أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - عادل العمري - مستقبل مصر














المزيد.....

مستقبل مصر


عادل العمري
كاتب وباحث غير متخصص

(Adil Elemary)


الحوار المتمدن-العدد: 7989 - 2024 / 5 / 26 - 15:35
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


في التاريخ ليس من المعتاد أن ينتصر "الحق" وأن يعم "الخير" وأن تحقق الشعوب طموحاتها. بل غالبا يحدث عكس ذلك وقليلا ما يحدث العكس. الأهم أن هناك ظواهر في التاريخ تنتهي إلى الأبد ولا تعود أبدًا (مثل اختفاء الامبراطوريات القديمة مثلًا).
بالنسبة لمصر: انتهي عصر العظمة والقوة والجبروت الذي تمتعت به هذه الدولة لعدة قرون، منذ قرون عديدة جدًا. بل فشلت عملية التحديث التي بدأت منذ قرنين إلى الأبد وتسير البلاد من وقتها في طريق يسمى: نمو التخلف، أي النمو الكمي في إطار من التخلف الحضاري العام، بل يحدث تراجع ثقافي مستمر منذ الانقلاب العسكري في 1952، بعد رحيل الاستعمار ومعه عناصر حداثية من الأجانب وتحكم الريفيين في البلاد سياسيًا واقتصاديًا. ففقد المصري حق المواطنة وأصبح الشعب من رعايا الدولة، وتراجع التفكير البرهاني القائم على العقلنة (كان موجودًا لدى النخبة العلمانية فقط) لصالح التفكير المستند إلى النص الديني وفتاوى الشيوخ. كما أصبحت الدولة (نقصد جهاز الدولة) تحكم المجتمع المدني شاملًا الشركات الاقتصادية الخاصة، ناهيك عن الفن والإعلام والاتصالات والتعليم والبحوث الاجتماعية. ولم تعد هناك سوى سلطة واحدة مستقلة هي السلطة التنفيذية: يمكن تلخيصها في: الجيش وأجهزة الأمن. كما اختفى كل هامش حرية للمؤسسات المدنية من شركات خاصة وأحزاب ونقابات وجمعيات أهلية وجامعات وحتى عصابات الجريمة المنظمة والبلطجة والتسول. فالكل أصبح يعمل من تحت إبط "الرجل الكبير" أي حضرة الضابط في هذا المجال أو ذاك. وأصبحت الدولة تسير وفقًا لنظم المماليك القديمة: الاعتماد على فرض الجبايات والإتاوات، والأحكام الجائرة والقرارات المتعسفة المزاجية أحيانًا وشخصنة الحكم، وهو تراجع عن فترة الاستعمار البريطاني الذي رغم هيمنته واستغلاله للبلاد أقام نظامًا أكثر حداثة بمرات من النظام التالي للتحرر الوطني.
أما إمكانية التحول من هذه الوضعية قبل الحداثية والمتدهورة باستمرار فلا نجد له أي أفق حتى الآن، لسببين:
1- الجمهور العام غارق في حالة مرضية نسميها الهوس الديني، فالفتاوى الدينية والغيبيات هي المصدر الأول للمعرفة وإصدار الأحكام على أمور الحياة، والدعاء والصلاة على النبي هي أمضى أسلحة الشعب في "نضاله" من أجل حقوقه. بل نجد في كتابات كثير من الملحدين والعلمانين ما يدل على إصابتهم بالهوس الديني أيضًا!! وهذا يعني أن الخامة البشرية الموجودة مهترئة وعاجزة عن تحقيق أي حلول واقعية للمسخرة المستمرة منذ سبعين عامًا.

