|
النظام الطائفي والطائفية في الدولة الإسلامية -- الحلقة الثالثة --
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 7985 - 2024 / 5 / 22 - 14:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
" بينما كنت احرر هذه الدراسة ، كان عميل DGST يقرأ ما احرره . وما ان انتهيت ، واردت ارسالها الى الموقع Ahewar.org ، العميل البوليسي يقطع الكونكسيون حتى لا يتم الارسال . وسأضطر للخروج لإرسالها من مكان اخر .. الدولة البوليسية المزاجية الخارجة عن القانون ، تترأس ( مجلس حقوق الانسان ) بالأمم المتحدة ، وما ادراك من حقوق الانسان على نغمات الدولة المزاجية البوليسية المارقة – رحم الله حقوق الانسان " .. ثانيا – الحاكمون والمحكومون : انعكس التناقض بين الدولة الإسلامية المركزية ، وبين الكيانات المدنية ( القروية ) ، وتقاليدها التي استمرت بعد الإسلام ، في صراع اجتماعي آخر ، سرعان ما اندمج فيه ليكوّنا تيارا سياسيا يعارض السلطة المركزية للخلافة . اعتمد الإسلام في نظريته السياسية ، على وحدة السلطة السياسية / الاقتصادية التي اتخذت شكلا محدّدا عد تطور نظام الخراج ، وذلك في عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب . فقد اعتُبرت الأراضي الزراعية للأقاليم المغزُوّة ( غزو ) عنوة ملكاً للامة الإسلامية . أي مِلكاً للدولة الإسلامية التي أوكلت بدورها زراعة هذه الأراضي للفلاحين ، لقاء ضريبة مُعيّنة تسمى الخراج . ولما كان عائد الخراج يرجع من الناحية الشرعية على الأقل لمجموع الامة ، فقد قيد هذا النظام من دور الحاكمين في التلاعب بالأراضي الخراجية ، لكنه دفعهم من جانب اخر ، نحو تجميع المِلْكيات الخاصة ، واقامت المصانع والمؤسسات الإنتاجية الكبرى . وقد اقترن بنظام الخراج ، تطور ديواوينية ( بيروقراطية ) واسعة النفوذ تتمتع بثقافة عالية ، ميّزتها عن العامة المسحوقة الجاهلة ( الرعايا في السلطة المزاجية المخزنية البوليسية ) ، فكان من المنطقي ان يسير المجتمع الإسلامي بعجلة تطورٍ ، افضت الى انقسامه ، الى معسكرين كبيرين هما الحاكمين والمحكومين ، او ما يسمى في الادب القديم بالخاصّة والعامّة . وهكذا نرى ان التركيبة السياسية / الاقتصادية للمجتمع الإسلامي ، قد حدّدت الطبقات الاجتماعية ، وكيّفت طبيعة الصراع الطبقي ، وأوْجدت الأسس الاجتماعية لظهور الانقسام الطائفي في فترات لاحقة ، باعتبار ان الطوائف تمثل شكلا من اشكال التكْوينات الطبقية . ان هذه التشكيلة السياسية / الاقتصادية المعقّدة ، تجعل من المُتعذّر فهم المدارس المذهبية في الإسلام ، بالاقتصار على الاقاويل الفقهية والنظرية دون النظر الى الدلالات الاجتماعية التي تعبر عنها تلك المدارس ، والى الظروف التاريخية الخاصة ، التي أحاطت بظهور كل فئة من الفئات المذهبية ، ومدى علاقاتها بالدولة من ناحية ، وبالفئات المحكومة من ناحية أخرى . وفي اطار هذا المنظور ، تبرز ظاهرة هامة في تاريخ البلاد الإسلامية ، وهي تمايز دين الحاكمين عن دين المحكومين ، واختلاف المذاهب الرسمية عن المذاهب الشعبية ، حتى انعكست القاعدة القديمة القائلة : " الناس على دين ملوكهم " الى نقيضها ، ونلاحظ هذا الحالة في العراق ابن حكم البعث ، ونراها في البحرين .. فسكان هذين القطرين هم على غير دين حكامهم في كثير من العصور . فاذا تفحصنا تاريخ البلدان المجاورة ، للحالة العراقية اثناء حكم حزب البعث ، وحالة البحرين ، تبرز للعيان ظاهرة أساسية ، وهي ان تقلب الأديان والمذاهب فيها ، كان يجري تبعاً لتقلب الأنظمة الحاكمة او الاسر المالكة ، في حين نجد التقلبات السياسية تقود الى نتائج معاكسة في البحرين مثلا .. واذا شملنا المجتمعات الاوربية بهذه المقارنة التاريخية ، وجدنا ان انتشار المسيحية مثلا ، كان نتيجة قرار سياسي اتخذه بعض ملوك الروم لاعتناق