أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد الله خطوري - تَازَا أَرْضُ آلْمِيعَاد















المزيد.....

تَازَا أَرْضُ آلْمِيعَاد


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7993 - 2024 / 5 / 30 - 06:12
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


●سرد واحد :
مايو أيار الشهر الخامس من دورة الحول الميلادية ذكرى غير مستحبة في تاريخ مدينة تازا، إذ فيه توغلت القوات العسكرية الفرنسية في تضاريسها قادمة من جهة الشرق حيث مستعمرتها الأخرى ومن جهة الغرب أين تمكنت من فرض هيمنتها على ربوع البلاد، ليتسنى لها بهذا الاختراق الجمع بين مغرب الشرق ومغرب الغرب أو ما سموه هم أنفسهم ب : jonction, à Taza, du Maroc occidental et du Maroc oriental وذلك عام ١٩١٤.. كانت القوات الفرنسية ومعها قوات أجنبية من مستعمراتها (جزائريين وسينيغاليين) (٢) تشن هجمات متتالية على المنطقة بآسم التهدئة فآحتلت تازا رسميا في 17 ماي 1914، وهي آخر المناطق التي ستحتلها فرنسا في المغرب، مما يعكس شراسة مقاومة قبائل المنطقة التي آستمرت بعد ذلك بسنوات طويلة، وتمثلت في مهاجمة قوافل التموين ومداهمة مراكز الحراسة ليلا ومفاجأة الجنود بهجمات مباغتة كبدت العسكر الفرنسي وتابعيه عشرات القتلى، وقطعت عيون المياه النابعة من الأعالي التي تزود المدينة بالماء الصالح للشرب كشكل من اشكال المواجهة ( لنلاحظ هذا النوع الذكي من المعارك ) .. لكن الجنود الفرنسيين توغلوا في عمق جبل تازكا الواقع على آرتفاع ٢٠٠٠ متر على سطح البحر، فدارت معارك ضارية بمقاومة قبيلتي غياثة وآيت وراين أبرزها معركة تازكا التي خسر فيها العسكريون ما يناهز خمسين قتيلا، ولم يكتف الغزاة بمعركة تقليدية، بل استعملوا المدفعية الثقيلة( البلاندي ) وسلاح الطيران للسيطرة على الموقف الذي كاد ينفلت من بين أيديهم لولا تفعيل سياسة الأرض المحروقة في حق الأعالي العزل المسالمين، وربما يكون هذا التاريخ أو هذه الحيثيات هي الظروف العامة أو الخاصة لسقوط إحدى الطائرات العسكرية من صنع ذلك العهد من بداية القرن العشرين في بلدة (الفحص آيت بنعلي) التابعة الآن إداريا لقيادة تازرين تازا، وذلك بعد أن ألقمها أحد الأهالي ممن كان يطلق عليهم (العازيين) (٣) طلقة من سلاح (بوشفر) في أعالي بويبلان، فجعل ربانَيْها يبحثان عن مكان آمن صالح للنجاة بها وبجلدهم لتنزل نزولا اضطراريا بعد أن أودى اللهب الذي انتشر بها بجميع عتادها وعدتها، بل إن أحد الربانَيْن لقي حتفه محترقا والآخر سارعت القوات العسكرية المرابطة بمرتفعات إحدى القلع المبثوثة على العديد من قمم الهضاب المجاورة، الى إنجاده وأخذه بعيدا عن ساحة العراك ...

