|
دعوات مقاطعة إسرائيل اقتصاديًا دوافعها و أهدافها.
عبير سويكت
الحوار المتمدن-العدد: 7983 - 2024 / 5 / 20 - 08:49
المحور:
القضية الفلسطينية
عبير المجمر (سويكت)
الحملات الشعبية و دعوات مقاطعة الشركات التي تتهم بأنّها داعمة لإسرائيل تشتد حدتها الى ان بلغت فعليًا مستوى تكبيد تلك الشركات خسائر كبيرة حسب الإطلاع على الأرقام ، و اخر ما أطلعت عليه اليوم كان تقرير حول مقاطعة ماليزيا و إجبارها علامات تجارية عالمية على تقليص أعمالها، و لكن لماذا نذهب بعيدًا لنموذج ماليزيًا في الدائرة 13 في باريس و غيرها من الدوائر الباريسية لطالما صادفتني جماعات توزع منشورات مقاطعة المنتجات الداعمة لإسرائيل و نسبةً لأني لدي حب الاستطلاع كان لي حديث معهم حول أهداف المقاطعة و توصلت الى أنهم يعتبرونها آلية من الآليات السلمية للضغط على إسرائيل لمراجعة نفسها حول ما يحدث في غزة و ما وصفوه بالمظالم الفلسطينية المتراكمة ، و عادةً ما اجد دعوات المقاطعة هذه أمام Carreffour, McDonald s, و غيرها .
كما ان في حوار لي مع السيد الراحل الصادق المهدي اخر رئيس وزراء شرعي للسودان و سؤالي له عن دوافعه لمناهضة تطبيع السودان مع إسرائيل ، رد قائلًا : التطبيع مع إسرائيل معناه التخلي عن القرارات الدولية، والاستسلام للظلم وسياسات الفصل العنصري، وهو موقف ضد المواثيق الدولية وضد الكرامة الإنسانية . مضيفًا : إسرائيل كيان مغروس بالقوة على حساب شعب، فعبارة شعب بلا أرض لأرض بلا شعب عبارة مجافية للحقيقة، وإذا تجاوزنا عن ذلك فإن قرار الأمم المتحدة الذي أجاز قيام إسرائيل قسم أرض فلسطين التاريخية قسمين فإسرائيل احتلت أرضاً خصصها القرار الدولي لغيرها. ثم احتلت إسرائيل بعد حرب يونيو 1967م أراضٍ عربية وفلسطينية أوجب القرار الدولي رقم (242) انسحابها منها. ولكنها تتحدى القرارات الدولية وتمارس العدوان وتقيم فصلاً عنصرياً ضد العرب المقيمين في حدودها. ما أقنع الشعوب التي كانت تتعاطف مع إسرائيل بمواقف ضدها بموجب ما جرى من قياسات الرأي فيها، وهنالك حركة واسعة تدعمها دول و شعوب كانت تتعاطف مع إسرائيل هي حركة « BDS » أي المقاطعة لإسرائيل وعدم الاستثمار، وإنزال العقوبات عليها.
و في تصريحات اخرى له قال : انه لا يدعو الى إلغاء أو إسقاط الحق في المقاومة (الفلسطينية ضد إسرائيل)، وهو حق مشروع وضروري، ولكن المسألة مسألة مراحل”. موضحًا ان هناك فرصة كبيرة لاستخدام القوة الناعمة، خاصة مع وجود تيار قوي يتمثل بحركة مقاطعة إسرائيل (BDS – تأسست سنة 2005)”.
و المعروف كذلك ان الراحل الصادق المهدي اخر رئيس وزراء شرعي للسودان منتخب ديموقراطيًا لفترتين و رئيس حزب الامة القومي الذي كان قد أصدر قانون مقاطعة إسرائيل في عام 1958 أثناء حكم رئيس الوزراء عبد الله خليل، الموالي لحزب الأمة القومي، حيث تكون القانون من 7 مواد أساسية تحظر جميعها كافة أشكال التواصل مع إسرائيل.
يحظر قانون "مقاطعة إسرائيل": "على أي شخص أن يعقد بالذات أو الوساطة اتفاقا من أي نوع مع هيئات أو أشخاص مقيمين في إسرائيل أو مع هيئات أو أشخاص يعلم أنهم ينتمون بجنسيتهم إلى إسرائيل أو يعملون لحسابها".
كما يحظر "دخول أو تبادل أو الاتجار في البضائع والسلع والمنتجات الإسرائيلية المنقولة في السودان، سواء وردت من إسرائيل مباشرة أو بطريق غير مباشر"، ويعاقب مخالفيه بالسجن عشر سنوات مع غرامة مالية، أو غرامة مالية تحددها المحكمة، أو العقوبتين معاً.
