أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طلال حسن عبد الرحمن - قصص قصيرة جداً أنا الذي رأى طلال حسن















المزيد.....



قصص قصيرة جداً أنا الذي رأى طلال حسن


طلال حسن عبد الرحمن

الحوار المتمدن-العدد: 7994 - 2024 / 5 / 31 - 10:22
المحور: الادب والفن
    


قصص قصيرة جداً



أنا الذي رأى




طلال حسن



" 1 "
طفل
منذ أن وعيت ، وظلي طفل ، يركض وراء الفراشات والكلمات والجمال ، وها إني كبرت ، وشخت ، لكن ظلي مازال طفلاً يركض وراء الفراشات والكلمات والجمال .

" 2 "
فوق المصطبة
جلست ، أنا وظلي العجوز ، فوق مصطبة في الحديقة .وعند الغروب ، نهض ظلي العجوز ، ومضى كالعادة إلى البيت ، أما أنا فقد بقيت جثة هامدة فوق المصطبة .


"3 "
الأرض كروية
صاح ظلي ، وسط الأطفال : الأرض كروية ؟
أمسكوا بي ، وأمام أنظار الأطفال ، ألقوا بي في النار .
ووسط النار ، وأمام عيون الأطفال المدهوشة ، راح ظلي يصيح : الأرض كروية .. الأرض كروية .


" 4 "
حب
رغماً عني ، تقدم ظلي منها ، وقال : أحبك .
نظرت إليّ ، وعيناها العسليتان تقولان : اخجل ، أنت كهل .
ووقفت حائراً ، لا أدري كيف أفهم عينيها العسليتين ، أنّ ظلي لم يكتهل ، وأنه مازال يستطيع أن يحبّ .

" 5 "
الحرب
أصاب قناص ظليّ بإطلاقة ، فأرداني قتيلاً .
وحفر رفاقي حفرة ، وسجوا ظلي فيها ، وألقى كلّ منهم فوقي زهرة برية . وقبل أن يردموا الحفرة ، انتفضت من بين رفاقي ، وأسرعت لأرقد إلى جانب ظلي .


"6 "
الظلال الأربعة
أربعة كنّا ، وظلالنا كانت أربعة ، أنا وأخي وأمي وأبي .
اختفى ظلّ أبي ، واختطفت الحرب ظلّ أخي ، وها نحن ، أنا وأمي ، ظلان أنثويان قاتمان ، نحنّ إلى ظلالنا ، التي كانت يوماً أربعة .

" 7 "
الظل العجوز
نهضا معاً عن مقعدهما ، ونهض معهما ظلاهما العجوزان .
لوح الأول للثاني : غداً نلتقي .
فردّ الثاني مازحاً : إذا أشرقت الشمس .
وفي الغد أشرقت الشمس ، كما تشرق كلّ يوم ، لكن الثاني لم يأت ، وظلّ الأول فوق المقعد ، وحيداً مع ظلّه العجوز ؟

" 8 "
ظلان بإتجاه الشمس
أقبل فتى وظلّه من اليسار ، وأقبلت فتاة وظلّها من اليمين ، وتبادل الفتى وظلّه ، نظرة خاطفة ، مع الفتاة وظلّها .لم يتوقف الفتى ، ولم تتوقف الفتاة ، لكن ظلّيهما توقفا ، ثمّ سارا معاً باتجاه الشمس ، وسرعان ما توقف الفتى والفتاة ، ولحقا بظليهما .




" 9 "
الظلّ الفرح
نمت صبيرة وسط الصحراء ، ولم يكن حولها سوى الرمال والرياح. وذات ظهيرة ، مرّ بها طائر صغير ، يلهث من الحرّ ، وما إن رآها ، حتى أسرع يلوذ بها ، وابتسمت الصبيرة ، ونشرت ظلّها الفرح ، فوق الطائر الصغير .

" 10 "
التنين
بالأزهار وأغصان الغار ، استقبل الناس بطلهم المنتصر ، عند سور المدينة .ووقف الحكيم وابنه يتأملان البطل ، وسط مستقبليه .
قال الحكيم : حقاً إنه بطل ، ستذكره الأجيال القادمة طويلاً ، فقد قتل التنين.
قال الابن : لكن التنين وهم .
فردّ الحكيم قائلاً : وهل أصعب من قتل هذا .. التنين ؟


" 11 "
أنا الذي رأى
رأيت ، ويا لهول ما رأيت ، ورغم رعبي ، صرخت بي : أنت إنسان ، قل .. لا .

" 2 1 "
إنسان من هذا العصر
أشعلت شمعة ، وعلى ضوئها ، لمحت في هوة الليل ، إنساناً يلوح لي، طالباً النجدة ، فهجمت على الشمعة ، وأطفأتها .


" 3 1 "
البئر
من أعماق بئري ، تطلعت إلى أعلى ، فلم أر غير بقعة صغيرة مضببة من السماء ، فصحت مستنجداً بأعلى صوتي : أنا هنا .
فأجابني الصدى : .. هنا .. هنا .. هنا .

" 4 1 "
المطر وهي
منذ المساء ، والمطر يهمي ، قطرات صغير ، دافئة ، وبدت أشجار الحديقة ، تقف قي العتمة تحت المطر . ووقفت " هي " ، خلف النافذة ، وحيدة ، عارية ، تحت بجامتها ، متمنية لو تقف كشجرة ، تحت قطرات المطر الدافئة .

" 5 1 "
الرمال المتحركة
فجأة وجدتني ، وسط رمال مدومة ، متحركة ، تتناهشني أوجاع لا حدود لها . ومن الليل ، إنبثق طفل ، لم أر منه سوى عينيه ، وشفتيه المبللتين ، وبأعلى صوتي هتفت : النجدة .
لم يسمعني الطفل ، وكيف يسمعني ، وأنا لم أسمع نفسي ؟
وتحرك الطفل ، وسرعان ما تلاشى في الليل .


" 6 1 "
غفوة
عاد أبي ليلاً ، وأوى إلى فراشه ، وأغفى .
وعند الفجر ، لم ينهض كعادته ، ويذهب إلى العمل .
والتمّ حوله الرجال والنساء يندبون ، فتقدمت من أبي ، وغطيت وجهه ، وقلت : كفى رجاء ، دعوا بابا في غفوته ، لقد أتعبته اليقظة ؟

" 7 1 "
يوم ممطر
نزلت المرأة من الباص ، في الساحة المكتضة بالسيارات . وسارت تحت المطر ، عبر ممرات مليئة بالنفايات والأوحال . وفي أحد الممرات، تراءى لها رجل يخنق صبياً ، فسارعت بالخروج من الساحة ، وهي تقول في نفسها : لابد أنه أبوه .
وعلى الطوار ، رأت رجلاً يستجدي ، فوضعت في يده الممدودة مبلغاً من المال ، ومضت تسير تحت المطر .

" 8 1 "
لماذا الـ .. لا
وقف الرجل أمام ببغائه متحيراً ، وقال : عجباً ، إنني أوفر لك ، في القفص ، الطعام والشراب والأمن ، ومع ذلك فأنت حزين .
ولاذ بالصمت لحظة ، تم هتف : وجدتها ، أنت تريد رفيقة ، حسن ، سأذهب غداً إلى الغابة وأصطاد لك ..
فهبّ الببغاء صارخاً : لا .

" 9 1 "
هذه الكلمة الحلوة
جاءني من مجرة بعيدة ، وتجول معي بين الناس ، ثم قال لي : الحرية ، هذه الكلمة أسمعها عندكم في كلّ مكان ؟
فابتسمت قائلا : هذه الكلمة الحلوة ، الحرية ، ستبقى معنا دوماً ، فقد حنطناها بأحدث الطرق ، وحفظناها في صندوق زجاجي مفرغ من الهواء ، فنحن هنا نقدس .. الحرية .