●سرد جوج :
ورغم الاختلاف الذي يمكن أن يُلاحَظَ في مروياااات أهل القرية والجوار، فإن جل الأقوال تجمع على وقوع الواقعة فعلا في أرض آلْ سيحَمُّو (دي تمورت آيتْ سيحَمُّو) أين جعلتْ كتلة اللهب المتطاير تتدحرج من مكان وقوعها باليابسة إلى جهة الوادي مندفعة بقوة الانحدار حتى بلغت رحبة واطئة شيئا ما، فرَسَا آهتزازُها هناك على مقربة شفير حافة الجرف الذي يفصل بلدة (الفحص) عن مقابرها .. ومنذ ذلك الوقت، تحول المجال تبدلت معالمه، فمِن أيكة مشجرة بعتيق زيتون معمِّر منذ عهد (آل وطاس) الذين عبروا البلاد فأكثروا فيها العمران والخمائل المظللة إلى بَطْحَة قرعاء تعاهد أصحابها على حرثها عبر مواسم الزرع لتعود إلى سابق عهدها دهماء طيعة رغم غزو تعرية مياه متساقطة كانت تعمل جهدها موسم إثر موسم تُرَحِّل الأتربة الغضة إلى الوادي فاسحة المجال لتربة شِسْتٍ هشة فقيرة تفعل فعلها الجاف في المحاصيل، ومع توالي السنين آزداد غور أغزر الوادي آتسع قعره بلغ من العرض مبلغا حمل معه مساحة غير قليلة من العَرَصَة التي آتخذها الفحصيون والعابرون مسلكا يعبرونه إلى ما وراء وادي وهدة بولرباح حيث منطقة تازرين والقلع وتابحيرت أومازوز وقبائل آلهضبات التي بالهضاب الأكثر علوا ... لقد تغير آسم المكان بعد ما حدث، فأصبح يحمل نعت "الطيارة" عوض المعصرة القديمة " تاسيرت تاقديمت" التي تُركتْ لشأنها معزولة في حِضن الرحبة تقاوم قوارع الزمن بعد أن تم الاستغناء عن وظائفها التليدة المتوارثة ... قد تختلف المرويااات تبعا لتنوع وتعدد قيلَ قالَ يَنَّاشْ ينَّاسْ يَنَّا وادْ يَنَّا وينْ تَنَّا تينْ ... لكن يظل الكل متفقا أن شيئا ذا خطورة بالغة وقع ذات لحظة فارقة من لحظات البلدة وجّه أنظار البراني لها .. لقد سخر الفرنسيس جل قواهم بالمنطقة كي لا تفلت من عقالهم حفرة قرية (الفحص) الهادئة بين الجبال هدوءا لا أمان له يثير المخاوف أكثر مما يثير الاطمئنان .. وضعوها تحت المراقبة والمياومة لا طير يطير لا بشر يتحرك إلا بإمرة الكونولير الأعظم (لاكْلينِيرْ آمقرانْ) .. إيلْ فُو كُوبي تُو لي شُومَانْ كي بُوفْ مُوني أو عازْيينْ هُورْ لاَلْوَى دُون لي مونْتانْيْ (٤) .. يجب قطع جميع الطرق والمسالك التي تربط البلدة بتواجد العصاة الخارجين عن القانون .. هذا لسانهم تلك تعليماتهم لا جدال لا لين لا مجال للمناورة .. قطعوا الإمدادات التي يمكن أن تصل إلى شعفات الجبال، بثوا أعين العسس والبصاصين، أطلقوا الآذان، أغدقوا الأعطيات، وزعوا ما وزعوا من شعير وكرسّانا البهائم ومؤن فرنسية رَفِيتَايْمُون لاستمالة الناس، سَهّلوا على البعض الإجراءات المخزنية، ضربوا صفحا عن بوگْليب جباية (الترتيب) .. لا بأس سي بَّا لا بِّينْ .. جعلوا من بعض الأعيان والأصهار وشركاء الدم خدما مقدمين أشياخا وقيادا مقربين تبادلوا والأهالي السلع في الأسواق، أدخلوا الفتية ذوي الطموح في صفوفهم أرسلوهم إلى (زُومي وزان أم قريصات) (٥) نجود الشرق ضفاف الشمال وسهوب الصحراء، مكنوهم من رواتب (ماندات) شهرية قارة ثابتة، خزنوهم في طائرات عملاقة ألقت بهم في ثلوج الروم والطوليان ومستنقعات لاندوشين كامبودج والفيتنام .. علّ الحفرة تكشف للأغيار سِر المتسللين إلى أحراشها في غيابات الظلمات دون جدوى .. ميسْيُون آنْ كُومْبْلِيتْ بُونْدْ دُو فْوايُو دانْديجينْ .. تُوسْ لي ميمْ ... (٦)

