويل رسول الممالك ) ففي قصيدة ( العنكبوت ) كنت تناشد للاحتفاء بالموتى ، فما هي تلك القيمة، وأيّ الأموات كنت تقصد ،هل هم الأموات المتوارون تحت الثرى، أم الذين يدبون على سطح المعمورة ، لأنّ الحياة قد تحولت إلى موت مؤقت، بسب معاناة الإنسان على مختلف أشكالها......المعروفة وغير المعروفة ؟
** ما أستطيع قوله ، كناصّ ، عن نصّي – العنكبوت – والذي كتب منذ حوالي عقدين زمانيين ، كسؤال صارخ إزاء لغز الموت المحيّر ، والأزلي ، و الذي اختطف ثلاثة من أطفالي بواكير الرّوح ، قبل ربع قرن ، ومن خلال التركيز على أسماء جدّ قريبة مني، وفي مقدمهم فنان كردي كبير ، هو( محمد شيخو)الذي كان صوته حاضراَ ، بنبرته الآسية على امتداد الشريط اللغوي للنص ّ، دون أن نتمكن من فكّ شيفرة روحه ، إلا بعد رحيله ، وهو ما سيكرّره كثيرون الآن ، وربّما في ما بعد ، ناهيك عن أن سؤال الموت بدوره سرمديّ ، سرمدية دورة الحياة !. أعترف ، أنّني ، وبعيداَ عن لحظة ولادة النص ، مترجم سيء ، لما أكتب ، لأنّني سرعان ما أتحول إلى محض قارئ كسواي ، أتعامل مع النص ، وكأنّه ليس لي ، وهذه حقيقة ، أعرفها في قرارتي !.
5* إن امتلاك الثقافة يجعل المرء أن يكون واثقاً من خطواته إضافة إلى ابتعاده عن الوقوع في الأخطاء ،وهي أحد أهم رصيد في الحياة ،هل تجد هذا الرصيد الخالد موجوداً عند جيل الجديد في الحياة الأدبية ؟ وما هي مقاييس ذلك بنظرك؟ .
** ثمّة مجال كبير ، أمام الجيل الجديد ، للنهل من ينابيع الثقافة ، ولكن ، بأسف ، نجد أن استخدام وسائل ومناهل الثقافة ، لا يتمّ بالشكل المطلوب ، في حالات كثيرة ، وهذا ما نجده وراء تمييع الثقافة ، وتسطيحها كما هو حال كثيرين ، يتشبّثون ب( القشور ) الخاوية ، مخدوعين بزخرفها ، وبهرجها ، لا أكثر ! كما أنني – في المقابل – لا أخفي إعجابي الجّم بأقلام جديدة، جاءت بعدنا ، وما زالت تتوالد ، وهي مشغولة بهمّ الثقافة الأصيلة ، لا الممسوخة التي يمكن بسهولة تامة إدعاؤها في زمان الشبكة العنكبوتية، زمان استسهال النشر.....زماننا الصّفيق هذا.......! وإن كنت تسألينني عن المقاييس ، هنا ، فإنني أكاد لا أعرفها ، بيد إنني أستطيع إزاء أيّ نصّ ، أو مقال ، أو مداخلة ، أن أميّز الدعيّ من الإبداعي ، بعيداَ عن التعريفات الكلاسيّة للمثقف الآخذ من كلّ علم بطرف ، في زمان لا يتحمّل تشظّي الاهتمام ، وبعثرة روح المبدع ، بل يتطلب التعميق في محض طرف ، وإجادته ، إذ انتهى زمان الثقافة الموسوعية، الشاملة ، وإنني ككاتب لا ضير لو كنت أجهل ثقافة آخر ماركة إطارات السيارات، الفلانية، أو موديلاتها، لا فرق ....!