" 20 "
التنين
بالأزهار ، وأغصان الغار ، استقبل الناس بطلهم المنتصر .
ووقف الحكيم وابنه يتأملان البطل ، يختال وسط مستقبليه .
قال الحكيم : حقاً إنه بطل ، ستذكره الأجيال القادمة بالفخر واعتزاز ، فقد قتل التنين .
قال الابن : لكن التنين وهم .
فردّ الحكيم : وهل أصعب من قتل مثل هذا .. التنين ؟

" 1 2 "
اللغم
زرعوا جسده بأجهزة إنصات ، وأنصتوا .. تك .. تك .. تك .
قال الخبير : اصغوا ، أسمع شيئاً يتكتك .
أصغوا ، وأصغوا ، وخناجرهم في أيديهم ، فقال الخبير : هذا لغم .
وهبّ الحاكم صارخاً : أبطلوه وإلا نسف العالم .
وانهالت الخناجر على الجسد ، تفتش كلّ زاوية فيه . وفي القفص الصدري ، تحت الثدي الأيسر ، عثروا عليه يتكتك ، وبكل هدوء، وبأصابع متمرسة ، انتزعه الخبير ، و.. أنقذ العالم .




" 22 "
الكابوس
مددت يدي في العتمة ، والحمى تشويني ، لم أجده إلى جانبي، يا إلهي ، إنني وحيد ة.
طرق الباب ، اعتدلت مترددة ، فقد قال لي : لا تفتحي الباب لأحد .
طرق الباب ثانية ، إنهم هم ، لعله وقع في أيديهم ، و صرخت : لا .
دفعوا الباب ، حتى تهاوى ، واندفعوا نحوي ، وقبل أن يمسكوا بي ، حاولت أن أستيقظ ، لكن دون جدوى .

" 23 "
الغراب
نعب الغراب بأعلى صوته : هجوووووم .
فهبّ الأموات من خنادقهم ، شاكي السلاح ، وإندفعوا معولين كالريح : إلى الحرب .
وتوقف واحد منهم ، وسط العويل ، واستدار بهدوء شديد ، وبهدوء أشد ، سدد بندقيته نحو الغراب ، ثم ضغط على الزناد .





" 4 2 "
الكبش
منذ أن وقع يحيى في الأسر ، لم تنم مرة بعمق ، كما كانت تنام بين ذراعيه ، فذهبت إلى النبي يونس ، ونذرت أن تذبح كبشاً عند مرقده ، إذا عاد يحيى .
وعاد يحيى ، بعد ثماني عشرة سنة ونيف ، قضاها في الأسر ، لكنه لم يكن يحيى ، فأخذته إلى النبي يونس ، وذبحته عند مرقده، وعندئذ نامت بعمق .

" 5 2 "
الخروج
أوقفوه عند الحدود ، وسأله الضابط : ماذا تحمل ؟
فأجاب : لا شيء .
وحدق الضابط في ملف كان أمامه ، ثم رفع عينيه إلى مساعده ، وقال : خذه .
وأخذه المساعد إلى غرفة داخلية ، وفتح جمجمته ، وأفرغ ما فيها ، ثم عاد به إلى الضابط ، وقال : سيدي ، أجرينا اللازم .
وأغلق الضابط الملف ، وقال دون أن ينظر إليه : الآن يمكنك .. الخروج.




" 26 "
قطرة الماء
أخذت الصخرة على قطرة الماء ، أنها صغيرة وضعيفة ، فقالت قطرة الماء : نعم ، لعل هذا صحيح ، لكن باتحادي مع رفيقاتي نصنع الأنهار والبحار والبحيرات .

" 27 "
الغيمة والفلاح العجوز
رأت الغيمة فلاحاً عجوزاً يزرع ، فطلبت من الريح أن تمهلها ، حتى ينتهي الفلاح العجوز من عمله ، لتمطر وتروي ما زرعه .

" 28 "
وطن السنونو
سأل العصفور صديقه السنونو : لماذا تهاجر ؟
فأجاب السنونو : لأني لا أستطيع أن أحيا بدون الدفء .
وقال العصفور : ووطنك ؟
ردّ السنونو : الدفء وطني .




" 29 "
حب !
عجب الذئب ، حينما اتهمته الحمامة ، بأنه لا يحب الحمل ، فاحتد قائلاً : هذا كذب ، إنني أحب الحمل ، ولا أحبّ أن آكل أحداً سواه.

" 30 "
أنت شبل
نادت اللبوة صغيرها قائلة : تعال ، يا بنيّ ، وتناول غداءك .
فأجابها صغيرها : إنني شبع ، يا ماما ، لقد تناولت بقايا أيل مع صديقي .
فهبّ الأسد غاضباً ، وقال : لا تصادق الضبع ، يا بنيّ ، أنت شبل .

" 31 "
الصفصافة المزهرة
هتفت شجرة الصفصاف فرحة : آه هذا هو الربيع .
فقالت العوسجة : أي ربيع هذا ، وأنت مثلي ، لا تحملين زهرة واحدة .
وردت شجرة الصفصاف قائلة : لا يا عزيزتي ، نحن مزهرتان، مادام كلّ ما حولنا مزهر .

" 32 "
وعمّ السلام الغابة
دار صراع بين ذئبين ، وإنحاز الحمل للذئب الأول ،وطال الصراع ، فقرر الذئبان الجنوح للسلام ، فذبح الذئب الأول الحمل ، وأولمه للذئب الثاني ، وهكذا عمّ السلام الغابة ؟

" 33 "
حيرة
قالت أمي ، وهي عصفورة حكيمة باعتراف الجميع : الأرانب أكثر طيبة من الثعالب .
لكني سمعت أرنباً يقول : يا إلهي ، اقض على الثعالب .
وسمعت ثعلباً يقول : يا إلهي ، أكثر من الأرانب .
أيمكن أن تكون أمي مخطئة؟ يا للحيرة .


" 34 "
الثعلب
ـ كوكو .. ريكو .
نهضت ، إنه ديك ، وإتجهت نحو مصدر الصوت ، إنني جائع ..
ـ عووووو .
توقفت ،إنه كلب ، الحق .. لست جائعاً جداً ، لقد أكلت عصفوراً، منذ .. ثلاثة أيام .

" 35 "
الحاكم
أراد الأسد ، ملك الغابة ، أن يكرم الثعلب ، فأرسل في طلبه، ولما مثل بين يديه ، قال له : لقد خدمتني طويلاً ، سأجعلك حاكماً على الضباع ..
فانحنى الثعلب للأسد ، وقال : عفو مولاي ، ليتك تجعلني حاكماً على الأرانب.

"6 3 "
الحمار يتظلم
دخل الحمار على الأسد ، وقال بصوت حزين : مولاي ، أنصفني ، لقد افترس نجلك صغيري .
التمعت عينا الأسد ، وهو يعاين الحمار ، ثم قال : اغلق الباب ، وتعال ، سأنسيك حزنك على صغيرك .




" 37 "
إنها أفعى
رأى عصفور صغير ، أفعى صغيرة ، تزحف قرب الشجرة، فنزل من العش ليلعب معها ، فصاحت به أمه : بنيّ ، ابتعد ، هذه أفعى .
ردّ العصفور الصغير : لكنها صغيرة .
فقالت أمه : إنها أفعى ، يا بنيّ ، مهما كانت صغيرة .

" 38 "
الأيل وقرونه الضخمة
اختطف الذئب أيلاً صغيرا ، فوقف كبير الأيائل ، وصرح أمام الجميع قائلاً : الخزي والعار لهذا الذئب المتعطش للدماء .
ولم تكد تمضي عدة أيام ،حتى اختطف الذئب أيلاً صغيراً آخر .

" 39 "
العقاب
اغتاظ القمر ، عندما سمع البومة تقول للخفاش : ضوء الشمس أقوى من ضوء القمر .
وصاح بالبومة : سأحتجب عقاباً لك ، وأتركك تتخبطين في الظلام .
فتطلعت البومة إلى الخفاش ، ثم انفجرا بالضحك ؟

" 40 "
الأفعى والبلبل
كلما سمعت الأفعى ، البلبل يغرد ، التفت حول نفسها ، وراحت تصغي إلى تغريده ، حتى تنام .
وذات يوم ، لم تجد الأفعى ما تأكله ، فأكلت البلبل ، والتفت حول نفسها ، تريد أن تنام ، لكنها لم تستطع .

