|
قراصنة البحار الليلية
أحمد عبد العظيم طه
الحوار المتمدن-العدد: 7979 - 2024 / 5 / 16 - 18:22
المحور:
الادب والفن
القرصان الأول
بالقطع ما كان كريستوفر كولومبوس واثقًا ثقة كلّية بأن إيزابيلّا – الملكة بشكلٍ ما – ستوافق على دعمْ فكرتِه في التوجه نحو ما سيق لسريرته – قياسًا على خبرته بالطبع، فالهدف المنشود عائده العام بالغ الأهمية والقيمة إن جرى وتحقق... عندما سُمِحَ لهُ بالولوجِ إلى البهو الملكي من مدخل الموظفين، صادف عددًا ممن يرى أوجُهَهُمْ بالصُحُفْ السياسية وقد أشعرهُ ذلك بقدرٍ من البهجة والتحفُز الإيجابي الباطني..
- إذن أنتَ تناقضْ نظرية ملكة الأراضي المُنخفضة.. / قالت إيزابيلا بشيءٍ من السُكْرْ.. - ما نظريتها جلالتِكْ؟ / قال كريستوفر كولومبوس متباسطًا عن عمدٍ.. - مناجمْ الماسْ الصافِ لا توجد غير بإفريقيا يا ملّاحْ خرائط المُشعْوذينْ!.. - والرُؤى.. لا تنسِ الرُؤى جلالتِكْ.. ذكرتُ أنني رَأيتُ رؤيةً و.. - أنتَ مُتأثرْ بمطالعاتَكْ عن التنجيمْ وما إلى ذلكْ يا كولومبوس.. أليس كذلك؟.. - شيئًا ما.. لكنْ تدرين تاريخي جلالتِكْ.. لا أدري.. - كان أزرقًا ويبرُقْ بشدةٍ هاهـ!.. - نعم.. كان كذلكْ.. زيدي أنني رأيّتُ ذهبًا من قبلِ ووجدتُه!!.. - .................................. - ........................................... - ..............................
بعد مغادرة كريستوفر كولومبوس، بلا ردٍ حاسمْ منها، تعمقتْ الفكرة بمُخيلة إيزابيلا شيئًا فشيئًا – قيّدْ استمرارِها في تجرُّعْ كؤوس صغيرة من نبيذٍ أبيض – إلى أن وصل تفكيرها أنه لا بأسْ من فكرةٍ مُشوشة وغيرُ كاملةٍ كهذه في جعلها منشغلةً على هذا النحو اللطيف، حتى أنها شطحتْ بعض الوقت وتخيّلتْ نفسها على سفينة ملكية في ليل الباسيفيكي المُقمِرْ المُمْطِرْ...
*** لم يكنْ من المُتوقعْ أن يتغيرْ الموجْ بهذه الدرجةِ القاسيةِ ليلاً، فقد ظلّتْ السفينة الملكيّة تترنحْ صعودًا وهبوطًا بالماءِ، مدة كبيرة، حتى هدأتْ الأمواجْ إلى درجةٍ طبيعيةٍ فجرًا تقريبًا.. قالت كريستينا – إحدى وصيفاتْ إيزابيلّا المقرباتْ: ربما ازداد الطقسُ سوءً في قادم الأيامْ يا إيزابيل.. من المُفيدْ أن تنامي شيئًا.. وأضافتْ جوليا ابنة أحد الاقتصاديين الكبار بإسبانيا: ثالث يوم بالبحر ولا يأتْ أحد من سُفنْ العمالة لرؤيتنا.. لا تتوقعي غير ذلك ههـ.. قالت إيزابيلّا وقدْ أثار فضولِها الشعوريّ هذا التحفز الدائر حولها: أنا في رحلةِ عملْ أيًا كان الوضع!.. - .................................. - ................... - ...............................................
*** كانت البعثة – كما أسموها – تتكون من سبع سفُنٍ مختلفة المهام والقياس، من ثمَّ القيمة، وبصورة منطقية كانت سفينة كريستوفر كولومبوس هي السفينة الاستثنائية من حيث الاهتمام الكلي لبعثةٍ يبلغْ عدد أفرادها الثلاثمئة شخص – أولاً لأنه بها كقائد عام للبعثة، وليس ربانًا أساسيًا بل استشاريًا، ثانيًا كانت السفينة تُعدُّ أعجوبةٍ بنائية كسفينةِ قيادةٍ... بين وقتٍ وآخرٍ كانت بعضُ القوارب الخدمية تُقِلُّ بعضًا من الشخصياتْ المُميّزةِ إلى سفينة كريستوفر كولومبوس في أوقات التوقف لتغيير الدوامْ وتهادي السفنْ حول بعضها، بما يَسّمحُ للزائر أن يتناقش بشأن الطقس الجوي أو أحيانًا يتسفسطْ بخصوصْ جُغرافيا كذا وكذا...