●سرد ثلاثا :
الحكاية، كنتُ أبحثُ بمعية أصدقاء أرياف الأعالي (زي تيمورانغ) عن طريق بوابة الافتراض، وكل في واقعه الخاص، عن كتاب فرنسي كَتبه فرنسي عاش غازيا هذه الأراضي قادما من المستعمرة الجزائرية، قضى بربوع منطقة (تازا) حقبة من الزمن وصف فيها حركات الجنود الفرنسيين في طريقهم إليها .. وبعد آطلاعي على مجمل صفحاته، تأكد لي قصور آطلاعنا على جل تواريخنا التي لم نكتب منها ولو سطرا واحدا مكتفين بآنطباعات الأجانب ومواقفهم الكوليانية .. لقد كانت المدينة بالنسبة لهم إتمام مهمة عسكرية على أكمل وجه، وإكمال ما تبقى من المستعمرات العالقة إلى الامبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس .. اهتمامنا الجماعي والفردي بالكتابة الكولوليانية التي كُتبت عن المغرب كان وما يزال نابعا من ما يمكن أن تلقيَه هذه المقاربات من ضوء على حقبة تاريخية حساسية جدا تشح فيها المعلومات والأخبار، فيتيه شغف بحتنا في بخت ظلام لا يبين بين مراجع تدعي لنفسها الإحاطة الشمولية الموضوعية بينما هي تسقط في لغو التكرار وإعادة المُعاد من الكلام الذي شبعت آذاننا سماعه طيلة مسيرة حياتنا في مدارسنا بشتى أسلاكها وفروعها التي لا تسمن ولا تغني من جوع في هذا المجال، لأن تواريخنا الخاصة تواريخ لم نكتبها نحن، بل كتبها الغير، والغير هذا إما (غير) داخلي أو (غير) براني؛ فأما الداخلي فإنه يبسط يكرس سيطرة سلطة معينة تروم تعزيز الحكم ليس إلا، وأما البراني، فكان لزاما علينا البحث عن جميع ما كُتب في هذا المجال وعدم الاقتصار على المنشورات الرسمية المطبوعة رسميا بل لزوم البحث الجدي عن بصمات التاريخ الذي خلا في كل شيء، وكل شيء هنا تعني أن التاريخ موجود في كل مكان، في الرائحة في التراب في الهواء في الماء في آثار الناس الذين كانوا هنا عاشوا عايشوا سواء من أبناء البلد أو من غير من البلد .. من هنا، تأتي ضرورة الاهتمام بالأرشيف الفرنسي العسكري، ومن أين لنا الطريق إلى هذا الأرشيف، إلى الرسااااائل التي كتبها وتراسلها الجنود مع بعضهم البعض ومع عوائلهم في المستعمرات أو في وطنهم الأم، في البطاقات البريدية (٧)، وما أكثرها في ذلك الوقت .. إذ يمكن آعتبارها الرسائل القصيرة (SMS) لذلك العهد، كان المصور الفرنسي يقتنص اللقطات المغربية المسروقة من حيواااات المغاربة المغلوبين على أمرهم ليلصقها في أوراق صفيقة باردة يخط فيها