6* معروف عنك الحفاظ على اللغة العربية وتقديمها بصورة سليمة، ومعروف عنك أيضاً ولعك بها ،هذا الولع الذي ولد عندك منذ الطفولة والذي قادك إلى دراستها . ما سرّ هذا الحب !؟ وما ذا تقول بصدد اللغة للمبتدئين في عالم الأدب ؟ ** حين فتحت عيني على اللغة ، وجدت أمامي – جزءعم – وكتاب القراءة ، والأناشيد ، وكلها مكتوبة بالعربية ، ناهيك عن أنني كنت أتعلم العربية إلى جانب لغتي الكردية في البيت، فما أسمعه من والدتي، يجاور ماأسمعه من مرضعتي ، جارتنا، رحمها الله ، وهي من بقارة الجبل بكيتها منذ أسابيع حين فجعت برحيلها وجاءت مراحل التعليم متتالية ، كي تجعلني أبرع في اللغة تلقياَ وإرسالاَ ، إن كانت أصداء قصائد الشّعراء الكرد ، ستتصادى في أذنى عميقاَ ، وستستهويني، لقد كتبت بلغتي الأم ، إلى جانب ما كنت أكتبه بالعربية ، ووجدتني أستطيع إيصال ألمي و أملي بالعربية بأكثر ، عموماَ ، في الظروف العادية ، تبقى اللغة وسيلة لإيصال الإبداع، أما في ما سوى ذلك ، فلا كليشة أملكها، التجربة هي التي تعلم المرء، ولايمكن أن تكون أديباً ما لم تمتلك ناصية اللغة ، وتتذوقها ، وتعرف أسرار عوالمها، على أحسن وجه، طبعا إلى ملكة الموهبة التي لايمكن لكل لغات العالم أن تصنع أديباً دونها......!
7* أنت من الأدباء الذين يرفضون الخطأ ولا يقفون ساكتين إزاءه ، وإنك دوماً ممن يضعون النقاط على الحروف في مواجهة من تراه مخطئاً ،عبر مقال، أو بحوار مباشر معه ، مهما كانت ضريبة ذلك ، ألا تعتقد أن هذا الشيء يبعدك قليلاً عن مشاريعك الأدبية؟. واسمح لي أن أقول لك: إن الإنسان في هذا الزمان الذي بات كل شيء فيه بلا معنى، متمسك برأيه حتى وأن كان يعلم بأنه مخطئ .
** دائماَ كان والدي ، المغفور له ، يمازحني قائلاَ : إن أول كلمة قلتها في وجه جدتك ( جدّتي من أمّي ) هي ( لا ) ويردف ذلك بالقول : أنت "يابس الرأس" إذ لم أسكت يوماَ على خطأ ، وسأسرّ إليك بسرّمرير، هنا ، وهو أنني في آخر ليلة من حياة أبي قلت له ( لا) في أمر ما لم أقتنع به ، وإن كنت سأودعه في صباح اليوم التالي ، متبركاً بتقبيل يده ، كأيّ مريد صوفيّ ، وهي أغلى ذكرى لديّ ،الآن ! أنا رجل عنيد – يا صديقتي – هكذا يعرفني كلّ من حولي ، لم أهادن الخطأ يوماَ ما ، وأقبل بكل ضريبة من جرّاء ذلك، وهو ما جعلني أقرض الخسارة تلو أختها ، غير نادم ، على سلسلة مواقفي التي أتباهى بها ، في الوقت الذي يتباهى فيه أقراني بقصورهم ، وعقاراتهم ، وأرصدتهم في البنوك ، التي ألغيت الطريق الحريري السهل إليها من قاموسي ، أعرف أنك ترينني أعيش في جحيم حياتي ، ليكن ، أنني أتلذّذ بهذا الجحيم ، وأعد كلّ أذى ممّن حولي ، حاقدين ، أو مخبرين ، أو سلطويين أوسمة ونياشين وأكاليل غار أعلقها على صدري ، أينما حللت .....!
