أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - حميد الكفائي - كي لا تتحول الديموقراطية الكويتية إلى عبء على الدولة















المزيد.....

كي لا تتحول الديموقراطية الكويتية إلى عبء على الدولة


حميد الكفائي

الحوار المتمدن-العدد: 7981 - 2024 / 5 / 18 - 23:52
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


كانت الكويت من الدول العربية السباقة إلى تأسيس نظام برلماني يتمتع بقدر من الديموقراطية والانفتاح السياسي والحريات العامة والصحافة الحرة، لكن الديموقراطية الكويتية بقيت قلقة ومنقوصة. قلقة لأن الأمير يلجأ إلى حل مجلس الأمة عند الأزمات السياسية، ومنقوصة لأن النساء لم يحصلن على حق التصويت والترشح إلا في عام 2005، وبقين غير ممثلات في مجلس الأمة، حتى بعد حصولهن على حق المشاركة السياسية.

ويمكن القول إن أسباب عدم استقرار الديموقراطية في الكويت مركبة، ولا يمكن أن يُلام عليها طرف دون آخر. فالأمير أصدر مرسوماً يمنح النساء حق التصويت والترشح عام 1973،لكن مجلس الأمة، المنتخب ديموقراطيا، أوقف العمل به، بدلاً من أن يرحب بتعزيز الديموقراطية وتوسيع التمثيل الشعبي، الذي يتمثَّل بمشاركة نصف المجتمع في العملية السياسية.

الأمر الآخر هو أن رئيس الوزراء لا يأتي عبر الانتخاب المباشر أو غير المباشر، بل يختاره الأمير، وهو في العادة من العائلة المالكة، ويمكنه اختيار وزرائه من خارج المجلس، لكنهم يصيرون أعضاء فيه دون انتخاب وفق المادة 80، وفي هذا إشكال دستوري، لأن المادة 50 تنص على الفصل بين السلطات.

بقيت الحكومات الكويتية المتتالية مقيدة بالقوانين التي يشرعها البرلمان، وخاضعة دائماً لمساءلة المجلس، الذي ازداد قوة وفاعلية بمرور الزمن. العلاقة بين المجلس والحكومة لم تكن دائماً جيدة، وليس مطلوباً ولا طبيعياً أن تكون جيدة، لكن المطلوب هو التقيد بمواد الدستور والتحلي بالمرونة، وهذا ما لم يحصل دائماً بسبب تشدد بعض النواب، ما أوصل الأمور إلى طريق مسدودة مرات عديدة، الأمر الذي استدعى حل المجلس.

من حق الأمير، وفق الدستور، أن يحل المجلس عند نشوء أزمة سياسية غير قابلة للحل عبر التفاوض، ويحدد الأمير في العادة الأسباب التي دعته إلى حل المجلس، وفي الوقت نفسه يدعو إلى انتخابات مبكرة خلال شهرين من تأريخ الحل، فإن لم تُجرَ الانتخابات خلال شهرين، يسترد المجلس المنحل كامل سلطاته الدستورية وفق المادة 107 من الدستور. أما القرارات التي يصدرها الأمير أثناء فترة الحل أو العطلة التشريعية، فيجب أن تعرض على المجلس في أول جلسة يعقدها، حسب المادة 71، ما يمنح المجلس حق مناقشتها وإقرارها أو تعديلها أو إلغائها.

الإجراءات الكويتية ليست غريبة على النظم البرلمانية، التي يحق فيها لرئيس الدولة أن يحل البرلمان عند الضرورة، باستثناء النظام العراقي الذي لا يمنح الرئيس أو رئيس الوزراء حق حل البرلمان. أي أن البرلمان وحده يمتلك هذا الحق، وهذا من عيوب النظام العراقي، فكيف يُتوقع من هيئة أن تتخذ قراراً بحل نفسها؟ الرئيس أو الملك يتجنب في العادة حل البرلمان، إلا في الأزمات السياسية الخانقة، حينما تغيب الحلول، وتتوفر أسباب موضوعية للحل، تكون مقنعة لعموم الشعب.