جنود فرنسا مشاعرهم إلى ذويهم، وإن كانت الصور تلقط بشاعة الموت والفاقة والحياة الشقية لأناس من أهل البلد آسمهم : مغاربة، لا بأس من ذلك، فهم موضوع فقط، مادة للنظر للملاحظة والفرجة لِمَ لا .. بواسطة أبدانهم المُعراة من الأرواح ومظاهرهم البدائية الرعناء تعلي ذواتُ الفرنسيين شأنها الفرنسي وتعبر عن تفوقها عن هؤلاء الأهالي "ليزاندجين" الجراد الهمج المتوحشين البدائيين الغوغاء الرعاع المنتشرين الهائمين في كل مكان في فوضى عارمة يجب على الإنسان الفرنسي المتحضر القيام بواجبه الإنساني الحضاري في تنظيم هذه التجمعات الآدمية بواسطة نشر سبل الحضارة الغربية العامرة بالإنسانية ... وهناك وهناك ... وكم من هناااااك يمكن العثور عليها والبحث عنها إنْ أردنا إتقان فقه ما حدث البارحة ويحدث الآن هنا في جغرافية بلدااااات تيمورانَّغْ ... الأمر يتعلق، إذن، بكتاب من الكتب الكولوليانية الفرنسية المكتوبة أصلا في صيغة رسائل ومذكرات ويوميات تقتفي أثر قوافل الجنود وهي في طريقها بين أودية وسهوب وفجاج ونجود وسهول مناطقنا المغربية .. هو كتاب ( إلى تَـازا ) للقبطان "إيـد . كوسان" (٨) المكتوب ما بين عاميْ 1912 و1922 .. لم يكن صاحبه يفكر في كتاب للنشر، بل كان يخربش يومياته مسترسلة تارة متقطعة كما يفعل عادة فرنسيو القرن التاسع عشر، لكن الأمور تطورت وتغيرت وفكر صاحب اليوميات بإيعاز من أصدقائه طبع ونشر سيرته كذكرى لتلك الأيام وكتخليد لأرواح الأصحاب الذين سقطوا ضحايا الواجب الفرنسي ... إنها شهادة بعين فرنسية محضة لعسكري كان يحارب أصحاب الأرض مطبقا تعليمات المستعمر الفرنسي .. هذا واضح جلي في كل نقطة وعبارة وكلمة وصورة وفاصلة نقرأها في الكتاب/اليوميات، والاطلاع على كل ذلك، واجب على كل سلالة المنطقة (آيت تمورت) لمن آستطاع إلى ذلك الاطلاع سبيلا كي لا نقتصر على وجهة نظر واحدة وكي ندعم النواقص الموجودة في تواريخنا الداخلية ونعززها بالرواية الشفهية لأجدادنا _ وهنااااا أكثر من خط أحمر أسطرُه على الكارثة التي تقع في حيواتنا التي تنزف دون أن نلحق هذا النزيف نستدرك التواريخ الهاربة من بين أيدينا دون أن نعض عليها بالنواجد _ ...
إذن، هذا الكتاب أو غيره ليس كُلا كاملا تاما وليس جزءا منفصلا عن غيره من الأجزاء، بل هو مسار في معبر لا بد من عبوره في أزمنتنا إنْ نحن رُمنا حقيقة فهم و آستعاب فقه ما حدث ويحدث ...