2- النخب المختلفة، إسلامية وناصرية وماركسية وقومية، كلها تقريبًا مصابة بمرض هو عبادة الدولة، فالدولة هي الحل سواء كانت دولة إسلامية أو اشتراكية. ولا يوجد لدى تلك النخب أي تصور آخر. والكل يتغافل عن حقيقة ملموسة تمامًا: الدولة هي فعلًا من يسيطر ويتحكم في كل مفاصل المجتمع بما في ذلك الاقتصاد الخاص، وكل المناشدات والتسول منها لن يجدي نفعًا بسبب ضعف طموحات وجبن الجمهور. ويكفي أن صندوق النقد الدولي بقوته الضخمة وبلدان الغرب الكبرى تعجز عن إجبار الدولة على خصخصة الاقتصاد وتصفية اقتصاد الجيش وتحرير منظمات المجتمع المدني. بل عجز الغرب عن محاكمة قتلة ريجيني وعن الإفراج عن ناشط اسمه علاء عبد الفتاح رغم أنه بريطاني الجنسية وغير مذنب أصلًا في شيء (هذه مجرد أمثلة ذات مغزى). فماذا تنتظر النخب المذكورة من سيطرة الدولة؟ واين الخصخصة التي يتكلمون عنها زاعمين أنها تسير على قدم وساق بينما ما يتم منها يتم لصالح الجيش أساسًا.
فمشروع النخب المصرية يمكن تلخيصه في جعل الدولة أكثر حنانًا على الشعب وأكثر عقلانية وأقل وحشية، وهذا ضد طبيعتها كدولة بوليسية تقودها إما شبكة من العملاء أو البلهاء وتتعمد –في الغالب- تخريب الاقتصاد والتعليم وتهميش الشعب لصالح أقلية من الأرستقراطية العسكرية-العقارية.
ولا ننكر وجود أفراد قلائل متناثرين من الليبراليين الطامحين إلى إضعاف دور الدولة لصالح المجتمع المدني، لكنهم بلا نفوذ سياسي يذكر ولا أي أرضية في الشارع المصري.

إذا استمرت مصر تسير في نفس الاتجاه الحالي سيتم في النهاية تهميش الشعب وستكون هناك "جمهورية جديدة" يبشرنا بها السيسي تتكون من عدة مدن معزولة للأرستقراطية.
فهذا بلد مستقبله ظلام ومزيد من الظلام مالم يحدث شيء ما ليس في الحسبان.



#عادل_العمري (هاشتاغ)       Adil_Elemary#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين
- حثالة المناضلين
- ظاهرة الهوس الديني في مصر - مقال تحليلي
- ماركسيون وناصريون - نموذج لتخبط العقل الماركسي
- ماذا يقول هابرماس؟ عرض موجز
- دروس مستفادة من انتفاضة 25 يناير 2011 في مصر
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
- الاستبداد وتبديد الثروة المجتمعية
- عرض موجز لكتاب: الثورة المستمرة
- هل عبد الناصر كان مجرد ديكتاتور؟
- الماركسية -عرض نقدي (الفصل العاشر من كتاب: الثورة المستمرة)
-  الثورة المستمرة من أجل الحرية والرفاهية والتقدم لكل البشر - ...
- دعوة لإقصاء الإسلام السياسي
- تحليل باكونين للبيروقراطية كطبقة اجتماعية خاصة - عرض نقدي
- قراءة في -الوثائق السرية لثورة يوليو-
- الماركسية هي فلسفة الدولة لا البروليتاريا
- التهميش والبروليتاريا الجديدة
- مسألة الدين: فصل من كتاب -الثورة المستمرة- - قيد الإعداد
- الطبيعة البشرية
- شخصية جمال عبد الناصر


المزيد.....




- بدولار واحد فقط.. قرية إيطالية تُغري الأمريكيين المستائين من ...
- عوامل مغرية شجعت هؤلاء الأمريكيين على الانتقال إلى أوروبا بش ...
- فُقد بالإمارات.. إسرائيل تعلن العثور على جثة المواطن الإسرائ ...
- واتسآب يطلق خاصية تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
- بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل إسرائيلي في الإمارا ...
- إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام المختفي في الإمارات
- هكذا يحوّل الاحتلال القدس إلى بيئة طاردة للفلسطينيين
- هآرتس: كاهانا مسيحهم ونتنياهو حماره
- -مخدرات-.. تفاصيل جديدة بشأن مهاجم السفارة الإسرائيلية في ال ...
- كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - عادل العمري - مستقبل مصر