" 41 "
رأي آخر
وقف العصفور والزرزور على غصن شجرة ، وأقبل الثعلب مختالاً بفرائه ، فقال الزرزور : آه ما أجمل فراء هذا الثعلب .
وابتسم الثعلب فرحاً ، فقال العصفور : ليت أعماله بهذا الجمال .
فقهقه الثعلب ، وقال : للثعالب رأي آخر .

" 42 "
الغيمة الجميلة
توقفت الغيمة مختالة ، فوق حقل عطشان ، وهتفت بفرح : أنظر ، ما أجملني .
فقال الحقل : ستكونين أجمل إذا أمطرت .


" 43 "
جمال دسم
سار الطاؤوس ، وسط الغابة ، يختال بجماله ، ورأى الثعلب، فقال متباهياً : يقال أنكم ، أنتم الثعالب ، خير من يقدر الجمال .
وابتسم الثعلب ، وقال : وخاصة .. الجمال الدسم .

" 44 "
الليل والقمر
يقول القمر ، حيثما يذهب : لولاي لبقي القمر أسير عتمته .
وعندما سمع الليل ما يقوله القمر ، ردّ قائلاً : ولولاي لما رأى أحد ضوء القمر الشاحب .

" 45 "
ما أطيبه
أفاق أرنوب والأفعى ، على بلبل يغرد .
تأوه أرنوب محموماً ، وقال : آه ما أطيبه .
وانسلت الأفعى ، وقالت : آه ما أطيبه .
وعند المساء ، أغفى أرنوب محموماً ، وفي أعماقه بلبل يغرد.
وأغفت الأفعى، وفي جوفها ، بلبل صامت .

" 46 "
أرنب لا
وقف الأسد ، أمام أرانب البرية ، وصاح متوعداً : أنا ملككم، منذ الآن ، أتوافقون أم لا .
فصاح الجميع : نوافق .
عدا أرنب ، فتح فمه ، وتراءى للأرانب ، أنه قد يقول .. لا ، فانقضوا عليه ، وقتلوه .

" 47 "
البلبل والغراب
كلما نعب الغراب ، قال مستمعوه : البلبل تغريده أفضل .
واستبد الغضب بالغراب ، فقتل البلبل ، وتخلص منه ، لكنه وكلما نعب ، قال مستمعوه من الطيور : البلبل كان تغريده أفضل.

" 48 "
أزهار الحزن
مع الربيع ، غدت شجرة التفاح العجوز ، باقة كبيرة من الأزهار .
وذات ليلة سمعتها الفسيلة تئن حزينة ، فتساءلت : ما بالها ، يا ماما ؟
فأجابتها النخلة : شجرة التفاح تزهر هكذا ، يا بنيتي ، إذا أشرفت على النهاية.

" 49 "
قمر فوق الغابة
بدراً أضاء القمر ، عندما حلّ الليل ، وخيم بعتمته فوق الغابة.
وأقبلت العاصفة ، تدفع أمامها غيمة ضخمة ، حجبت بها القمر . وحزنت الغيمة ، وراحت تبكي ، حتى انتهت ، وعندها أطل القمر ثانية ، وبدد الليل عن الغابة .

" 50 "
عقاب
فاجأت الريح الباردة ، خلال إحدى جولاتها ، في أقصى الشمال ، غيمة تلهو بعيداً عن الحقول ، فانقضت عليها غاضبة ، وصفعتها ببرودتها ، وجعلتها تتهاوى ، فوق القمم العالية ، ندفاً صغيرة من الثلج .

" 51 "
قلق
أفاق الأسد على عواء مرتفع ، فصاح : أسكتوه .
قالت اللبوة : هذا ذئب .
قال الأسد : ليلقوا إليه بعض الفضلات .
ردت اللبوة : إنه ذئب ، وليس ضبعاً .
وتلفت الأسد حوله ، ثم قال : لن أنام مادام هذا الذئب حياً .

" 52 "
دبدوب والنحلة
أقبلت نحلة على دبدوب ، وقالت : تعال ، سأدلك على خلية مليئة بالعسل.
فقال دبدوب مذهولاً : لكنك نحلة .
قالت النحلة : طردوني من الخلية ، وقالوا لي ، أنت لست نحلة .
وعبس دبدوب ، وقال : إنهم محقون ، أنت لست نحلة .

" 53 "
الملك
قالت الأم أرنبة : أبشر ، يا أرنوب ، تخلصنا من الثعلب .
تساءل أرنوب : مات ؟
فردت الأم : سيموت ، لقد اعتقله الأسد ، عندما أراد اليوم أن يختطف أرنباً .
وقال أرنوب : لكن الأسد نفسه ، اختطف البارحة أيلاً .
فنهرته أمه خائفة : صه ، أيها الأحمق ، إن الأسد .. ملك .


" 54 "
الديك والثعلب
حاول الديك أن لا يمكن الثعلب منه ، فامتنع عن الخروج من القن ليلاً ونهاراً ، وأحاط نفسه بالكلاب .
لكن الثعلب ، رغم ذلك ، تمكن منه ، فقد انقض عليه في الحلم ، وأمسك بخناقه ، و .. وفزّ الديك مذعوراً ، وقرر أن لا ينام أبداً .

" 55 "
البلبل والأسد
غضب الأسد على البلبل ، ربما بسبب أغاريده ، فألقى القبض عليه ، ونفاه إلى جزيرة واق واق ، لكن الأسد لم يهدأ غضبه ، فقد ظلت أغاريد البلبل تصدح في صمت الغابة .

" 56 "
يحيا الملك
دعا الأسد ، ملك الغابة ، الأرانب ، إلى اجتماع أمام عرينه ، وخاطبهم قائلاً : أيها الأرانب ، أنتم أتباعي ، وأريدكم أن تتحرروا من الخوف ، وتعبروا عن رأيكم بشجاعة ، والويل لمن يجبن .
وبكل شجاعة ، تقدم أرنب عجوز من الأسد ، وهتف بأعلى صوته : يحيا الملك .

" 57 "
زهرة التفاح
قالت زهرة من أزهار شجرة التفاح للعاصفة : لا .
ولكي تعاقب العاصفة زهرة التفاح هذه ، اجتاحت الشجرة كلها ، وحاولت أن تقتلعها من جذورها .

" 58 "
بعد المعركة
جلس الضبع وزوجته وصغيراه ، يراقبون خلسة غزالين يقتتلان . وبعد انتهاء المعركة ، تقدم الضبع من المنتصر ، وافترسه ، وترك المنهزم لزوجته وصغيريه .

" 59 "
البلبل
قال الوقواق للبوم : مات البلبل اليوم .
بدا الإرتياح على البوم ، فتابع الوقواق قائلاً : قتلته الحدأة .
ومن بعيد ، ارتفع صوت بلبل يغرد ، فتعكرت عينا البوم ، وقال : يبدو أن هذا البلبل لن يموت أبداً .




" 60 "
بشرى !
مع دمدمة الريح ، حلق الغراب ، فوق الغابة ، ونعيبه يملأ الآفاق : أيها الطيور ، ابشروا ، ابشروا ، لقد فقس اليوم بيض .. الحدأة.

" 61 "
أسد نباتي
أعلن الأسد لمن حوله من الثعالب والنسور والضباع ، أنه سيكون نباتياً ، ودعاهم لأن يكونوا مثله .. نباتيين . وفي الحال ، انقضت عليه الثعالب والنسور والضباع ، وقتلته .

" 62 "
العصفورة
اختطفت الحدأة أحد صغار العصفورة ، ووقفت العصفورة ، فوق غصن من أغصان الشجرة ، وقد غرقت عيناها بالدموع . وتملكتها الدهشة ، حين وجدت الشمس مازالت تشرق ، والربيع مازال يملأ الغابة أزهاراً وحمامات و أغاريد .


" 63 "
الأسد والحمل
التقى أسد ، وسط الغابة ، بحمل صغير. وقد أعجب بجماله وبراءته ، وراح يلعب معه ، حتى المساء ، وعندها شعر الأسد بالجوع ، فافترس الحمل ، ونام .

" 64 "
لا تلوميني
لامت الريح قطرة الماء ، لأنها لا تبقى على حال ، فهي مرة صلبة ، ومرة سائلة ، ومرة غازية ، فقالت قطرة الماء : لا تلوميني ، فالأمر لا يعود لي وحدي .