8* مثلما للإنسان خصوصية للأدب خصوصية ، ومن بلد إلى آخر تختلف تلك الخصوصية فما هي خصوصية الأدب السوري ! ** أعتقد ، أن فصلاَ كهذا ، لهو من مهمّة الناقد البارع ، لا الدعيّ الذي نجده أنّى فتحنا صفحة جريدة ، أو مجلة ، أو موقعاَ الكترونياَ ، وإن كان إمّحاء الحدود ، بسبب الانتشار الهائل لوسائل الاتصال ، والثورة المعلوماتية ، من شأنه أن يمحو حدود كل خصوصية !. و إذا كنا نتحدث عن الأدب السوري ، من خلال أسماء سورية ، فهنا يمكن الحديث عن تخصيص هذه الأسماء ، أما أن كنا سنتحدث عن خصوصية إبداعية ، ضمن هذا السور السوري ، فهو أمر آخر ، يتطلب إمعان النظر ، وإن كنا لنجد أسماء كبيرة ، سورياَ ، شكلت إضافات عربية إبداعية ، مهمة ، بل هي تفوح برائحة أصحابها ، وهل نتحدث هنا عن حنا مينا – سعيد حورانية – عبد السلام العجيلي – ممدوح عدوان –– سليم بركات- محمد الماغوط إلخ والقائمة تطول بهم جداَ .....جداَ ... 9* أنت كنت وما زلت دليل الكثير من الكتاب المبتدئين إذ عدنا خمسة وعشرين عاماً إلى الوراء، اسم من سنجد عند بداية ذاك الرقم ،ليكون الدليل الأدبي لقلمك
** شكراَ لك ، هكذا تعلّمت في مدرسة أسرتي ، وأبي ، أن لا أعرف غير أن أعطي، ودون أن تثبّط همّتي إزاء موهوب ما ، قوي عوده وكبر ، أو يتكاثر ، كنت التقطته من أرصفة زوايا القرّاء ، وعنيت به ، وعززت ثقته بالكتابة ، ثم خذلني في نهاية المطاف ، لقد اعتدت على مثل هذه الخيانات من الكثيرين ، ولن أتوب عما أؤمن به، أما من كان الدليل لي ، إنهم كثر ، حيث تبدأ الرّحلة بأبي ، أول من شذّب نصّي لأقرأه في – جامع الحسكة الكبير – ومروراَ بمعلمي ( إبراهيم آلوجي ) و من ثمّ مدرّس اللغة العربية الذي لفتت مواضيعي التعبيرية انتباهه ، وليس وقوفاَ عند من دلّني أيّ كتاب أقرأ ، وهم كثر ، أصدقاء سابقون علي !، بتذوّقهم سياط الألم ،ونشدان الحلم ، أما من حيث الموهبة ، فلقد كنا جيلاَ - وأخصّ معاشر الشعراء الذين كتبوا بالعربية - بلا أب ،أتلفت الآن إلى الوراء ، لأجد أنّه لم يكن لنا من حاد ، يوميّ يعيش بيننا ، كنّا ثلّة من هواة النص الجديد نلتقي ، نقرأ نتناقش ،نختلف ، ونحلم بالقصيدة الأجمل التي لا تكتب عادة !....
10* نستطيع القول: أنت أكثر كاتب في مدينتك يتلقى دعوات لحضور أنشطة ثقافية خارج سوريا، ما هو انطباعك عن تلك الأنشطة ،وبماذا تختلف عن نشاطاتنا الأدبية؟ ** الدّعوات التي تأتي ، هي دائماَ دعوات من كردستان العراق أو أوربا ،وهذه الدعوات برمّتها يتمّ اختياري لما أكتبه في مجال حقوق الإنسان ، والسياسة ، وشؤون أهلي !، وأينما كنت ، فإن صوتي هو نفسه ،ما أقوله هنا ، أقوله هناك ، أقوله في أي عاصمة مهما نأت ، أي أن خطابي واحد ولا أخفي عنك ، هنا أيضاَ ، أنّي كثيراَ ما لا أستطيع تلبية هذه الدّعوات ، لأن جلّها يأتي أثناء العام الدراسي ، حيث من الصعب الحصول على إجازة خارجية ، وها هي دعوة قد جاءتني من بلد أوربيّ لحضور مؤتمر عن الصحافة الألكترونية الكردية ( يقام في هذه الأيام) بيد أنني غير قادر على الحضور ، بأسف .،كما لم أستطع كذلك تلبية دعوة مهرجان دهوك الثقافي لهذا العام ...بأسف....! في بلد اننا – عموماَ – لا يستطيع الكاتب أن يعيش يوماَ واحداَ بقلمه ، بل إنه في حال كحالي ، حيث لا تؤمن كتاباتي ثمن وجبة إفطار وحيدة لأسرتي على مدى العام الكامل ، من هنا ، فمن الضروري أن يكون المرء مرتبطاَ بوظيفة ، يأكل خبزه منها ، أو لم يقل سقراط ذات يوم ، إذا أردتني أن أفكّر ، فاعطني رغيفاَ قبل ذلك !