دين المسيح ، وكذلك الحال بالنسبة لحركات الإصلاح الديني الاوربية في العصر الوسيط . واذا عدنا الى المنطقة العربية والإسلامية ، واستعراضنا تاريخ ايران الطويل مثلا ، نلاحظ ان انتشار الأديان والمذاهب ، كان يتقرر في حالات كثيرة ، حسب ميل السلطة القائمة ، وكذلك الحال في مصر التي كانت احد اهم مراكز الدعوة المسيحية قبل الإسلام ، لكنها قبلت الدين الإسلامي واللغة القرآنية دون مقاومة تذكر .. وهي نفس الحالة يعكسها المذهب المالكي في المغرب .. بل سنجد في الفترة الإسلامية ، قامت في مصر اكبر دولة شيعية في تاريخ الإسلام : الدولة الفاطمية التي لم تزل آثارها العمرانية شاخصة للعيان " القاهرة ، جامع الازهر ، الاضرحة المقدسة .. الخ " . لكن المذهب الامامي سرعان ما اختفى من مصر مع تغلب صلاح الدين الايوبي ، وازالته للخلافة الفاطمية . كذلك الحال في العهد الإسلامي ، كان مدى انتشار المذهب الشيعي ، يتناسب مع تزمت الحاكمين وتقريبهم للحنابلة واهل الحديث . وفي العهد العثماني نلاحظ ان كثيرا من العشائر والاسر السنية المرموقة تنتقل الى المذهب الشيعي استجارة بمراكز الشيعة في العراق هروبا من ظلم وجبروت الحكم العثماني السجلوقي . وفي الوقت نفسه ، نرى بروز مظاهر التضامن بين اهل المذاهب والأديان المختلفة عند تعرض البلاد للاحتلال الأجنبي ، او عند قيام الثورات الشعبية الكبرى في القديم وفي الحديث . ان هذه الظواهر غير المعتادة التي برزت على مرّ القرون ، تدل لا شك على ان الصراع الطائفي ، كان دائما تعبيرا عن صراع اجتماعي ، وانعكاسا لمقاومة شعبية ، ضد تسلط اجنبي ، او استبداد محلي بأشكال دينية او مذهبية ، تنسجم مع الأحوال السائدة في المجتمع والتقاليد الجارية بين الناس . ( يتبع )
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النظام الطائفي والطائفية في الدولة الإسلامية --- تابع ---
-
النظام الطائفي والطائفية في الدولة الإسلامية
-
الإطار الاجتماعي للنعرة القبلية والمذهبية
-
أول حكم ذاتي لمواجهة النعرة القبلية في الدولة الاسلامية
-
هل الملك محمد السادس من اعتبر خيار الحرب استراتيجي مع الجزائ
...
-
هل طالب النظام المزاجي البوليسي باسترجاع الصحراء الشرقية ؟
-
من يملك مفتاح حل نزاع الصحراء الغربية
-
النعرة المذهبية الدينية في تشتيت الوحدة الشعبية
-
السلاح يلعلع بالقصر الملكي
-
النظام القبلي في الدولة الثيوقراطية الإسلامية
-
الدولة المزاجية . مغرب الاستثناءات
-
سورية تعترف بالجمهورية العربية الصحراوية ، ولقاء ثلاثي في اخ
...
-
الانقلابات في ظل الملك محمد السادس
-
حين تتر أس دولة بوليسية فاشية ومارقة مجلس حقوق الانسان بالام
...
-
في الثقافة والتثقيف السياسي ( الحلقة الثالثة )
-
الأمم المتحدة / الأمين العام للأمم المتحدة
-
رئيس الحكومة الاسبانية السيد بذرو سنشيز
-
الجنرال شنقريحة يهدد النظام المغربي ، بقرع طبول الحرب بالحدو
...
-
موقف إسبانيا وفرنسا من نزاع الصحراء الغربية
-
هل يجري التحضير لإعادة بناء اتحاد مغاربي ؟
المزيد.....
-
دراما رمضان.. دانييلا رحمة مشتتة بين عابد فهد ومعتصم النهار
...
-
يتطرق لسقوط حكم بشار الأسد.. الإعلان الترويجي للمسلسل السوري
...
-
ما مدى واقعية خطة ترامب لسيطرة أمريكا على غزة؟
-
سوريا.. الأمن يُعلن خطف اثنين من عناصره في اشتباكات مع -مطلو
...
-
بريطانيا تعلن عن مساعدات جديدة لكييف
-
الجزائر تبحث قانون تجريم الاستعمار
-
بونتلاند والريفييرا مناطق تدور في فلك جغرافيا ترامب حول مخطط
...
-
بعد 20 عاماً من التوقف..إسرائيل تُعلن إنشاء مستوطنة جديدة بي
...
-
الرئيس الإيراني: طهران لا تسعى للحصول على سلاح نووي و-يمكن ا
...
-
الرئيس الكولومبي: الكوكايين ليس أسوأ من الويسكي
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|