أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - حان موعد الرحيل . المنفى ينادينا















المزيد.....

حان موعد الرحيل . المنفى ينادينا


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 7991 - 2024 / 5 / 28 - 14:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قال الربيع بن زياد الحارثي يعلق على مقتل حجر بن عدي :
" لا تزال العرب تُقتل صبرا بعده ، ولو نفرت عند قتله لم يُقتل رجل منهم صبرا ... ولكنها اقرّت فذلت . " " الطبري " .
وخطب الوليد بن عبد الملك يوم استخلافه قائلا :
" أيها الناس . من أدى لنا ذات نفسه ضم بنا الذي فيه عيناه . ومن سكت مات بدائه " .
وقال ابن المقفع :
" شر الملوك الذي يخافه الجرّيء ، وشر البلاد ، بلاد ليس فيها أمن ولا خصب " ..
قال الحكماء يوما .. بَنيّ ،
لا تعمروا مدنا في عصر من يهوى الخراب .
لا تحلموا بالنوم في ظل السقوف
ولا تفرشوا ارضا بثوب
فقد ولّى أوان
الثياب
لا تتبختروا في الشارع الرسمي مثل العاشقين
غطُّوا تآلفكم ..
خبّئوا القبلات في المنفى
فروائح التقبيل تغري خياشيم الذئاب
انتظروا مرور العسف تحت الأرض
وترقبوا المنفى .. نعم ترقبوا المنفى
وستعمرون مدنا في عصر من يهوى الخراب
..............................................
انه المنفى يا رفيقي
مُلئت بالكدمات تلك التي رأيتها بالأمس
تصب الشاي للآتين .. قتلت تحت باب الغد الآتي
.....................................................
هذه بلاد مغلقة كزهرة من غبار مظلمة ..
كما لو انها اختبأت في معطف من صخور
لا كهرباء فيها
ولا ماء للجرحى
ولا تخفي عارها
هذه بلاد
مثل حب قديم ، مضى عنوة ، بلاد هجرها احسن من البقاء فيها
بلاد هكذا بلاد ، بلاد قابلة للنسيان ..
..................................................
علقوا بالأمس وساما
من الطلقات في صدر الشاعر
رصدوا دمه للمجهود الحربي
وقالوا : مات شهيدا .
عذبوه طويلا .. ومات شهيدا
قالت أمه :
تفتّح مُراً في طفولته
فجاء مريرا الى وطن قصير
وقالت بنته الصغرى :
بابا مسافر ليرى صديقه الموت
والمشيّعون الصامتون
اكثروا من الريحان والتّلفُّت للخلف
موكب الموت مهيب إن كان في ظل البنادق
والقاتلين .
قال الشاعر :
إنّ الصمت مهزلة ..
ومن يصمت يشمت بالشهداء
قال الطغاة :
علّقوا صوته بحبل سرّته
وأعيدوه الى النهر جثّة ..
وليختفي هذا النحيب
وقال الناس :
أميلوه قليلا كي لا يروه وحيدا ..
وعلّقوا صوته في الصدر..
او علّقوه في وثر الرباب .
............................................
بلاد ترامت أطرافها
واستبيحت حدودها
وغشّت نبيذها ..
بلاد لم تحتمل ان يصرخ
في وجه طعنته شاعر
ان يجرب صوته في حمام الدم ..
بلاد هكذا بلاد ، هي بلاد قابلة للنسيان .
منفاها أخْير من البقاء فيها
.........................................
يُبدّل هذا الهواء شهيقي بفحم
فأغفوا على حلم الهواء النقي والخط
في الصبح ان لا يكون امام بيتي قتلى صدفة ،
او امام قلبي الدم صارخا بضميري . أرفو رئات
الناس بالكلمات ، فتفعني الى المدن التي فقدت أمنها
تقاريرهم معلنة اني شهدت زورا .. فقلت
ان صوت الصراخ موجع . وان المدينة قد خلت من اهازيجها
والتاجر المزود بالنياشين افتتح الليلة
دكانا لبيع الدم ....
...........................................
يأتي الفقراء اليه فيجسّهم نخاس يرتدي الأبيض
يصنف الزمر المرغوبة . يسحب من ابهرهم
ما امكنه . يحاسبهم بالقليل عن الكثير خلف ستار
لا يرى خلفه احد دمه .. ثم يمضي الفقير الى
الشارع اصفر الوجه . ويشتري لأولاده ستّ واقْ – ستة اوقية – من سوق لحم الكلب الرخيص . يغشه تاجر اخر اصفر ..
ثم يأتي الى البيت ميتا ، ليطلب في اول الصبح
من يفتش منزله بحثا عن جواز سفر او بحثا عن مخابئ مشبوهة لجِرار
السمن والعسل المصفى وبقايا قطع من تاريخ امته
المجيد