الشعب الكويتي اعتاد على التمتع بالحقوق السياسية منذ تأسيس الدولة عام 1961، والفضل في ذلك، يعود للشيخ عبدالله المبارك الصباح، الذي أصر على تبني دستور عصري، بينما لم يكن مضطراً لذلك. وبعد مضي ستة عقود على الديموقراطية، لا يمكن توقُّع أن يتخلى الكويتيون عن الحقوق السياسية والشخصية التي تمتعوا بها خلال ستين عاما، بل ليس في مصلحة الدولة، أي دولة، أن يكون هناك تراجع أو تخلٍ عن الحقوق التي تمتع بها المواطنون سابقاً، خصوصاً في هذا العصر الذي تتجه فيه دول العالم نحو مزيد من الليبرالية والديموقراطية.

ولكن هناك مشكلة لا يمكن معالجتها إلا بتعديل الدستور، الذي أعلن عنه الأمير في خطابه الأخير، وحدد موعداً أقصى للتعديل لا يتجاوز 4 سنوات، وهي فترة طويلة. هذه المشكلة حصلت في دول عربية أخرى، منها العراق ولبنان وتونس ومصر، وتتلخص بالسماح لجماعات ماضوية، لا تؤمن بالديموقراطية ولا بالدولة العصرية أن تشارك في العملية السياسية. هذه الجماعات لا تؤمن بالتنوع، وحقّ الآخر في الاختلاف، بل تسعى إلى تقليص الحريات الشخصية، وإرغام الشعب على اتباع نمط حياة لا يصلح لهذا العصر، ولم يكن مقبولاً حتى في العصور السحيقة.

الديموقراطية لا تقوم ابتداءً إلا إذا ترسخت الليبرالية في المجتمع، وضمِنتها القوانين المرعية، ولا تترعرع وتتطور إلا في ظل علمانية غير منقوصة، وانفتاح اقتصادي ومجتمعي منظم، وإطلاق الحريات العامة والخاصة وتنظيمها بقوانين يشرعها ممثلو الشعب. المشاركة في العملية الديموقراطية يجب أن تشترط عدم إقحام الدين في السياسة، ومن هنا فهي تستثني بالضرورة، مشاركة الجماعات التي تتبنى العنصرية أو التمييز على أساس الرأي أو المعتقد أو العرق، أو تلك التي تستخدم الدين سُلّماً للوصول إلى السلطة، ثم تتمسك بها عبر القسر والقمع.

هذه الجماعات تسعى لخطف الدولة والاستيلاء عليها باسم الحاكمية الإلهية، ثم استخدام السلطة، سواء التنفيذية أو التشريعية، لقمع المجتمع والعودة بالدولة العصرية القهقرى. في تونس اضطر الرئيس المنتخب قيس سعيد لأن يتصدى لحل المشكلة عبر حل البرلمان وتعديل الدستور كي يمنع وصول هذه الجماعات غير الديموقراطية إلى السلطة. في مصر اضطر الجيش لتسلم السلطة مرة أخرى وتعديل الدستور واستعادة الدولة. أما العراق ولبنان فلا يزالان يعانيان بسبب وجود قوى مسلحة تحمي الجماعات الماضوية المناهضة للديموقراطية. لكن هذا الوضع غير قابل للاستمرار، لأنه يصنع البيئة الملائمة لاجتثاثه، فأساليب القمع والقسر والتعسف تقود في النهاية إلى اقتلاع ممارسيها.

الدستور الكويتي دستور تقدمي حينما كتب عام 1961 ووقعه الأمير الراحل عبدالله المبارك الصباح في 11 تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1962. المادة 30 تضمن الحرية الشخصية والمادة 35 تضمن حرية المعتقد، والمادة 36 تضمن حرية التعبير والمادة 43 تضمن حق تشكيل النقابات والجمعيات، والمادة 44 تضمن حق التجمع والمادة 46 تمنع تسفير اللاجئين السياسيين.

لكن الدستور بحاجة إلى تعديل كي يواكب العصر، فهناك مواد تجاوزها الزمن. على سبيل المثال لا الحصر، المادة 39 تتحدث عن حرية الاتصالات عبر البريد والتلغراف والهاتف فحسب، بينما توجد الآن وسائل كثيرة أخرى للاتصال.