وكانت حكومة الحكم المدني العسكري التي شُكلت بعد الثورة السودانية بقيادة رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك في قرار صدر من مكتبه آنذاك بصفة رسمية في تعميم صحفي ، كشف فيه ان اجتماع مجلس الوزراء قد أجاز مشروع قانون إلغاء قانون مقاطعة إسرائيل لسنة 1958، مع التأكيد "على موقف السودان الثابت تجاه إقامة دولة فلسطينية في إطار حل الدولتين"، على حد قولهم . مؤكدين في ذات الوقت على ان القانون سيدخل حيز التنفيذ. في الوقت الذي أعترض فيه 3 وزراء على إلغاء قانون مقاطعة إسرائيل خلال التصويت عليه باجتماع مجلسي السيادة والوزراء و كان من بينهم ابنة الراحل الصادق المهدي الدكتورة مريم الصادق المهدي .
و كان حزب الراحل الصادق المهدي حزب الامة القومي في انتقاده أتخاذ حكومة حمدوك قرار إلغاء قانون مقاطعة إسرائيل ، موضحين ان حكومة الفترة الانتقالية هي حكومة ذات مهام محددة، تتمثل في تحقيق الانتقال الديمقراطي(...) وتحقيق السلام، لذلك هي غير مكلفة باتخاذ قرارات مصيرية في قضايا خلافية محلها المجلس التشريعي المنتخب". على حد قولهم.
كما ودعا الحزب إلى "إلغاء مشروع القانون وإرجاء البت في أية قضايا خلافية إلى حين تكوين مجلس تشريعي منتخب"، مشددًا على أن "اتخاذ مثل هذه القرارات محل الخلاف ستقوض مسيرة الفترة الانتقالية وتهدد الوحدة الداخلية".
مؤكدين أن "إسرائيل دولة تنتهك القوانين الدولية وتمارس البطش ضد شعب أعزل صاحب حق مشروع.، وهي دولة غير مؤهلة لخلق علاقات معها". على حد وصف بيان الحزب.
و تزامنًا مع تمرير مشروع إلغاء قانون مقاطعة إسرائيل الذي تم إعتماده رسميًا كانت أحدى بنات الراحل الصادق المهدي نشرت فيديو لوالدها يقول فيه انه لا يستبعد ان تتم تصفيته من قبل الإسرائيليين بما وصفه "بأساليبهم اللااخلاقية"، موضحًا في الفيديو أنهم يستهدفون كل الذين يقفون ضد مخططاتهم في المنطقة بالتصفية، وقال لا يستبعد أن يكونوا ارسلوا له مأجورين مصابين بالمرض لنقل العدوى إليه. و قالت أبنته بعد نشرها لفيديو والدها بعد قرار الحكومة بإلغاء قانون مقاطعة إسرائيل، ان هذا القرار اتى تمهيداً لسوق البلاد في زفة التطبيع، موضحة أن حديث الإمام ليس بالجديد فسبق وان نشرت المحاضرة في السوشيال ميديا وحديثه هذا عن استهدافه ايضا ذكره قبلها آخرون، لذلك استغربت الإشارة للأمر كأنه مفاجأة ولأول مرة .
و يحضرني في هذا الشان انه عندما قابلته هنا في باريس على الصعيد المهني بعد ان تم طرده من مصر و منعه من الدخول للأراضي المصرية التي يملك فيها منزلًا و ممتلكات اخرى كان قد حدثني بأنه مستهدفًا و لا يستبعد ان تتم تصفيته باي شكل من الأشكال و عندها قلت له لماذا إذن يريد الرجوع للسودان ؟ عندها أجاب بأن الخطر متربص به داخل و خارج السودان بسبب مواقفه من قضايا كثيرة، و حينها رأفةً به قلت له لماذا إذن لا يتوقف عن نشاطه ؟ فأجاب انه صاحب رسالة و قضية سيناضل من أجلها و قال لي انه عندما دخل الحقل السياسي و الفكري و عند اختيار خطه الذي يؤمن به اخلاقيا و مبدئيا كان يعلم بانه حقل محفوف بالمخاطر ، و لكن للأمانة هو سبق له و قال لي انه مستهدف و لا يستبعد ان تتم تصفيته و لكن لم يحدد الجهة ، و انا اعتقدت ان طرده من مصر جعله يتخيل اشياء ، لكن كذلك عندما جمعنا مؤتمر الوسطية في الاردن الذي عملت على تغطيته و عندما ذهبت له في الفندق لإجراء أخر حوار لي معه و عندما فطرنا سويًا و قبل ان أحاوره وجدته مهمومًا شبه حزين و سألته ما به ؟ فقال لي انه يخاف ان لا يتمكن من تأمين السودان من مخاطر تتربص به و ان لا يتمكن من إكمال عهدته أمام قضايا مبدئية كفلسطين و غيرها من القضايا ، و عندها سألته لماذا يعتقد ذلك؟ قال لي انه مستهدف دون الإشارة لجهة بعينها.
