أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - طلعت خيري - ميثولوجيا مادية الجن والملائكة














المزيد.....

ميثولوجيا مادية الجن والملائكة


طلعت خيري

الحوار المتمدن-العدد: 7978 - 2024 / 5 / 15 - 11:10
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


ظهرت عبادة الجن تاريخيا من بعد موت سليمان ، وانهيار المملكة السبئية ، وشتات سكانها الى مناطق العربية ، كالعراق وشبه الجزيرة وبلاد الشام ، لعبادة الجن قاعدة جماهيرية واسعة في مكة ، ارتبطت سياسيا واقتصاديا بعقيدة الملائكة بنات الله ، مستمدة أفكاره من ميثولوجيا غيبية عالم الجن والملائكة بتوافق سياسي على المصالح ، ففي مطلع سورة سبأ صحح التنزيل العقيدة الظنية ، موضحا لهم ، ان الجن المسخر لسليمان خصوصية من الله ، انتهت بعد موته ، سبب الاعتقاد بالجن هو ان العقيدة الظنية رسخت مادية الجن والملائكة في فكر القاعدة الجماهيرية المكية ،على اعتقاد ان وجودهما المادي ، له دور في خلق السماوات والأرض ، مدعين ان للجن وللملائكة شراكة في خلق الله ، لأنهما أعانوه في خلق السماوات والأرض، أبطل الله الوجود المادي لهما ، طالبا من المشركين استدعائهما ماديا ، قل لهم يا محمد ، أدعو الذين زعمتم من دون الله الجن والملائكة ، بما ان العقيدة الظنية عجزت عن إحضارهما ماديا ، إذن هم لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ، وما لهم فيهما من شرك ، أي شراكة مع الله ، وما له منهم من ظهير ، ظهير مساعد ومعين

قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ{22}

لم تكتفي العقيدة الظنية بمادية الجن والملائكة ، بل جعلوا لهما شفاعة أخروية ،على اعتقاد هما يشفعان عند الله ، لشراكتهما في خلق السماوات والأرض ، فالشفاعة معتقد ديني سياسي ريعي ينتفع منه الأسياد والرأسماليين ومنظري العقيدة الظنية ، ولكن للشفاعة مضار اقتصادية على الشرائح الأخرى ، لأن الفرد سيخصص جزء من دخله لنيل الشفاعة ، ولكي ينفي الله مادية الجن والملائكة دنيويا ، جعل لهما وجود مادي فعلي يوم القيامة ، لينكروا شفاعتهما أمام مدعين الشفاعة ، قائلا ولا تنفع الشفاعة عنده ، مستثنيا ، إلا لمن إذن له ، إلا لمن شفع الله له ، حتى إذا فزع عن قلوبهم ، أي غاب الشفيع عن قلوبهم ، قالوا أي الجن والملائكة ، ماذا قال ربكم في الدنيا عن الشفاعة ، قالوا الحق ، بمعنى لا وجود للشفاعة ، وهو العلي الكبير


وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ{23}

بسط الله الرزق للعباد بغض النظر عن الدين ، وذلك يعتمد على مدى سعي الإنسان ونشاطه في الكسب ، فالعقيدة الظنية جعلت لشركاء الله ، وشفعائه الجن والملائكة ، دورا في بسط الرزق للعباد ، لبلورة فوبيا فقدان مصادر العيش ، مما يضطر الفرد الى تقديم جزء من كسبه أو رزقه للأوثان والكهنة والمنتفعين ، قل لهم يا محمد ، من يرزقكم من السماوات والأرض ، قل الله ، إما إنا على حق ، وإما انتم في ضلال مبين ، وأنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين

قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ{24}

بما ان التنزيل أبطل الشفاعة ، وشراكة الجن والملائكة في خلق السموات والأرض ، وبسطهما الرزق للعباد ، اعتبر منظري الجن والملائكة ، ان ما جاء به محمد هو إجرام بحق الله ، فان كان ما جاء به هو إجرام بحق الله ، فلا تسالون عما أجرمنا ، ولا نسال عما تعملون ، أنهى الله الحوار العقيم ، بترك الجدال الى يوم القيامة للفصل فيه ، قل يا محمد ، يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم

قُل لَّا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ{25} قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ{26}

