أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف هريمة - العواصم الثقافية ورهانات المستقبل














المزيد.....

العواصم الثقافية ورهانات المستقبل


يوسف هريمة

الحوار المتمدن-العدد: 1760 - 2006 / 12 / 10 - 09:20
المحور: الادب والفن
    


إن المتتبع للثقافة العربية، وما آلت إليه من انحدار في سلم الحضارات والثقافات الإنسانية، ليجد نفسه أمام إشكالية حقيقية تفرض نفسها من جديد، كلما لاح في الأفق شعار حوار الثقافات، وكلما ارتأت الدول المنتمية لهذه الثقافة تنظيم الندوات، والموائد المستديرة في محاولة منها لوضع اليد على أماكن الجرح، لعلها توقف زحف هذا النزيف المستشري، في أوصال ثقافة باتت عاجزة عن التواصل مع نفسها، بله أن تطرح نفسها نموذجا إنسانيا، ومطلبا أساسيا في البناء والتعمير الحضاريين.
من أجل هذا أو ذاك، وشعورا بالأزمة التي تحيط بالإنسان العربي عموما، تأتي فكرة " العواصم الثقافية "، لترسخ الأزمة من جديد بدل أن تطرح بديلا حضاريا ينشد فيه الإنسان العربي ثقافته المفقودة وراء لقمة العيش، والقمع الفكري، والاستلاب الذاتي.
إن فكرة العواصم الثقافية" ما كانت في ذهن منشئيها، ومن قاموا بابتكارها إلا محاولة جادة لإبراز المؤهلات والإمكانيات الثقافية والحضارية لمجتمع معين، وذلك بإبراز كل هذه الجوانب الإنسانية عبر قنوات الفكر والإبداع والمشاركة الفعالة. لكن هذه الفكرة أخذت مسارا لم يكن مرسوما لها، ونحت بنفسها أو بغيرها نحو اتجاه آخر، فعبرت بقصور عن كل ما تحويه من جوانب إنسانية تفتح بآفاقها عوالم الزمان والمكان، وتزحزحت عن المسار لتجد نفسها على شفا حفرة من الاستعصاء الثقافي، الذي يعجز في الكثير من الأحيان عن تحقيق إنسانية الإنسان، والاستجابة لمطالبه الفكرية والسياسية والاجتماعية.
إن عمق الأزمة الثقافية في العالم العربي، مرجعه إلى الاختلاف في مفهوم الثقافة نفسه. فمنهم من يختزله في الجوانب الفنية، ومنهم من تغريه الجوانب الدينية أو التاريخية.غير أن هذا الاختزال الخطير لمفهوم الثقافة، هو ما يفشل كل المحاولات والأفكار الرامية إلى إبراز هذا الجانب أو ذاك. ونظرة تجزيئية اختزالية لهذا المفهوم الشامل لكل الجوانب الحياة من شأنها تعطيل تواصل الإنسان بشكل إيجابي مع محيطه الإنساني والكوني.
والجانب الثاني الذي يكرس عمق هذه الأزمة، هو دور المثقف العربي باعتباره منارة إشعاع، تسطع منها شمس التواصل واللقاء مع ثقافة أساسها الإنسان، بعيدا عن التحيزات الدينية والسياسية والفكرية. وتتقاسم المثقف العربي رؤيتين اثنتين:أولاهما: رؤية استلابية إلى الغرب أو الشرق، يحاول فيها هذا المثقف الانصهار في بوتقة هذا الاتجاه أو ذاك، غير آبه بالخصوصيات المميزة لأي هوية. وثانيهما: رؤية انغلاقية معتمدة في أصولها على مخلفات الماضي، وتعيش على أمل استرجاعه، من خلال منظومة مقدسة لا يجرؤ أحد على ملامستها أو الحديث عنها نقدا أو مراجعة.
وبين هذا و ذاك تضيع آمال الإنسان العربي في رسم معالم ثقافة إنسانية أساسها الإنسان ومآلها الإنسان، منفتحة على الآخر، محترمة لخصوصياته، متواصلة بشكل إيجابي مع محيطها القريب والبعيد، مشاركة في ربط أواصر المحبة والسلام في مجتمع إنساني منشود.
وللخروج من هذا المنزلق الثقافي الخطير، وجب اعتماد مقاربة شمولية تراعي الجوانب كلها، بعيدا عن المنهج التجزيئي الاختزالي الذي يعمق الأزمة بدل أن تلوح في الأفق بوادر تغيير حقيقية.
وهذا لن يتأتى إلا بنشر القيم الديمقراطية والتشاركية، لإدارة الشأن العام وتعزيز البناء الحقوقي من أجل خلق جو إنساني، ينعم فيه الإنسان بالحياة الكريمة على جميع المستويات. كما ينبغي إنشاء برنامج للعدالة الاجتماعية بين كافة مكونات المجتمع، مع اعتبار الحقوق الثقافية والتنوع الديني، واحترام التعددية بصفتها جزءا من المسيرة التنموية. إضافة إلى توسيع هامش حرية التعبير في المجالات المتعددة، وسيادة القانون بين مؤسسات الدولة.وهكذا فبمقاربة شمولية لواقع الثقافة العربية، التي عجزت عن لعب دور ريادي من المفروض أن تلعبه، يمكن الحديث عن دور لهذه العواصم الثقافية المبثوثة هنا أو هناك، سنة تلو الأخرى.
فلا حديث عن ثقافة في ظل استلاب حضاري غربي أو شرقي، ولا ثقافة في واقع يلهث الإنسان العربي فيه وراء لقمة عيش يسد بها رمقه، ولا ثقافة دون حرية مسؤولة يتحمل كل واحد منا مسؤوليته الحضارية والإنسانية في بناء الوطن. وبعيدا عن النظرة الشمولية التي يتداخل فيها السياسي بما هو اجتماعي واقتصادي وفكري، تفشل المسيرات التنموية للدول العربية، وتخلق أجواء من الاضطرابات والصراعات الاجتماعية، التي تحول دون بلوغ آمال الإنسان العربي سواء أقيمت مدن الثقافة أو لم تقم .



#يوسف_هريمة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النص الديني بين العلوم الشرعية والعلوم الإنسانية


المزيد.....




- إطلالة محمد رمضان في مهرجان -كوتشيلا- الموسيقي تلفت الأنظار ...
- الفنانة البريطانية ستيفنسون: لن أتوقف عن التظاهر لأجل غزة
- رحيل الكاتب البيروفي الشهير ماريو فارغاس يوسا
- جورجينا صديقة رونالدو تستعرض مجوهراتها مع وشم دعاء باللغة ال ...
- مأساة آثار السودان.. حين عجز الملك تهارقا عن حماية منزله بمل ...
- بعد عبور خط كارمان.. كاتي بيري تصنع التاريخ بأول رحلة فضائية ...
- -أناشيد النصر-.. قصائد غاضبة تستنسخ شخصية البطل في غزة
- فنانون روس يتصدرون قائمة الأكثر رواجا في أوكرانيا (فيديو)
- بلاغ ضد الفنان محمد رمضان بدعوى -الإساءة البالغة للدولة المص ...
- ثقافة المقاومة في مواجهة ثقافة الاستسلام


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف هريمة - العواصم الثقافية ورهانات المستقبل