المادة 4 تبين أسس اختيار ولي العهد، وهي تشترط موافقة مجلس الأمة على أحد ثلاثة مرشحين يسميهم الأمير، ويجب أن يكونوا من ذرية الأمير عبدالله المبارك، وأن يتولى ولي العهد منصبه خلال عام من تولي الأمير الجديد مقاليد الأمور. وهذا يعني عملياً أن أمير الكويت ينتخبه ممثلو الشعب. هذا الشرط غير معمول به حتى في الملكيات الدستورية الأوروبية، التي يعيِّن فيها الملك ولي عهده، أو أن هناك تقليداً متبعاً، يقضي بأن يخلف الملك ابنه الأكبر مباشرة.

أمير الكويت قال في خطابه الأخير إن البعض يريد أن يتدخل حتى في تعيين ولي العهد، وهو من صلاحيات الأمير، لكن الدستور يبيح للنواب التدخل واختيار ولي العهد والموافقة عليه. كل الدساتير تحتاج إلى مراجعة، وإلا فإنها تصير عائقاً أمام تقدم الدولة والمجتمع. لكن التعديل يمكن أن يجرى خلال أربعة أشهر وليس أربع سنوات. المادة 4 تحديداً لا بد أن تعدل بحيث تعطي الأمير حق تعيين ولي العهد دون العودة إلى المجلس، كما يحصل في الأنظمة الملكية الأخرى.

استقرار الدولة يتعزز بتطوير الديموقراطية، وهذا يتطلب عدم السماح لمن لا يؤمنون بها أن يعرقلوها باستغلال مواد الدستور المرنة، لتمرير أجنداتهم البعيدة عن الديموقراطية. وفي الوقت نفسه، من الضروري أن يوسع الدستور المقبل الحريات العامة، ويضمن مشاركة المرأة، عبر وضع مادة تشترط وجود نسبة معينة للنساء في مجلس الأمة.



#حميد_الكفائي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السّلم العالمي مهدّد بينما الحلول غائبة
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
- دورة السياسة البريطانية تتجه يسارا
- جو بايدن.. الحالم الذي لم تُبدد حلمَه النوائب
- التعاون لا يلغي التنافس بين الدول العصرية
- هل تصمد اقتصادات الشرق الأوسط أمام تحديات الحروب؟
- هل تغير مفهوم السيادة؟ أم النظام الدولي يتداعى؟
- العراق يسير نحو الهاوية والحكومة تتفرج!
- أيُّ مستقبل ينتظر العالم في عام 2024؟
- ما الذي يجمع الأرجنتين والعراق وفنزويلا؟
- في ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان...
- الحرب على التضخم بين الإقلاع والهبوط!
- لماذا استعان غوتَيرَش بالمادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة؟
- الرابحون والخاسرون في الأزمة الدولية الحالية
- هل يضعِف التنافس الفرنسي - الألماني الاتحاد الأوروبي؟
- لماذا صارت الحمائيةُ محبذة في العالم الحر؟
- التقارب الأميركي - الصيني مطلوب عالميا
- حرب غزة توقِع حزب العمال البريطاني في ورطة
- الجدل الأوروبي المتواصل يهمّش دور -العالم القديم-
- المجتمع الدولي عاجز… وعلى العرب أن يجدوا حلاً


المزيد.....




- مشهد يحبس الأنفاس.. مغامر يتسلق جدارًا صخريًا حادًا بسويسرا ...
- وسط التصعيد الأوكراني والتحذير من الرد الروسي.. ترامب يختار ...
- انخفاض أعدادها ينذر بالخطر.. الزرافة في قائمة الأنواع مهددة ...
- هوكستين في تل أبيب.. هل بات وقف إطلاق النار قريبا في لبنان؟ ...
- حرس الحدود السعودي يحبط محاولة تهريب نحو طن حشيش و103 أطنان ...
- زاخاروفا: الغرب يريد تصعيد النزاع على جثث الأوكرانيين
- صاروخ روسي يدمر جسرا عائما للقوات الأوكرانية على محور كراسني ...
- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي -عنيف- على شمال غزة، ووزير الدف ...
- الشيوخ الأمريكي يرفض بأغلبية ساحقة وقف مبيعات أسلحة لإسرائيل ...
- غلق أشهر مطعم في مصر


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - حميد الكفائي - كي لا تتحول الديموقراطية الكويتية إلى عبء على الدولة