|
ذباب ابن حُريْرة
إبراهيم رمزي
الحوار المتمدن-العدد: 7977 - 2024 / 5 / 14 - 14:09
المحور:
كتابات ساخرة
غاص الناس في الحيرة وعمَّهم الوجومُ حين بدأوا يلاحظون حشرات تدرج على الأرض كالنمل، لا عهد لهم بها، وبعد التدقيق تبيّن أن "الحشرة" ما هي إلا ذبابٌ بدون أجنحة. فزادتْ حيرتهم واستغرابهم. وتساءلوا: كيف فقدَ الذباب أجنحته؟ وحُقّ للمزابل ومطارح النفايات والجيف .. الزهْوُ بحظها السعيد باستقبال حلقات النقاش، والتئام المؤتمرات، ـ فوق أرضها ـ لدراسة "الحالة" وتشخيص تداعياتها، و"عواقبها" على النظام البيئي .. والحق يقال، فإن الباحثين ـ خِلافا لمختبراتهم المكيّفة ـ تحملوا ما لم يتعودوه من الروائح العطِنة المقزّزة التي تثير الغثيان وهم يتتبعون مظانّ الذباب .. وكل صبرهم ومعاناتهم وهَبُوه لخدمة العلم. وجاءت المفاجأة من حيث لم تكن منتظرة، فقد ظهر على شاشة التلفزيون شخص بلحية ـ كما وصف ابن الرومي ـ: لو غاص بها في البحر مرة *** صاد حيتانه أجمعا تصدّى للردّ على "المسافرة الحائرة" التي كانت عرضة لمحاولة اغتصاب بمقصورة القطار بفعل من له سلطة عليها، فلمّا بدأ في تلمُّس مفاتنها، هربت منه، ... وها هي تودّ فتوى حينَ تُفْضي للفقيه بـ"هواجسها". فهَمْهَم الفقيه بينه وبين نفسه: يقولون ليلى بالعراق مريضة *** فيا ليتني كنت الطبيب المداويا * ثم تنحنح ثانية لتخليص حنجرته من بلْغُمها، وقال: موضوع قديم متجدد. الحلوى المكشوفة والذباب. وقد "قتله" الباحثون قتلا بالدراسة والتحليل والتفريع والتفصيل .. ويُحكى أنه منذ غابر الأزمان تفرّد ابن حُريْرة برواية سقوط الذباب في الإناء، ووجوب غمسه ثم نزعه، لاجتماع الداء والشفاء في جناحيه، كما زعم. ثم انتقل ("التلفزيوني") للاستشهاد بآخِر حوار صاخبٍ له مع الناطق الرسمي باسْم "مجمَّع العجائبيات الظلامية والغرائبيات الحرَيْرية"، والذي يريد كشف سر الظاهرة المحيرة للناس. معتبرا ذلك تفجيرا لقنبلة فكرية لم يُسبَق إليها، فنسب إليه قوله: إن معهد السرديات الحرَيْرية بصدد الإعلان عن انتهاء عهد "غمس الذباب في الإناء"، لأنه شرَع في تنفيذ شراكةِ اندماجٍ مع منتجي المبيدات، بحيث يتم تحويل تكاليف إنتاجها، إلى استثمارات في آلات حديثة، تنزَع أجنحة الذباب، ثم يُميَّز بين: الأجنحة المفيدة "التي فيها شفاء"، والأجنحة الضارة "التي فيها داء". وتسخير الأولى لإنتاج مواد تزيد في رفاهية العيش. واستغلال الثانية في صناعة القنابل الجرثومية الفتاكة. العزاء لمن يصدمهم ـ أبدا ـ أولئك الذين لا يغيب عن اهتماماتهم الفتكُ والتفجيرُ والتدميرُ .. ، بَدَل نشْدان تفكيرِ التشييد والتطور. وكل المواساة ـ أيضا ـ لتصويرك الجمالي يا عنترة، إذا اختفى مكوِّن أساسي من لوحتك الفنية: وخلا الذباب بها فليس ببارحٍ *** غرداً كفعل الشارب المترنمِ
* للبيت حكاية مروية عند السيوطي في "الوشاح"، وعند العاملي في "الكشكول".
#إبراهيم_رمزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رباعيات (10/10)
-
رباعيات (9/10)
-
رباعيات (8/10)
-
رباعيات (7/10)
-
رباعيات (6/10)
-
رباعيات (5/10)
-
رباعيات (4/10)
-
رباعيات (3/10)
-
رباعيات (2/10)
-
رباعيات
-
السيد صَهْ صَهْ
-
اعتقال الموتى
-
باب البغاء
-
تعليل
-
تلقين تاريخي
-
التهاني بين الأمس واليوم
-
كبرياء أنثى
-
بلال
-
بأي ذنب؟
-
الولايات الإسرائلية
المزيد.....
-
من هنا رابط موقع ايجي بست 2024 لتحميل فيلم ولاد رزق 3 وأهم أ
...
-
في انتظار الموت
-
عـشقٌ من طرفٍ واحد
-
-دانشمند-.. خطوة نحو رواية معرفية عرفانية
-
مصر.. أول رد من نقابة الممثلين بعد فبركة صورة رانيا يوسف بال
...
-
أحداث مسلسل قيامة عثمان الحلقة 165 مترجمة للعربية وأهم القنو
...
-
رسمي وشغال 100%.. رابط دخول ايجي بست 2024 اتفرج على فيلم ولا
...
-
لبنان يستعد للمهرجانات الفنية على وقع التهديدات الأمنية
-
لهذه الأسباب احتل -أهل الكهف- المرتبة الأخيرة بإيرادات أفلام
...
-
الحروب الثقافية وحرب غزة.. كيف صاغ السابع من أكتوبر مفهوم ال
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|