و المعروف انه كان من مناهضي التطبيع مع اسرائيل و هدد آنذاك بسحب دعمه من حكومة حمدوك إذا فعلتها و توعد بانه سوف يلاحق أفراد المجلس العسكري و كل من قابل نتانياهو و جلس معه و يحرك ضدهم قضايا و شكاوى قانونية ، كما هدد بانه سيعمل على إسقاط الحكومة إذًا طبعت مع إسرائيل ، و كان قد قاطع مؤتمرا شهيرا في السودان عندما راجت اخبار عن تأكيد عملية التطبيع ، و بما اني كنت حضورًا في المؤتمر آنذاك بالسودان و سألت أبنته الدكتورة مريم الصادق المهدي عن سبب غياب والدها؟ قالت لي انه يقاطع المؤتمر بسبب خطوات التطبيع مع إسرائيل.
و في نهاية الأمر قد وقع السودان على اتفاق لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، في 23 أكتوبر/، ليصبح بذلك خامس دولة عربية تتخذ هذه الخطوة آنذاك.
السؤال الأهم الذي يطرح نفسه هو ما الهدف من المقاطعة ؟ و هل هي الحل؟ فالبعض يرى فيها كرت ضغط على ما أسموها بحكومة الفصل العنصري الاسرائيلية ، و آخرين يعتبرون المقاطعة تعبيرا عن إدانة و ما وصفوه بالاحتلال الإسرائيلي وانتهاكات حقوق الإنسان، و اخرون يقولون طريقة سلمية للضغط على إسرائيل للبحث عن حل عادل ودائم للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. و فئات اخرى تقول بهدف اجبار إسرائيل على الالتزام بالقانون الدولي و الإنساني و التضامن مع الشعب الفلسطيني . بينما دول أوروبية كفرنسا و بلجيكا و المملكة المتحدة قرروا سابقًا أتخاذ سياسات وضع العلامات على المنتجات القادمة من المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة مبررين ذلك بالسماح للمستهلكين باتخاذ قرارات شراء مستنيرة عن طريق إبلاغهم بمصدر المنتجات. ضمان الشفافية بينما رأى آخرين ان سياسات وضع العلامات ذات دوافع سياسية أو تمييزية.
ختامًا ، يظل الجدل قائمًا حول المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل كآلية ضغط لتغيير الوضع القائم في فلسطين و تبديل المواقف الاسرائيلية.
#عبير_سويكت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نقولها للسودان و نكررها : العلمانية مطلب شعبي والرسول (ص) كا
...
-
إستخدام و توجيه إتهامات -معاداة السامية- و -تمجيد الارهاب أو
...
-
حول الهجوم على كنيس روان
-
رسالة استعطاف و استرحام لإيران حكومة و شعبًا لإسقاط حكم إعدا
...
-
ذكرى النكبة، وعد بلفور في ميزان تقييم الشرعية و المبررات الق
...
-
وزارة الخارجية الفلسطينية تحث كندا على الاعتراف بدولة فلسطين
...
-
نتانياهو و حكومته بالإجماع يعلنها مدوية -لا- لقرار الأمم الم
...
-
رئيس الوزراء الاسرائيلي نتانياهو يرتدي التيفيلين يتأهب و يجد
...
-
حول التصريحات النارية لرئيس البعثة الفلسطينية و أنتقاداته لل
...
-
جولة تاريخية حول -معاداة السامية- المنشأ و المنبع.
-
الاسرائيلية إيدين غولان و الفلسطينية ريما حسن بين المطرقة و
...
-
عائلات المختطفين الاسرائيليين تدين و تستنكر موقف الصليب الاح
...
-
حديث ريما حسن عن إبادة جماعية في فلسطين يوقظ إبادة الإيغور ا
...
-
تفويض القوات المسلحة السودانية
-
رئيس الأركان الاسرائيلي : لن يعد الشعب مُشرذماً، مشردًا، مضط
...
-
كلمات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الحفل الرسمي الافتتاحي
...
-
نتانياهو : زعماء كبار حول العالم وقفوا مكتوفي الأيدي خلال ال
...
-
تعزية للقائد الأعلى للجيش السوداني في نجله محمد عبدالفتاح ال
...
-
نتانياهو : الحرب الحالية إمتدادا لحرب الاستقلال، من اجل الاس
...
-
قراءة تحليلية حول المواقف و الآراء الرافضة لاستخدام مصطلح إب
...
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|