" 65 "
الفراشة والنار
نظرت النار إلى الفراشة ، وقالت : آه ما أجملك .
فردت الفراشة قائلة : أنت أيضاً جميلة ، وقد نكون أجمل لو اتحدنا .
وبلهفة قالت النار : تعالي إذن نتحد .
وعلى الفور اندفعت الفراشة إلى النار .



" 66 "
رأي الدب
أراد الأسد أن يعرف رأي الدب في قضية ، فقال : بنى القندس عشه فوق إحدى الأشجار،ولما فقست بيضه ، خرج الخلد من البحيرة ، وتسلق الشجرة ، وأكل الصغار ، وقد رأيت أن أسجن الخلد داخل نفق في الأرض ، فماذا ترى أنت ؟
لاذ الدب بالصمت لحظة ، ثم قال : أرى ، يا مولاي ، أن ترسل الشبل ، ملك المستقبل ، إلى المدرسة .

" 67 "
خطيئة الحمل الأولى
رغم تحذير الأسد ، أكل الحمل حزمة من الحشيش ، فطرده من الغابة ، وأمر الذئب أن يتربص به ، ويفترسه .

" 68 "
نحن أرانب
قال الأسد ، ذات ليلة ، أمام رعيته : عندما كنت شبلاً ، تصدى لي عشرة ثيران ، فقتلتهم جميعاً .
وفي طريق العودة ، قال أرنوب لأمه : ماما ، هل صدقت الأسد؟
فتوقفت الأم مصعوقة ، ثم قالت : طبعاً صدقته ، وعلينا جميعاً أن نصدقه ، فنحن أرانب .

" 69 "
المنفى
دفعوه أمامي ، في عريني ، مثخناً بالجراح ، وقد تلوثت لبدته بالدم ، إنه آخر أعدائي ، وآن لي أن أرتاح ، ورمقته بنظرة حادة ، وقلت : لن أقتلك ، لكني لن أبقيك في الغابة ، أنت منفي ، اذهب .
لم ينطق بحرف ، بل رفع عينيه ، وحدق فيمن حولي ، من ذئاب وضباع وثعالب وكلاب برية ، ولأول مرة في حياتي ، شعرت بأني وحيد ، منفي ، فوق عرشي .

" 70 "
أغرودة أبي
لذت بالبلبل العجوز ، وعيناي غارقتان بالدموع ، وقلت : لقد قتلوا أبي .
ومن أعماق الغابة ، انبثقت أغرودة عذبة ، فنظر البلبل العجوز إليّ ، وقال : إصغ ِ يا بنيّ .
فأصغيت لحظة ، ثم قلت : هذه أغرودة أبي .
وابتسم البلبل العجوز ، وقال : لا تصدق ، يا بنيّ ، أن أحداً يستطيع أن يقتل أباك .


" 71 "
الكلاب الوحشية
عند منتصف الليل ، هزّ الغابة نباح غريب ، ففزّ الأسد من نومه متسائلاً : ما هذا !
فردّ الضبع : إنهما كلبان وحشيان ، لجآ إلى غابتنا .
وقبل أن يعود الأسد إلى النوم ، قال : أتركوهما هنا حتى يشيخا ويموتا .
وترك الكلبان الوحشيان في الغابة ، لكنهما لم يموتا ، حتى تركا وراءهما ، أكثر من عشرين كلباً وحشياً .

" 72 "
الثمن
وقع الأرنب في شرك ، فصاح : النجدة .
وعلى الفور ، أقبل أسد ، وخلصه من الشرك ، ثم قال : والآن أريد الثمن .
ومدّ يديه ، وأمسك بالأرنب ، وقال : والثمن .. هو أنت .

" 73 "
الشرارة
أوت البستان شرارة ، أعجبها منها دفأها وضياؤها ، وسرعان ما استعرت الشرارة ، وصارت شعلة نار ، راحت تأكل أشجار البستان الواحدة بعد الأخرى ، حتى أتت عليها جميعاً ، ثم .. ماتت .


" 74 "
إجماع
حطّ الغراب ، وسط حشد من الغربان ، ينصتون إلى البلبل ، وهو يغرد إحدى أغاريده .
وما إن انتهى البلبل من أغرودته ، حتى أشاح الغراب عنه ، وقال : إن أنكر صوت في الغابة صوت البلبل .
وبالإجماع نعب الغربان : صدقت .


" 75 "
الغابة الأولى
خرج الأيل يوماً من الغابة ، وطاف طويلاً في الغابات البعيدة ، وحين تقدم به العمر ، عاد إلى غابته .
لم يعرف الأيل أحداً ، ولم يعرفه أحد ، فعاد يطوف من جديد ، في الغابات البعيدة ، لعله يعثر يوماً على غابته الأولى .



" 76 "
الأسد
تمدد الأسد ، تحت الشجرة ، يغالب النعاس ، وأقبل الشبل قائلاً : أبتي ، إنني جائع ، هيا نصطد .
وتثاءب الأسد ، وقال : أجلس ، يا بنيّ ، فالصيد من واجب اللبوة والذئب وابن آوى .
وجلس الشبل إلى جانب أبيه ، وتساءل : ونحن ، ماذا نفعل ؟
فأغمض الأسد عينيه ، وقال : نحن ، يا بنيّ ، نأكل ونشرب و.. نحكم .

" 77 "
الكلاب
طارد الأسد والشبل حماراً ، وكادا يطبقان عليه ، حينما برز عدد من الكلاب الوحشية ، فتوقف الأسد ، ومعه توقف الشبل .
ونبحت الكلاب الوحشية ، وتراجع الأسد ، فقال الشبل : أبتي ، إنهم مجرد كلاب .
فقال الأسد ، وهو يمضي مبتعداً : لا أريد أت يقال ، أنني قاتلت كلاباً ، هيا يا بنيّ ، هيا .





" 78 "
عدالة الأسد
ذهبت الأفعى إلى الأسد ، وقالت متظلمة : مولاي ، أكاد أموت من الجوع.
فردّ الأسد قائلاً : الطعام كثير في الغابة ، اذهبي وكلي ما تشائين.
وقالت الأفعى : لكن القنفذ يمنعني من الوصول إلى طعامي .
فغضب الأسد ، وأمر بقتل القنفذ .


" 79 "
الثور
فوجئت الدودة بثور ضخم يصيح بها :أيتها الدودة ، يقال أن في هذا الحقل وردة حمراء ، دليني عليها ، فأنا كما تعرفين ، لا أميز الألوان .
وتحينت الدودة فرصة ، وهربت متوارية تحت الأرض ، فجن الثور غضباً ، وصاح : فلآكل الورود جميعاً ، مادام بينها وردة حمراء .



" 80 "
الأسد والضبع
أقبل الشبل فرحاً على أبيه ، وقال : سمعت الضبع اليوم يمتدحك ، يا أبتي.
وبدل أن يفرح الأسد ، عبّس ، وقال : الضبع يمتدحني ! لابد أن أراجع نفسي ، لعلي أخطأت مؤخراً .

" 81"
الجائزة الأولى
جرت مسابقة للأغنية في الغابة ، فغنى الكروان عن الربيع ، وغنى البلبل عن الحب ، وغني الغراب عن الأسد ، وغنت الحمامة عن السلام ، و .. و .. وبإجماع المحكمين الرسميين ، فاز الغراب بالجائزة الأولى .

" 82 "
الاستعراض
وقف الأسد يستعرض قطعان غابته ، وفجأة صاح : قف .
ووقف الجميع ، فصاح الأسد ثانية : إلى الوراء در .
وبحركة واحدة ، دار الجميع إلى الوراء ، فصاح الأسد : عادة سر ..يمين .. يمين .. يمين .

" 83 "
برونز
من البرونز ، أبدع الفنان فتاة ، ورغم جمال الفتاة ، ظلت برونز .

" 84 "
هولاكو
أراد هولاكو أن يذكره التاريخ ، وقد ذكره التاريخ ، وسيذكره دوماً ، بأنه هو من أغرق الكتب في نهر دجلة .