●تازا مدينة الميعاد (١) :
ما فعله آلغرب "المتحضر" من جرائم في حق شعوب آلأرض بأصولها الممتدة في عراقتها هو ما سماه فلاسفتُهم بقانون آلانتقاء آلطبيعي الذي لخصه فريديرك نيتشِهُمْ ب : اقهرِ الضعفاء واصعد فوق جثثهم .. والنتيجة عالم وحوش لا يطاق .. ذلك هو ديدن الغزاة في كل مكان، ذلك سمتهم، ولا غاية لهم من وراء همجياتهم سوى فرض مصالحهم الاقتصادية بأي طريقة كانت، فالغاية تبرر الوسائل ولا شيء يهم بعد ذلك ...
إذن، هي ذكرى موشومة بالغدر بالضعف بالقهر والمقااااومة والممانعة رغم الظروف غير المساعدة .. إذن، في مثل هذه الأيام من شهر أيار مايو دخلت القوات الاستعمارية الفرنسية مدينة تازا المغربية بالقوة .. وقد وصف القبطان كوسان سالف الذكر دخول القوات الفرنسية لمدينة تازا في مذكراته المبثوثة في مؤلفه ( آتجاه تازة ) الذي قدم له اليوطي نفسه، قال كوسان مبتهجا بغزوته : “ لقد آرتفع العلم ذو الثلاثة ألوان على برج المدينة القديمة .. إنها لحظات مؤثرة لا تنسى لأنها تؤرخ لمرحلة من أحسن المراحل في تاريخنا الاستعماري، لقد أصبح المغرب والجزائر منظميْن الآن .. إنها بالفعل تازا مدينة الميعاد ” ... (١)
فعلا، يمكن آعتبار رفع الاستعمار علمه على أبواب المدينة وأسوارها وأبراجها نقطة تحول كبرى في إتمام السيطرة التامة الأوروبية على المغرب بربط شرقه بغربه .. كان ذلك شهر مايو أيار 1914، كما توضح الكثير من صور الجرائد الفرنسية التي وثقت الحدث في حينه (٩) .. إن المدعوة فرنسا لم تكن وحدها على الساحة، فقد جندت لخدمتها مجندين من دول الجوار شرقا وشمالا وأفارقة جنوب الصحراء ومرتزقة من كل حدب وصوب وأعوان تابعين للسلطة الحاكمة التي رفعت شعار : محاربة السيبا والتمردات القبلية المنتشرة عبر ربوع البلاد، إذ كانت البلاد نهاية القرن التاسع عشر بداية القرن العشرين مقسمة بين أراضي اطلق عليها السيبا وأراضي المخزن، والسلطة الاستعمارية تعاونت مع من كان في المركز لمواجهة ما كان ينعت بالفوضى وآسترجاع الأمن وبسط نفوذ سلطة حاكمة واحدة، وهو ما كان يخدم مصالح فرنسا وإسبانيا اللذيْن لم يك في صالحهما آنئذ تعدد مناطق النفوذ بين القبائل المتناحرة، فسعوا لجعلها تحت حكم واحد قوي يستطيعون الاتفاق معه على بسط مصالح سلطهم السياسية والاقتصادية والتجارية في المنطقة؛ غير أن قبائل آيت وراين جنوبا في بداية الأطلس المتوسط وأهل الريف شمالا وغياثة والبرانص وقفوا بالمرصاد لِما رأوا فيه غزوا للكفار لمناطقهم، فحملوا السلاح في وجه العسكر الفرنسي والإسباني في مواجهات كر وفر في ما يشبه شكل حرب العصبات، فاعتبرتهم السلطات المتحدة آنذاك آمتدادا للسيبا والفوضى التي يجب آستئصالها، لكن القبائل الأمازيغية في المنطقة كان لها رأي آخر، استفادت من تضاريس جبال الأطلس المتوسط والريف وجعلت تشن هجومات سريعة خاطفة متفرقة متفادية الدخول مع الأوربيين في مواجهة شاملة لا قبل لهم بطائراتها وعتادها الثقيل، فوقعت إثر ذلك ملاحم تاريخية تغنت بها الثقافة الشعبية التي تعاطفت مع الأهالي المقاومين للغزاة وأطلقت عليهم لفظة (العازيين ) أي : العصاة المتمردون على السياسة الاستعمارية الرافضون لسلطتها وفرضها بالقوة .. واستمر الأمر سنوات بين إقبال وإحجام حتى تدخل الطيران الفرنسي في قمم بويبلان والجوار ونشر رعبه تحت شعار الأرض المحروقة التي لا تبقي ولا تذر، وتدخل الإسبان والألمان في فتك كيماوي وإبادة شاملة في الريف لازالت آثارها السلبية تنشر الأمراض المزمنة المستعصية لحد الآن؛ الشيء الذي عجل بإنهاء المواجهة بين الشمال والجنوب لصالح مَن هو أكثر نفوذا وسلطة وقوة وعتادا ونفرا ونفيرا، وتم آختراق المنطقة بأحوازها بسياسات ومناورات تنوعت بين فَرِقْ تَسُدْ وبين آستعمال القوة ( القتل والسجن والنفي والحصار و... ) وسياسة المهادنة ( استمالة القبائل وتوزيع الهِبات والامتيازات وسلطات المشيخة والقيادة وتامقدميت ولَحْكام على الأعيان في إطار ما يعرف في منطوق المغاربة اللغوي ب"زيتو قليه" ...) ...
قرن ونيف خلا الآن، فبأي حال تغير الزمن وكيف تراها أحوال معيش الأنام وما الثابت والمتحول بين آلأمس والآن وما موقعنا كأمازيغ المنطقة من كل ما حدث ويحدث ما محلنا من إعراب تاريخ خلا ويخلو أين ذاكرتنا أين نحن أمسِ أين وكيف نحن الآن هنا ...