... ................ ...................
أنا ارفو جزء الحكاية المُرّ كي لا تصبح
الشكوى صراخا .. فيطلب من يصرخ متهما بإقلاق
الراحة والامن العام ..
انني هكذا مثل بلادي
أغش نبيذي ..
أبلاد هذه
أم بقايا اساطير من الشرق القديم ؟
أم حدّ سكين مشى الحفاة عليها
باسم الصداقة و الابوة والنيابة
عن الرعايا ( الشعب ) الغشيم ؟
بلاد هذه
يذكرها بالخير ساكنوها ...
ام بلاد للهجرة والمنفى والزمن القديم
بلاد هكذا بلاد .. بلاد قابلة للنسيان
هجرتها احسن من البقاء فيها ..
..................................
هذا هو العصر
منفضة انفعال قديم
أدوات لا اعرفها امام المرايا
وانتِ كنتِ حينا معي كدواة
الجواري حزينة مثل قوس وغزالة
امامي
وليس في عيني ضوء للخطُى
التي خلفتها الجبال .
كنا معا عصفورين من شجر وماء
عزّ في الظهر ماء الحياة
فكنا معاً
عصفورين من شجر وماء
هكذا خُلق النهر والظل في العهد البعيد
هذا هو العصر الجليل مكرر
كثرت انيابه في لحم الرئات
لم يتنفس حبنا ..
كثر الشوك في تاج الصبا
فغدوْنا شهداء
فرّقتنا كرة من لهيب ..
فانقسمنا وغدونا ضفتين
...................................
هذا هو العصر
بلادنا ساومته في السوق
فلم تربح سوى خسارتها
غازلت قوة الأشياء فيه
فامتلأت صدور الحاكمين ضواء
فلعقنا سيفها كي نخفي عارها
فذُبحنا مرتين ..
.......................................
هاتوا اذن ..
جمالها الفريد ومجدها
وغرتها ، وكل ما فيها من خصال ..
شمسها البيضاء وجبالها وهواءها
وطغاتها ، والعسف الذي انقضى
هاتوا قمحها ولعابها
والبنات الجميلات فيها ..
وكل ما فيها .. حتى حلمها
وامزجوا عسلا في كأسها
وانتخبوا منها افضل ، أرأف ، أوسم ،
أشفق ، أهدئ .. طاغية تجدوا :
ان المدن التي احببنا ملئت غرباناً ومُلئت بوماً
وان الموتى افضل من احيائها
والاعلى اسفل تحت القصف
السيف أعيد اعتباره
فاصطف خلف الرقاب ..
خارجا من متحفها
لقد صنفوا بلادنا بين الوحوش
زيفوها حتى تكبر فيها عقوبتنا
حتى تصفر فيها كهولتنا
حتى تغدوا بلادا قابلة للنسيان
...............................
وكلما رفعت يدي للسلام على الناس
تذكرت ان الحقائب ما زالت ملفوفة
وان النسيم خلا من رائحة الجثث المتروكة
في ارض بلاد تصلح للمنفى
لأنها بلاد قابلة للنسيان
..................................
يتبعني ظلي ..
احاوره كالمجنون لأقنعه
ان الرحيل الى مدن أخرى
الى بلاد اخر
افضل من مشهد مقبرة
تزحف يوميا لتصحّر هذا العالم ..
يتبعني ظلي :
إن المدينة او المقبرة او العدائين
او الذكرى .. سوف تلحقك أينما ذهبت
فهذه الجثة البيضاء .. بلادنا
لم يزل فيها لبن على حواف الثكنات
وفيها تعددت أوجه الموت ، والموت واحد
وعلى ضفافه تجري الحياة
هذه بلادنا .. تعبت من هوانا وهواننا فأقفرت
وصُنفت بين الوحوش
بلادنا صبية الصيف الجميل .. مربض خيل الطغاة
اتسعت اليوم لتدفن انباءها
وحين ضاقت هصرتْ نوم القاتلين
فأرّقهم دمها ..
كبرت بلادنا فجأة ..
فضايقهم ان قامتها اعلى ، وانها لكل الناس
ولديها متسع من الوقت لتبديل حاكميها وقطع رؤوسهم
وتنويع الوانها
ونكهة الحب في القلب ولثغة العدل في توزع الضوء ..
ضايقهم انها كبرت فينا لتصغر فيها عقوبتنا ،
وقد مزجت في كأسنا مرارات . فصحنا : يا بلادنا ..
يا غطاء الرأس . يا صندل الحزن . يا نيزيك الروح .
يا استدارتانا الغضبى .. ويا مخدات عودتنا .
يا بلادنا .. مدي ذراعيك
رحيبين اكثر
الى اعلى
والى الأصغر
الى اليمين
الى الشمال
مدي يديك الى اقاصي الآن
ونظفي اسناننا من دمنا
يا بلادنا غير قابلة للنسيان
رغم الذهاب الى المنفى المنتظر ..
يا ايتها المخمل البري
ويا ايتها الصلبة القاسية
مثل شاهدة القبر
انت مثل ناي طويل وطويل
ينفخ فيه الناس
لكي ينسوا انك قاسية
فيعيد اليهم صدًى غامضا
كالصرخات في الوديان
انك
غير قابلة للنسيان ، رغم المنفى المنتظر ..
..........................
ان