" 85 "
أنت حرّ
عمل حمار في خدمة بائع متجول مدة طويلة ، وحينما هرم ، وأصبح عاجزاً عن حمل الأثقال ، فكّ البائع المتجول قيوده ، وقال : سامحني إذ استعبدتك هذه المدة ، أنت حرّ الآن ، ويمكنك أن تمضي حيثما تشاء .

" 86 "
نصيحة
رأيت ميما يرى النائم اليوم ، رفيقي الراحل جمعة ، قال لي : أريد أن أعود إلى الحياة .
ولأني أعرف ما لم يعرفه ، نصحته قائلاً : لا يا رفيقي ، ابق ميتاً؟


" 87 "
الحرب
أصاب قناص ظلي بإطلاقة ، فأرداه قتيلاً ، وحفر رفاقي حفرة ، وسجوا ظلي فيها ، وألقى كلّ منهم فوقه زهرة برية، وقبل أن يردموا الحفرة ، أسرعت ورقدت إلى جانب ظلي .

" 88 "
شمعة لأبي
ضمتني أمي في العتمة ، وهمست مذعورة : بنيّ ، لا تشعل شمعة في الليل ، فقد يراك جند هولاكو ، ويقتلونك ، مثلما قتلوا أباك .
وحالما أغفت أمي ، تسللت إلى ميدان المدينة ، تحت جنح الظلام، وأشعلت شمعة لأبي .

" 89 "
حب
رغماً عني ، تقدم ظلي منها ، وقال : أحبك .
نظرت إليّ ، وعيناها العسليتان تقولان : اخجل ، أنت كهل .
ووقفت حائزاً ، لا أدري كيف أفهم عينيها العسليتين ، بأن ظلي لم يكتهل ، وأنه مازال يستطيع أن يحب .



" 90 "
شجرة التوت
نمت شجرة توت ، وسط باحة السجن ، وسرعان ما جاء عصفور ، وبنى عشه بين أغصانها .
ولاحظ مدير السجن ، أن سجيناً عجوزاً ، يطل من نافذة زنزانته، كلّ يو

" 91 "
ليل الغابة
في الليل ، جلسا متلاصقين ، يلفهما الصمت والظلام . ومن بعيد ، وعبر الأحراش الملتفة ، إلتمع للحظة ، شعاع من الضوء.
فزّت قائلة : ارأيت ؟
إلتمعت عيناه ، وقال : ضوء .
قالت بانكسار : هذا يعني ، إننا في ظلام مطبق .
فردّ قائلاً : لا ، بل يعني ، أنّ هناك ضوء


" 92 "
الملك يبني
استدعى الملك الجديد الحكيم ، وقال : أريد بنّاء .
انحنى الحكيم للملك ، وقال : يبدو أنك ، يا مولاي ، ستبني مكتبة.
فردّ الملك قائلاً : سأبنيها ، لكن ليس الآن .
وانحنى الحكيم ثانية ، وقال : آه .. المستشفى .
قال الملك : سأبني المستشفى ، لكن ليس الآن .
ولاذ الحكيم بالصمت ، فقال الملك : أنا لي أعداء ، وأعدائي هم أعداء الوطن ، استدع البنّاء ، لابد أن أبدأ فوراً ببناء .. السجن .

" 93 "
الزهرة
على حافة الطريق ، رأى الرجل العجوز صباحاً ، زهرة صغيرة ، تفتحت مع الفجر ، فتوقف يتأملها فرحاً ، مبهوراً .
وتناهت إليه أصوات أطفال ، مقبلين من بعيد ، وخاف أن يرى أحدهم الزهرة ، ويقطفها ، فمد يده إلى الزهرة ، وقطفها ، وواصل طريقه .
وقبل منتصف النهار ، ذبلت الزهرة ، فرماها الرجل العجوز ، دون أن يتوقف ، فوق كومة من الأعشاب الميتة .


" 94 "
النباح
أفاق الملك منزعجاً ، فخف إليه رئيس الحرس ، وقائد الجند، والمستشار .
قال الملك : أسمع نباحاً .
فرد رئيس الحرس : ذلك عبد ، يا مولاي .
وقال المستشار : إنه ينبح قائلاً : أنا إنسان .
فنظر الملك إلى قائد جنده ، وقال : هذه سابقة خطيرة ، أسكتوه .
وفي طول البلاد وعرضها ، لم يعد أحد يسمع ، ذلك النباح مرة أخرى .


" 95 "
التفاحة
عاد الحطاب العجوز من الغابة ، يحمل حزمة من الحطب. وعلى جانب الطريق ، رأى شجرة تفاح ، تتوهج في أعلاها تفاحة كبيرة ، ناضجة .وتمنى لو يحصل على هذه التفاحة ، ليأخذها إلى حفيده .
وعلى الفور ، وضع الفلاح العجوز حزمة الحطب جانباً ، وبكلّ ما يملك من قوة ، هزّ الشجرة ، فلم تسقط التفاحة . ورجم الشجرة بالحجارة ، ومرة أخرى لم تسقط التفاحة ، فأخذ فأسه ، وقطع الشجرة ، وحصل على التفاحة، وسرعان ما حمل حزمة الحطب ، ومضى فرحاً إلى حفيده .

" 96 "
ليلى والتفاحة
قبيل المساء ، عاد الأطفال إلى بيتهم ، عدا ليلى التي بقيت تلعب وحدها في الزقاق .
وأقبل رجل عجوز ، يحمل كيساً صغيراً ، مليئاً بالتفاح .وتوقف على مقربة من ليلى ، وقد جحظت عيناه ، ثم تهاوى بصمت على الأرض . وتناثر التفاح هنا وهناك ، فأسرعت ليلى ، وجمعت التفاح في الكيس ، ووضعته برفق قرب الرجل العجوز. ومن بين التفاح ، أطلت تفاحة نصفها أصفر ، ونصفها الآخر أحمر ، فمدت ليلى يدها ، وأخذت التفاحة ، ومضت بها إلى البيت .


" 97 "
الباب
عند منتصف الليل ، سمعت طرقاً على الباب ، اعتدلت في فراشها ، لعله هو ، نعم قد يكون هو . وكالعادة هبّت من مكانها ، وانطلقت متوكئة على شيخوختها ، وفتحت الباب ، وكالعادة لم تجد غير العتمة .
وعادت إلى فراشها ، وعيناها غارقتان بالدموع ، وقررت أن لا تفتح الباب مرة أخرى ، حين تسمعه يطرق ، فحفيدها ذهب ، ولن يعود .
ولم تكد تضع رأسها المتعب على الوسادة ، وتغفو قليلاً ، حتى سمعت من جديد طرقاً على الباب ، وبدون تردد ، هبّت من مكانها ، وانطلقت متوكئة على شيخوختها ، نحو الباب .

" 98 "
الخاتم
رحب الصائغ العجوز بي على عادته قائلاً : أهلاً ابنتي .
وقدمت له الخاتم مترددة ، ثم قلت : هذا آخر قطعة .
وحدق الصائغ العجوز في الخاتم ، وقال : خاتم الزواج .
فهززت رأسي ، دون أن أتفوه بكلمة . ووضع الصائغ العجوز الخاتم في الميزان ، وهو يتساءل : ما أخباره ؟ زوجك .
أجبته : لا جديد .
وتراءى لي ، وهو يضع الخاتم في إصبعي ، كنت وقتها في حدود الثلاثين ، وها إني أتجاوز الثالثة والأربعين .ورفع الصائغ العجوز الخاتم من الميزان ، ثم قال : ثمنه يا ابنتي ..
وقبل أن ينطق بثمنه ، مددت يدي إليه ، وقلت : أرجوك ، أعطنيه ، الخاتم .
ونظر الصائغ العجوز إليّ مندهشاً ، فقلت : لا أستطيع بيعه .
أخذت الخاتم من الصائغ العجوز ، وعدت إلى البيت ، يا لحمقي، كدت أبيعه ، كدت أبيع الخاتم ، ترى ماذا يمكن أن أقول له ، حين يعود يوماً من الأسر ولا يجد خاتمه في إصبعي ؟


" 99 "
تيمورلنك
عند منتصف الليل ، هزّ تيمرلنك القصر بصياحه : أيها الحرس .
وفي لمح البصر ، كان الحرس يركعون أمامه ، فصاح بهم ، وجلاده يقف كالصنم خلفه : هاتوا جحا حالاً .
وأسرع الحرس ، وأتوا بجحا ، وألقوه عند قدمي تيمرلنك ، فحدق فيه ، ثم قال متسائلاً : ما إسمي يا جحا ؟
وفغر جحا فاه ، ثم قال : مو.. مو .. لاي .. اسمك .. تيمرلنك .
فقال تيمرلنك : ليس اسمي عندك إذن .. أعوذ بالله .
وندت عن جحا شهقة رعب ، وصاح : مولاي ، إنني لا أجرؤ على مجرد التفكير في أمر كهذا .
وحدق تيمرلنك فيه ، وقال : أعرف .
وأشاح بوجهه عنه ، وصاح : أيها الجلاد .
وتقدم الجلاد ، وقال : مولاي .
فقال تيمرلنك : اقطع رأسه .