ادعى المشركون ان للجن وللملائكة وجودا ماديا في السماوات والأرض ، الادعاء له أبعاد سياسية ، لإقناع القاعدة الجماهيرية المكية على مدى تأثيرهما المادي على حياة الإنسان ، طبعا ادعاء كاذب ، لان الله لم يطلع أين من خلقه على خلق غيره ، فالملائكة والجن وادم لم يشهدوا خلق السماوات والأرض والعكس كذلك ، ان ادعاء مادية الجن والملائكة في السماوات والأرض ، يعكس تدخلهما المادي في التغيرات المناخية والظواهر الطبيعية وحركتها الكونية ، لذا طلب الله من المشركين ، إثبات مادية الجن والملائكة ، قل لهم يا محمد ، اروني ، أي رؤية واقعية مادية الذين ألحقتم به شركاء، الجن والملائكة ، بما ان العقيدة الظنية لم تثبت وجود الجن ولا الملائكة ماديا ، كلا بل هو الله العزيز الحكيم ، الخالق الفعلي للكون

قُلْ أَرُونِي الَّذِينَ أَلْحَقْتُم بِهِ شُرَكَاء كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ{27}

بعث الله الرسل بالبشرى والإنذار للدعوة الاخروية ، لان العقيدة الظنية والدين السياسي ، طمسا الإيمان بالله واليوم الأخر ، فمعظم الناس لا يعلمون بالآخرة ، تاركا للفرد حرية الاختيار بين الدنيا والآخرة ، وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ، ولكن أكثر الناس لا يعلمون

وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ{28}

ان الإنذار بالعذاب ، سواء ان كان دنيوي أو أخروي، له رد فعل على المتلقي ، فيبادر الى الاستفسار عنه ، لا الى الإيمان به ، فعد وقوعه يزامن الإيمان مع العذاب ، ثم يبادر الى التغير العقائدي ، ويقولون متى هذا الوعد ان كنتم صادقين ، من إسرار إخفاء الساعة ، ليعلم الله من هو مؤمن بها ، ومن هو في شك منها ، قل لهم يا محمد ، لكم ميعاد يوم لا تستأخرون عنه ساعة ولا تستقدمون

وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ{29} قُل لَّكُم مِّيعَادُ يَوْمٍ لَّا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ{30}



#طلعت_خيري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدين السياسي تاريخ مخزي للشعوب
- الريح والجن وسليمان بين الدين السياسي والتنزيل
- الدين السياسي وميثولوجيا عالمي الجن والإنس
- العذاب الأدنى
- لقاء الله بين الميثولوجيا والدين السياسي
- فوبيا الميثولوجيا أولياء الله وشفعائه
- من راحت الاشتراكية راحت البركة
- سوسيولوجيا المسخرات وسيكولوجية المخاتلة
- الأممية الاشتراكية والنضال ضد الصهيونية والإمبريالية.
- السوسيولوجيا - بين الكتب التراثية والكتب المنزلة
- غزة بعيون سليل ناجين من معسكرات الاعتقال النازية
- السوسيولوجيا والسيكولوجية في وصايا لقمان لابنه
- حرب الإبادة في غزّة، وانبعاث جيل جديد في الغرب
- صيام الأطفال في شهر رمضان
- الدورة الشهرية للمرأة في شهر رمضان
- اليد العاملة في شهر رمضان
- الحرب على غزة – ومستقبل الشرق الأوسط
- سيسولوجيا الحكمة بين الدين والتراث
- توقف فيسبوك وإنستغرام وماسنجر عن العمل
- حرب غزة: كيف تغيرت مواقف اليمين واليسار في الغرب؟


المزيد.....




- أمريكا.. القبض على طالب فلسطيني في جامعة كولومبيا قبل حصوله ...
- تركن أحلامهن ونسجْن السجاد، أفغانيات يتحدّين قيود طالبان رغم ...
- بمشاعل مضيئة... قرية في كشمير تحيي مهرجانًا صوفيًّا يعود إلى ...
- البيت الأبيض يجمد 2.2 مليار دولار من دعم جامعة هارفارد بعد ر ...
- ترامب عن إيران: اعتادت التعامل مع أغبياء في أمريكا خلال المف ...
- لقاء مناقشة حول موضوع “مستجدات الحياة السياسية الوطنية وإصلا ...
- إيقاف الدروس بتونس بعد وفاة 3 تلاميذ في انهيار سور مدرسة
- عرائض الاحتجاج في إسرائيل تمتد إلى لواء غولاني
- يائير نتنياهو متطرف أكثر من أبيه هاجم أميركا وسب ماكرون
- الجزائر تطرد 12 دبلوماسيا فرنسيا وتشن هجوما لاذعا على ريتايو ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - طلعت خيري - ميثولوجيا مادية الجن والملائكة