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل دعا حاكم المغرب الفعلي من الشرق ، الجزائر الى التعقل وفتح ...
- النظام الطائفي والطائفية في لبنان
- نداء حركة - صحراويون من اجل السلام -
- النظام الطائفي والطائفية في الدولة الإسلامية ( الحلقة الرابع ...
- النظام الطائفي والطائفية في الدولة الإسلامية -- الحلقة الثال ...
- النظام الطائفي والطائفية في الدولة الإسلامية --- تابع ---
- النظام الطائفي والطائفية في الدولة الإسلامية
- الإطار الاجتماعي للنعرة القبلية والمذهبية
- أول حكم ذاتي لمواجهة النعرة القبلية في الدولة الاسلامية
- هل الملك محمد السادس من اعتبر خيار الحرب استراتيجي مع الجزائ ...
- هل طالب النظام المزاجي البوليسي باسترجاع الصحراء الشرقية ؟
- من يملك مفتاح حل نزاع الصحراء الغربية
- النعرة المذهبية الدينية في تشتيت الوحدة الشعبية
- السلاح يلعلع بالقصر الملكي
- النظام القبلي في الدولة الثيوقراطية الإسلامية
- الدولة المزاجية . مغرب الاستثناءات
- سورية تعترف بالجمهورية العربية الصحراوية ، ولقاء ثلاثي في اخ ...
- الانقلابات في ظل الملك محمد السادس
- حين تتر أس دولة بوليسية فاشية ومارقة مجلس حقوق الانسان بالام ...
- في الثقافة والتثقيف السياسي ( الحلقة الثالثة )


المزيد.....




- جدل في مصر بعد اعتماد قانون يمنح القطاع الخاص حق إدارة المست ...
- غزة.. الحياة تستمر رغم الألم
- قبل المناظرة بساعات.. ما ينبغي أن يتجنبه كل من بايدن وترامب ...
- المجر تُعيق إصدار بيان مشترك لدول الاتحاد يندد بحظر روسيا لو ...
- خبير ألماني: أربعة أو خمسة أطفال يموتون من الجوع يوميا في ال ...
- البيت الأبيض: لا نعتزم إجبار كييف على تقديم تنازلات إقليمية ...
- نيبينزيا: كييف دمرت أكثر من 1000 مؤسسة صحية وتعليمية وقتلت م ...
- نتنياهو يرد على انتقاد غالانت والبيت الأبيض يعلّق
- الحوثيون والمقاومة العراقية تستهدفان سفينة إسرائيلية في مينا ...
- وزيرا الخارجية المصري والتركي يبحثان هاتفيا العلاقات الثنائي ...


المزيد.....

- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - حان موعد الرحيل . المنفى ينادينا