|
خيمة عن خيمة تفرق
شوقية عروق منصور
الحوار المتمدن-العدد: 7992 - 2024 / 5 / 29 - 14:55
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
" خيمة عن خيمة تفرق " في قصة الكاتب الفلسطيني " غسان كنفاني " أم سعد " تقول بطلة القصة " أم سعد" : " خيمة عن خيمة تفرق " عندما قرأت القصة قبل سنوات طويلة لم أستوعب المعنى العميق وراء هذه العبارة ، ولكن بعد ذلك بدأ وتد الخيمة الفلسطينية يرتفع والقماش الذي تصنع منه الخيمة يختلف بين زمن وزمن ومنطقة و منطقة ، حتى أصبحت الخيام عناوين و درجات ونجوم ، ولكن خيام النازحين في غزة أرجعتنا إلى تفاصيل الوطن المحاصر وأحزانه وظلام ليله وأحلامه، خيام غزة المذعورة المرفوعة على ثقوب الجماجم تحولت إلى طوابع بريد ملتصقة على أوراق قضية شعب أطلق حمائم السلام وصنع من أغصان السلام جسوراً للفجر ، لكن الفجر خذلهم وسحب أحلامهم إلى الوراء. تعددت أشكال والوان الخيام في غزة، حتى أن أحدهم استغل أقمشة المناطيد التي تحمل المساعدات القليلة وصنع منها الخيام ، وبعض النساء في غياب الفوط الوقائية للدورة الشهرية قامت باستعمال اقمشة الخيام .. و بين الخيام المتراصة غابت خصوصية الفرد ، وهدمت آخر أسوار حياة الانسان، وأصبح عالم الخيام الغزية المنتشرة والموزعة على أراضي الدمار والخراب والشاطئ المثقل بوجع الانتظار ، الممزوج بجمالية البحر الذي أفرغ حزنه على ليالي القهر والقصف ، أصبح بوصلة تدل على مأساة شعب يركض وراء الحياة ، والحياة لا تقدم له سوى الخوف والركض و التشويه والموت غدراً . وعلى ذكر الخيام هناك خيمة لا يذكرها التاريخ ولكن كانت سبباً في الترهل العربي - المصري - الخيمة التي أقامتها الأمم المتحدة التي نصبت على الكيلو 101 على طريق القاهرة السويس عام 1973 في أعقاب " حرب تشرين" لبحث ترتيبات وقف اطلاق النار وكان الوفد المصري برئاسة الفريق " محمد عبد الغني الجمسي " والوفد الإسرائيلي برئاسة الجنرال - أهارون باريف -. مع العلم أن " الجمسي " قال للسادات أنه لا يرغب في تنفيذ هذه المهمة حيث أنه أمضى حياته العسكرية في حرب ضد إسرائيل ، إلا أن السادات أجبره على ذلك وبعد تقاعده أبدى المشير" الجمسي" ندمه على اشتراكه في التفاوض مع اليهود - . ومن هذه الخيمة بدأت الخطوات تحاك وراء الأبواب حتى وصلت إلى زيارة السادات إلى إسرائيل ثم اتفاقية " كامب ديفيد" . الجدير بالذكر أن الكاتب الأردني " تيسير سبول " قد وضع حداً لحياته منتحراً بإطلاق الرصاص على رأسه بعد أن رأى - لقاء المصريين والإسرائيليين عند خيمة " الكيلو 101 " . " خيمة عن خيمة تفرق " والفرق الآن الخيمة في غزة وفي رفح وفي كل القطاع لم تعد مجرد القماش الآمن الذي يستر العائلة من العراء ، بل هي في نظر بعض السياسيين القماش الذي يجب أن ينزع من مكانه والهرب إلى اللا مكان ... المهم أن لا تبقى الخيام .. !! لأن الخيام الفلسطينية ما زالت في نظر الأيديولوجيا الصهيونية هي محطة انتظار لقطار الغد وليس العنوان . تل السلطان يأتي الصياح من رفح تهرع الخيام المشتعلة حول " تل السلطان " تحضن الصرخات تجمع الأرواح التي خرجت من دفاتر الحياة تسجل غيابها في أروقة السياسة كأرقام مشاغبة في ملعب العدل الضائع المزين بقهر السنوات نام السلطان بعد أن تقيأ وجبة