" 100 "
موندراما
يا للناس ، لقد تغيروا تماماً ، وكاد يتلاشى ما توارثوه من قيم ومثل وأخلاق ، إن الأعداء يتحدون ، في كلّ لحظة ، مشاعرنا ، والكلّ مخدرون ، نيام .
هذا ما تحدثت به .. وتحدثت .. وتحدثت .. إلى زوجتي ، دون أن تلتفت إليّ ، أو تنبس بكلمة ، وأخيراً نهضت ، واندست في الفراش .
ونهضت بدوري ، واندسست إلى جانبها ، وأنا مازلت أتحدث .. وأتحدث .. وأتحدث ، وأخيراً التفتت زوجتي ، وحدقت فيّ ، فصحت بها منفعلاً : لم أتناول حبة الدواء ، ولن أتناولها .
ونهضت زوجتي ، وجاءتني بحبة الدواء ، فأخذت الحبة منها ، دون أن أنبس بكلمة ، وبلعتها .
ووضعت رأسي على الوسادة ، وقد كففت عن الحديث ، وشيئاً فشيئاً نسيت الأعداء ، وتحديهم لمشاعرنا ، و .. استغرقت في نوم عميق .

" 101 "
الرقم خطأ
على جمر الأرق ، أتلوى وحيداً ، في حلكة هذا الليل ، وكلّ ما حولي ، وكلّ ما في داخلي ،صحراء لا نهاية لعا ، يلفها صمت القبور .
وكما تتوق الصحراء إلى قطرة ندى ، تقت إلى صوت إنسان ، يبلل صمت صحرائي ، لعل بذرة حيّة تستيقظ في داخلي ، وأغفوا على إيقاع تنفسها ، وأرتاح ولو للحظات .
ومددت يدي الموات ، ورفعت سماعة التلفون ، وأدرت رقماً لا على التعيين .ومن بعيد ، ربما من مجرة أخرى ، جاءني صوت فتاة ، يخاطبني برقة : الرقم خطأ ، يرجى إعادة الطلب ..
واستيقظت في داخلي أكثر من بذرة ،فوضعت سماعة التلفون على وسادتي ، وأغمضت عينيّ . وسرعان ما غفوت ، وصوت الفتاة يخاطبني برقة : الرقم خطأ يرجى إعادة الطلب ، الرقم خطأ يرجى إعادة الطلب ، الرقم خطأ ..

" 102 "
الموبايل
كلّ صباح ، يخرج من البيت ، حاملاً كتبه ، متوجهاً إلى الكلية ، وتجلس في فراشها ، كلّ صباح ، وإلى جانبها الموبايل .
وعند كلّ انفجار ، قريب أو بعيد ، يخفق قلبها في صدرها كالعصفور الذبيح ، فتأخذ الموبايل ، وبيدين مرتعشتين ، ترمّش له ، وتنتظر على أحر من الجمر.
ويهدأ العصفور في صدرها ، عندما تسمع صوته في الموبايل : ماما ،اطمئني ، الانفجار بعيد .
واليوم ، صباحاً ، فزّت على انفجار هزّ المدينة ، وانتفض العصفور الذبيح في صدرها ، ومدت يديها المرتعشتين إلى الموبايل ، الويل لي ، كيف غفوت هذه المرة ؟ ورمّشت له ، وانتظرت ، ورمّشت ثانية وثالثة و .. لكن الموبايل ظلّ صامتاً .
ليبق الموبايل بعيداً عنها ، وصامتاً ، فلن ترمّش به مرة أخرى ، مهما دوّت الانفجارات في أرجاء المدينة .



" 103 "
الصورة
فزّت حين هتفت عريفة الحفل باسمها ، تدعوها للصعود إلى المنصة ، وهبت واقفة ، وقد تراءى لها ، أنه يهتف باسمها ، عبر ركام السنين المنصرمة .وصعدت المنصة ، تنوء بأكثر من خمس وستين سنة من سني الصبر والجفاف . ووضعت عريفة الحفل " الباج " على صدرها ، ومعه وضعت على خدها ، قبلة منداة بالحب والدموع .
شكرتها المرأة بكلمات فرحة دامعة ، وبدل أن تنزل ، عائدة إلى مكانها ، اتجهت إلى صور الشهداء ، المعلقة في صدر المنصة ، متأملة إياها الواحدة بعد الأخرى .
فتطلع إليها ، وسألها بصوت هامس : عمن تبحثين ؟ ابنك ، حفيدك ؟
أجابت ، وهي مازالت تتأمل الصور : لا .
وأضافت : زوجي .
وتوقفت أمام إحدى الصور ، وقالت : تعال أنظر .
واقترب منها ، ونظر حيث تنظر ، وإذا شاب لم يتجاوز العشرين إلا بقليل ، ينظر إليها عبر زجاج الصورة ، وتنهدت المرأة ، وقالت : عندما اغتيل ، في بداية الستينيات ، كان عمري عشرين سنة ، ولم نكن قد عشنا معاً أكثر من سنتين .
لاذ بالصمت ، والمرأة مازالت تتأمل الصورة ، لقد مرت أكثر من أربعة عقود ، تعبت خلالها ، وشاخت ، لكن زوجها مازال يعيش في داخلها شاباً ، كما في الصورة


" 104 "
ليل

دقّ الجرس ، فنهضتُ من فراشي ، وأسرعتُ إلى الباب ، وفتحته ، لكني لم أجد غير الليل ، فعدتُ إلى فراشي ، وقاومتُ النوم حتى الصباح ، أنتظر أن يدق الجرس ثانية ، رغم أني أعرف ، أنني لن أجد وراء الباب ، غير الليل .

" 105 "
الخروج
أوقفوه عند الحدود ، وسأله الضابط : ماذا تحمل ؟
فأجاب : لا شيء .
وحدق الضابط في ملف كان أمامه ، ثم رفع عينيه إلى مساعده ، وقال : خذه .
وأخذه المساعد إلى غرفة داخلية ، وفتح جمجمته ، وأفرغ ما فيها ، ثم عاد به إلى الضابط ، وقال : سيدي ، أجرينا اللازم .
وأغلق الضابط الملف ، وقال دون أن ينظر إليه : الآن يمكنك .. الخروج .

" 106 "
البلبل يعلن الحرب
أعلن البلبل ، في إحدى أغاريده ، الحرب على البومة، لإغاراتها الليلية المستمرة على العصافير والبلابل والطيور الصغيرة الأخرى .
وهزّت بعض الطيور رؤوسها ، وقهقه البعض ساخراً ، وصاح الوقواق : جُنّ البلبل .
لكن البومة لم تهز رأسها ، ولم تقهقه ساخرة ، بل قطبت، وقالت : البلبل خطر على الغابة ، لابدّ أن أسكته، وأسكت أغاريده .

" 107 "
ما فائدة القرون
التقى أيل عجوز بأيل فتيّ ، يسير متباهياً بقرونه المتشابكة القوية ، فسأله : بنيّ ، ما فائدة هذه القرون ؟
فردّ الأيل الفتيّ قائلاً : لأدافع بها عن نفسي وعن الآخرين .
وهنا ارتفع صوت أيّلة تستغيث : النجدة ، الذئب .
جمد الأيل الفتيّ ، وقال الأيل العجوز : هذه أيلة في خطر .
وهبّ الأيل الفتيّ ، وقرونه تشمخ فوق رأسه ، وانطلق مبتعداً عن مصدر الاستغاثة .