- مازال الطريق طويلاً يا كريستوفر.. صحيح؟.. "قال جاكوب نومان بعد زفرةٍ متوترة.." - لا يمكنني إفادتك بشكلٍ باتٍّ.. ولكن نعمْ.. "قطعًا تكلمْ كريستوفر كولومبوس ضائقًا بلا قسماتٍ واضحةٍ".. - لا تتخيل ما أشعر به من ملل ورفيقتي بـ توتانيا.. ليس غير العُمّال والخَدَمْ... - يمكنك الحديث مع مسئول الشكاوى فيوفر لك مكانًا بما يليق.. - ربما الوضع ليس كذلك يا كريستوفر.. لكن لا بأس بالتفكير في هذا.. - .................................. - ...............................................
... تقريبًا استمرت الأمور الملاحية خمسة أسابيع بذينكْ الاتصاف المتوازي مع طبيعة المُبحرين بهكذا اسطول استكشافٍ برتُغالي ملكيٍ...
القرصان الثاني
كان ماركو بولو بحارًا شهيرًا – ومحترمًا من قِبَلْ وسط البحارة وشركات الإبحار – بإيطاليا، تقريبًا بالقرن السابع عشر، وقد عُهِدَ إليه بالعديد من الرحلات الهامة بين إيطاليا والهند والشمال الأدرياتيكي وموانئ أخرى هامة...
حينما كان أحدًا ما من الشخصيّات الهامة بأحد البلدان يسأله أن يدلي له بمعلوماتٍ عامة عن إيطاليا، كان يخبره بطريقته الساخرة المسهبة ما يجيب طبيعة فكره في أن يتكلم مع الشهير ماركو بولو، لكن بصورة عامة كذلك كان ملحوظـًا في كلامه عن نفسهِ باستمرارٍ أنه لا يستحق هذه الشهرة كلّما زار ميناءً شهيرًا ما، فذلك عملهُ الذي يعيش من ورائه...
القرصان الثالث
تلك الطريق، يالها من تسْمِيةٍ أخطأ مستفزو ماجلّان في تدشينها بأوساط الإبحار عامةً بوقتٍ ليس طويلاً – دوامة الباسيفيك، بدا لبحارته أنه عائدٌ معهم بعد تَفَقُدِ الأجواء الشمالية بصورة مغايرة وفي ذات الوقت هامة لطبغرفةِ الخرائط الجديدة...
طوال الوقت كان يُحدثُهُمْ بطريقة آمرة مختصرةً يدري بها قليلٌ من الطاقمْ الثابتْ، فقد يعقبها ما هو منطقيٌ بالنسبةِ لخبراتهمْ البحريةِ برحلاتهِ المتعددة الاتجاهات... هو كان منشغلاً باستغراقٍ في تِلكَ الجاذبيةِ الموجيةِ الزائدة حينما راقب حركة تيارات الأمواجِ في نطاقٍ واسعٍ لثلاثةِ أيامِ وليلتين، حتى أن مؤشرَ البوصلةِ كان بهِ ترحيلاً لا يُذكرْ كلما نَظرَ فيه، وعند التفكير في ذلك كان يمتدح ذكائهِ لأن ما لاحظهُ لم يلحظهُ غيرهُ وإلّا لقال أحدُهُمْ ما يُعَبِّرُ عنْ شيءْ...
#أحمد_عبد_العظيم_طه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جزائر القصص
-
فخاخ هندسية لهوام الوهاة
-
كولاج شعري متواتر
-
متتالية العشواء
-
كتابات نقدية
-
نرفانا الليل الأزرق
-
من كتاب أركيولوجيا المواقيت
-
يا أيتها العارفة...
-
نصوص قانية
-
مؤتمر الدهماء
-
قصتان
-
ثلاثية الإيروتيك المُظلل
-
قصائد عبر نوعية
-
طبيعة صامتة
-
قصص متوسطة
-
النفق السائر
-
قصص قديمة
-
استزاف القلم الأحمر حتى يجف
-
الغواية
-
عقدة الذنب
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|