الشعارات آه يا عبد الودود عندما سمعت باستشهاد الجندي المصري " عبد الله رمضان " - ثم استشهد الجندي الثاني اسلام إبراهيم - على معبر رفح بيد جنود إسرائيليين ، تذكرت " الشيخ أمام " ذلك المغني الكفيف الذي كان وما زال ظاهرة فنية سطعت في سماء الأغنية السياسية العربية مع رفيق دربه الشاعر " أحمد فؤاد نجم " وتحولت هذه الظاهرة إلى رمز للتحدي والصمود ورفض الذل والانحناء . عندما التقيت بالشيخ أمام أول مرة في بيته المتواضع جدا في حي الغورية في منطقة السيدة زينب طلبت منه في آخر اللقاء أن يغني لي اغنية " يا فلسطينية" ثم " آه يا عبد الودود" الأغنية التي كتبها الشاعر أحمد فؤاد نجم على لسان الأب الصعيدي قبل حرب أكتوبر عام 1973 .. ضحك عندها الشيخ " أمام" وقال : " ما زلت تتذكري الجندي عبد الودود .. أخذ الحشيش ونام " ... !! . لكن مع اصراري قام " الشيخ امام " بالغناء وهو يغرق في عتمة عينيه وعتمة الواقع المصري والعربي ، ومع الحرب على غزة التي ستكون غداً ميداناً للمؤرخين والباحثين وفي مناهج الكليات العسكرية ودراسات العلوم السياسية ، " غزة" التي نزعت آخر أوراق التوت عن وجه الأنظمة العربية و العالمية القبيحة والشعارات البلاستيكية التي تنثني وتذوب حسب المصالح السياسية والشعوب. " غزة " ما زالت تنتظر " عبد الودود " ..!! كأنني أسمع صوت الشيخ " أمام " وهو يغني على لسان الصعيدي والد عبد الودود : ( واه يا عبد الودود واه يا عبد الودود يا رابض على الحدود ومحافظ على النظام عسى الله تكون مليح ) حتى يصل في نهاية الأغنية الشيخ امام الى نهاية الاغنية لسة دم خيك ما شربش التراب حسك عينك تزحزح يدك عن الزناد خليك يا عبده راصد لساعة الحساب ) .
#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القوي عايب
-
الدمى مربوطة خلف الدبابات
-
الطيران في سماء غزة
-
الغزيات الماجدات
-
في بيتنا راديو
-
لكوابيس الغزاوية
-
غزة من زمن آخر
-
تنهدات على تراب غزة
-
خواطر من الزمن الغزي
-
أين قبري ؟؟ وبابا نويل عارياً
-
عندما تتكلم العيون الغزية
-
ثرثرة سياسية في عيادة طبيب
-
قصيدة غربة
-
استقالة ورقة التوت
-
دير أبو اليتامى في الناصرة المكان الذي لم يفقد الذاكرة
-
لا يوجد عذراء في الشرطة الاسرائيلية
-
تل ابيب تبيع توابيت الحزن
-
الجزيرة والكلب وبينهما رصاص
-
بين عري الجسد وعري القتل والدمار
-
جنين مقياس ريختر للسلطة الفلسطينية
المزيد.....
-
-ليس سؤالًا ذكيًا-.. شاهد كيف رد ترامب عندما ضغطت عليه مراسل
...
-
دعوى قضائية بقيمة 20 مليون دولار ضد شرطية في ألاباما صعقت رج
...
-
10 أضعاف حجم البنتاغون.. الصين تشيد أكبر مركز قيادة عسكري في
...
-
مراسلة RT: العثور على صاروخ غير منفجر في شمال لبنان
-
طهران تؤيد استقرار سوريا ووحدة أراضيها وتدعم أي حكومة يوافق
...
-
أورتيغا وزوجته يحكمان نيكاراغوا بسلطة مطلقة بعد تعديل دستوري
...
-
نائب عن -حزب الله-: الغارات الإسرائيلية على البقاع عدوان فاض
...
-
مباحثات روسية أمريكية حول نقل جثث ضحايا كارثة مطار ريغان الر
...
-
كتائب القسام تنعى قائدها محمد الضيف و-ثلة من القادة الكبار-
...
-
مراسلة فرانس24: ما يدور داخل الأروقة الداخلية الإسرائيلية أص
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|