" 108 "
الضبع
تهالك الضبع العجوز ، في طرف المرج ، وقد تدلى رأسه المتعب ، بين قدميه الأماميتين . وأغمض عينيه ، وغشيه ما يشبه الإغماء . ومن أعماقه نهض شيئاً فشيئاً، مرج واسع ، أخضر ، مندّى ، مليء بالغزلان والحمر الوحشية والأسود ، وضباع تضجّ بالحيوية والحياة .
وداهمته ضجة عالية ، لم يدر ِ أهي قادمة من أعماقه ، أم من مكان ما من .. مرج الشيخوخة .
ورفع رأسه المتعب ، وقبل أن يعرف الحقيقة ، سحقه وحيد قرن ضخم ، كان يهرب مما لا يدريه ، إلى مكان لا تبصره عيناه الكليلتان .




" 109 "
الجندي
عاد من الحرب ، فارغاً ، مهلهلاً ، مهزوماً ، تاركاً جثته وسلاحه المهان ، في أرض المعركة . وفي ساحة المدينة ، رأى عسكرياً ضخماً ، تتدلى الأوسمة فوق صدره ، يحيط به حرسه المدججون بالسلاح ، فانتفض حربة ماضية ، وانقض عليه ، مخترقاً منه .. القلب .

" 110 "
النهر
دقّ جرس الهاتف ، في آخر الليل ، رفعتُ السماعة ، وقلتُ :
ـ ألو .
ـ مرحباً .
ـ أهلاً خالد .
ـ البقية في حياتك .
ـ من ؟
ـ سالم .
ـ لا ، يا يوسف .
ـ انتحر قبل أيام .
ـ انتحر !
ـ وجدوه في قاع النهر ، بعد أن خفّ الفيضان .
ـ آه ، قال لي ، قبل أيام ، إنه يصاب بالرعب ، حين يعبر الجسر ، وخاصة عند فيضان النهر .



" 111 "
الهاتف
أفقتُ عليه ، بعد منتصف الليل ، يهبّ من الفراش ، متمتماً : الهاتف .
واعتدلتُ لأعلمه ، أنّ الهاتف مازال عاطلاً ، لكنه فتح الباب ، وهبط مسرعاً إلى الطابق الأول .
عاد بعد قليل ، وعيناه تتقادحان في العتمة . هربتُ بعيني من عينيه ، دون أن أجرؤ على النطق بكلمة ، فقال : لم تسأليني من كان على الهاتف .
نظرتُ إليه صامتة ، وقد أخرستني نبرته المتهمة ، فتابع قائلاً : زيد .
وتدفقت بكلمات تخنقها الدموع : أقسم لك للمرة الألف ، إنني لم أعرف زيد هذا يوماً .
واندس في الفراش ، إلى جانبي ، وقال : كان خطيبك .
وقلتُ وكأني أقسم له : لم يكن خطيبي ، لقد خطبني ، ورفضه أبي .
وقال مؤكداً : رفضه أبوك .
وأكدت له قائلة : ما يرفضه أبي أرفضه أنا .
وتمدد متوجعاً ، وسحب الفراش فوق وجهه ، وهو يتمتم : أعرفه .. هذا اللعين .. شاب .. وسيم .. جذاب .. ساحر .. آه .
مرت دقائق ، انقطعت خلالها أنفاسه ، يبدو أنه نام ، نعم، لقد نام .
انسللتُ من الفراش ، ونزلتُ إلى الطابق الأول ، وبهدوء رفعتُ السماعة ، وأنصتّ ُ ، كان التلفون ما زال عاطلاً.
ندت حركة خلفي ، فالتفتُ مرعوبة ، وإذا هو يقف في مدخل الغرفة ، وعيناه تتقادحان : آه ، أرعبتني .
تقدم نحوي ، دون أن ينطق بكلمة ، ويداه المتشنجتان تمتدان إلى عنقي .

" 112 "
الرصاصة
استيقظ مبكراً ككل يوم ، وككل يوم تناول فطوره ، وارتدى ملابسه ، وحمل سلاحه ، وخرج نشيطاً ، معطراً ، ممتلئاً بالثقة والحيوية .
وعند الباب الخارجي توقف ، فقد تناهى إليه صوت يحذره : أيها القاتل ، لا تخرج ، وإلا قتلت .
تلفت حوله ، وأصاخ السمع ، إنه وهم ، نعم ، وهم .وهمّ أن يواصل سيره ، لكنه تسمر في مكانه ، فقد سمع الفحيح ثانية : أيها القاتل ، حذار .
لم يخرج ، في ذلك اليوم ، ورغم إلحاح مسؤوليه وأصدقائه وأهله ، بقي في البيت ، لا يبرحه . ووقف ليلاً عند النافذة ، يحدق في النجوم ، وإذا رصاصة ، تنطلق من الظلام ، وتخترق رأسه .
في اليوم التالي ، وجدوه متكوماً عند النافذة ، وليس في جسده خدش واحد .

" 113 "
زياد
أيقظتني ، عند منتصف الليل ، نقرات خافتة على الباب . فاعتدلت منصتة ، لا شيء سوى البرد ، والصمت ، والظلام . وعبثاً حاولت أن أعرف ، إذا كان ما سمعته في الحلم أم في الواقع .
نهضت حائرة ، ونزلت السلم متسللة إلى الباب . ووقفت منصتة ، وإذا زياد يهمس لي عبر الباب : نادية .
وفتحتُ الباب ، فرأيته بملابسه العسكرية ، يقف مرتجفاً في الظلام ، فهتفتُ : زياد
ومرق إلى الداخل مغمغماً : ما أبرد الجو اليوم .
وأغلقتُ الباب ، ولحقت به هاتفة بصوت خافت : مهلاً ، سأوقظ والداك ، إنهما ينتظراك .. مثلي .
وقاطعني قائلاً ، وهو يرتقي السلم إلى غرفتنا : إنني متعب ، تعالي ، أريد أن أرتاح إلى جانبك .
وتوقفت لحظة ، يا إلهي ، أهذا حلم ؟ لقد قُتل زياد في الجبهة ، أو فُقد ، هذا ما قالوه لنا . ولحقتُ به إلى غرفتنا، ففتح يديه لي هامساً : ناديه .
لم أشعر بيديه تطوقاني ، فحدقتُ فيه ، وقلتُ : زياد ، قالوا لنا إنك قتلت في الجبهة أو ..
ودفعني كالعادة إلى الفراش ، وقال : دعك منهم ، إنني مشتاق إليك .
أفقتُ صباحاً على أم زياد ، تناديني بصوتها الشائخ الحزين : نادية ، الفطور جاهز .
وأيقظته هامسة : زياد ، انهض ، فطورك جاهز .
فأجابني ، وهو يضمني إلى صدره : إنني لا أحتاج الفطور ، وإنما أحتاجك أنت ، ابقي إلى جانبي .
ونادتني أم زياد ثانية : نادية ، انزلي يا بنيتي ، الفطور سيبرد .
ودفنتُ وجهي في صدره ، ليبرد الفطور ، لن أنزل ، وسأبقى حتى النهاية إلى جانب .. زياد .

" 114 "
الرسالة
أفاق الأسد ، والجوع ينهش معدته ، وفوجيء بغزالة فتية ، مكتنزة ، مطروحة على مقربة منه . ونظر إلى لبوته متسائلاً ، فقالت : جاء بها ذئب من الذئاب ، الذين حلوا في طرف الغابة .
ومن بعيد ارتفع عواء ذئب ، وسرعان ما تردد صداه في أرجاء الغابة . وقطب الأسد قائلاً : هذه رسالة ، يريدون موطيء قدم في غابتي ، لكن هيهات .
ووقف الأسد على مرتفع ، ورفع رأسه ، وزأر بأعلى صوته : آآآآآ .
ولابد أنّ الذئاب فهموا الردّ على رسالتهم ، فقد ولوا الأدبار ، دون أن يلووا على شيء .