☆إضاءات وترجمات :
١_تازا مدينة الميعاد : عبارة استعملها القبطان كوسان في يومياته الموسومة ب (في آتجاه تازا)

٢_(عدا كلب خلف غزال..فقال له الغزال : إنك لا تلحقني .. قال : لِمَ ؟ قال : لأني أعدو لنفسي .. وأنت تعدو لصاحبك . )
_من كتاب (البصائر والذخائر) لأبي حيان التوحيدي

٣_العازيين : في اللسان المغربي نطق لكلمة (العاصيين) أو (العصاة) ...

٤_يجب قطع جميع الطرق والمسالك التي تربط البلدة بأماكن تواجد العصاة الخارجين عن القانون

٥_زُومي وزان أم قريصات : مدن صغيرة بشمال المغرب منطقة (جبالة)

٦_ميسْيُون آنْ كُومْبْلِيتْ بُونْدْ دُو فْوايُو دانْديجينْ .. تُوسْ لي ميمْ : مهمة ناقصة يا شرذمة الأهالي كلكم حثالة متشابهون

٧_لمْ يكتف المستعمر الإسباني والفرنسي بتشويه الصور.لم يكتف بالمناورات والخدع.لم يكتف بممارسة العنف والتعنيف والقتل والتقتيل والتنكيل،لم يكتف بالإهانة والتحقير،بلْ عمدَ إلى آلتقاط صور جثت وضحايا معاركه ومناوشاته أصحاب الحق والأرض وجعلها مضمونا بطائق بريدية يستعملها جنوده ومواطنوه يكتبون عبرها رسائلهم إلى ذويهم هناك وراء المتوسط أو في الجزائر أو المغرب وإسبانيا وكأن الشخوص الملتًقَط لهم الصور ليسو بشرا تنطبق عليهم سُنن البشرية وحقوق البني آدم سواء كانوا أحياء أو أمواتا ...

٨_ كتاب : ( في آتجاه تازا ) أو (إلى تازا) ( Vers Taza )للكابتن الفرنسي كوسان
Capitaine Caussin.
- دار النشر : Editeur : Librairie Militaire Universelle L.Fournier.Paris
طبعة عام 1922
Parution : 01/01/1922
Nombre de pages : 287
- 287 صفحة من الحجم المتوسط

٩_هناك عدة صور في كتاب (كوسان) (vers Taza) تبين الجنيرال الفرنسي (بومغارتن) ممتطيا جوادا قرب المدينة رفقة جنود فرنسيين من فرقة الخيالة بتاريخ 10 مايو 1914 قرب مدينة تازا



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غَرْفَاسْتْ كُودْ أُرَشْتِيْغْرِيفْ
- اَلْحُفْرَة
- أَكْرَهُكَ أَكْرَهُك
- اًلْعَاقُورْ
- انتشااااء
- بين الثلج والنار
- مَاتَ اليَوْمَ فُلَان
- يَااااا
- إِنَّهَا تَسْقُطُ وَكَفَى
- وَشَقَائِق نحاف بألبسة آلزفاف
- أشْياء عاديةٌ جِدا
- بُعَيْدَ مُنتصفِ آلليلِ أفقْتُ
- تِيْتْ إيغْنَانْ
- حَدِيثُ آلنِّسْوَةِ الّذِي لَا يَنْتَهِي
- هْدَا أُورْدَا هَدِّيغْ
- لَيْلَةٌ أُخْرَى مَوْؤُودَة
- وَبَقَايَا مِنْ كُلِّ شَيْء
- السلام عليكِ خالتي
- تِيخْتْ نَتْمُورْتْ
- وَأَقْمَارٌ كَأَنّ آلْأرْضَ فَاحَتْ


المزيد.....




- -حزب الله- اللبناني يؤكد مقتل القيادي البارز إبراهيم عقيل
- غارة إسرائيلية دامية على ضاحية بيروت: تل أبيب تعلن اغتيال قا ...
- إدانة أممية لتفجيرات البيجر وإسرائيل تعلن قتل قياديين بحزب ا ...
- من هو إبراهيم عقيل الشخصية العسكرية الكبيرة في حزب الله التي ...
- المغرب.. التحقيق في ملف -مجموعة الخير- متواصل والقضاء يستمع ...
- حزب الله يصدر بيانا عن مقتل قائد -قوة الرضوان- إبراهيم عقيل ...
- مصر.. مساع لحظر تطبيقات المراهنات بعد تسجيل حالات انتحار ووص ...
- ظهور خطوط دقيقة بارزة على قدم صبي تخفي سببا -مقززا-
- وزير الخارجية الهنغاري: أوروبا تواصل العمليات التجارية مع رو ...
- حميميم: -التحالف الدولي- ينتهك بروتوكولات عدم التصادم في سور ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد الله خطوري - تَازَا أَرْضُ آلْمِيعَاد