11* يوجد لديك ابن وحيد يمتلك موهبة الكتابة، وله تجارب أدبية، ما هو تقيمك لنتاجاته الأدبية ،ولأبناء جيله !؟، وما هو الشيء الذي يدعوك للنفور من هذا الجيل ؟ ، وما هو الشيء الذي يسعدك فيه؟ .
**هنا ، إذاَ ، يمكن التحدّث عن ثروة حقيقية أملكها ، وهي : أبنائي – ممن استطعت أن أغرس فيهم حبّ الناس ، والثقافة ، والعطاء وكلّهم – الحمد لله – هواة الكلمة النظيفة ، دون حدود ! وحين أتحدّث عن أبنائي الآن ، وهكذا فإنني لأشعر أن أبناء كثيرين لي خارج أسرتي،أعول عليهم ، هم سفراء لي في كل مكان ،منهم من يكتب – هنا ، ومنهم من هو في أوربا – ومن هو في بلد عربي ، مرغمين كنا ، كجيل سابق عليكم ، أن ننحت في الصّخر ، فكان ما حققناه على أصعده إبداعية ، وكتابية متنوعة ، بيد أننا لنعول عليكم أن تنجزوا ما لم يكن ممكناَ لنا انجازه !؟
12 * في هذا السؤال الأخير أترك لك طرح سؤال على من تراهم دخلاء على الأدب بقلمهم ؟. **إنني لأدعو جميع كتابنا إلى الحب، أجل، فلنتحابّ ، ولندع ضغائننا تجاه بعض، جانباَ، فهي بذيئة ، ممقوتة ، مدعاة ألم مدى العمر ، وما يتكبده كثيرون بيننا من أوقات لإلحاق الأذى بأقرانهم، حريّ بأن يكفي لتقديم إنجازات شخصية، وربما إنسانية ، مهمة تعتدّ بها الأجيال الآتية ، إذاً ، إنني أقرع أجراسي ، وأدعو إلى الحبّ تلك صرختي المدوية أخيرأ ......تلك صرختى الأولى............!تلك صرختى دوماً......!
#ريم_إبراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-قريب للغاية-.. مصدر يوضح لـCNN عن المفاوضات حول اتفاق وقف إ
...
-
سفارة إيران في أبوظبي تفند مزاعم ضلوع إيران في مقتل الحاخام
...
-
الدفاعات الجوية الروسية تتصدى لــ6 مسيرات أوكرانية في أجواء
...
-
-سقوط صاروخ بشكل مباشر وتصاعد الدخان-..-حزب الله- يعرض مشاهد
...
-
برلماني روسي: فرنسا تحتاج إلى الحرب في أوكرانيا لتسويق أسلحت
...
-
إعلام أوكراني: دوي صفارات الإنذار في 8 مقاطعات وسط انفجارات
...
-
بوليتيكو: إيلون ماسك يستطيع إقناع ترامب بتخصيص مليارات الدول
...
-
مصر.. غرق جزئي لسفينة بعد جنوحها في البحر الأحمر
-
بريطانيا.. عريضة تطالب باستقالة رئيس الوزراء
-
-ذا إيكونوميست-: كييف أكملت خطة التعبئة بنسبة الثلثين فقط
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|