" 115 "
الخروج إلى الليل
نامت زوجتي ، ونامت ابنتي ، وكذلك ولداي . لقد انتصف الليل ، وبقيتُ كالعادة أنتظره ، متوجعاً ، وإن كنت في أعماقي ، آمل أن يؤجل مجيئه ، ولو يوماً آخر.
ودُفع الباب ، ربما قبيل الفجر ، ورغم عتمة الغرفة ، عرفته . وتوقف قرب سريري ، وقال : انهض .
ورفعتُ عينيّ المتعبتين إليه ، وأجبته : لا أستطيع ، إنني كما تعرف ..
ومال عليّ ، وقال : جئتُ لآخذك ، انهض .
نهضتُ ، كأني لم أرقد في فراشي ، طوال أشهر عديدة ، وخرجتُ معه إلى الليل .

" 116 "
ملك الغابة
رافق ملك الغابة ، في أرذل عمره ، حماراً عجوزاً. وأعطاه كلمة ملك ، أن لا يؤذيه ، مهما كانت الظروف . واشتدت الظروف على ملك الغابة ، فقد مرت عليه أيام عديدة ، لم يستطع خلالها ، أن يصطاد ما يسدّ به جوعه.
وأوشك على الهلاك جوعاً ، وهو يرى رفيقه الحمار ، الذي يعيش في حمايته ، يرعى طول النهار ، وينام ليلاً ملء جفونه .
وذات ليلة ، أيقظ ملك الغابة رفيقه الحمار العجوز ، وقال له : أيها الرفيق العزيز ، أنجدني ، أكاد أموت من الجوع .
وردّ الحمار مندهشاً : عجباً ، الغابة مليئة بالطرائد ، اصطد غداً طريدة ، وكل منها حتى تشبع .
واعتدل ملك الغابة قليلاً ، وقال : لكني يا رفيقي ، لم أعد أقوى على الصيد .
وحدق الحمار فيه ، وتساءل بشيء من الخوف : ماذا تعني ؟ آه ، فهمت ، تريد أن تأكلني ،لكنك رفيقي ..
ولم يكمل الحمار كلامه ، فقد لطمه ملك الغابة لطمة قوية ، طرحته على الأرض . وفي اليوم التالي ، أفاق الحمار العجوز ، وتلفت حوله مذهولاً ، ثم مضى إلى الخارج ، لكنه لم يعثر للأسد على أثر .







الفهرست
ــــــــــــــــــ
1 ـ طفل
2 ـ فوق المصطبة
3 ـ الأرض تدور
4 ـ حب
5 ـ الحرب
6 ـ الظلال الأربعة
7 ـ الظل العجوز
8 ـ ظلان باتجاه الشمس
9 ـ الظل المرح
10 ـ التنين
11 ـ أنا الذي أرى
12 ـ إنسان من هذا العصر
13 ـ البئر
14 ـ المطر وهي
15 ـ الرمال المتحركة
16 ـ غفوة
17 ـ يوم ممطر
18 ـ لماذا ال .. لا ؟
19 ـ هذه الكلمة الحلوة
20 ـ اللغم
21 ـ الكابوس
22 ـ الغراب
23 ـ الكبش
24 ـ الخروج
25 ـ قطرة ماء
26 ـ الغيمة والفلاح
27 ـ وطن السنونو
28 ـ حب !
29 ـ أنت شبل
30 ـ الصفصافة المزهرة
31 ـ وعمّ السلام الغابة
32 ـ حيرة
33 ـ الثعلب
34 ـ الحاكم
35 ـ الحمار يتظلم
36 ـ إنها أفعى
37 ـ الأيل وقرونه الضخمة
38 ـ العقاب
39 ـ الأفعى والبلبل
40 ـ رأي آخر
41 ـ الغيمة الجميلة
42 ـ جمال دسم
43 ـ البلبل والقمر
44 ـ ما أطيبه
45 ـ ارنب لا
46 ـ البلبل والغراب
47 ـ أزهار الحزن
48 ـ قمر فوق الغابة
49 ـ عقاب
50 ـ قلق
51ـ دبدوب والنحلة
52 ـ الملك
53 ـ الديك والثعلب
54 ـ البلبل و الأسد
55 ـ يحيا الملك
56 ـ زهرة التفاح
57 ـ بعد المعركة
58 ـ البلبل
59 ـ بشرى !
60 ـ أسد نباتي
61 ـ العصفور
62 ـ الأسد والحمل
63 ـ لا تلوميني
64 ـ الفراشة والنار
65 ـ رأي الدب
66 ـ خطيئة الحمل الأولى
67 ـ نحن ارانب
68 ـ المنتظر
69 ـ أغرودة أبي
70 ـ الكلاب الوحشية
71 ـ الثمن
72 ـ الشرارة
73 ـ إجماع
74 ـ الغابة الأولى
75 ـ الأسد
76 ـ الكلاب
77 ـ عدالة الأسد
78 ـ الثور
79 ـ الأسد والضبع
80 ـ الجائزة الأولى
81 ـ الاستعراض
82 ـ برونز
83 ـ هولاكو
84 ـ أنت حر
85 ـ نصيحة
86 ـ الأرض كروية
87 ـ شمعة لأبي
88 ـ شجرة التوت
89 ـ غفوة
90 ـ ليل الغابة
91 ـ الملك يبني
92 ـ الزهرة
93 ـ النباح
94 ـ التفاحة
95 ـ ليلى والتفاحة
96 ـ الباب
97 ـ الخاتم
98 ـ تيمورلنك
99ـ مونودراما
100 ـ الرقم خطأ
102 ـ موبايل
103 ـ الصورة
104 ـ ليل
105 ـ الخروج
106 ـ البلبل يعلن الحرب
107 ـ ما فائدة القرون ؟
108 ـ الضبع
109 ـ الجندي
110 ـ النهر
111 ـ الهاتف
112 ـ الرصاصة
113 ـ زياد
114 ـ الرسالة
115 ـ الخروج إلى الليل
116 ـ ملك الغابة



#طلال_حسن_عبد_الرحمن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية للفتيان الملكة كوبابا ط ...
- مطاردة حوت العنبر
- سيناريوهات قصيرة قيس وزينب طلال حسن
- سيناريو عرس النار طلال حسن
- علي بابا
- رواية للأطفال الثعلب العجوز ...
- رواية للأطفال بيت بين الأشجار ...
- رواية للفتيان روح الغابة طلال حسن
- مسرح صفحات مطوية من الحركة المسرحي ...
- قصص للأطفال عصافير من مخيمات نينوى ...
- رواية للفتيان شبح الاهوار ...
- مسرحية للأطفال الكبش الأحمق طلال حسن
- قصة للأطفال شيشرون ...
- صندوق الدنيا طلال حسن
- قصة للأطفال ماما قصة : طلال ح ...
- الدبة الصغيرة
- الاوركا الحوت القاتل ...
- حوارات مع أديب الأطفال ... طلال حسن
- رواية للفتيان مرجانه ...
- قصص للأطفال عصر الديناصورات ...


المزيد.....




- رشاد أبو شاور.. رحيل رائد بارز في سرديات الالتزام وأدب المقا ...
- فيلم -وحشتيني-.. سيرة ذاتية تحمل بصمة يوسف شاهين
- قهوة مجانية على رصيف الحمراء.. لبنانيون نازحون يجتمعون في بي ...
- يشبهونني -بويل سميث-.. ما حقيقة دخول نجم الزمالك المصري عالم ...
- المسألة الشرقية والغارة على العالم الإسلامي
- التبرع بالأعضاء ثقافة توثق العطاء في لفتة إنسانية
- التبرع بالأعضاء ثقافة توثق العطاء في لفتة انسانية
- دار الكتب والوثائق تستذكر المُلهمة (سماء الأمير) في معرضٍ لل ...
- قسم الإعلام التطبيقي بكليات التقنية العليا الإماراتية والمدر ...
- نص من ديوان (ياعادل) تحت الطبع للشاعر( عادل جلال) مصر.


المزيد.....

- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طلال حسن عبد الرحمن - قصص قصيرة جداً أنا الذي رأى طلال حسن